اشتعلت صفحات الفيسبوك الخاصة بأساتذة وطلاب الجامعة الأمريكية بالاحتجاجات والانتقادات ضد فرانسيس ريتشاردونى الرئيس الحالى للجامعة المثير للجدل على خلفية تصويت أكثر من 80% من أعضاء مجلس شيوخ الجامعة بسحب الثقة من شخص ريتشاردونى فى رئاسته للجامعة التى بدأت فى عام 2016 دون استكمال مدته التى من المفترض أن تنتهى العام المقبل. تعود الأسباب الحقيقية وراء سحب الثقة حاليا من ريتشاردونى فى رئاسته للجامعة الأمريكية إلى أسلوب إدارته الذى برزت فيه ملامح التعنت للأساتذة من حيث إلغاء العديد من العقود الدائمة والتركيز على العقود المؤقتة والشكاوى التى أثارها طلاب الاتحاد قبيل ترشحهم للانتخابات ومطالباتهم بوقفات احتجاجية أمام مبنى الإدارة ومكتب ريتشاردونى حتى يتم توصيل رسالتهم بوضوح وكما هو مدون على موقع اتحاد طلاب الجامعة الأمريكية، بالإضافة إلى تعالى ريتشاردونى فى معاملاته داخل الجامعة وهوما اعتبره مجلس شورى الجامعة أسلوباً يصلح داخل سفارة عندما كان دبلوماسياً وسفيراً لبلاده فى القاهرة فى الماضى وليس كأسلوب متبع فى إدارة الجامعة الأمريكية التى كانت دائماً نموذجا إيجابيا لحرية التعبير والإبداع وذات صيت عالمى. وكانت واقعة عدم مشاورة ريتشاردونى مع أساتذة الجامعة وطلابها فى استضافة مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكى لإلقاء خطابه فى القاهرة من داخل إحدى قاعات الجامعة القشة التى كسرت ظهر البعير حيث اعتبر الأساتذة هذا الحدث مرفوضا لأنه تسييس لدور الجامعة الذى يتنافى مع دورها كمؤسسة تعليمية وبحثية فى الأساس، فضلا عن تنفيذ الاستضافة بشكل سرى وتسليم مبانى الجامعة للأمن والمخابرات الأمريكية لتأمينه ومنع الأساتذة من الحضور وتجوالهم مع الطلاب داخل الحرم الجامعى دون سابق إنذار، وهو الأمر الذى جعل الأساتذة يشعرون بالإهانة ومخالفة أسلوب إدارة ريتشاردونى لكل التقاليد واللوائح التعليمية والادارية الخاصة بالجامعة الأمريكية على مدار تاريخها، وأضاف الأساتذة فى بيانهم ضد زيارة بومبيو أنه كان من مؤيدى استخدام التعذيب فى أسلوب عمل وإدارة جهاز المخابرات الأمريكية سى أى أيه أثناء رئاسته له فى الماضى. وكان تعليق الإعلامى بقناه سى إن إن حافظ الميرازى وأحد أساتذة الجامعة الأمريكية فى القاهرة لافتا لأنظار رواد صفحته على فيسبوك، والذى أكد اندهاشه من افتتاح مايك بومبيو خطابه فى الجامعة الأمريكية الشهر الماضى عندما قال: «شكراً، فرانك. شكرا لفرانك ريتشاردونى. شكرا على الخدمات التى تقدمها لأمريكا، إلى جانب الواجبات التى تقوم بها هنا». وقالت الدكتورة باسكال غزالة استاذ التاريخ فى الجامعة الأمريكية على صفحتها موقع «فيسبوك» انها ترفض معاملته للجامعة ومبانيها «كسوق» على حد تعبير ريتشاردونى، كما رفضت غزالة أسلوب معاملة ريتشاردونى للجامعة كملحق للسفارة الأمريكية فى القاهرة وليس مؤسسة تعليمية مستقلة، بالإضافة إلى احتجاجها على تسييس دور الجامعة الذى هو فى الأصل بحثى تنويرى. وتوالت التعليقات النارية والمؤيدة لموقف غزالة الذى صاحبته حملة الدكتورة نجلاء رزق رئيس مركز دراسات التنمية بالجامعة، التى وجهت رسالتها لريتشاردونى عبر صفحتها على «فيسبوك» بأنها «ترفض معاملة الجامعة بأنها بمثابة قاعة أفراح»، وأوضحت رزق أنها ترفض معاملة ريتشاردونى للجامعة بأنهم زبائن وليسوا طلاباً وأساتذة فى حرم جامعى عريق، وأضافت رزق باللغة العربية متوجهة لريتشاردونى «إن تبريره لاستضافة بومبيو كان بناء على طلب جهة ما لم يذكرها هو»، «عذر أقبح من ذنب»، وهو ما يحوى فى باطنه استسلام ريتشاردونى ومن ورائه الجامعة لأوامر جهات غير معروفة فى إملاءاتها على الجامعة كل حسب الطلب مثل «الزبائن» على حد تعبيرها. وفى تعليقات أخرى قال رواد فيسبوك إن تبرير ريتشاردونى بأن الجامعة منبر لتعبير كل أصحاب الآراء عن أفكارهم ومن بينهم بومبيو، مبرر خطير فى حد ذاته؛ لأنه يعطى الحق لأصحاب الآراء المغايرة لبومبيو وغيره من أمثال «حماس» مثلا على حد تعبيراتهم ودعوتها هى الأخرى لإلقاء خطاب فى الجامعة. وأبدى الدكتور عمرو شعراوى رئيس مجلس شورى الجامعة الأمريكية اعتراضه على تسييس قضية الجامعة، موضحا أن الأزمة مع الرئيس الحالى فرانسيس ريتشاردونى تتركز حول مشاكله مع الأساتذة والعقود وضعف الميزانية والتمويل، وأضاف أن التركيز على الجانب السياسى يصرف الأنظار عن المشكلات الحقيقية. كما أعرب اتحاد الطلاب عن رغبتهم فى تغيير الرئيس الحالى للجامعة أو تعديل أدائه لحين إقرار واختيار مجلس الأمناء لرئيس جديد، وهو الجهة المخوّل لها البت فى هذه المشكلة والمتوقع بحثها اليوم السبت وغدا أثناء وجود مجلس الأمناء فى القاهرة على خلفية الاحتفال بمرور 100 عام على إنشاء الجامعة فى القاهرة. وكانت «الوفد» قد انفردت بحملتها التى قادتها ضد «ريتشاردونى» قبل تسلمه مهام منصبه، اثر ما أعلنه مجلس الأمناء الجامعة الأمريكية آنذاك بأن «الفترة المقبلة تتطلب شخصية بقدرات معينة لا يستطيع القيام بها سوى ريتشاردونى لما يتمتع به من مواصفات محددة وفائقة»، كما ذكر البيان ان الجامعة الأمريكية سوف يكون لها دور كما كان فى مصر والمنطقة فى احداث تغييرات اجتماعية وسياسية من خلال المناهج والطرق التعليمية التى تنتهجها، وهو ما أثار حفيظة «الوفد» ولفتت إليه الانظار، مع الوضع فى الاعتبار تاريخ السفير الأمريكى السابق فرانسيس ريتشاردونى فى كل البلدان التى ذهب اليها فى مهامه الدبلوماسية، وعلى رأسها العراق الذى تلاه سقوط بغداد على ايدى الغزو الأمريكى فى 2003 ووجوده فى اللجنة المخابراتية الخاصة بالتحقيق ومتابعة أحداث 11 سبتمبر، فضلاً عن تزامن وجوده سفيراً للولايات المتحدة فى القاهرة مع تمويل السفارة لجمعيات ومنظمات المجتمع المدنى المشكوك فى هويتها وأهدافها فى مصر بأكثر من «57» مليون دولار وما أثبتته تحقيقات قضية تمويل المجتمع المدنى بعد اندلاع ثورة 25 يناير.