فى كتابه الجديد يقدم لنا الكاتب والمؤرخ محمود قاسم بالصوت والصورة حقبة زمنية لم نعيشها – أو معظمنا- وربما ساعده على ذلك أن مصر من أكثر الدول التي مر عليها حكام صورتهم السينما في أكثر من عمل. "حكام مصر والسينما" الصادر حديثًا ضمن سلسلة "كتاب اليوم", يشرح فيه "قاسم" علاقة السينما بالحكام على مر العصور، بدءًا من صلاح الدين الأيوبى مرورًا بالحقبة الملكية وحتى عصر مبارك، ويستعرض كيف قدمت السينما صورة الحاكم من خلالها, ويشير إلى أن السينما لعبت دورًا مهمًا في التعامل مع الحكام، وتباينت الرؤى من عصر لآخر حسب علاقة الفنان بالحاكم، سواءً وهو على قيد الحياة أو بعد رحيله. كان العام المنصرم مناسبة للاحتفال بالذكري المئوية الأولي لميلاد أثنين من رؤساء مصر في حكومات ثورة يوليو واللطيف أن هذين الرئيسين كانت لهما علاقة قوية بفن السينما من زوايا متعددة , ولاسيما أن المخرجين قدموا عن مسيرة كل منهما افلاما كانت دوما مثيرة للجدل , بالاضافة أن افلام السينما المصرية الروائية كانت محط اهتمام ملحوظ من حكام مصر في القرن العشرين . وحول العلاقة بين الطرفين : الحاكم والسينما قدم " قاسم " دراسته التي رصد فيها صورة الحاكم السياسي في الأفلام , وكانت الدراسة الأولي حول تجربة يوسف شاهين في تقديم أبرز حكام مصر في كافة العصور في أفلامه, ومنها فرعون قي فيلم" المهاجر" وهو أول فيلم مستوحي من التاريخ الفرعوني, كما قدم الانتصارات العسكرية التي حققها صلاح الدين الأيوبي في فيلم" الناصر صلاح الدين" وحول التحولات السياسية في عهد الثورة قدم تجربة بناء السد العالي في فيلمين هما " النيل والحياة " و" الناس والنيل" , وكان شاهين هو أول مخرج يقدم خطاب التنحي الذي القاه في يوم التاسع من يونيه 1967, في فيلمه "العصفور", وفتح بذلك لتلاميذه فرصة تصوير الخطاب في الكثير من الأفلام , وتتبع المؤلف في كتابه عن حكام مصر والسينما الصورة التي تم فيها تصوير ابناء وأحفاد محمد علي باشا في الأفلام , وقد توقف عند الاستعراض الغنائي الذي قدمته أسمهان باسم"مواكب العز" في فيلم " غرام وانتقام" ليصور كيف أحب السينمائيون الملك فاروق سينمائيا فغني الفنانون من أجله في الكثير من الأفلام منها :" أحلامهم" 1945, و" ليلي بنت الفقرء" في نفس العام ,و " قلبي و سيفي" عام 1947, الا أن ثورة يوليو قامت بطمس كافة اتجازات اسرة محمد علي , وصورت الخديو اسماعيل علي انه حاكم فاسد كان مهووسا بالنساء مثلما رأينا في فيلم" المظ وعبده الخامولي" , وفي عهد عبد الناصر تم طمس حقيقة أن اللواء محمد نجيب هو قائد الثورة . وذلك في افلام :" رد قلبي" , و" الله معنا" وقد حاول محمد فاضل تقديم عبد الناصر كبطل قومي في فيلم" ناصر 56" وكذلك فعل السوري أنور قوادري في فيلم"جمال عبد الناصر" ومثلما فعل عهد عبد الناصر مع الملك فاروق, فان ثورة التصحيح عند أنور السادات , صورت سنوات عبد الناصر علي أنها زمن القهر والطغيان, وقام محمد خان بتقديم فيلم " ايام السادات " الذي يصوره كبطل للحرب والسلام . وبعد يناير 2011, فتح السينمائيون ابواب الثلاثين عاما التي حكمها مبارك أن عصره كان للفاسدين , رغم أن مبارك هو الحاكم المصري الوحيد الذي شاهد نهاية حكمه في السينما من خلال افلام مثل "الديكتاتور" و" ظاظا رئيس جمهورية " وينتوي محمود قاسم تقديم كتاب جديد عن الملك فاروق في الأفلام.مع نشر النصوص الكاملة للآغنيات التي غناها الفنانون في افلام كثيرة لتحية الملك فاروق, وهو تاريخ مطموس.