منذ أن اكتملت أنوثتى وشباب العائلة والأقارب والجيران يتقدمون لطلب يدى.. يتنافسون على كسب ودى ورضاي.. فى المقابل لم أعر اهتماماً بالأمر انشغلت بالالتحاق بالجامعة.. الحب والأمل كانا عنوان حياتنا والمشكلات لم تعرف لنا عنواناً. لم يتخيل والداى العاشقان أن الموت سيقضى على أسطورة حبهما المعلن أمام العالم لتموت أمى فجأة وبدون إنذار معلن.. تتحول حياتنا إلى النقيض فجأة، الفرح والسعادة حل مكانهما البؤس والشقاء والحزن الدائم. والدى فقد معنى الحياة لأنه كان يستمدها من والدتى كان دائماً يقول إنه يستمد طاقته من زوجته وعندما ماتت تهدم أهم جدار لنا فى المنزل وهو سند الأم.. اعتكف والدى فى البيت رفض النزول إلى عمله لكنه شعر بضرورة الخروج من تلك الشرنقة ساعدنى على تجاوز أزمتى وعدت إلى جامعتى مرة أخرى لكنى شعرت بالمسئولية تجاه والدى فرفضت الزواج من الشباب الذين تقدموا لطلب يدى لم تبهرنى مراكزهم أو مستواهم المادى، كنت أرفض بعيداً عن شخصيتهم ودون علم أبي. بدون أن أشعر رفضت ترك والدى وحيداً فى تلك الدنيا شعرت بالمسئولية تجاهه.. مضت الأيام سريعاً كبرت وكبر والدى كان لكل واحد منا حياته الخاصة.. بمرور الوقت شعر والدى أننا بحاجة إلى شغالة تساعدنا فى أمور المنزل وترتب لنا مواعيد الطعام خاصة أن الفوضى سادت فى حياتنا بعد أن ماتت أمى ومع انشغالى بدراستي. سعدت بفكرة والدى وبحثت عن تلك الشغالة حتى هدانا الله إلى فتاة يتيمة كانت فى أمس الحال إلى العمل.. بدأت الفتاة فى العمل لدينا، كنت أعطف عليها بسبب ظروف أسرتها القاسية.. فى أحد الأيام طلب منى والدى السفر إلى قريبتى لقضاء بعض الأوقات معهم للخروج من الروتين اليومى لحياتى وافقت دون تردد وسافرت لقضاء الإجازة لدى خالتى لتجديد طاقتى وأنا مطمئنة على أحوال والدى مع الخادمة. عدت إلى منزل والدى لأفاجأ بتغييرات جذرية فى بيتنا.. الخادمة وجدتها فى كامل أناقتها تبرز مفاتنها على غير العادة أما والدى فقد تغير سلوكه.. لأول مرة عرف الخوف طريقه إلى قلبى والغموض احتل مسكننا الهادئ. علامات الاستفهام فرضت نفسها على رأسي.. أصبت بحالة من البكاء الشديد وأتساءل: هل وقع والدى فى حب الخادمة؟.. هل وقع الرجل الوقور المحب لزوجته فى الخطيئة وفى حب فتاة تصغره بعشرين عاماً؟. الحيرة حلت فى حياتى الركن الأساسى تعطشت لمعرفة الحقيقة وفك أسرار الجو الغامض الذى أعيشه الذى فوجئت بوجوده بعد عودتى من الإجازة التى فرضها أبى عليّ. تحملت الجو المريب الذى أعيشه وتظاهرت بعدم ملاحظتى لكل ما أشاهده خاصة بعد أن شاهدت والدى الوقور المحترم وهو يغازل الخادمة بكلمات لم أعهدها منه من قبل. عرضت على والدى الزواج من إحدى قريباتنا أكدت له أنه نجم ساطع صاحب طلة مميزة محبوب من كل معارفنا الجميع يعشق التحدث معه بسبب لباقته وأسلوبه الراقى المميز، بالإضافة إلى وسامته الملحوظة بالرغم من تخطيه عامة الخمسين. ابتسم والدى وأكد لى أنه لم يفكر فى الارتباط نهائياً صمت والقلق يجتاح قلبى، اكتشفت أن الخادمة سيطرت على قلبه كانت تتسلل إليه كل ليلة إلى غرفته ليمضيا الليل سوياً ظناً منهما أننى لا أدرى بما يحدث، عجزت عن مواجهة والدى رفضت أن يشعر بانهيار قيمته أمامى قررت الصمت وحيدة، لكن الخادمة تحولت إلى وحش سيطرت على عقل والدى وتحول إلى رجل ضعيف يخاف من غضبها فقررت مواجهتها لترتدى زى الملائكة وتؤكد أن كل ما يدور فى خلدى من وحى الخيال. فى اليوم التالى قررت اكتشاف الحقيقة لأجدها دخلت إلى غرفة والدى مضى الوقت بطيئاً كنت أحترق وأنا فى انتظار خروجها لتجدنى أمامها وأصفعها على وجهها لتفاجئنى بأنها زوجة أبى. ومنذ ذلك الوقت تربعت الفتاة على عرش بيتنا أصبحت الآمر والناهى فى حياتنا وعندما اعترضت حرضت والدى على طردى لأصبح بلا مأوى، توسطت عائلتى لديه لكنه رفض عودتى مرة أخرى إلى بيتنا كما رفض منحى إرثى من أمى، أدركت وقتها أن تلك الفتاة الخادمة تمكنت من عقل والدى وسيطرت عليه لدرجة أنه رفع الراية البيضاء أمامها وينفذ كل ما تطلبه دون تفكير.. لم أتحمل كثيراً ولجأت إلى محكمة الأسرة لتمكينى من منزل الأسرة والحصول على إرثى من والدتى كما أقمت دعوى نفقة ضد والدى خاصة أننى لم أتزوج حتى الآن. نعم فعلت ذلك رغم أننى أموت كل يوم، تذكرت حياتى السابقة وأمى وحب أبى لها.. كيف تحول كل ذلك إلى مجرد ماض، مجرد ذكرى سيطرت عليه هذه الأفعى التى جلبتها بيدى إليه كى تكون خادمة وتعاطفت مع ظروفها.. لكن بقيت هى وانتهت حياتى أنا بسبب الخادمة التى تحولت إلى ملكة على بيتنا وعلى قلب أبي.