فرصة لن تتكرر.. وتجربة فريدة يتم تطبيقها لأول مرة فى تاريخ مصلحة الضرائب، وتمثل تطبيقاً عملياً لفسلفة قانون الضرائب القائم على الثقة وفتح صفحة جديدة مع المممولين.. تطبق مصلحة الضرائب المقولة الشهيرة «أخد الحق حرفة»، وذلك فى محاولة للتخلص من تركة المنازعات الضريبية والوصول إلى الحصيلة المهدرة نتيجة الخلاف حول غرامات التأخير، بدأت معظم المؤسسات التجارية والخدمية والمصرفية الاستفادة من القانون رقم 174 لسنة 2018 الخاص بالتجاوز عن مقابل التأخير والضريبة الإضافية والغرامات عند سداد أصل الضريبة، وأن هناك بعض المؤسسات لديهم غرامات التأخير تماثل أصل الدين وأحياناً يزيد، وبالتالى فإن التجاوز عن هذا العبء وسداد أصل الدين فقط يخفف عن المؤسسات والممولين هذا العبء ويساند المراكز المالية لها. ومع اقتراب انتهاء المهلة الأولى الخاصة بإعفاء الممولين والمستثمرين بنسبة 90% من مقابل التأخير، والتى بدأت فى 15 أغسطس الماضى وتستمر نحو 3 أشهر حتى 14 نوفمبر الجاري، كان يجب تقييم تلك التجربة والوقوف على مدى نجاح وحجم الاستفادة من تلك المبادرة التى تقدمها الحكومة لتخفيف الأعباء الضريبية والجمركية على الممولين والتيسير عليهم فى ظل قيام الدولة بالجهود لتحجيم تعثر المؤسسات ومجتمع الأعمال وإعطاء حوافز للمستثمرين. مصلحة الضرائب أصدرت تعليمات رقم 16 لسنة 2018 وفقاً للكتاب الدورى رقم 27 لسنة 2018 تحدد فيه ضوابط تنفيذ القانون، حيث يحق للمول أو المسجل الذى يؤدى الضريبة المستحقة أو واجبة الأداء أن يستفيد من نسب التجاوز عن مقابل التأخير المستحق أو الضريبة الإضافية المستحقة على أصل الدين الضريبي، وبنسبة التجاوز المقررة بالقانون فى تاريخ السداد بالكامل، ويستوى فى ذلك أن يكون أصل دين الضريبة المستحقة أو واجبة الأداء بحسب الأحوال، ملزمًا به الممول أو المسجل وفق الإجراءات المعتادة، أو بناءً على أى إجراء من إجراءات مكافحة التهرب الضريبي، سواء كان ذلك أثناء مرحلة اتخاذ الإجراءات ورفع الدعوى، أو أثناء نظر الدعوى أمام القضاء، وطلب صاحب الشأن التصالح وسداد الضريبة الأصلية والتعويضات المستحقة لزوم التصالح، أو أثناء تنفيذ الأحكام النهائية الصادرة فى دعاوى المخالفات والتهرب المنصوص عليها فى قانون ضريبة الدمغة، أو قانون الضريبة على الدخل، أو قانون الضريبة العامة على المبيعات، أو قانون الضريبة على القيمة المضافة، ولا يسرى التجاوز على المبالغ الأخرى بخلاف مقابل التأخير والضريبة الإضافية، ويلزم بها الممول أو المسجل كالتعويضات. ويحدد الكتاب الدورى رقم 27 لسنة 2018 شروط تطبيق الحوافز بأن يكون الرسم أو الضريبة المتعلقة بمقابل التأخير أو الإضافية مستحقًا أو واجب الأداء قبل 15 أغسطس 2018، ولا يسرى الحافز على المبالغ المحصلة تحت حساب الضريبة أو الدفعات المقدمة. ويستحق الممول حافز خصم من مقابل التأخير أو الضريبة الإضافية بواقع 90% إذا قام الممول بسداد أصل الدين خلال الفترة من 15 أغسطس الماضى وحتى 12 نوفمبر الجارى، و70% إذا قام الممول بالسداد بعد هذه الفترة وحتى 27 ديسمبر المقبل، و50% إذا قام الممول بالسداد بعد هذه الفترة وحتى آخر يوم يحق فيه الاستفادة من القانون فى 10 فبراير 2019. كشف عماد سامى، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، فى تصريحات خاصة ل «الوفد» أن المستهدف من القانون جمع حصيلة تقدر بنحو 10 مليارات جنيه من أصل متأخرات تقدر بحجم 25 مليار جنيه، ويتم حسابها بناء على حجم المتأخرات المدرجة لصالح المصلحة لدى الممولين وليس المؤسسات الصحفية أو جهات الدولة المتعثرة، وأكد أنه تم تحصيل ما قارب ثلاثة أرباع الحصيلة المستهدفة حتى الآن، مشيراً إلى أنه من المتوقع تحصيل المستهدف مع نهاية المهلة نظرًا لطبيعة الممولين الذين يستجيبون فى آخر أيام المهلة مثلما يحدث مع تقديم الإقرارات. واوضح «سامى» أن الغرض من القانون هو بدء صفحة جديدة مع الممولين وإنهاء كافة المشاكل والنزاعات الدائرة بين المصلحة والممولين بالمحاكم ولجان الطعن، بالمواكبة مع تطبيق ميكنة الإجراءات الضريبية وتطوير المصلحة بالكامل، وشدد على أن هذه الفرصة لن تتكرر مرة أخرى بعد ميكنة المصلحة، مناشداً المؤسسات التى تراكمت عليها فوائد الدين والممولين المتأخرين عن سداد الضريبة الإسراع بالاستفادة من قانون التجاوز عن مقابل التأخير والضريبة الإضافية والغرامات عند سداد أصل الدين. وأشار إلى القانون كان يفرض سداد غرامات التأخير أولاً ثم سداد أصل الدين مما أحدث مشكلة مع الممولين، وقدمنا اقتراح لمجلس النواب لسداد أصل الدين أولاً ثم الغرامات، حتى انتهينا لإصدار هذا القانون لتقديم حوافز لتشجيع الممولين على حسم أزمة المتأخرات الضريبية والتى تفوق أصل الدين، لافتاً إلى هذه الحوافز تسرى على حالات التهرب أيضاً فى كافة مراحلها تسهيلاً على الممولين. من جانبه، طالب أشرف عبدالغنى، المحاسب القانونى ورئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية، بضرورة تحقيق أكبر قدر من الاستفادة للشركات والممولين، وتحصيل أكبر حصيلة من المتأخرات المستحقة، وذلك من خلال القضاء على بعض المعوقات الإجرائية التى تهدد بضعف المردود وتحقيق أهداف القانون رقم 174 لسنة 2018 فى إنهاء جزء كبير من النزاعات الضريبية وتحصيل المتأخرات الضريبية. وطالب بضرورة تدخل عاجل من الإدارة الضريبية قبل نهاية المهلة القانونية لسريان القانون، وأوضح أن إحدى العقبات تتمثل فى أن مصلحة الضرائب اعتمدت معياراً أساسياً للاستفادة من القانون وهو صدور نموذج الربط النهائى للضريبة المستحقة رقم 3 و4 قبل صدور القانون، وإلا لن يستفيد الممول من فرصة إلغاء جزء من الغرامات وتسوية نزاعاتهم، موضحاً أن هناك شركات صدرت لها قرارات ربط نهائى للضريبة من لجان الطعن أو اللجان الداخلية بالمصلحة قبل صدور القانون، ولكن تأخر صدور نموذج الربط النهائى أرقام 3 و4 لها وفقاً لهذه القرارات لأسباب إجرائية فى المأموريات، وبالتالى لن يكون من حق تلك الشركات الاستفادة من القانون والتصالح وضياع نلك الفرصة الكبيرة عليهم، بجانب ضياع فرصة على المصحة فى تحصيل مليارات من هذه الشركات مستحقة عليها. ودعا رئس جمعية خبراء الضرائب المصرية إلى المساواة فى الاستفادة من القانون بالنسبة للضرائب المستحقة من واقع الإقرارات مثل المبالغ المربوط عليها ربط نهائي، وعدم ترك التطبيق إلى اجتهادات شخصية فى تفسير القانون من المصلحة رغم وضوح نص القانون، واقترح «عبدالغنى» مد سريان القانون إلى سنتين بدلاً من 4 أشهر فقط، لإتاحة الفرصة للشركات التى لها منازعات ضريبية منظورة أمام لجان الطعن أو المحاكم المختلفة ولم يصدر لها قرارات أو اتفاقات للتصالح وتسوية تلك النزاعات بالاستفادة من ميزة خصم غرامات التأخير. وأشاد محمد البهى، رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات، بقانون الإعفاء من غرامات التأخير، وقال إنه يعطى رسالة جيدة للمستثمر الوطنى والأجنبى أن الحكومة عازمة على تطبيق الإصلاح فى كافة المجالات، وأهمها القطاع الضريبي، مؤكداً أن هذا الهدف دائماً ما يسعى وزير المالية الدكتور محمد معيط لتطبيقه، وأشار إلى أن سداد أصل الدين حق ثابت للدولة، ولكن الغرامات الناتجة عن عدم السداد فى أغلب الأحيان تفوق القيمة الأصلية نفسها، وبالتالى الإعفاء منها وسداد 10% أو 30 أو 50% من الغرامات يعتبر إجراء جيداً للغاية. وأعلن أن العديد من الشركات بدأت بالفعل الاستجابة لهذا القانون وإنهاء مشاكلها مع الضرائب، لأن هذه الحوافز تعطى ميزة للمول الجاد فى التصالح، خاصة أن اللجان المحايدة التى تقوم بإجراءات التصالح تسعى دائما للوصول إلى حلول وإعطاء حق الدولة والممول معاً. وعبر المهندس أحمد جابر، رئيس غرفة الطباعة باتحاد الصناعات، عن ترحيبه بإعفاء الشركات من غرامات التأخير الضريبية، ووصفها بمبادرة جيدة من وزارة المالية فى هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التى يعانى خلالها السوق والنشاط الصناعى من أزمة سيولة، مما يرفع من الأعباء عن كاهل المستثمرين. وأكد أن القطاع الصناعى يعد أكثر الأنشطة التزاماً ولا يتأخر فى سداد حق الدولة من ضرائب، ولكن تنتج تلك المتأخرات عن خلافات إجرائية بين المصلحة والشركات، مما يفرض ضرورة وجود مرونة فى تعامل الإدارة الضريبية مع هذا القطاع، وهذا ما يظهر بالفعل عبر مبادرة الإعفاء من غرامات التأخير للضرائب.