الدستور يقيد فرض ضرائب العقارات حتى لا تصادر فرص نمو رأس المال لا يجوز تحصيل ضريبة تتجاوز مقدرة المواطنين على السداد سداد الضريبة واجب وطنى بشرط أن تكون فى الحدود الدستورية يجب أن يكون الدكتور «معيط» حريصًا على حق الملكية والعدالة الاجتماعية منذ فترة قليلة، وهناك أصوات تنادى البرلمان بفرض ضريبة على الشقق المغلقة، فما مدى مشروعية هذا القانون المقترح؟!.. ومن المعروف أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً من المكلفين بأدائها، إسهاماً من جهتهم فى تكاليفها العامة، فالمقصود منها حصول الدولة على غلتها لتصبها فى الخزانة العامة بما يعينها على مواجهة نفقاتها، وحق الدولة فى اقتضاء الضريبة يستوجب أن يكون تحصيلها من الملتزمين بها وفقاً لأسس موضوعية، ويعتبر ملتزماً بالضريبة من تتوافر بالنسبة إليه الواقعة التى أنشأتها، والتى يتمثل عنصراها فى «المال» المتخذ وعاء لها، وهو العنصر الموضوعى فى الضريبة، ثم فى وجود علاقة بين هذا المال، وشخص معين وهو «العنصر الشخصى» فى الضريبة، ليكون اجتماع هذين العنصرين معاً مظهراً للالتزام بالضريبة. العدالة الاجتماعية وقد نص الدستور المعمول به على أن نظامنا الاقتصادى هدفه تحقيق الرخاء فى البلاد، وذلك من خلال التنمية والعدالة الاجتماعية مع الالتزام بمعايير الشفافية، وتشجيع الاستثمار، مع مراعاة نظام ضريبى عادل، وقد حمى الدستور الملكية الخاصة، ونص على أنها مصونة لا تمس، ولا تنزع إلا للمنفعة العامة، فى مقابل تعويض عادل يدفع مقدماً، كما أعلن أن النظام الضريبى هدفه تنمية الموارد المالية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ولا يكون إنشاء الضرائب أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون، ويجب أن يراعى عند فرضها على دخول الأفراد أن تكون تصاعدية متعددة الشرائح. ومفاد ذلك أن المشرع الدستورى أوجب عند فرض الضريبة أن تكون بقدر، وفى حدود حتى لا تصادر فرص رأس المال فى النمو، واشترط ألا ترهق الضريبة كاهل المكلفين بأدائها، فتصدهم عن مباشرة نشاطهم، ومن ثم تتمدد موازين الضريبة التى يقتضيها الدستور على ضوء حيدتها وعدالتها من منظور اجتماعى يقابل بين عبئها، وقدرة الملتزمين أصلاً بها على تحملها، فلا يجوز أن تفرض ضريبة تجاوز مقدرة المواطنين على إيفائها، كما لا يجوز أن يتمخض فرض الضريبة عن مصادرة رأس المال، وهذا القيد هو قيد العدالة الاجتماعية. صحيح أن الدستور نص على أن يكون الوفاء بالضريبة واجباً وطنياً إلا أن شرط الوفاء بهذه الضريبة هو أن يكون فرضها واقعاً فى الحدود التى يتطلبها الدستور سواء تعلق الأمر بالأوضاع الشكلية للضريبة أم بضوابطها الموضوعية التى تتصدرها العدالة الاجتماعية. ويجب على السلطة التشريعية حين تمارس سلطتها التقديرية فى مجال فرض الضريبة، وتنظيمها ألا يكون المقصود من هذا التنظيم هو مصادرة رأس المال نفسه!، وبالتالى فإن الضريبة التى يكون أداؤها واجباً وفقاً للقانون، هى التى تتوافر لها قوالبها الشكلية، ويقوم تنظيمها على أسس موضوعية تقتضيها، وتبرر فرضها على المخاطبين بها وبشرط أن تكون العدالة الاجتماعية إطاراً لها، وليس للمشرع أن ينقص الشرائط التى يتطلبها الدستور لاقتضاء الضريبة، فإن هو فعل كان فرضها على المخاطبين بها تحميلاً لأموالهم - بغير حق - بعبئها، بما يرتد سلباً عليهم بقدر مبلغها، وينال من الحماية التى كفلها الدستور للملكية الخاصة. عدوان على الملكية! ولا تقتصر الحماية التى كفلها الدستور للملكية الخاصة على صور بذاتها من الأحوال دون غيرها، ولكنها تسعها كلها دون تمييز، وكلما فرض المشرع ضريبة على رؤوس الأموال الخاصة بالمكلفين لها فإن فى ذلك عدواناً عليها، فلا تكون الضريبة فى هذه الحالة إسهاماً منطقياً من الملتزمين بأدائها فى تحمل نصيبهم العادل من الأعباء العامة، وإنما تنحل إلى مصادرة لأموالهم ولو بصفة جزئية، ذلك لأن فرض الضريبة على رؤوس الأموال ذاتها مؤداها تآكلى فلا تتجدد روافدها لبناء قاعدة اقتصادية أعرض، وبالتالى يتعين أن يكون الدخل هو الواقعة الخاضعة للضريبة، وشرطاً مبدئياً لعدالتها. وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بجلستها المعقودة بتاريخ 7/9/1996 فى القضية رقم 9 لسنة 17 ق، ببطلان الضريبة التى يفرضها المشرع على رؤوس الأموال، كلما كان سريانها فى شأنها منتهياً إلى امتصاصها، وعلى الأخص إذا استطال زمن تطبيقها، وأظلتها أغراض الجباية بتوجهها المتهم، كأن يفرض المشرع على قيم مالية لم تصدر صكوكها بعد، أو لم يجر تسليمها لأصحابها، ولأن الدخل فى مصادره المختلفة يشكل وعاء رئيسياً للضريبة، وبالتالى فإن الضريبة على رؤوس الأموال لا يجوز فرضها إلا استثناء، وفى حدود ضيقة، ولفترة قصيرة، وكضرورة ملحة، وبما لا ينال من وعائها، سواء فى كل أجزائه أو معظم جوانبه. وخلاصة ما تقدم، إن كل ضريبة يفرضها المشرع على رأسمال لا يغل دخلاً، وبطريقة دورية متجددة، ولفترة غير محددة مع زيادة تحكمية فى قيمته التى تمثل وعاء الضريبة ينطوى على عدوان على الملكية الخاصة، ويناقض مفهوم العدالة الاجتماعية. ولكن كان المشرع الدستورى قد أتى بالعدالة الاجتماعية كقيد على النظم الضريبية على اختلافها، فإنه يتعين النظر إلى خطورة تكلفتها بالنظر أن يكون العدل من منظور اجتماعى باعتباره متوخياً التعبير عن تلك القيم الاجتماعية، فلا يكون مفهوم العدل حقيقة مطلقة لا تبديل فيها، ولا ثباتاً باطراد بل متغيراً وفق معايير الضمير الاجتماعى. العدالة فالعدل يجب أن يكون نهجاً متواصلاً، وازناً بالقسط الأعباء التى يفرضها المشرع على المواطنين، فلا تكون وطأتها على بعضهم عدواناً، وإنما يكون تطبيقها فيما بينهم إنصافاً لجموعهم، وإلا صار القانون منهياً للتوافق فى مجال تنفيذه، وغدا إلغاؤه لازماً. فالضريبة على هذا النحو لا يجوز أن تجاوز بثقلها حدود معقوليتها، ولا يجوز أن تدمر الضريبة أو تمتص جانباً من وعائها، فلا يجوز أن يكون الإغراق فى أغراض الجباية هدفاً يحدد للضريبة وجهتها ويهيمن على تشكيل ملامحها، وعلى الأخص كلما كان عبؤها فادحاً، ومجرد حاجة الدولة إلى الضريبة لتنمية مواردها لا يعتبر عنصراً قاطعاً فى دستوريتها. فإذا كان وعاء الضريبة هو المال المحمل بعبئها، فيتعين أن يكون وجوده محققاً وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان ثابتاً بعيداً عن شبهة الاحتمال، ذلك أن مقدار الضريبة لا يتحدد إلا إذا ارتبط بوعائها وكان محمولاً عليه، ووعاء الضريبة هو مادتها، والغرض من فرضها هو أن يكون هذا الوعاء مصرفها، فإذا فرضها المشرع على دخل معين تعين أن يكون مبلغها متأنياً من هذا الدخل دون سواه، وناجماً عن وجودة حقيقية لا حكما، ومنسوباً إلى مقداره واقعاً لا مجازاً. الخديو! وباستقراء نظام الضريبة العقارية فى مصر يتبين أن هذا النظام يرجع إلى عام 1884 حين أصدر الخديو فى 13 مارس أمرا عاليا ناصاً على أنه ابتداء من أول يناير سنة 1884 تأخذ عوائد باعتبار جزء من اثنى عشر من قيمة الأجرة على بيوت السكن ذات الإيراد، سواء كان مسكونة بأصحابها أو غيرهم بأجرة، أو بدون أجرة، ونصت المادة 22 على أن طلبات رفع العوائد أو تنقيصها لسبب خلو السكن تقدم فى الشهر الذى يلى خلو السكن. ولما قامت ثورة 23 يوليو 1952 وصدر القانون رقم 56 لسنة 1954 ناصاً على إلغاء الأمر العالى الصادر فى 13 مارس سنة 1884 فارضاً ضريبة عقارية سنوية على العقارات المبنية، على أساس القيمة الإيجارية السنوية، التى تقدرها لجان التقدير، فقد نصت المادة 22 على أن ترفع هذه الضريبة إذا خلا العقار كله أو جزء منه من السكن مدة ستة أشهر متوالية على الأقل، ولم ينتفع به المالك فى هذه المدة بأى وجه من أوجه الانتفاع. وفى أول ديسمبر سنة 1960 أصدر الرئيس جمال عبدالناصر القانون رقم 294 لسنة 1960 بتعديل المادة 22 آنفة البيان، فجعل رفع الضريبة إذا خلا العقار أو جزء منه من السكن مدة ثلاثة أشهر متوالية. ومفاد ما تقدم أن كافة التشريعات التى صدرت فى شأن الضريبة العقارية فرضت ضريبة سنوية على العقارات المبنية، وكان سعر هذه الضريبة نسبة معينة من القيمة الإيجارية لهذه العقارات بعد ابتعاد نسبة معينة فى مقابل المصروفات التى يتكبدها المكلف بأداء الضريبة بما فى ذلك مصاريف الصيانة. وأوجبت هذه التشريعات رفع الضريبة أو تنقيصها فى حالة خلو العقار كله أو جزء منه من السكن، ومن ثم فإن المشرع فى هذه التشريعات يكون قد راعى قواعد العدالة حين فرض الضريبة على دخل ثابت، ناجماً عن وجود حقيقى، لا حكماً ومنسوباً إلى مقداره واقعاً لا مجازاً. القانون الجديد وباستقراء نصوص قانون الضريبة العقارية رقم 196 لسنة 2008 يتبين أن المادة الثانية منه عرفت المكلف بأداء الضريبة بأنه الشخص الطبيعى أو الاعتبارى الذى له الحق فى ملكية العقار أو الانتفاع به أو استغلاله. ونصت المادة الرابعة منه على أن تقدر القيمة الإيجارية السنوية للعقارات المبنية طبقاً لأحكام هذا القانون، ويعمل بذلك التقدير لمدة خمس سنوات، على أن يعاد ذلك التقدير فور انتهائها، ونصت المادة الخامسة على أنه لا يجوز أن يترتب على المادة التقدير الخمسى زيادة القيمة الإيجارية للعقارات المبنية المستعملة فى أغراض السكن على 30٪ من التقدير السابق. ونصت المادة الثامنة على أن تفرض ضريبة سنوية على العقارات المبنية أياً كانت مادة بنائها، مشغولة بعوض، أو بغير عوض، سواء أكانت تامة، ومشغولة، أو تامة وغير مشغولة، أو مشغولة على غير إتمام. ونصت المادة 19 على أن ترفع الضريبة فى الأحوال الآتية: أ - إذا أصبح العقار معفياً طبقاً للمادة 18 من هذا القانون. ب - إذا تهدم أو تخرب العقار كلياً أو جزئياً إلى درجة تحول دون الانتفاع به. ج - إذا أصبحت الأرض الفضاء المستقلة عن العقارات المبنية غير مستغلة. ويكون رفع الضريبة عن العقار كله أو جزء منه بحسب الأحوال. ويستفاد من التنظيم التشريعى لقانون الضريبة العقارية المعمول به أن المشرع فرض ضريبة سنوية على العقارات المبنية غير المشغولة بالسكان، وألزم المالك أو المنتفع بالعقار بأداء هذه الضريبة، والتى جعل سعرها 10٪ من القيمة الإيجارية السنوية التى تقدرها اللجان المنصوص عليها فى المادة 13 من القانون، وجعل العمل بذلك التقدير لمدة خمس سنوات، على أن يعاد ذلك التقدير فور انتهائها، وجعل الزيادة فى القيمة الإيجارية للعقارات المبنية المستعملة فى أغراض السكن 30٪ من التقدير السابق، وخلت المادة 19 من القانون مما يفيد رفع الضريبة فى حالة خلو العقار كله أو جزء منه من السكان. وإذا كان الأصل فى الضريبة أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً بما لها من سيادة، وقد ارتبط فرض الضريبة من الناحية التاريخية بوجود مجالس تشريعية لما ينطوى عليه من تحميل المكلفين بها أعباء مالية تقتطع من ثرواتهم مما يتعين معه تقديرها بموازين دقيقة ولضرورة تنظيمها. وإذا كان الدستور قد نص على أن إنشاء الضرائب وتعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون وكان فرض الضريبة يقع مخالفاً للدستور كلما كان معدلها وأحوال فرضها وتحديد وعائها مناقضاً للأسس الموضوعية التى ينبغى أن تقوم عليها، مجاوزاً للأغراض المقصودة منها، ولو كان الغرض من فرضها زيادة موارد الدولة لمقابلة مصلحة مشروعة. ولما كان الدستور، قد حرص على النص على صون الملكية الخاصة والمتمثلة فى رأس المال غير المستغل فكفل عدم المساس بها، باعتبارها ثمرة مترتبة على الجهد الخاص الذى بذله الفرد، وبوصفها حافزاً له على الانطلاق والتقدم، فيختص دون غيره بالأموال التى يملكها، وتهيئتها للانتفاع بها بما تعود إليه ثمارها، ومن ثم فإن فرض ضريبة على عقارات لا تدر دخلاً إنما ينطوى على عدوان صارخ على الملكية وهو أمر يناقض مفهوم العدالة الاجتماعية الذى أوجب المشرع الدستورى قيام النظام الضريبى على أساسه وهو أمر ليس بجديد فقد سبق أن تخصت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 19/6/1993 فى الدعوى رقم 5 لسنة 10 دستورية بعدم دستورية قانون الضريبة العقارية فيما تضمنه من النص على فرض ضريبة عقارية على الأراضى الفضاء غير المستغلة. وأتذكر أن هذا الأمر أثير أثناء مناقشة مشروع القانون إلا أن قيادة الحزب الوطنى فى ذلك الوقت لم تلتفت إلى أية اعتراضات أثيرت، وهو الأمر الذى دعا الرئيس مبارك إلى إعادة النظر فى القانون بعد أن أقره مجلس الشعب، وأمهره الرئيس بإمضائه، ولكن استطاع الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية فى ذلك الوقت بث الطمأنينة الشفوية فى نفوس الناس، ونفذ القانون دون ثمة تعديل. صحيح أن هناك حكما أصدرته المحكمة الدستورية العليا بدستورية المادة الأولى من القانون رقم 56 لسنة 1954 التى تقضى بفرض ضريبة على العقارات المشغولة بدون عوض، لأن هناك فرقا شاسعا بين عقارات مشغولة بالسكان، بدون عوض، وبين عقارات غير مشغولة بالسكان نهائياً، ففى الحالة الأولى فإن عدم حصول المالك على الأجرة مرده إلى حريته الشخصية، باعتباره صاحب حق الملكية وهو حر فى طريقة الانتفاع بها سواء بعوض أو بدون عوض، أما العقارات غير المشغولة بالسكان، والتى لا تدر دخلاً، لأمر لا يرجع إلى إرادة المالك إنما مرده إلى زيادة المعروض للبيع أو التأجير، وعدم إقدام الناس على شرائها أو استئجارها. ولا يمكن أن ننكر أن هناك مناطق ما زالت بعيدة عن العمران، ولم يبنَ فيها مدرسة، ولا مستشفى، ولا مقر للإسعاف، وخالية من الأسواق التجارية، بل لم تصل إليها أية مواصلات عمومية، ولم يتم توصيلها لا بالغاز أو التليفون، ومن ثم فإن عدم الإقبال عليها مرده إلى الظروف التى تتواجد فيها هذه العقارات، ومن ثم فإن خضوع هذه العقارات للضريبة العقارية أمر يتنافى مع العدالة التى ينشدها الجميع. اقتراح مرفوض ويبقى التساؤل عن مدى مشروعية فرض ضريبة جديدة على الشقق المغلقة؟.. والإجابة أن هناك مبادئ تحكم فرض الضريبة، هذه المبادئ تحقق مصلحة المكلف ومصلحة الخزانة العامة، وبالتالى فإن الدولة يجب عليها احترام هذه المبادئ، والإخلال بها يعتبر تعسفاً غير مقبول منها فى ظل نظام المشروعية السائد الآن. وقاعدة العدالة تعد من أهم قواعد فرض الضريبة، وقد بين الاقتصادى المعروف آدم سميث أن وجود مساهمة رعاية الدولة فى النفقات الحكومية يجب أن يكون وفقاً لطاقتهم وقدرتهم، وأن خير مقياس لقدرة الفرد على المساهمة فى هذه النفقات هو مقدار دخله، ولذا فإن فرضية الضرائب يجب أن تنصب على الدخل لا على رأس المال. وقد أخذ المشرع فى القانون رقم 187 لسنة 1993 بهذا المبدأ حين فرض نظام الضريبة الموحدة على دخل الأشخاص الطبيعيين بدلاً من الضرائب النوعية وكان من أهم ملامح هذا القانون أنه أخضع إيرادات العقارات المبنية والأراضى الزراعية للضريبة، وأعفى المشرع الممول الذى يقتصر دخله على إيرادات الثروة العقارية من تقديم الإقرار الضريبى إذا لم يتجاوز مجموع صفة دخله منها حد الإعفاء المقرر للأعباء العائلية. وإذا كان تحديد إيرادات العقارات المبنية كان يتم بنفس الأساس الذى كان يجرى عليه العمل فى ظل القانون رقم 157 لسنة 1981، وقد نصت المادة 83 صراحة على أن إيرادات العقارات المبنية تحدد على أساس القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط ضريبة المبانى بعد خصم 20٪ مقابل جميع التكاليف، وكان القانون رقم 56 لسنة 1954 قد فرض ضريبة عقارية على العقارات المبنية على أساس القيمة الإيجارية التى تقدرها لجان التقدير، ونصت المادة 22 من القانون على أن ترفع هذه الضريبة إذا خلا العقار كله أو جزء منه من السكن مدة معينة، ومن ثم فإن المشرع يكون قد أعلن صراحة أخذه الدخل الذى يدره الشخص أساساً لفرض الضريبة. وإذا كان المشرع فى قانون الضريبة العقارية الجديد قد فرض ضريبة عقارية على الشقق المبنية غير المشغولة بالسكان والتى لا تدر دخلاً، وبالتالى فإن اقتراح بعض النواب بفرض ضريبة جديدة على الشقق المغلقة التى لا تدر دخلاً يكون اقتراحا مخالفاً للدستور الذى أوجب العمل بنظام ضريبى عادل يكون هدفه تنمية الموارد المالية، ويوجب فرض الضريبة على «الدخول» وليس على «رأس المال» وبشرط أن تكون العدالة الاجتماعية فرضاً لها. صحيح أن الدولة فى حاجة إلى الأموال لتغطية نفقاتها والوفاء بالتزاماتها، لكن الضريبة لا يجوز أن تجاوز بثقلها حدود معقوليتها، ولا يجوز للضريبة أن تمتص جانباً من وعائها، ولا يجوز أن يكون الإغراق فى الجباية هدفاً يحدد للضريبة وجهتها ويهيمن على تشكيل ملامحها، لأن حاجة الدولة إلى الضريبة لا تعتبر عنصراً قاطعاً فى دستوريتها. إن السلطة التشريعية حين تمارس سلطتها فى مجال فرض الضريبة فإنها مقيدة بألا يكون المقصود من فرض الضريبة هو مصادرة رأس المال نفسه، ولا جدال فى أن فرض ضريبة على شقق لا تدر دخلاً إنما ينطوى على عدوان على الملكية الخاصة ويناقض مفهوم العدالة الاجتماعية وهو أمر تأباه العدالة المثلى. إننى أعرف أن الدكتور محمد معيط وزير المالية هو من أكفأ رجال المالية العامة، ويسعى جاهداً لتحقيق مصلحة الخزانة العامة وهو متابع جيد لكل مرؤوسيه فيما حصّلوه من ضريبة ليتمكن من تغطية نفقات الدولة والوفاء بالتزاماتها، لكننى أعرف أنه أكثر حرصاً على صون حق الملكية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ولن يرضى أن ترهق الضريبة العقارية كاهل أصحاب الشقق التى لا تدر دخلاً، ولا فرض ضريبة جديدة عليها.