كتبت - رغدة خالد نوتة موسيقية من شذى فريد تثير مكامن الذكرى والأحلام، تعزف على أوتار السطور وتشكل مزيج من الأسرار بين الفجوات وملاحم الألوان وعبير أريج الحبر على قصاصات ورق يعبق برائحة زهور الفانيليا، توقظ الحنين لكوب من القهوة في حضرة أكوام من كتب أحاطتها صفرة غبار الماضي. بين زوايا المفكرات الرحبة، وأوراقها الفسيحة يتغزل محمد محسن، مهندس الجرافيك السكندري، في محاسن المرأة المصرية بأنامل صبية، تتطلع لبحر أحلامها المديد بعيون تتلألأ شغفًا ويملؤها الاعتزاز، تضوي تحت هامة تكللها ثقة العلم التي اكتسبها خلال دراسته الفنون الجميلة ورونق الحلم، بإبداع مفكرات تشي بروعة موهبته وصدق عزيمته. بقسمات سافرة ذات ملاحة نقية مع مسحة من الحسن الفرعوني لاتخطئها العين يتوج محسن جمال المرأة المصرية بشتى صورها على تصميمات مفكراته، يضفي رائد تصميم رسومات النشر في مصر عليها بهاء زاهي يباري حلاها الراسخ في ملامح أيقونية من رسومات النشر الساكنة على أغلفة مفكرات "كربون". في صورة طبق الأصل، اختار محسن الجمال الشرقي الأخاذ والعيون الأعجمية الملونة وجهًا لأحدث مجموعات مفكراته، التي تحمل اسم "بنت مصرية"، وبأنامل تغزل سحرًا طبع الشاب العشريني على الورق مزيج موهبته الفريدة في الرسم والتصميم وحنكة فنية قوامها 10 سنوات أصقلتها أعوام دراسته بجامعة الأسكندرية، راوده خلالها خواطر إطلاق مشروعًا فنيًا خالصًا بأيدي مصرية. متطلعًا لأفق شاطئ عروس البحر الفيروزي الذي خضبته أشعة شمس النهار، مستنسق عبير هوائها الصبوح بإحدى إشراقات شتاء 2013، تهادت إليه فكرة تصميم مفكرات عصرية بلمسات فنية، تصطحب مقتنيها في جولة ممتعة بين أوراقها التي تسكنها شخصيات الرسوم الكرتونية، تتجول بين ثناياها بأريحية لتؤنس وحدة صاحبها بين دروب الخيال وعالم الأفكار، ترشده علامات تحديد الفواصل وقوائم المهام "To do list". متخبطًا ينقب عن أفضل الخامات، يهيم محسن على وجه بالساعات برفقة صديقيه وشريكاه الحاليين، ساعين بين منتجي أفخم الورق ومنفذي أغلفة المفكرات المحشوة بأجود أنواع الإسفنج وتجار أحبار الطباعة الزاهية، أسابيع طوال متنقلين بين أحياء المنشية وسموحة وحتى العامرية بل لم تتواني خطاهم عن الزج بهم بين أذقة العتبة وشارع محمد علي، يديرون سجالاً بلاهوادة مع الباعة بحثًا عن أجدى الأدوات، يؤْثِرُون الجودة على الربح متكبدين خسارة آلاف الجنيهات وأكوام من المفكرات المعيبة التي لم تجد لها متسعا سوا على أرفف مكتبات "محسن"، حتى عثر على ضالته بين أفضل المطابع المصرية. تطل بيعينيها النجلاوتين المكحلتين من طمي النيل، تباري أنف منحوت تذيله غرة تكسوها إنفة مصرية، في العزف بناي من رحيق ثغرها الواسع على شغاف القلب، تسطو "آسيا" أيقونة الجمال الفرعوني الخلاب التي سطرت بوجهها النابض بالحياة مكانة أثيرة لدى عشاق التراث الفرعوني الخلاب من زبائن "كربون"، تداعب بألوانها الزاهية نظر الحائر فتحسم تردده باقتناء إحداها. ب "الملاية اللف" و" المنديل بأوية"، والبرقع يجحب جمالها تتمايل الفتاة السكندرية "دليلة" بروعة تصميمها على أغلفة مفكرات "كربون"، شخصية ابتكرها "محسن" تأسر الناظر بسحر ملامحها الأخاذة وثغرها الباسم، فتحسم تردد الحائر لصالحها، فيما تتمخطر الفلاحة "سعدية" بوجهها الندي ووجنتها الوردية على المفكرات تعتمر مشنتها الغنية بالخيرات، "تتطرح" بركتها على الأوراق فتعيد تكرار القصص ومايروي عليها من حكاوي في نسخ طبق الأصل من "الكربون" بالأبيض والأسود. امتزج الحسن المصري الأصيل بأشعة شمس الجنوب التي طبعت قبلتها على وجه "تمارة"، إحدى شخصيات "كربون"، بقسمات نوبية خالصة تتوج معالم الطموح والحنكة؛ آيات تكلل شخصية المرأة المصرية التي أبدع "محسن" في تصويرها على مفكراته، يرافقه طاقم من أفضل الصناع المهرة من ذوي الذوق الناقد، يتفننون في إضافة بصمته الساحرة على المفكرات في تحويلها من حزمة ورق مصمتة إلى نوافذ تشي بجمال مايدور داخلها من قصص وأحلام، في أشكال إنسيابية تلائم راحة اليد. كما بث "محسن" الحنين لذكريات الماضي ورسوم الطفولة والصبا بمجموعة أخرى مستوحاة من شخصيات أشهر الرسوم المتحركة التي وجدت لها صدى بين جيل الثمنينات والتسعينات داخل مصر، فنجح في دغدغة مشاعر الآلاف بتصميمات مفعمة بعبير الماضي، "نوستالجا"، فظهر الثنائي "بوجي وطمطم" ليؤديا بطولة قصة جديدة من أوراق مفكراته. وبينما يخوض "ماريو" مغامرة جديدة لتخطي الحواجز وكسب النقاط من داخل "كربون"، يستعد "كورتي البعبع" لإستقبال عامه الدراسي الجديد مشحذ بالإصرار والعزيمة، يلازمه "باباي" صديق محسن المقرب يذكره بليالي طويلة قضاها ساهرًا لوضع اللمسات الأخيرة على أولى مجموعاته، تلك التي طالعت النور بعد سنوات عديدة تحدت خلالها أسوار الحلم وتجسدت واقعًا مستندة على رأس مال لايتعدى بضعة آلاف جنيه.