تحقيق: حمدى أحمد - اشراف .. نادية صبحى المصايف.. حلم الصغار وأمل الكبار، فى قضاء ساعات من المتعة بين «الميّة والهوا» بعيدا عن ضغوط العمل وضجيج الحياة ولسعات نار الشمس، ولكن فجأة تتحول تلك السعادة إلى بحور من الأحزان، تغمرها صيحات «غريق.. غريق»، تطفو عليها جثة غارقة لا تجد من يسأل عن سبب وفاتها، تنتهى بها الحال بمحضر فى قسم الشرطة مدونً عليها سبب «اسفكسيا الغرق». وعندما يصل عدد غرقى الشواطئ فى مصر إلى ألف غريق يوميا خلال شهور الصيف، فلابد أن ندق كل نواقيس الخطر، عسى أن تنتبه كل الجهات المسئولة، وتضع يدها على الأسباب التى تؤدى إلى مقتل هذا العدد الكبير كل طلعة شمس فى مصر. صحيح أن محافظ الإسكندرية الدكتور محمد سلطان قرر غلق شاطئ النخيل بحى العجمى بعد تكرار غرق المصطافين إلا أن شاطئ النخيل مجرد حلقة واحدة من سلسلة طويلة من المصايف التى تشهد يوميا غرق عشرات المصطافين ولهذا يظل السؤال مطروحاً: من يتصدى لموسم الغرق الكبير على شواطئ مصر؟ غياب أدوات الإنقاذ والمنقذين المدربين أبرز الأسباب على الشواطئ وحمامات السباحة.. أينما تكونوا يدرككم الغرق لا يمر أسبوعا إلا ونسمع ونقرأ عن غرق شخص هنا وهناك. وأسباب تكرار حوادث الغرق تكاد تكون متشابهة سواء فى حمامات السباحة أو على الشواطئ، وتتركز فى عدم التزام معظم أصحاب الحمامات بمعايير الأمان والسلامة التى يجب أن تكون متوفرة باستمرار، وأبرزها أدوات الإنقاذ من أطواق نجاة وحبال وعدم وجود منقذين مدربين ومؤهلين. ورغم أن الكابتن حسام حواس، عضو مجلس إدارة اتحاد الغوص والإنقاذ، يرى أن حوادث الغرق فى حمامات السباحة أقل من مثيلتها فى الشواطئ، إلا أنه يؤكد أن هناك عدة أسباب وراء حوادث الغرق فى حمامات السباحة تتمثل فى عدم اهتمام إدارة الفندق أو القرية السياحية الموجود بها حمام السباحة بأدوات الإنقاذ وتدريب المنقذين، فهم يطلبون من عامل الإنقاذ أن يعمل فى النظافة وغسيل الأطباق وفى الوقت نفسه يراقب السباحة فى الحمامات، متسائلا «كيف لعامل الإنقاذ أن يقوم بكل ذلك فضلا عن أنه غير مدرب تدريبا جيدا؟». وتابع عضو مجلس إدارة اتحاد الغوص والإنقاذ، «القرية السياحية التى فيها 3 حمامات سباحة مثلا، لن نجد ف منقذين اثنين فقط، أى أن كل حمام يتولاه منقذا واحدا، والثالث مشترك كل عامل منهم يراقبه شوية، وهذا هو سبب معظم الكوارث اللى بتحصل فى الحمامات». وأوضح «حواس»، أن من ضمن أسباب تكرار حوادث الغرق الكثافات العالية داخل حمامات السباحة وعدم الالتزام بالتعليمات من جانب المواطنين، حيث إن وجود كثافات متوسطة داخل الحمامات يساعد كثيرا فى عملية الإنقاذ، عكس الكثافات العالية التى تعيقها، مشيرا إلى أن عملية الإنقاذ تبدأ من مراقبة العامل للمواطن منذ نزوله على سلالم حمامات السباحة، ومعرفة هل يمتلك مهارة السباحة أم لا. ويضيف: «حمامات السباحة والشواطئ مشتركين فى عدة نقاط تتسبب فى تكرار حوادث الغرق، أبرزها مخالفة تعليمات السباحة والإنقاذ، وقيام شركات غير متخصصة بتنفيذ أعمال الإنقاذ وتعيين المنقذين، وبالتالى تختار عمالا غير مدربين بدون اختبارات لمجرد أنهم يحملون شهادة من أى جهة، فضلا عن اختلاف مستوى المنقذين من مكان لآخر، إضافة إلى عدم توافر الإسعافات الأولية وأدوات الإنقاذ إلا فى الشواطئ الخاصة ذات الأجرة المرتفعة». وأشار «حواس»، إلى أن القانون يلزم المحافظات بتعيين منقذين فى كل الشواطئ وحمامات السباحة، ويقول: لكن ذلك لا يتم على أرض الواقع، وكل شئ موجود على الورق فقط، مؤكدا فى الوقت نفسه أن المسئولية مشتركة بين المصطافين أنفسهم وإدارات حمامات السباحة والشواطئ، قائلا «فى ناس كتير مش بتعرف تعوم ونلاقيها تنزل البحر أو حمام السباحة فى مناطق الغرق وتخالف التعليمات وده خطأ كبير يسبب كثير من المشاكل». وأكد «حواس»، أن حل أزمة تكرار حوادث الغرق سواء فى حمامات السباحة أو الشواطئ، يتمثل فى ضرورة زيادة وعى المواطنين بثقافة الإنقاذ والغوص، واهتمام المسئولين بتطوير أدوات الإنقاذ، وعقد الشركات اختبار ات للمنقذين قبل تعيينهم، للتأكد من قدرتهم على القيام بوظيفتهم على أكمل وجه، قائلا «اللى بيموت غريق دلوقتى ممكن ياخد تعويض من المحكمة 100 ألف جنيه، ولو الحكومة صرفت هذه المبالغ على التطوير، هيكون أحسن وفى الوقت نفسه هنقلل حالات الغرق». وقالت الكابتن هاجر أحمد، منقذة فى حمام سباحة بأحد الأندية، إن أبرز معايير الأمان والسلامة فى حمامات السباحة تتمثل فى وجود معدات الإنقاذ من أطواق نجاة وحبال وقناع التنفس، وأن يكون المنقذون أنفسهم مدربين بشكل جيد وحاصلين على كورسات وشهادات معتمدة، فضلا عن وضع حبل داخل الحمام للفصل بين منطقتى الغريق والأمان. وأضافت: أنه للأسف نسبة كبيرة من الأندية والقرى السياحية والفنادق لا تلتزم بتنفيذ هذه المعايير، ولا تجرى اختبارات للمتقدمين لوظيفة المنقذ قبل تعيينهم، وهو ما يؤدى إلى تكرار حوادث الغرق فى هذه الحمامات، مؤكدة أن اتحاد الغوص والإنقاذ يعقد دورات تدريبية وكورسات باستمرار من أجل حصول المنقذين على شهادة ممارسة المهنة، ويتدربون على كيفية استخدام أدوات الإنقاذ والإسعافات الأولية وانقاذ الشخص الغريق، ولكن البعض يلجأ إلى الحصول على هذه الشهادات عن طريق الرشاوى ودون الحصول على أى تدريبات. وحول مرتبات المنقذين، قالت إنها تختلف حسب طبيعة كل مكان، فأجر المنقذ داخل القرى السياحية والفنادق أعلى ممن يعمل فى الأندية والحمامات العامة، كما أنه يتم احتسابه وفقا للفترات أو أجر شهر، قائلة «ممكن فترة تكون 3 ساعات مرتين فى الأسبوع كل منها ب75 جنيها، وقد يكون مرتب المنقذ 4 آلاف جنيه شهريا». بأمر القانون وينص قانون الرياضة الجديد رقم 71 لعام 2017، على أن كل من يعمل فى مجال الإنقاذ يجب أن يحصل على رخصة من قبل الاتحاد المصرى للغوص والإنقاذ. ومن أبرز الاشتراطات والمتطلبات الخاصة بحمامات السباحة وفقا للقرار الوزارى رقم 149 لسنة 1999 والمعروف بالكود المصرى لأسس تصميم وشروط التنفيذ لهندسة التركيبات الصحية، ألا يقل عمق المياه فى الجزء الضحل من الحمامات العامة عن 80 سنتيمترا، وتحديد خط الأمان فى كل حمام بواسطة علامات ملونة عائمة لا تزيد المسافة بين كل منها عن 1.5 متر ويتم شده بجانبى الحمام بواسطة خطاف ليفصل بين الجزء غير العميق والجزء العميق، وعلى مسافة 60 سنتيمترا من جهة الجزء غير العميق قبل بداية الانحدار إلى الجزء العميق أو باى علامات أخرى واضحة. كما يجب بناء وإنشاء الحمامات من مواد غير ضارة أو سامة وتكون المواد المستخدمة فى الأرضية حول حوض الحمام من النوع الذى لا يسمح بالانزلاق أو يؤذى الأقدام العارية، وان يكون الانحدار فى أرضية الحمام منتظم ولا تزيد نسبة الميل فى الأرضية فى الجزء غير العميق نحو الجزء العميق عن 1 إلى 10، كما يجب ألا يزيد الانحدار من أول نقطة تغيير الانحدار من الجزء غير العميق إلى الجزء العميق عن 1 إلى 3. أما المنطقة المسموح بالغطس يجب أن تكون فى الجزء العميق من الحمام ، وأن يكون مسطح وعمق المياه فى الحمامات المسموح الغطس فيها كافيان لسلامة الغطاسين، كما يجب وضع علامات عند سطح مياه الحمام أو على الحائط الرأسى لجانب حوض الحمام أعلى سطح المياه أو على حافة السطح المحيط بحوض الحمام توضح عمق المياه. دفتر أحوال الغرق تمتلئ صفحات دفتر أحوال الغرق بقوائم طويلة من غرقى حمامات السباحة ، آخرها حتى كتابة هذه السطور كان فى فى 15 يوليو الجارى، تعرضت الطفلة فاطمة طه للغرق داخل حمام سباحة بقرية سياحية بالعين السخنة، وكشفت تحقيقات النيابة عن أن فرق الإنقاذ لم تحاول إنقاذ الطفلة أثناء الغرق وأن سيارة الإسعاف لم تصل طوال 90 دقيقة عقب الحادث، وأكد شهود عيان أنهم شاهدوا ثعبانا بحمام السباحة عقب غرق الطفلة بدقائق. وأكد تقرير سلمته إدارة الطوارئ بمحافظة السويس للمحافظ، أن 6 أطفال تعرضوا للغرق فى حمامات السباحة خلال الشهرين الماضيين، وتتراوح أعمارهم بين 5 أعوام إلى 12 عاما. وفى فبراير من العام الحالى، توفى الطالب أحمد محمد عبد العزيز، بحمام سباحة الجامعة الأمريكية رغم شهرته بإجادته للسباحة، بعد العثور عليه فاقدا للوعى نتيجة توقف عضلة القلب، ولفظ آخر أنفاسه داخل المستشفى. كما تعرض الطفل «إسلام .ح»، للغرق داخل حمام السباحة الخاص بنادى الإعلاميين، وتوفى بعد نقله إلى أحد المستشفيات القريبة من النادى فى محاولة من منقذى الحمام لإسعافه. ومن الواضح أن معظم ضحايا الغرق يكونوا أطفالا، فقد غرقت طفلة لم تتخط ال 7 سنوات، داخل حمام سباحة أحد فنادق مدينة المنيا، مايو الماضى، أثناء تواجدها وأسرتها لقضاء عطلة عيد العمال، كما لقى طالب مصرعه غرقا فى حمام سباحة تابع لإحدى المدارس الخاصة لعدم إجادته السباحة، وكذلك غرق طفل فى حمام السباحة الخاص بنادى المنيا الرياضى فى يونيو الماضى، فضلا عن غرق الأطفال فى القرى السياحية والفنادق بالساحل الشمالى والإسكندرية والغردقة. موضوعات متعلقة 30 منطقة غرق على ساحل المتوسط.. أشهرها «الطاحونة» ونقطة «جهنم» و«النخيل» شواطئ الموت فى جمصة.. إنقاذ الغرقى بصفارة و«تى شيرت» و«طوق» سحب بأمر القانون..الغرقان ب100 ألف جنيه.. والمحافظات «هتدفع»