عم فتوح..البقال اللي تحت بيتنا أو بالأصح تحت بيت جدي.. منذ يوم ولادتي وهو بنفس النضارة (الكعب كوباية)، مرتديا جلابية دوما شعره خفيف مصفف الي الوراء وكانه كان بيستخدم (الجيل)، بيمشي بوجهه في الأرض (كاحتا) برجليه ذاهبا إلي دكانه الصغير ببابه المطلي أخضر الذي بهت من كثرة السنين التي مرت عليه. وأنا صغير عم فتوح كان رمزا كبيرا بالنسبة لي وحتي كان بيفكرني بخالة أمي معرفش ليه الحقيقة كنت انا وولاد اخوالي وخالاتي ناخد المصروف عشان ننزل لعم فتوح نجيب منه ازازة الكوكا اللي كانت ب 50 قرشا.. كيس الشيبسي ابو ربع جنيه...ايام ما كنا لسه بنجيب اللبانة السمارة. واحيانا كانت امهاتنا ترفض انها تدينا المصروف فننزل لعم فتوح ويدينا ببلاش، ويأيد هو علي الحساب، بالرغم من أنه علي أد حاله محتاج كل قرش. في احد الايام لمحت اثر جرح قديم في رأس عم فتوح فسألته: أُمال ده من إيه ياعم فتوح؟ أجابني عم فتوح: ده من أيام الحرب يا فارس يا بني، سألته منبهرا: حرب أكتوبر يا عم فتوح؟ إنت حاربت أيام زمان؟ عم فتوح: ايوا أنا كنت سلاح مشاة سألته مرة اخري بغباء طفولي فظيع: يعني شفت العبور وكده واللي بنشوفه في الأفلام؟ ضحك عم فتوح، وطبطب عليا وقاللي بصوته المتقطع دائما كل حاجة شفناها هناك شفنا الموت بعنينا هناك، وأنا اتصبت كتير منها في رجلي وقعد عم فتوح يكمل حكاية من حكاياته ف حرب اكتوبر. عزيزي الرئيس السابق حسني مبارك.. انت حاربت عشانا وعم فتوح حارب عشانا برضه بس عم فتوح عمره ما سرقنا.. عمره ما زود الحساب علينا لو أخدت منه شكك.. علي طول كان ومازال أهم حاجة عنده يبسطنا عمري ما شفت عم فتوح بيضرب حد من ولاده ده عمره ما شخط فينا، جدع مع إننا كنا هابلينه عم فتوح كان عنده دايما كرتونتين واحدة شيبسي وواحدة »كاراتيه « لو فاكرينه- كنت لما اقولوا ياعم فتوح هاتلنا المرة الجاية شيبسي بالجبنة يقولي حاضر ويجيب..ياعم فتوح هاتلنا بيبسي أصل الغطا بتاعه بيكسب (صحيح عمري ما كسبت منه) بس كان بيجيب.. لكن إحنا لما بنطلب منك حاجة يا ريس كنت بتموتنا وتعتقلنا.. عم فتوح علي طول بيحترمني لكن إنت بتقول عليا عدو مندس بأجندات حمرا وخضرا وفحلقي. افتكر يوم ما جدتي ماتت عم فتوح كان بيبكي بطريقة هيستيرية، أما أنت تذكرت أن تترحم علي شهدائنا بعد 16 يوما حتي ذكرتهم بكل عجرفة وغرور الصواريخ وبمب العيد ورمضان ذ صحيح كانت صواريخه بايظة ذ بس كنا بنحبه ونشتري منها.. أما إنت يا ريس ضربتنا بالغاز المسيل وبالرصاص الحي، ودخلت علينا جمال وحمير في موقعة الجحش. ابن عم فتوح مرضاش يقعد معاه في الدكان بتاعه وحاول يلاقي شغل بنفسه، لكن إنت ابنك يا ريس عايز تديله بلدنا كده بالساهل وكأنك بتحكم قطيع ماشية. الحقيقة ياريس لو كنا هنعين الرؤساء عندنا عشان شاركوا في حرب اكتوبر وقاموا بدور فيه، فأنا افضل تعيين عم فتوح رئيسا لنا.. يعيش الريس عم فتوح والفاتحة والصلاة لشهدائنا. فارس محمد حمود http://farishammoud.wordpress.com/
