رغم تصاعد الحملات العنصرية ضد مسلمي أمريكا بعد هجمات 11 سبتمبر، إلا أن هناك تحذيرات واسعة من ازدياد وتيرتها مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية, خاصة أن اندلاع ثورات الربيع العربي أربك كافة حسابات إسرائيل. ولذا يتوقع على نطاق واسع أن يضاعف اللوبي الصهيوني مخططاته الشيطانية لتحريض الأمريكيين ضد الإسلام والمسلمين وإثارة الرعب من مخاطر وصول الإسلاميين للسلطة في بلدان الربيع العربي على مصالح تل أبيب وواشنطن. ولعل ما يرجح صحة ما سبق، أن ذعر اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد في الولاياتالمتحدة من الربيع العربي لم يقتصر فقط على التحذيرات العلنية من مخاطر وصول الإسلاميين للسلطة, وإنما تجاوز ذلك إلى حد التحرك على أرض الواقع لإجهاضه مبكرا عبر تشويه صورته من ناحية وترشح أحد رموز اليمين المسيحي المتطرف لانتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة من ناحية أخرى. ففي 8 أبريل, نظم أتباع القس الأمريكي المتطرف تيري جونز مظاهرة أمام أكبر مسجد بولاية ميتشجان, مرددين هتافات ضد الإسلام والمسلمين. ونقلت صحيفة "يو أس توداي" الأمريكية عن جونز زعمه خلال المظاهرة أن الهدف الوحيد للإسلام هو السيطرة على العالم، مطالبا الأمريكيين باستعادة بلادهم. وأضاف جونز أنه قلق بشأن زيادة عدد السكان المسلمين في أمريكا, قائلا :" لا يهم انتشار المسلمين حول العالم، إنهم يدفعون بأجندتهم في المجتمع، ويجب أن نستعيد أمريكا". وحمل حوالي عشرين من أنصار جونز لافتات كتب عليها باللغتين الإنجليزية والعربية "لن نخضع"، وأخذوا يهتفون بشعارات معادية للإسلام أثناء إلقاء جونز لكلمته أمام المركز الإسلامي الأمريكي بمدينة ديربورن في ولاية ميتشجان. وكان جونز هدد في سبتمبر 2010 بإحراق نسخة من المصحف الشريف، ثم عاد وتراجع عن تهديده بعد مناشدة عدة مسئولين أمريكيين له على رأسهم الرئيس باراك أوباما، الذين تخوفوا من ردة فعل العالم الإسلامي. غير أن جونز نفذ تهديده بعد ذلك وتحديدا في مارس 2011, ما أدى إلى خروج مظاهرات مناوئة له في العديد من الدول الإسلامية وخاصة في أفغانستان. ولم يقف الأمر عند قيام جونز بحرق نسخة من "القرآن الكريم", بل إنه أعلن أيضا في 26 أكتوبر 2011 عن ترشحه للرئاسة الأمريكية عام 2012 لمواجهة الرئيس باراك أوباما والمرشح الذي يختاره الحزب الجمهوري. وأصدر جونز بياناً عبر موقع "انهضي يا أمريكا" حدد فيه نقاط العمل التي تقوم عليها حملته الانتخابية التي تشمل ترحيل جميع المهاجرين غير الشرعيين الذين يقدر عددهم بنحو 20 مليون نسمة وتخفيض الضرائب على الشركات لتشجيع المواطنين على تأسيس أعمال خاصة بهم، بالإضافة للقضاء على ما سماه "الخطر الإسلامي". واختتم بيانه بدعوة الأمريكيين لتقديم المساعدة المالية له، قائلا: "سنستمر في الوقوف ضد الإسلام الأصولي". ورغم أن فرص جونز في انتخابات 2012 تبدو منعدمة, بالنظر إلى أن المنافسة تنحصر دوما بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي, إلا أن هذا لا ينفي خطورته البالغة, خاصة أن وسائل الإعلام الأمريكية تسلط الضوء باستمرار على أفكاره المتطرفة ضد الإسلام والمسلمين . فمعروف أنه بجانب حرق "المصحف", أدلى جونز المشرف على كنيسة "دوف" التبشيرية بولاية فلوريدا أكثر من مرة بتصريحات عنصرية شن خلالها هجوما على الإسلام، قائلا: " إنه ليس ديناً سماوياً بل هو من نتاج الشيطان وأن المؤمنين به سيذهبون إلى النار، الإسلام من نتاج الشيطان وهو يتسبب بدفع مليارات البشر إلى جهنم، إنه دين مخادع وعنيف ". ورغم أن شبكة "سي ان ان" الإخبارية الأمريكية ذكرت في وقت سابق أن جونز كان أصدر كتاباً يحمل عنوان "الإسلام من الشيطان" وهو يبيع في كنيسته تذكارات من أكواب وقمصان ومواد أخرى كتب عليها العبارة السابقة، إلا أن المتابع للتطورات داخل أمريكا يلمس بوضوح أن تصريحاته وأفعاله جزء من حملة مخططة للهجوم على الإسلام خاصة مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية. صحيح أن البعض حاول الربط بين توقيت إعلان جونز في سبتمبر 2010 عن حملة حرق "القرآن الكريم" وتفجر الفضائح الجنسية في عشرات الكنائس الكاثوليكية في أمريكا وأوروبا أو الجدل الذي ثار حينها حول خطط لبناء مسجد مجاور للموقع المعروف باسم "جراوند زيرو" حيث كان يرتفع برجا مركز التجارة العالمي قبل أن ينهارا إثر هجمات 11 سبتمبر, إلا أن هذا لا ينفي أن هناك مؤامرة يتم تنفيذها بخطوات مدروسة من قبل اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد لإثارة فزع الأمريكيين من الإسلام . ففي 29 يوليو 2011, كشفت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن كبريات المدن بالولاياتالمتحدة تشهد حملة دعائية معادية للإسلام تتخذ من حافلات المواصلات العامة وسيلة للترويج لأفكارها وإذكاء جدل حول مكانة الإسلام في المجتمع الأمريكي. وأضافت الصحيفة أن جماعة تطلق على نفسها اسم "أوقفوا أسلمة أمريكا" بدأت بإلصاق إعلانات دعائية في حافلات نقل الركاب العامة في المدن الكبرى تحث فيها المسلمين على الردة عن دينهم . ومن الشعارات التي تحملها الملصقات الدعائية في الحافلات وتدعو المسلمين للارتداد عن دينهم، "هل أنت مستعد لتحمل فتوى ضدك؟" و"هل أسرتك أو جماعتك تهددك؟" و"هل تركت الإسلام؟" . والخلاصة أن اليمين المسيحي المتطرف المتحالف مع اللوبي الصهيوني لن يتوانى عن استغلال فرصة الانتخابات الرئاسية الأمريكية للترويج أكثر وأكثر لظاهرة الخوف من الإسلام أو "الإسلاموفوبيا".