الدولار الأمريكي يترنح ل أدنى مستوى اليوم الخميس 14-8-2025 عالميًا.. وانتعاش العملات الأجنبية الأخرى    500 مليون جنيه لتمويل المشروعات متناهية الصغر بالمحافظات    إدانة سعودية لتصريحات نتنياهو بشأن إسرائيل الكبرى    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    شقيقة زعيم كوريا الشمالية تنفي إزالة مكبرات الصوت على الحدود وتنتقد آمال سيول باستئناف الحوار    سموتريتش يعطى الضوء الأخضر لبناء 3400 وحدة استيطانية    ياسين السقا يروي كواليس لقائه الأول مع محمد صلاح وأول تواصل بينهم    أروى جودة تطلب الدعاء لابن شقيقتها بعد تعرضه لحادث سير خطير    الأحزاب السياسية تواصل استعداداتها لانتخابات «النواب» خلال أسابيع    ترامب: الجيش الأمريكي "سيحرر" واشنطن    اشتعال مئات المركبات بسبب انتشار أكثر من 100 حريق في غابات اليونان (صور وفيديو)    باريس سان جيرمان بطلًا ل كأس السوبر الأوروبي على حساب توتنهام بركلات الترجيح    موعد مباراة مصر والسنغال والقنوات الناقلة مباشر في بطولة أفريقيا لكرة السلة    «زيزو اللي بدأ.. وجمهور الزمالك مخرجش عن النص».. تعليق ناري من جمال عبد الحميد على الهتافات ضد نجم الأهلي    موعد مباراة بيراميدز والإسماعيلي اليوم والقنوات الناقلة في الدوري المصري    درجة الحرارة تصل ل49.. حالة الطقس اليوم وغدًا وموعد انتهاء الموجة الحارة    أزمة نفسية تدفع فتاة لإنهاء حياتها بحبة الغلة في العياط    الاَن.. رابط تقليل الاغتراب 2025 لطلاب تنسيق المرحلة الأولى والثانية (الشروط وطرق التحويل بين الكليات)    أسعار الفراخ اليوم الخميس 14-8-2025 بعد الهبوط الجديد وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    بعد إحالة بدرية طلبة للتحقيق.. ماجدة موريس تطالب بلجنة قانونية داخل «المهن التمثيلية» لضبط الفن المصري    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    الصين تفتتح أول مستشفى بالذكاء الاصطناعي.. هل سينتهي دور الأطباء؟ (جمال شعبان يجيب)    العدوى قد تبدأ بحُمى وصداع.. أسباب وأعراض «الليستيريا» بعد وفاة شخصين وإصابة 21 في فرنسا    توب وشنطة يد ب"نص مليون جنيه"، سعر إطلالة إليسا الخيالية بمطار القاهرة قبل حفل الساحل (صور)    أصيب بغيبوبة سكر.. وفاة شخص أثناء رقصه داخل حفل زفاف عروسين في قنا    كمال درويش: لست الرئيس الأفضل في تاريخ الزمالك.. وكنت أول متخصص يقود النادي    لحق بوالده، وفاة نجل مدير مكتب الأمن الصناعي بالعدوة في حادث صحراوي المنيا    بالقليوبية| سقوط المعلمة «صباح» في فخ «الآيس»    بأكياس الدقيق، إسرائيليون يقتحمون مطار بن جوريون لوقف حرب غزة (فيديو)    "سيدير مباراة فاركو".. أرقام الأهلي في حضور الصافرة التحكيمية لمحمد معروف    انطلاق بطولتي العالم للشباب والعربية الأولى للخماسي الحديث من الإسكندرية    تفاصيل استقبال وكيل صحة الدقهلية لأعضاء وحدة الحد من القيصريات    تحذير بسبب إهمال صحتك.. حظ برج الدلو اليوم 14 أغسطس    محافظ قنا ووزير البترول يبحثان فرص الاستثمار التعديني بالمحافظة    محمد سعيد يكتب: «خدامين» الاحتلال    وداعًا لرسوم ال 1%.. «فودافون كاش» تخفض وتثبت رسوم السحب النقدي    سعد لمجرد يحيي حفلًا ضخمًا في عمان بعد غياب 10 سنوات    محافظ الغربية يعلن حصول مركز طب أسرة شوبر على شهادة «جهار»    طريقة عمل كفتة داود باشا أكلة لذيذة وسريعة التحضير    تحديد هوية المتهمين بمضايقة فتاة على طريق الواحات.. ومأمورية خاصة لضبطهم (تفاصيل)    انتهاء تصوير «السادة الأفاضل» تمهيدًا لطرحه في دور العرض    القمر الدموي.. موعد الخسوف الكلي للقمر 2025 (التفاصيل وأماكن رؤيته)    المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني تحت شعار "صوت الإنسانية"    الجامعة البريطانية في مصر تستقبل الملحق الثقافي والأكاديمي بالسفارة الليبية لتعزيز التعاون المشترك    الاختبار الأخير قبل مونديال الشباب.. موعد المواجهة الثانية بين مصر والمغرب    شيخ الأزهر يدعو لوضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشعوب بالقضية الفلسطينية    البحيرة: ضبط المتهمين بقتل شخصين أخذا بالثأر في الدلنجات    تداول طلب منسوب ل برلمانية بقنا بترخيص ملهى ليلي.. والنائبة تنفي    ما قبل مجازر (الفض).. شهادات لأحياء عن "مبادرة" محمد حسان والمصالحة مع "الإخوان"    أحمد صبور: تحديات متعددة تواجه السوق العقارية.. ومصر قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية    د.حماد عبدالله يكتب: دور الدولة المتعدد فى الإقتصاد الحر !!    في ذكراها ال12 .. "الإخوان": أصحاب رابعة العزة، "قدّموا التضحيات رخيصة؛ حسبةً لله وابتغاء مرضاته وحفاظًا على أوطانهم    حنان شومان: "كتالوج تناول نادر لفقد الزوج زوجته.. وأجاد في التعبير عن مشاعر دقيقة"    متحدث الحكومة: لجان حصر مناطق "الإيجار القديم" تُنهي مهامها خلال 3 أشهر    زوجي رافض الإنجاب مني لأن لديه أبناء من زوجته الأولى.. فما الحكم؟.. وأمين الفتوى ينصح    ما حكم من يحث غيره على الصلاة ولا يصلي؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي يوضح أنواع الغيب    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كِتَابٌ جَدِيدٌ لِلْبَاحِثِ ٱلْأَلْمَانِيَّ فُولْكَرَ پِيرْتِيسَ عَنِ ٱلثَّوْرَاتِ ٱلْعَرَبِيَّةِ
الْانْتِفَاضَةُ، الثَّوْرَةُ الْعَرَبِيَّةُ وَتَوَابِعُهَا "1"
نشر في الوفد يوم 08 - 04 - 2012

نحن في حاجة إلى الاستنارة برؤية الآخرين نحونا، حيث يعدّون بمثابة مرآة لنا، ومن المبالغة أن ندّعي أننا نعلم كل شيئ عن دواخلنا، فهناك من يرى الحقيقة أيضاً ولو من زاوية أخرى وخاصة من الغربيين الذين يرجون أن بكون العالم العربي عضوا فاعلا بعالمنا الذي نعيش فيه
،ومن هؤلاء "فُولْكَرُ پيرتيس" الباحث الألماني الذي أدهشته الثورات العربية التي أُطلق عليها "ثورات الربيع العربي" وإن كان توقّع حدوثها لما يعيشه العرب من ضغوط وأزمات أسهمت الحكومات العربية ذات النظم الشمولية الديكتاتورية في انفجار الثورات في وجهها ، وإن كانت الثورات للآن لم تحقق أهدافها لتغوّل هذه النظم وامتدادها في مفاصل الدول مما أوجد حالة من السخط العام لدى الشعوب العربية والرغبة في استمرار الثورات حتى تتحقق الحرية المنشودة .. وهذه قراءة مسهبة يقدمها الباحث البروفيسور ثابت عيد لكتاب "فُولْكَرُ پيرتيس"( الْانْتِفَاضَةُ، الثَّوْرَةُ الْعَرَبِيَّةُ وَتَوَابِعُهَا)[1]
مُقَدِّمَةٌ
وُلِدَ فُولْكَرُ پيرتيس سنة 1958م، وَدَرَسَ في دويسبورج، وبيروت، وميونخ، وبرلين، قَبْلَ أَنْ يتخصّصَ في شؤونِ الشّرقِ الأوسطِ والأدنى. وَيعملُ حَاليًّا مُديرًا ل «وَقْفِ العِلْمِ وَالسّيَاسَةِ» في برلين. لَهُ مؤلّفاتٌ كَثِيرَةٌ عَنِ الشّرقِ الأوسطِ، ظَهَرَ منها سنة 2007م: «نزهات شرقيّة» في دار «بانتيون»
يتكوّنُ الكتابُ مِنْ مقدّمة (ص7-11)، وَأَرْبَعَةِ فُصُولٍ: 1- لِمَاذَا الآنَ فَقَطْ؟ (ص13-35)، 2- ״الشّعبُ يُريدُ إسقاطَ النّظامِ״ (ص37-160)، 3- آفاقُ التّغييرِ (ص161-199)، 4- آثارٌ تتجاوزُ العالمَ العربيَّ (ص201-215.)
يقولُ فولكر پيرتيس في مقدّمة كتابه:" إنّ ثوراتِ العرب بدأتْ بحدثٍ محلّيٍّ في دولةٍ عربيّةٍ صغيرةٍ، هِيَ تونس، ثُمّ تحوّلَ الحدثُ المحلّيُّ إِلَى حَدثٍ إقليميٍّ- دوليٍّ وَأَصبحَ لتونسَ الصّغيرةِ تأثيرٌ كبيرٌ في سَائرِ الشُّعُوبِ العربيّةِ.
غَادَرَ الرّئيسُ التّونسيّ بن عليّ تونسَ إلى السّعوديّةِ في 14 يناير 2011م. وَبَعْدَ وصولِهِ إلى منفاه بأيّامٍ قليلةٍ اندلعتْ مظاهراتُ المصريّينَ في ميدانِ التّحريرِ، حَيثُ تظاهرَ عشراتُ الآلاف مِنَ المصريّينَ ضدّ الرّئيس المصريّ حسني مبارك. أسقطَ المصريّونَ رئيسَهم في أقلّ من ثلاثةِ أسابيعَ. عِندئذٍ أدركَ الجميعُ أَنَّ ثورةَ تونسَ لنْ تتركَ بلدًا عربيًّا واحدًا من المحيطِ إلى الخليجِ بدونِ أن تُؤَثِّرَ فيه.
تستلهمُ الشّعوبُ العربيّة التّجاربَ والنّجاحاتِ مِنْ بعضها البعض، خَاصّةً أنّها جميعًا تشتركُ في المعاناةِ مِنَ الظّروفِ السّيّئةِ، وَتُطَالِبُ بالتّغييرِ. برغم هذا اتّخذتِ تطوّراتُ الأحداثِ في كُلِّ بلدٍ عربيٍّ مَسَارًا مختلفًا، بالطّبع هناكَ اختلافاتٌ جوهريّةٌ بينَ الأنظمةِ العربيّةِ مِنْ حَيْثُ الدّخلِ القوميِّ، والمصداقيّة، والشّرعيّة. وَلَكِنْ هُنَاكَ أيضًا فُرُوقٌ بينَ الأنظمةِ السّياسيّةِ والتّجارب التّاريخيّةِ والتّطوّرات المؤسّساتيّة بينَ الدّولِ العربيّةِ
. وهذا يؤدّي بدوره إلى اختلافاتٍ في الحركاتِ المعارضةِ مِنْ حيث مكوّناتها، وكون المعارضة تُعبّرُ عن نفسها بطرقٍ متباينةٍ، كَمَا أنّ الأنظمةَ العربيّةَ تتعاملُ مَعَ هذه الحركاتِ الاجتماعيّةِ بِأَسَالِيبَ مختلفةٍ. يَجِبُ فهمُ انتفاضةِ النّاسِ في العالمِ العربيِّ على أنّها حدثٌ تاريخيّ كبيرٌ، حدثٌ يمكنُ مقارنته مِنْ حيثُ الأهمّيّة بمَا حَدَثَ في وَسَطِ أوروبّا وشرقها من تحوّلاتٍ سنةَ 1989م.
فَهَذِهِ الانتفاضةُ قَدْ أثّرتْ في جميعِ الدّولِ العربيّة، لكنّها لم تنتهِ بعدُ. وسوفَ يكونُ التّحوّلُ في البلدانِ العربيّةِ أَكْثَرَ صعوبةً ودمويّةً وأطولَ زمنًا مِمَّا حَدَثَ في أُوروبّا الشّرقيّةِ مِنْ تَحَوُّلَاتٍ. وَلَنْ تكونَ النّتائجُ واحدةً أَوْ متساويةً في جميعِ أنحاءِ العالمِ العربيِّ، حَتَّى وَإِنْ كانتِ الشّعوبُ العربيّةُ قد شعرت بعدَ اندلاعِ الثّوراتِ بمزيدٍ من التّقاربِ فيما بينها.
انتفاضةُ العربِ سنة 2011م مَا هِيَ إِلَّا بدايةً لإعادةِ تشكيلِ المنطقةِ العربيّةِ من جديدٍ.أشارَالمراقبونَ إلى سهولةِ إسقاطِ الدّيكتاتوريّاتِ[2]، وصعوبةِ تشييدِ الدّيمقراطيّاتِ[3]. حَتَّى الانتهاء من كتابة هذا الكتاب، في صيف 2011م، نجحتِ الانتفاضةُ العربيّةُ في إحداثِ تغييرٍ في نظامِ الحكمِ في ثلاثِ دولٍ عربيّةٍ: تونس، مصر، ليبيا. مهمّة تشييدِ أنظمة ديمقراطيّة حديثة في الشّرق الأوسط والأدنى ستحتاجُ إِلَى عقدٍ مِنَ الزّمانِ أو أكثرَ،وهذا سَيُمَثِّلُ بدوره تحدّيًا لأوروبّا الّتي لا تستطيعُ تحديدَ مسارِ الأحداثِ في المنطقة العربيّة، لكن سيكونُ بوسعها التّأثيرُ في هِذِهِ الأحداثِ.
ويشيرُ پيرتيس إلى أهمّيّةِ فهمِ ما يحدثُ الآنَ في المنطقةِ العربيّةِ من أحداثٍ، وما يمكنُ أن ينشأ عن هذه الأحداثِ من تطوّراتٍ، وبرغم كون إسرائيلَ[4] وإيران جزءًا مِنَ الشّرق الأوسط، إِلَّا أنّ الكاتب استبعدهما من كتابه، لكونهما ليستا من الدّول العربيّة. فكتابه يركّز في المقام الأوّل على الدّول العربيّة، مع الإشارة إلى دول الجوار من حينٍ إلى آخرَ. بل يشير الكاتب إلى أنّ الدّولَ العربيّةَ من الخليجِ إلى المحيطِ لا تتمتّعُ بالأهمّيّة نفسها من حيثُ التّأثير في السّياسة الإقليميّة ومجرى الثّورات العربيّة الّتي اندلعتْ شرارتها سنة 2011م. سيكونُ التّركيزُ إذًا على تلك الدّول الّتي وصلت إليها حُمَّى الثّوراتِ العربيّةِ. أمَّا المصطلحاتُ المستخدمةُ لوصفِ هذه التّطوّرات، فيشيرُ فُولْكَرُ پيرتيس إلى أنّه سيستخدمُ المصطلحاتِ المتداولةَ نفسَها بينَ الأطرافِ العربيّةِ والمراقبينَ في المنطقةِ، أيِ: «انتفاضة»، «ثورة»، «الرّبيع العربيّ». هذا مَعَ الإشارة إلى اعتبار الكاتبِ لفظَ «ربيع»: متفائلًا، وجميلًا، وفيه مبالغة أيضًا. وهو لذلك يُفضِّلُ استخدام لفظ «انتفاضة»! [5]
ويُشيرُ فُولْكَرُ پيرتيس إِلَى أنّه يفتتحُ كتابَهُ باستعراضِ الخلفيّاتِ السّياسيّةِ الّتي أدّتْ إِلَى اندلاعِ الثّوراتِ العربيّةِ، ثُمّ ينتقلُ بعدَ ذلكَ إلى الدّولِ العربيّةِ الّتي وصلتْ إليها شرارة الثّورة، وأنّه يسعى إلى إظهارِ المشتركِ بينَ الدّول العربيّة مِنْ خلالِ عَقدِ مقارنةٍ بينَ المجرياتِ المختلفةِ نسبيًّا للأحداثِ في شتّى الدّولِ العربيّةِ. وقدْ خصّ فُولْكَرُ پيرتيسُ مَا حدثَ في مصرَ، نظرًا لأهمّيّة دورهَا في العَالَم العربيّ، باهتمامٍ خَاصٍّ. في الفصلِ الثّالثِ يسعى فُولْكَرُ پيرتيس إلى وضع سيناريو لما يمكنُ أن يحدثَ في المنطقةِ العربيّةِ. وَفِي ختامِ الكتابِ يستعرضُ فُولْكَرُ پيرتيس الدّورَ الّذي يمكنُ لأوروبّا وَالمجتمعِ الدّوليّ القيام به مِنْ أجلِ إعادةِ تشكيلِ منطقةِ الشّرقِ الأوسطِ.
ويقولُ پيرتيس إنّه يستعرضُ في كتابه الوجيزِ هذا، عن قصدٍ، ما يدور من أحداث راهنة في منطقة الشّرق الأوسط. أمّا القارئُ الرّاغبُ في الاستزادةِ، فَلَابُدَّ أن يعودَ إلى كتبٍ ومراجعَ أخرى. فهذا الكتابُ هُوَ «لقطةٌ سريعةٌ» لما يحدث في المنطقة العربيّة الآن. أَمَّا كتابةُ تاريخٍ شاملٍ لهذه الثّورات المندلعة في البلدان العربيّة الآن، فمازال الوقتُ مبكّرًا لإنجازها في الوقتِ الحالي. أنهى فُولْكَرُ پيرتيس كتابَهُ في صيف 2011م. ثُمّ زوّده ببعض المستجداتِ أثناءَ مراجعتِه وتنقيحِه، قبلَ أن يظهرَ في نوفمبر 2011م.
مِنْ أَسْبَابِ انْدِلَاعِ الثَّورَاتِ العَرَبِيَّةِ
يتساءلُ فُولْكَرُ پيرتيس عَنْ سَبَبِ اندلاع الثّوراتِ العربيّةِ في هَذَا التّوقيتِ بالذّاتِ، وليس مِنْ قبلُ أَوْ مِنْ بَعْدُ. وَهُوَ يشيرُ إلى وجودِ وجهتي نظرٍ مختلفتينِ كلّيّةً. الأولى كَانَ أصحابها يؤكّدونَ أنّ منطقةَ الشّرق الأوسط لن يحدثَ فيها أيُّ تغييراتٍ جوهريّةٍ على المدى البعيد الْبَتَّةَ، والثّانية يرى أصحابها أنّ هذه المنطقةَ لا يمكنُ أن تستمرَّ عَلَى مَا هِيَ عليه هَكَذَا إِلَى الأبدِ. ثُمّ يُحدّدُ فُولْكَرُ پيرتيسُ موقفه تجاهَ وجهتي النّظر هَاتينِ، فيقولُ إنّ الباحثَ المتابعَ للأوضاعِ في منطقةِ الشّرقِ الأوسطِ عَنْ كثبٍ، والمطّلعَ عَلَى تقاريرِ التّنميةِ البشريّةِ العربيّةِ الصّادرةِ عَنِ الأمم المتّحدة: “Arab Human Development Report“، رُبَّمَا يكونُ قَدْ فُوجِئَ بتوقيتِ اندلاعِِ الثّوراتِ العربيّةِ، دُونَ أَنْ تكونَ ضغوطُ التْغييرِ الهائلةِ مفاجئةً لَهُ. وَقَدْ تنبّأ فُولْكَرُ پيرتيس - مِثْلُ كثيرٍ مِنَ الباحثينَ والمراقبينَ - بأنّ المنطقةَ ستشهدُ تغييرًا مَا، حيثُ حذّر سنة 2002م في كتابه: «الحدائق الخفية. العالم العربيّ الجديد» “Geheime Gärten. Die neue arabische Welt“ مِنْ إِمْكَانِيَّةِ اندلاعِ انتفاضةٍ عربيّةٍ، إِذَا استمرّ الحكّامُ العربُ في قمعِ شعوبهم. وفي سنة 2006م نَشَرَ فُولْكَرُ پيرتيس كِتَابَهُ «نزهات شرقيّة» “Orientalische Promenaden“ مُسَجِّلًا فيه ملاحظاته عن بلدان المنطقة العربيّة في ساعات ما قبل العاصفة. يستشهدُ فُولْكَرُ پيرتيس بأحد أساتذة العلومِ السّياسيّةِ في الإماراتِ العربيّةِ المتّحدةِ الّذِي قَالَ لَهُ، بَعْدَ إسقاطِ طاغيةِ مصرَ، إِنَّ المفاجأةَ بالنّسبةِ له لَمْ تكن في ثوراتِ 2011م - الّتي اندلعتْ بعدَ عقودٍ مِنَ الإحباطِ، والإذلالِ، واستبدادِ الحزبِ الواحدِ، والفردِ الواحدِ، بَلْ في أنّ هَذِهِ الثّوراتِ لم تندلعْ قبلَ ذَلِكَ بوقتٍ طَويلٍ. فالقاسمُ المشتركُ بَيْنَ دولِ العالمِ العربيّ تمثّلُ في قياداتٍ حكوميّةٍ سيئةٍ، وانتهاكاتٍ فظيعةٍ لحقوقِ الإنسانِ، وَازدراءٍ لكرامةِ الإنسانِ، وَفسادٍ بالغٍ، وَعَدَمِ المساواةِ، وَهضمِ حُقُوقِ النّساءِ والشّبابِ، وَاستبدادٍ شامِلٍ.
الْاسْتِقْرَارُ الزَّائِفُ
يَقُولُ فُولْكَرُ پيرتيس إِنَّ هُنَاكَ أوجهَ تشابهٍ كثيرةً بينَ البلدانِ العربيّةِ، وَمَعَ ذلكَ فهناكَ أيضًا أوجهُ اختلافٍ كثيرةٌ بينَهَا فِيمَا يَخُصُّ الأنظمةَ السّياسيّةَ، والظّروفَ الاجتماعيّةَ-الاقتصاديّةَ. فهناكَ مَثَلًا النّظامُ الملكيُّ المحافظُ الموجودُ في منطقةِ الخليجِ العربيّ الّذي يقوم على العائلات المالكة هناك، ويكاد يكون بدون مراقبة أو مشاركة في السّلطة. ولدينا نظام ملكيّ ليبراليّ في الأردن والمغرب. وهناك جمهوريّات محكومة بالاستبداد والدّيكتاتوريّة مثل سوريا وليبيا وتونس حتّى سقوط بن علي سنة 2011م. وهناك أنظمة تقوم على التّعدّدية، لكنّها ظلّت استبداديّة إلى حدٍّ بعيد، مثل مصرَ مبارك، والجزائر، واليمن. وهناك ديمقراطيّة شكليّة مثل العراق، وديمقراطيّة ضعيفة مثلما هو الحال في لبنان أو السّلطة الفلسطينيّة.
اقتصاديًّا يختلفُ متوسّطُ دخلِ الفردِ فِي الدّولِ العربيّةِ اختلافًا كبيرًا. فَلَدَيْنَا دولٌ فقيرةٌ مثلُ اليمنِ، والسّودانِ مَازالَ متوسطُ دخلِ الفردِ فيها أقلَّ مِنْ 2500 دولار سنويًّا. وَهُنَاكَ المغربُ، وسوريا، والأردنُ، وَمِصْرُ والجزائرُ، وتونسُ، الّتي يتراوحُ متوسطُ دَخلِ الفردِ فيها بَيْنَ 4500-8500 دولار سنويًّا. ثُمّ تأتي لبنان، وليبيا، والسّعوديّةُ، وعمان، والبحرين، بمستوى دول وسط أوروبّا، حيثُ يتراوحُ متوسطُ دخلِ الفردِ هُنَاكَ بينَ 13000 دولار و25000 دولار سنويًّا. وَبَعْدَ ذَلِكَ تأتي الكويت، والإمارات العربيّة المتّحدة وقطر، الّتي تنتمي إلى الدّولِ الأكثرِ دَخلًا في العالمِ بالنّسبةِ إلى مَا يَحصلُ عَليه الفردُ الواحدُ. المشتركُ بينَ كُلِّ هَذِهِ البلدانِ العربيّةِ هُوَ عَدَمُ المساواةِ في توزيعِ الدّخلِ بين الأفرادِ. تشيرُ الإحصائياتُ إلى زيادةٍ كبيرةٍ في الفجوة بَيْنَ الفقراءِ والأغنياءِ مُنْذُ بداية القرنِ الحَادي وَالعشرينَ. وبرغمِ ثروةِ البترولِ الموزّعةِ بصورةٍ غير متساويةٍ بينَ الدّولِ العربيّةِ، يعيشُ نحوَ 40٪ مِنْ مَجْمُوعِ الشّعوب العربيّة تحتَ خَطِّ الفقرِ. أَمَّا الفسادُ، فَقَدِ استشرى في كُلِّ صَوبٍ وَحَدبٍ خاصّةً في دوائرِ صنع القرار. وفي قائمة دول العالمِ الأكثر فسادًا الّتي تصدرها «منظمة الشّفافيّة الدّوليّة» Transparency International احتلّتِ الدّولُ العربيّةُ مراتبَ متقدّمةً جدًّا في الفسادِ. يبدأُ المؤشّرُ بصفر، وهو تصنيف يعني: «فاسد جِدًّا»، وينتهي بدرجة عشرة الّتي تعني: «نظيف مِنَ الْفَسَادِ». حَصَلَتْ قطر والإمارات العربيّة المتّحدة على 6 من 10. وحصلتِ الكويتُ والأردن والسّعوديّةُ وعمان وتونس على درجة من 4 إلى 6 من عشرة، وسائر الدّول العربيّة على أقلّ من 4 من عشرة، بَلْ إنّ السّودان والعراق لم تَحصلا إلّا عَلَى أقلّ من 2 من عشرة. أَمَّا بالنّسبة إلى الْحُرِّيَّاتِ، فَقَدِ اعتادتْ مُنظّمةُ «فريدوم هاوس» الأمريكيّة على تصنيف الدّولِ العربيّةِ ضمنَ «الدّول الأقلّ حرّيّة في العالم». وذلكَ باستثناءِ الكويتِ ولبنان والمغرب الّتي صُنّفت عَلَى أَنَّهَا «تتمتّعُ بحرّيّةٍ جزئيّةٍ» فِي الْوَقْتِ الّذي اعتُبرتْ فيه سائر الدّولِ العربيّةِ سنة 2010م «غير حرّة». والمعارضة السّياسيّة لا يُسْمَحُ لَهَا بالعملِ إلّا في حدودٍ ضيّقةٍ، ولم تجد «منظّمة العفو الدّوليّة» إِلَّا عَدَدًا قليلًا مِنَ الدّولِ العربيّةِ بدونِ معتقلينَ سياسيّينَ. والحقيقةُ هِيَ أَنَّنَا لا نجدُ دولةً عربيّةً واحدةً مِنَ المحيطِ إلى الخليجِ تتمتّعُ بنظامٍ ديمقراطيٍّ ليبراليٍّ وطيدٍ. أَمَّا الانتخاباتُ، فقد تعوّدنا على تزويرها في مصرَ وسوريا وتونس واليمنِ. والبرلمانات العربيّة تكادُ تكونُ بِلَا أيِّ صلاحيّاتٍ
.
[1] الْمُؤَلِّفُ: فُولْكَرُ پِيرْتِيسَ الْانْتِفَاضَةُ، الثَّوْرَةُ الْعَرَبِيَّةُ وَتَوَابِعُهَا
دَارُ النَّشْرِ: بَانْتِيُون، مِيُونِخُ (التَّابِعَةُ لِمَجْمُوعَةِ رَانْدُوم هَاوِسِ الْأَلْمَانِيَّةِ) تَارِيخُ النّشرِ: نُوفَمْبِرَ 2011م الطَّبْعَةُ: الْأُولَى عَدَدُ الصَّفحَاتِ: 224
Autor: Volker Perthes
Titel: Der Aufstand, Die arabische Revolution und ihre Folgen
Verlag: Pantheon, München (Random House GmbH)
November 2011
Erste Auflage
224 Seiten
[2] للأسف هذا يحدث بالفعل لأن الأنظمة الفاسدة تغلغلت في كل مفاصل الدول لمحاولة استنساخ النظم البائدة كما في الحالة المصرية فلازالت رموز الشر في أماكنها ، اضطربت قليلا ، ولكن سرعان ما حدث لها فواق لتواصل الفساد.
[3] من الممكن التوافق على النظام الديمقراطي نظريا ولكن من الصعب الممارسة، لأن الديمقراطية حين تأتي بالإسلاميين تنقلب الأنظمة كما حدث في الجزائر ضد جبهة الإنقاذ ، أو تحيك لهم القلاقلكما يحدث في مصر الآن، وقد أدركت الأوساط السياسية الغربية رغبة الإسلاميين في الممارسة الديمقراطية الصحيحة http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=552598
التايم: الإسلاميون أثبتوا أنهم يفهمون الديمقراطية أفضل من الليبراليين خبر عن التايم نقلته اليوم السابع . http://www.time.com/time/magazine/article/0,9171,2101903,00.html Why Islamists Are Better Democrats By Bobby Ghosh Monday, Dec. 19, 2011/
[4] داخل الكيان الصهيوني رأينا تظاهرات حاشدة تطالب النظام بالرحيل אנשים רצו להפיל את המשטר الشعب يريد اسقاط النظام حسب ما أوردت قناة اسرائيل الثانية : المتظاهرون فى تل الربيع قرروا الاعتصام حتى اسقاط النظام ، حتى أفردت الصحف الناطقة بالعبرية صفحات لتأثير أحداث مصر على الداخل الإسرائيلي .
[5] الانتفاضة Uprising مصطلح ارتبط بالشعب الفلسطيني حين قام بحركته المقاومة 8 ديسمبر كانون الأول 1987 ضد الاحتلال، ثم برز مع الثورات عامة والعربية 2010 خاصة والمصطلح الآن في الأدبيات العربية فانتقل من الحب إلى الحرب وإن أتى كثيرا في انتفاضة القلب .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.