د.امنة نصير لم يقف هذا التيار عند حد استغلال المتشابه من النصوص وترك المحكم، بل استغلوا أحاديث صحيحة ووضعوها فى غير موضعها، واستغلالها ضد المرأة بصورة تشوه مكانة المرأة فى الإسلام وإنصافه لها، مثال ذلك: «لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»، رغم أن «لو» تؤكد على الامتناع، إلا أن الحديث أخذ مدلولاً نفسياً آخر، وانعكس ذلك فى نظرة الرجل للمرأة بصورة تخالف مدلول الحديث وحقيقة سياقه. كذلك الحديث الصحيح: «ناقصات عقلاً وديناً» ونص الحديث كما ورد فى الصحيحين: «ما رأيت من ناقصات عقلاً وديناً أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن». إن هذا الحديث أخذ اهتماماً بالغاً فى تفسيره من قبل العلماء القدامى والمعاصرين، أسوق خلاصة هذه الآراء: إن النص يحتاج إلى دراسة وتأمل، سواء من ناحية المناسبة التى قيل فيها أو من ناحية من وجه إليه الخطاب، أو من حيث الصياغة التى صيغ بها الخطاب حتى يتبين دلالته على معالم شخصية المرأة. فمن ناحية المناسبة فقد قيل النص من خلال عظة للنساء فى يوم عيد، فهل نتوقع من الرسول الكريم صاحب الخلق العظيم أن يغض من شأن النساء أو يحط من كرمتهم فى هذه المناسبة البهيجة؟ فى يوم عيد. ومن ناحية من وجه إليه الخطاب فقد كن جماعة من نساء المدينة وأغلبهن من الأنصار اللاتى قال فيهن عمر بن الخطاب: «فلما قدمن المدينة إذا قوم تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يأخذن من أدب الأنصار»، وهذا يفسر لنا ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما رأيت أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن». أما من ناحية صياغة النص فليست صيغة تقرير قاعدة عامة أو حكماً عاماً، وإنما هى أقرب إلى التعبير عن تعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم من التناقض القائم فى ظاهرة تغلب النساء - وفيهن ضعف - على الرجال ذوى الحزم - أى التعجب من حكمة الله: كيف وضع القوة حيث مظنة الضعف وأخرج الضعف من مظنة القوة؟! ومن الجدير بالذكر أن قوله: «ناقصات عقلاً وديناً» جاء مرة واحدة، وفى مجال إثارة لغطة خاصة بالنساء لم تأت قط مستقلة فى صيغة تقريرية سواء أمام النساء أم أمام الرجال. علم عزيزى الرجل؟!