محمد صلاح الدين إنها السيدة الشريفة الكريمة الحسيبة النسيبة أم هاشم كما يسميها جيرانها أهل مكة، فهى السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصى يجمعها مع رسول الله النسب فى جده قصى من جهة أبيها. ولدت قبل عام الفيل ب15 عاماً، فهى السيدة التى أكرمها الله وكرمها لتكون بجوار سيدنا محمد. إنها اختيار الله فكانت زوج خاتم النبيين وأم المؤمنين وأم الذرية الطاهرة، فأبوها خويلد بن أسد وأمها فاطمة بنت زائدة وجدتها هى هالة بنت مناف. وكانت خديجة قد رأت فى منامها: أن شمساً عظيمة مضيئة أشد ما يكون الضوء جمالاً وجلالاً لا تهبط من سماء مكة فيغمر ضوؤها فقصت تلك الرؤيا على ابن عمها ورقة بن نوفل وكان من أهل العلم والحكمة وكان دارساً للتوراة والإنجيل فاستبشر ورقة قائلاً: لك البشرى يا خديجة يا ابنة العم فهذه الشمس المضيئة علامة على قرب ظهور النبى الذى أطل زمانه ودخولها دارك دليل على أنك أنت التى ستتزوجين منه. وبعد زواجها من الرسول أعانته على العبادة فى خلوته بغار حراء وكانت عظيمة حقاً فى ثباتها وتثبيتها له حين جاءها واجف الفؤاد مضطرب القلب، قائلاً: «زملونى زملونى» وكانت عظيمة حقاً حين كانت أول من استجاب بالإيمان فى هذه الأمة وانحازت معه إلى شعب أبى طالب وقت الحصار الذى فرضته قريش. وقد عاشت معه 25 عاماً 15 قبل البعثة وعشرة بعدها كلها بمكة ولم يتزوج عليها أحدا وهى أم أولاده إلا إبراهيم من السيدة مارية القبطية ومات صغيراً. من البنين والبنات وهم «القاسم وعبدالله ولقبا بالطاهر والطيب ثم ماتا أطفالاً زينت ورقية وأم كلثوم وفاطمة عليهم جميعاً الصلاة والسلام. وكان لحصار قريش للرسول وأهله وصحابته أثره على صحة السيدة خديجة فلم تعش بعد فك الحصار أكثر من ثلاثة أيام وفى هذه الأيام الأخيرة قالت لابنتها أم كلثوم «ليت الأجل يمهلنى حتى تنجلى المحنة فأموت قريرة العين راضية، ثم أسبلت عينيها وهمست: اللهم إنى لا أحصى ثناء عليك اللهم إنى لا أكره لقاءك ولكنى أطمع فى مزيد من التضحية لأكون جديرة بما أنعمت على ثم صعدت روحها الطاهرة إلى بارئها وكان ذلك فى العاشر من رمضان السنة العاشرة من البعثة فدفنت بمكة فى أرض الحجون. فأثر هذا الزواج الكريم بأجل نسل فكانوا ذرية بعضها من بعض وكانوا بعد ذلك فروعاً طاهرة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفروعها فى السماء - رضى الله عنهم جميعاً.