تحقيق - أمانى زايد: - اشراف : نادية صبحى الفيروس يصل إلى المخ.. وأعراض السعار تظهر على الأسنان المصل شديد التكلفة.. وجمعيات الرفق بالحيوان ترفض إعدام الكلاب صرخات الصغار واستغاثات الكبار تخرج يومياً من كل شارع فى القاهرة الكبرى، وباقى المدن والريف، تطالب المسئولين بإنقاذهم من الكلاب الضالة التى تهدد حياتهم وتعقر صغارهم. فقد تحولت الشوارع والخرابات إلى مأوى للكلاب التى تفرض سيطرتها على المارة وترهبهم بالنباح المتواصل ليلاً نهاراً. فرغم صدور التقارير المفزعة عن أعداد الكلاب والتى قدرت بنحو 15 مليون كلب فى الشوارع، وعدد حالات العقر التى وصلت إلى 430 ألف حالة خلال عام.. لم يتحرك أحد لمواجهة الأمر. وفى الوقت الذى ترفض فيه جمعيات الرفق بالحيوان الأساليب القديمة للتخلص من الكلاب، لم تضع الحلول التى يتم التعامل بها والحد من انتشارها، لتظل أزمة الكلاب الضالة قائمة، ويقف المسئولون عاجزين عن اتخاذ أية إجراءات من شأنها أن تثير غضب جمعيات الرفق بالحيوان. تشير البيانات إلى أن عام 2017 شهد 430 ألف حالة عقر من الحيوانات الضالة، منها 59 حالة وفاة. وجاءت محافظاتالبحيرةوالقاهرة والشرقية والجيزة من أكثر المحافظات التى تشهد انتشاراً للكلاب الضالة. وأكد تقرير صادر عن هيئة الخدمات البيطرية بوزارة الزراعة، نهاية العام الماضى، أن أعداد الكلاب تقدر بنحو 15 مليون كلب ضال، وتتفوق فى أعدادها على أعداد الثروة الحيوانية التى لا تتجاوز 12 مليون رأس من الأبقار. وطالب التقرير أعضاء مجلس النواب بضرورة البحث عن طرق لمواجهة تلك الظاهرة بطرق آدمية تتوافق مع جمعيات الرفق بالحيوان. كما كشف تقرير رسمى أصدرته وزارة الصحة عن تزايد أعداد الأشخاص المصابين بعقر الكلاب، مشيراً إلى أنه تم رصد أكثر من مليون و360 ألف حالة عقر خلال 4 أعوام، بمتوسط سنوى يصل إلى 370 ألف حالة عقر. وتشير البيانات إلى أن مصر تستورد سنوياً 600 ألف جرعة مصل وتصل تكلفتها إلى 60 مليون دولار، هذا فضلاً عن شراء أقراص «الأستر كنين» لمكافحة الكلاب الضالة وهى أقراص سامة يتم وضعها فى طعام الكلاب الموجودة بالشوارع تؤدى لقتلها فى الحال بعد تناولها. وفى محافظة البحر الأحمر قرر المحافظ مؤخراً صرف 100 جنيه لكل شاب يقوم باصطياد 5 كلاب حتى يتم تعقيمها. كما طالبت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، الحكومة بمواجهة ظاهرة انتشار الحيوانات الضالة فى مختلف محافظات مصر، حفاظاً على حياة المواطنين ومنع انتشار الأمراض، إلا أن الصوت العالى لجمعيات الرفق بالحيوان ما زالت تقف عائقاً أمام اتخاذ أية خطوات فى هذا الأمر حتى الآن. وأكدت منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية أن داء الكلب مرض حيوانى المنشأ ينتقل من الحيوانات إلى البشر يسببه فيروس، وهو مرض فيروسى معدٍ مميت يصيب الجهاز العصبى، وهو من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان. وتنتقل العدوى عن طريق العض، إذ ينتقل الفيروس من لعاب الكلاب إلى الإنسان.. وعندما يصل فيروس السعار إلى الخلايا يبدأ بالتكاثر ويتوجه إلى الجهاز العصبى المركزى حتى يصل إلى المخ ويبدأ بتدمير خلايا المخ. وطبقاً لإحصاءات منظمة الصحة العالمية والتحالف العالمى للسيطرة على داء الكلب، فإن مرض داء الكلب من الأمراض المنسية التى تصيب الفقراء من السكان ممن لا يبلغ عن وفاتهم إلا نادراً، ويصاب بالمرض فى المقام الأول المجتمعات الريفية التى لا تطبق فيها تدابير منع انتقال المرض من الكلب إلى الإنسان. ويموت حوالى 60 ألف شخص سنوياً على مستوى العالم نتيجة للإصابة بمرض السعار, منهم 10 إلى 40% من الأطفال دون سن 15 سنة بسبب لعبهم مع القطط والكلاب، و160 شخصاً يموتون يومياً بسبب هذا المرض، وتشير الدراسات إلى أن داء الكلب قاتل بنسبة 100% تقريباً، لكن يمكن الوقاية منه بنسبة 100% أيضاً، وأفضل وسيلة من حيث التكلفة لمنع انتشاره هى تطعيم الكلاب، وتوفير اللقاحات البشرية المضادة للمرض ونشر التوعية بين المواطنين. وأكدت الدراسة أيضاً أن تطهير الجروح وإعطاء التطعيمات اللازمة بعد مخالطة حيوان يشتبه فى إصابته بداء الكلب، تقلل من الإصابة بالمرض وحدوث الوفاة. ومن جانبه أكد الدكتور صلاح عبدالكريم أستاذ الطب البيطرى والمناعة بجامعة القاهرة أن الكلاب الضالة كان يتم التخلص منها قديماً عن طريق صيدها من قبل عساكر يجوبون الشوارع ليلاً, وبعدها تطور الأمر فكانت الحكومة تقتلها فى الشوارع, فى مشهد مؤسف وبطرق غير آدمية، إلى أن ظهرت جمعيات الرفق بالحيوان والتى بدأت تتصدى لقتل الكلاب الضالة، ويقول: تلك الجمعيات مع الأسف لا تضع بدائل لمكافحة تلك الظاهرة، فنحن أمام مشكلة كبيرة خاصة أن أعداد الكلاب فى تزايد مستمر، كما تتسبب عضة الكلب فى وفاة الإنسان إذا لم يتم إسعافه بسرعة، والخطورة هنا أن لعاب الكلب يحتوى على فيروس السعار، وعندما يعض الإنسان يتخلل الفيروس إلى جسمه ويكمن فى الأعصاب، ويصل للمخ وهنا تبدأ أعراض السعار فى الظهور على الإنسان، لذا فإن الأمصال تساعد على منع وصول الفيروس للمخ، لكنها مكلفة جداً. ويتم استيرادها بملايين الجنيهات، ويستكمل حديثه قائلاً: هناك العديد من الأمراض يمكن أن تنتقل من الكلاب للإنسان، فالكلاب تعد بمثابة بؤرة للميكروبات، ومخزن لعدة أمراض بكتيرية، ويرى الدكتور صلاح أن الطرق التى تستخدمها الدول الأوروبية فى الحد من انتشار الكلاب الضالة تعد مكلفة للغاية، فلن يعقل أن يتم الإمساك بالكلاب وحقنها أو إجراء عمليات لها حتى تصاب بالعقم، وهناك طريقة كانت تستخدم للتخلص منها عن طريق مادة الإستركنين، وهناك حل آخر وهو التفكير فى تصديرها للخارج للدول التى تأكل الكلاب. أما منى ذو الفقار الناشطة فى مجال حقوق الحيوان، فترفض الطرق المستخدمة فى التخلص من الكلاب قائلة: هناك استراتيجية وضعتها منظمة الصحة العالمية والصحة الحيوانية والتحالف العالمى للقضاء على السعار، وتقوم على التوعية والتطعيم ووضع حلول مستدامة وضرورية للتعامل مع الحيوانات الضالة, ومع الأسف الدولة ما زالت مقصرة وهناك تعمد من قبل الجهات المسئولة فى إخفاء الحقائق، كما أن هناك بعض الجهات والتى لا تتلاءم مع توصيات منظمة الصحة العالمية، فما يصدر من بيانات عن حالات العقر غير دقيق، والدليل على ذلك أن المسئولين لم يقوموا حتى الآن بنشر منشورات التوعية التى وضعتها استراتيجية 2030، وتقول لدينا ما يقرب من 6 ملايين كلب أجنبى منتشرة فى العديد من المحلات الموجودة بالشوارع ولا توجد رقابة على تلك الكلاب من قبل الخدمات البيطرية، وتطالب المسئولين بضرورة رفع الوعى لتفادى التصرفات غير السليمة من قبل المواطنين والأطفال فى التعامل مع الكلاب فى الشوارع، فالدولة تتكلف نحو 70 مليون دولار لاستيراد تطعيمات للسعار وترفض التوعية والوقاية.