الإسكندرية- شيرين طاهر: أجبرته ظروف الحياة على السفر بعيدًا عن زوجته وأبنائه لتوفير "لقمة العيش"، إلا أنه جن جنونه عندما عاد من الخارج ليجد زوجته تطلب الطلاق وتهدده بالخلع في حالة رفضه للطلاق، لم يفكر الرجل كثيرا، (فما فائدة الحياة بعد أن تنهار أسرته وتضيع سنوات شقائه في الغربة هباء) هذا ما فكر به خلال لحظة غضب بعدما رفضت زوجته التصالح وصممت على الطلاق أو الخلع. ضاقت الدنيا في أعين رجل الأعمال السكندري الذي قضى سنوات عمره في الخليج ليؤمن مستقبل زوجته وأبنائه، فأحضر البنزين دون تفكير وسكبه داخل الشقة وعلى راسه مهددا بالانتحار مع زوجته قائلا: "يا نعيش سويا يا نموت سويا.. بما انك اخترتى الطلاق فهذا يعني في وجهة نظري الموت.. لذلك قررت أن نموت سويا" ، وقام بإشعال النيران بالشقة مما أدى لاحتراقها وحاول أن يقوم بالإمساك بزوجته قبل أن تقفز من الشباك إلا أنهما سقطا معا، ولقيا مصرعهما وأصيب أطفاله وضيوف التصالح الحاضرين في المنزل وقتئذ. الرجل الطيب "الوفد " قامت بدورها في رصد القصة، بعدما أصبحت حديث المدينة، وفي العقار رقم 82 بمنطقة "السيوف" بشرق الإسكندرية ، تبدو الأجواء هادئة بعد ليلة عصيبة أضاءت فيها نيران شقة رجل الأعمال "البدري. م. ا" صاحب مكتب رحلات، إلا أن الشارع مازال غارقًا في المياه المستخدمة لإطفاء الحريق، والأدخنة والغبار التي حولت شرفات الطابق الخامس بالعقار رقم 82 إلى لوحة سوداء قاتمة. وأمام مدخل العقار كان يقف الجيران متعجبين مما حدث لهذا الرجل "الطيب" الذي لم يسمعوا له صوت من قبل وكان دائما يحترم ويراعي المحتاجين، مؤكدين أن ما حدث له لم يتوقعه أحد. امتاز رجل الأعمال بالخلق الطيب والسيرة الكريمة وسط جيرانه، وهو يعمل في الكويت منذ سنوات وعاد منذ اكثر من عامين واستقر في القاهرة، وافتتح مكتب رحلات. اشترى شقة لزوجته فزادت الخلافات بينهما وأضاف الجيران ، أن الرجل قد اشترى شقة باسم زوجته ولكن للأسف بعد استقراره في مصر، زادت الخلافات بينهما وكانت دائما تدعو أسرتها للتدخل لطرد الزوج خارج الشقة. وتابع الجيران: أنه في ليلة الحادث، كانت هناك مشاجرة قوية في شقة رجل الأعمال وحضرت أسرة الزوجة بالكامل لطلب الطلاق والطرد من الشقة مما أثار جنونه لأنه شعر بأن تعب السنين وأمواله التي اكتسبها من الغربة اخذتها زوجته واسرتها وطردوه . فيما أكد شهود عيان، أنهم استطاعوا أن ينقذوا الأبناء لأن غرفتهم في آخر الشقة، رغم إصابتهم بالاختناق، إلا أن النيران أكلت كل شئ في الشقة حتى أنها لم تكتف بالموبيليا والستائر والسجاد فقط، فالحريق التهم الجدران أيضًا وصارت دون محارة أو طلاء. الأبنة الكبرى: "بابا مكنش بيصرف علينا" بكت الابنة الكبرى "رورو"، وهي تروي شهادتها قائلة: "جئت بصحبة إحدى أقاربي لجمع ما تبقى من متعلقات والدتي وأشقائي الثلاث رزان 7 سنوات، ومحمد 8 سنوات، وأحمد 9 سنوات، فقدنا كل شئ والدي مات ووالدتي وباقي الأسرة في المستشفى مصابين وحالتهم خطر اتحرقوا وأختي عندها امتحان نعمل إيه؟". وتابعت الطفلة: "ماما علطول كانت على خلاف مع بابا هو مش بيصرف علينا خالص ولا يعرف حاجة عننا رغم أنه يقيم معنا جدو شغال في شركة بترول وهو اللي كان بيصرف علينا.. وطلبت الطلاق وهو رفض فرفعت قضية خلع وكان هيتم النظر فيها يوم الأحد المقبل". قالت الطفلة، إنها لم تتخيل أن ينهف والدها تهديده والذي بسببه ظل "جدو" معنا في الشقة منذ 3 شهور خوفا علينا من تهور والدي، مضيفة أن والدها تحدث إلى صديقه أحمد وطلب منه القدوم للتصالح مع والدتها وإنهاء فكرة الطلاق وديا". الطفلة تتذكر المأساة وتابعت الطفلة في ذعر شديد: "فجأة سمعنا بابا بيصرخ في الصالة وبيقول أن هريحكم مني خالص ورش بنزين بسرعة، وولع في كل الموجودين ودخل أوضته وقفل على نفسه بالمفتاح ورمى نفسه في المنور ومات". وتضيف: "محمد أخويا كسر زجاج الباب برجله علشان يفتح الباب.. أوضته الوحيدة اللي بعيدة عن الحريق ومحصلهاش حاجة.. وقفنا في الشباك والجيران في الشقة اللي في وشنا فضلوا يرشوا علينا ميه". وتتذكر "رورو"، لحظة دخول خالتها "شيماء" التي حضرت لإنهاء الخلاف بين والداها بصحبة زوجها "إسلام" 34 سنة، ونجلهما "آسر" 5 سنوات والنيران مشتعلة فيهم بعد محاولتهم إنقاذ الأبناء. شاهد عيان: اصطحبت الأبناء إلى شقتي وقال "محمد.ع" إنه اصطحب الأبناء إلى شقته، وأن منزله تعرض للحريق وسط وجود أولاده وزوجته، مؤكدا أنه كان متواجدا مع ضباط المباحث وعرف إن الزوج أحضرالبنزين وحرق الشقة". في سياق متصل، تجري نيابة ثالث المنتزة تحقيقات موسعة في الواقعة بإشراف المستشار أشرف المغربي المحامي العام لنيابات المنتزة والذي أمر بتشكيل فريق من النيابة لمتابعة التحقيقات.