حاوره صلاح السعدني: انصهرت عقليته في بوتقة العلم وتشكلت خطوات نجاحه بين جنبات أفران الصهر بالمصنع ليخرج واحداً من شباب الصناعيين الواعدين واستطاع بعد وفاة والده- رحمه الله- أن يقود مجموعة المراكبي لصناعة الصلب إلى مصاف الكبار لتصنف كواحدة من أكبر المصانع المنتجة في مصر وليصبح هو رغم أنه لم يكمل بعد عقده الرابع من العمر رئيساً لمجلس إدارة المجموعة ووكيلاً لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، أرهقته بأسئلتي وكان بعضها مستفزاً وأرهقني هو كثيراً بهدوئه وعلمه وقدرته وفهمه العميق لصناعة الصلب محلياً وعالمياً. - يرى المهندس حسن المراكبي أن جميع دول العالم المنتجة للصلب تقوم بحماية صناعتها من الممارسات غير العادلة. - يؤكد أن مشروعات الدولة أنقذت صناعة الصلب المحلية من الخسائر الهائلة الفترة الماضية والتوقف. - يقول إن المصانع هي الأكثر تضرراً من زيادة أسعار الحديد. - يشدد على أن الأسعار لا يمكن التنبؤ بها في ظل تطور أسعار التكلفة والخامات. مع المهندس حسن المراكبي، رئيس مجلس إدارة مجموعة المراكبي للصلب، كانت تفاصيل الحوار التالي: سألت المهندس حسن المراكبي في البداية عن رأيه في قضية الإغراق الأخيرة التي تعرضت لها الصناعة وتم فرض رسوم فيها من جانب وزارة الصناعة فأجاب: - تعرضت الصناعة لضرر بالغ مادي ومعنوي كبير بعد حالة الإغراق الكبيرة التي قامت بها دول بعينها وهي الصينوتركياوأوكرانيا وقدمت الصناعة من خلال غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعة ملفًا شاملًا يحتوي علي كافة الأدلة التي تعضد موقفنا وأثبتنا بالمستندات الرسمية الموثقة من جهات حكومية تعرضنا للضرر الكبير مادياً وأدبياً ولهذا تم إصدار القرار لصالح الصناعة من جهاز مكافحة الدعم والإغراق والوقاية بوزارة الصناعة. .. ولكن الحكومة جاملتكم في هذه القضية؟ - قوانين التجارة محلياً أو حتى في منظمة التجارة العالمية «W.T.O» لا تعرف المجاملات والقضية كانت واضحة وضوح الشمس فالمستندات الرسمية التي حصلنا عليها من جهات حكومية أثبتت وأكدت أن هناك ضرراً وقع على الصناعة المحلية نتيجة وجود إغراق من حديد التسليح الصيني والتركي والأوكراني للسوق المحلي ولك أن تتخيل أن حجم الواردات تطور بصورة مذهلة وقفز من 300 و800 ألف طن إلى مليون و200 ألف طن ثم إلى مليون و800 ألف طن عام 2016 وفي الربع الأول من 2017 وحده وصل حجم الواردات المغرقة التي تباع في السوق المحلي بأسعار تقل عن أسعارها ببلد المنشأ إلى 400 ألف طن مما أدى إلي إلحاق خسائر كبيرة بالصناعة المحلية وهبط حجم الاستهلاك بشدة ولولا مشروعات الحكومة لتعرضت المصانع للتوقف خلال هذه الفترة، فمشروعات الحكومة هي التي أنقذت المصانع بعد أن انخفض معدل الطلب على الحديد بنحو مليون و500 ألف طن من إجمالي الكميات التي كانت تنتجها المصانع خلال تلك الفترة وكانت تصل إلي 7 ملايين و400 ألف طن. بمناسبة حديثك عن استهلاك الحديد.. هل تراجعت معدلات استهلاك الأفراد محلياً مقارنة بالدول الصناعية الكبيرة المنتجة للصلب؟ - استهلاك الفرد تراجع ولا يتعدى حالياً نحو 74 كيلو جرامًا مقارنة باستهلاك الفرد في الدول الكبرى المنتجة والذي يتعدى نحو ال200 كيلو جرام. هل هناك متغيرات طرأت على صناعة الحديد في الآونة الأخيرة؟ - الصناعة تعرضت في الفترة الأخيرة لتقلبات كثيرة جداً أهمها قرار الحكومة بتعويم الجنيه وزيادة سعر الفائدة على الودائع إلى 20٪ الأمر الذي أدى إلى عزوف قطاع كبير من الأفراد عن شراء الحديد وهم يشكلون المشتري والمستهلك الرئيسي للحديد وتعتمد عليهم المصانع في المقام الأول، أضف إلي ما سبق أن أسعار الخامات الرئيسية للحديد مثل البليت والخردة قد تطورت بشكل كبير للغاية فالمصانع كانت تستورد طن البليت في وقت سابق بنحو 3 آلاف جنيه للطن، والآن تشتريها بأكثر من 11٫5 ألف جنيه للطن مع الأخذ في الاعتبار أن سلعة الحديد سريعة الدوران وتحتاج رأسمال إلى عامل كبير جداً وأي زيادة أو انخفاض في أسعار الخامات بالبورصات العالمية يؤثر سلباً على المصانع. ألا تتفق معي أن كمية ال«7» أو ال«8» ملايين طن التي تنتجها المصانع لا تكفي تغطية احتياجات السوق المحلي؟ - طبعاً لا.. المصانع قادرة على انتاج 12 مليون طن بعد دخول التوسعات الجديدة حيز الانتاج في بعض المصانع خاصة أن الدولة تنفذ في الوقت الراهن مشروعات قومية عملاقة تتطلب زيادة في الطاقات الانتاجية للمصانع، وكما أشرت إليك في وقت سابق انه لولا مشروعات الدولة لكانت مصانع أعلنت إفلاسها وأغلقت فاستهلاكات المشروعات القومية من حديد المصانع المصرية في الوقت الحالي تصل إلي نحو 80٪ تقريباً وأحب أن أضيف أنه بحلول عام 2020 ستكون مصانعنا قادرة على انتاج أكثر من 14 مليون طن. هل لديكم رؤية في غرفة الصناعات المعدنية تتعلق بمستقبل صناعة الصلب في مصر؟ - نعم نحاول بلورة أفكار جديدة للنهوض بصناعة الصلب تتواكب والطفرة التكنولوجية الهائلة في الدول المنتجة وتعتمد الأفكار الجديدة على تصنيع منتجات ذات قيمة مضافة كبيرة كما ذكرت لك في وقت سابق واختراق أسواق جديدة غير تقليدية وكل ذلك مع عمل توسعات وضخ استثمارات إضافية بالمصانع والتي من المتوقع أن يصل بالطاقة الانتاجية عام 2020 إلى نحو 14٫5 مليون طن وهي طاقة انتاجية لا بأس بها في ظل الزيادة المتوقعة لمعدلات الاستهلاك والتي من المنتظر أن تصل إلى 8٫5 مليون طن. من وجهة نظركم كرجل صناعة.. ما هي أهم المشاكل التي تؤثر سلباً على صناعة الحديد؟ - رغم أن الاقتصاد يتميز بأنه متنوع وصارت الأمور أفضل بكثير جداً بفضل المجهود الضخم الذي يبذله الرئيس عبدالفتاح السيسي ومعه الحكومة إلا أن مشكلة ارتفاع أسعار الغاز للمصانع هي أهم المشاكل التي تؤثر بالسالب على المصانع. هل أنتم قادرون- كصناعة- على حماية مصانعكم من خطر الإغراق السعودي القادم؟ - لابد أن نقول إن السعودية لديها مشكلة وهي أن الطاقات الانتاجية هناك كبيرة والمصانع هناك تشتري الغاز بنحو 1٫5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية أما نحن فنشتري الغاز بسعر 7 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية، وصناعة الصلب كما تعرف قائمة في المقام الأول على الخامات والطاقة وتمثل من 25 إلى 30٪ من تكلفة المنتج النهائي، مع العلم أن السعودية لديها كميات لا بأس بها من الخردة وكانت في وقت سابق تمنع التصدير ولكنهم الآن يقومون بالتصدير لأسواق خارجية وبالطبع المصانع سيلحق بها الضرر من جديد سواء كان الإغراق من الصين أو تركيا أو أوكرانيا أو السعودية أو أي بلد منتج للصلب يرتكب ممارسات غير عادلة ضارة بالصناعة المحلية. ما تعليقك على قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والخاص بفرض 25٪ جمارك على كل واردات الحديد القادمة إلى أمريكا؟ - قلت لك سابقاً إن كل دول العالم تتجه لحماية صناعتها من الممارسات التجارية الضارة وغير العادلة، وقرار «ترامب» يعد تحولاً مذهلاً في كيفية إدارة الأزمات التجارية فالرئيس الأمريكي كما تعلم وصف الإغراق الذي تتعرض له الصناعة الأمريكية بأنه بمثابة التهديد للأمن القومي الأمريكي أضف إلى ذلك انه بالنظر إلى السوق العالمي ستجد أن هناك أكثر من 130 قضية إغراق شهدها العالم خلال العامين الماضيين والاتحاد الأوروبي نفسه يتخذ إجراءات رادعة ضد أي دول تقوم بممارسة الإغراق في أسواقها ليس في صناعة الحديد فحسب وإنما في كل القطاعات الصناعية الأخرى. كيف ترى ظاهرة المصانع الصينية في مصر؟ - خطر كبير على الصناعة وهي بمثابة السرطان في جسد الصناعة المحلية وهذا ليس معناه أننا ضد ضخ الاستثمارات الجديدة ولكننا ضد الصناعة غير الشرعية. في النهاية.. ما هي خطتكم القادمة في مجموعة المراكبي للتوسع وزيادة الطاقات الإنتاجية؟ - منذ أن بدأنا الانتاج في المجموعة عام 2007 بطاقة إنتاجية تصل إلى 180 ألف طن حديد تسليح ونحن نضع دائماً خططًا للتوسع قدر الإمكان فقد وصلنا اليوم إلى 250 ألف طن سنوياً وأصبح لدينا 1300 عامل وبعد دخول مصنع البليت وصهر الخردة مراحل الانتاج وبعد أن يدخل مصنع الدرفلة واللفائف الجديد حيز الانتاج هو الآخر في يوليو 2019 ستصبح طاقاتنا الانتاجية بمشيئة الله حوالي 400 ألف طن حديد تسليح وتقدر استثمارات المشروع الجديد بنحو مليار جنيه ونفكر في إدخال منتجات جديدة ذات قيمة مضافة عالية مثل الصلب المخصوص ولفائف الصلب التي تدخل في صناعة السيارات وغيرها.