المهنة ربة منزل وعاوزة أترشح للرئاسة عشان أخدم ولاد بلدي، بس محتاجة حد من الثوار يقود حملتي الانتخابية لأني معرفش يعني إيه دعاية انتخابية؟!...المهنة مصور وسحبت أوراق الترشح للرئاسة عشان مصر محتاجة " دكر قادر"، وعشان أتمم حملتي الانتخابية كل إنسان مهمش هيتبرع لي بربع جنيه..! فبين مرشح معترض جدا على عدم فوزه بالتغطية الإعلامية الكافية أثناء سحبه لأوراق الترشح، وآخر أثار ريبة رجال الأمن ليجدوا في جيبه عدة لفافات من البانجو، وثالث اكتشف فجأة أنه الإبن الشرعي للملك فاروق ويريد ارجاع الطربوش واليشمك وبالطبع الحكم الملكي، ومدرس لغة عربية وقرآن يعتبر مبارك أميرا للمؤمنين وينتوي أن يكون قرار العفو عنه أول قرار يوقع عليه بعد توليه منصب الرئاسة.. قام 797 مواطن مصري حتى الآن بسحب أوراق الترشح لرئاسة الجمهورية، ليبقى السؤال كم منهم على يقين تام بأنه قادر على قيادة وطن بحجم مصر أم الدنيا، وماهي دوافعهم الحقيقية لخوض هذه التجربة التي ظلت حكرا على اسم واحد على مدى 30 عاما سابقة. ربما يراها البعض فرصة للظهور الإعلامي ويعتبرها آخرون فرصة للبسطاء للتعبير عن آرائهم وأمنياتهم ، بينما تؤكد فرقة ثالثة أن نظام مبارك وأتباعه خلقوا بداخل كل منهم ماردا معترضا سنحت له أخيرا لحظة الخروج من القمقم. لقب في "السي في" من جانبها تؤكد الدكتورة نعمت عوض الله ،الخبيرة الإجتماعية، على ضرورة إلقاء الضوء على الدوافع للترشح، لافتة أن منصب الرئيس بحاجة لكفاءات من نوع خاص، وأن جون ميجور ،رئيس وزراء بريطانيا، كان في الأساس "كومساري" لكنه ناضل حتى أثبت جدارته بتولي هذا المنصب. وتذكرأن حب الشهرة يأتي في مقدمة هذه الدوافع وذلك من خلال الحصول على لقب مرشح الرئاسة المحتمل ثم المرشح السابق للرئاسة، والذي يتيح له حلم الظهور في أحد وسائل الإعلام، كما يرى البعض الآخر أنها فرصة جيدة للحصول على مال أو مكانة اجتماعية أو ربما على وظيفة. وترجع الدكتورة نعمت هذه الظاهرة غير المسبوقة إلى سياسة القهر وكتم الأفواه التي عانى منها المجتمع المصري على مدى 60عاما سابقة والسير بجانب "الحيطة" كما يقولون ، حتى شهدت فترة الستينات هجرة أكبر عدد من العقول المصرية للخارج لتحظى بشهرة عالمية وترفع اسم مصر لنتباهى بهم وكأنهم ليسوا أبناء هذه الأرض الطيبة. وتواصل : هذه الفترة خلقت إنسانا سلبيا أنانيا فأصبح التفكير في الصالح العام غريبا على مسامع كثيرين، وإما مفتاحا للحصول على المصالح الشخصية لدى آخرين، كما خلقت إنسانا كاذبا يبحث عن مكاسب صغيرة حتى وإن كانت مجرد لقب يوضع في السيرة الذاتية، إنسانا يفتقد لوضع الخطة المستقبلية ويكتفي بالتفكير في اللحظة الآنية وحسب. حق مكفول للجميع بينما يرى الدكتور نادر فرجاني ،خبير التنمية البشرية، أن حق سحب أوراق الترشح للرئاسة مكفول لكل مواطن مصري طالما لم يخالف شروط اللجنة العليا للانتخابات، ويعتبره جزءا من الحرية التي قامت من أجلها الثورة . ويؤكد على أن التخوف الحقيقي يكمن في تلك الغرف المغلقة والتلاعب في بعض النصوص خاصة مع قرارات اللجنة القائمة على الإنتخابات غير قابلة للطعن، وبذلك يفرض علينا إسم معين فيما يعرف بالرئيس التوافقي ويكون توافقيا فقط بقرار من تلك الغرف المغلقة. ويتابع فرجاني مطمئنا: في النهاية لن يصل إلى الترشيحات النهائية إلا المتقدم المستوفي لشروط الترشح التى تتضمن ألا يقل عمر المرشح عن أربعين عاماً وألا يكون متزوجاً من أجنبية، وأن يكون من أبوين مصريين لم يحصل أى منهما على جنسية أخرى بخلاف الجنسية المصرية، وأن يحصل على تأييد 30 عضواً من الأعضاء المنتخبين لمجلسى الشعب والشورى، وأن يحصل على تأييد 30 ألف مواطن من 15 محافظة، بما لا يقل عن ألف مواطن من كل محافظة، أو أن يكون المرشح عضواً فى أحد الأحزاب التى لها عضو واحد منتخب فى أى من مجلسى الشعب والشورى. سحب الأوراق لا يعني الترشح وعلى المستوى السياسي يؤكد الدكتور أيمن السيد عبد الوهاب، الباحث السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، على أن سحب أوراق الترشح للرئاسة لا يعني أن هؤلاء مرشحون من الناحية القانونية، فالمرشح لابد وأن يستوفي الشروط التي تم تحديدها، وبالتالي فيمكننا النظر لهم على أنهم أناس يريدون التعرف على شروط الترشح ليس إلا. ويضيف د.أيمن أنها مجرد ظاهرة لا ينبغي التوقف عندها كثيرا، فمنصب رئيس الدولة له مؤهلات معينة وبالتالي فإن طرح بعض الناس لأسمائهم لأي أغراض تخالف الهدف والمغزى الأساسي للحكم تعتبر مسألة سلبية، ولا ترتبط بحقوق المواطنة التى تفرض عليه أن يكون مسؤلا مدركا لطبيعة مهام ومتطلبات هذا المنصب. ويوضح أن مانراه حاليا ماهو إلا أناس يبحثون عن الشهرة والتعبير بشكل سلبي عن مرحلة يجب أن نتحمل فيها جميعا المسئولية، وبالتالي فإن التسليط الإعلامي على هذه النماذج غير المسؤلة يزيد من نموها. وعن تخوف البعض من أن الزج بهذه النماذج –مع احترامنا لكل المهن- هو نوع من السخرية من الثورة، أكد د. أيمن على أن هذا أمر غير مؤكد لكنها مجرد رغبة من البعض في الظهور إعلاميا والتباهي باللقب. وعن سبل علاج مثل هذه الظواهر وماينقص المجتمع المصري ليمارس الديموقراطية بشكلها الصحيح، يرى د.أيمن أن العلاج في وضع ضوابط ترتبط بدفع مبلغ معين ومعايير تثبت جدية الترشح، مؤكدا أن تطبيق الديموقراطية ينقصه الكثير بدءا من انتشار الثقافة الديموقراطية بشكلها الصحيح لدى مختلف شرائح المجتمع، والإيمان بأنها ممارسة يومية فعلية تترجم علاقة المجتمع بعضه ببعض وعلاقته بالدولة وبالتالي فهي لا توجد بين يوم وليلة. حب الشهرة وتبرير الأخطاء وعن حب الشهرة والظهور في رأي علماء النفس تقول الدكتورة أميرة مرسي ،أخصائية تعديل أسلوب الحياة، أن الإنسان بطبعه ميال للشهرة وأن يكون حديث الناس ويأخذ الجميع برأيه، فهي غريزة فطرية تولد معه لكن حينما تزداد عن الحد الطبيعي تكون دليلا على أعراض مرض نفسي. وتضيف: هذا مانشاهده اليوم حينما يتقدم هذا العدد غير المتوقع لسحب أوراق الترشح للرئاسة بشكل يؤكد غياب المفهوم الحقيقي للمسئولية التي يتضمنها لقب رئيس جمهورية وأنه ليس لقب شرفي، وتكمن الخطورة في تحول حب الشهرة والظهور لمرض يؤدي للأنانية والإعجاب بالنفس ليتحكم في حياة الإنسان بشكل مرضي ويدفعه لتبرير كل أفعاله وعدم الإستجابة للنصح أو النقد. وتوضح د.أميرة أهم سمات مرضى هوس الشهرة وهلوسة حب الظهور، وأولها أنهم يعانون من التضخم الأناوي فنجدهم يسعون لتقلد المناصب العليا حتى مع افتقادهم للشروط التي تؤهلهم لهذه المناصب، كما يتسمون بالعناد ومحاولة لفت الإنتباه بشتى الوسائل، وهذا واضح تماما من خلال حوارات المتقدمين للحصول على أوراق الترشح للرئاسة على مختلف وسائل الإعلام، مع افتقادهم للكاريزما وللدوافع والإمكانيات والثقافة العامة التي تؤهلهم لهذا المنصب. وتختم : هذا بخلاف ما يتسمون به من خفة الظل وكأنهم يؤدون دورا كوميديا في مسرحية هزلية، فضلا عن تقمصهم للمناصب التي طالما حلموا بها ويتضح ذلك من خلال طريقة الجلوس وحركات اليد والإيماءات، بغض النظر عما يترتب على ذلك من عدم تقبل الناس لهم أو أن يكونوا مثارا للضحك والسخرية.