السيسي يُعبّر عن خوفه من الثورة والتغيير .. وناشطون: فات الأوان يا عميل    رشوة_جنسية مقابل اراضي المصريين .. هل تحولت مصر لعزبة لجنرالات الجيش المتقاعس عن حماية أمنها القومي؟!    طالبت بضمانات أمريكية..حماس : لن نُطلق سراح الأسرى قبل وقف الحرب ووضع إطار زمني لانسحاب الاحتلال    إيطاليون يحاكمون "ميلوني" بالتواطؤ ضد غزة.. ومراقبون: محاسبة تنبغي لحكام العرب    بعد غياب 8 سنوات ..منتخب مصر في كأس العالم 2026 في أمريكا بعد فوزه علي جيبوتي    من ذهب مينينديز إلى وسام "ماكرون"..هكذا فاز "العناني"بدبلوماسية الرشاوى !    نقيب المحامين: الرئيس أعاد المادة 105 لزيادة ضمانات حقوق المواطن    نقيب المحامين: هناك 232 مادة مستنسخة من قانون الإجراءات الجنائية القديم    السفير ماجد عبد الفتاح: ضغط دولي على واشنطن لدعم القضية الفلسطينية    البيت الأبيض: ترامب بعد فحص روتيني قد يتوجه للشرق الأوسط    بيان أمريكي مرتقب بشأن التوصل إلى اتفاق إنهاء الحرب في غزة    انخفاض البتلو والضاني، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    رياضة ½ الليل| مصر في المونديال.. العميد يكتب التاريخ.. الأهلي يفضح الجميع.. وأكتوبر وش السعد    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    خالد بيبو: كأس الأمم الإفريقية اختبار حقيقي لحسام حسن    انخفاض كبير في درجات الحرارة، الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الخميس    مصرع عنصر إجرامي وإصابة رئيس مباحث شبين القناطر في تبادل إطلاق نار بالقليوبية    السجن المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل عمه في جلسة صلح عرفية بالإسكندرية    رصاص الغدر لا يوقف الأبطال.. إصابة المقدم محمود إسماعيل أثناء مطاردة عناصر إجرامية    تعرف على أداء البورصات الخليجية بتعاملات اليوم الأربعاء    مدير حملة العناني ل بوابة أخبار اليوم: دعم الرئيس ساهم في الإنجاز التاريخي لمصر    استشاري نفسي: نسبة الطلاق بين الأزواج في مراحل متقدمة من العمر    إعلان أسماء الفائزين بمسابقة بيت المعمار لشباب المعماريين لإعادة تأهيل مراكز الإبداع    محمد رمضان يطرح أحدث أغانيه «واحد اتنين تلاتة»| فيديو    أخبار الفن اليوم: مي فاروق تحتفل بإطلاق أول ألبوماتها، محطات في حياة فارس السينما أحمد مظهر، أول ظهور لعمر زهران بعد أزمته مع زوجة خالد يوسف    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    «بي بي سي» تشيد بأداء صلاح ودوره في تأهل مصر إلى المونديال    مجلس التعاون الخليجي يدين اقتحام مسؤولين ومستوطنين إسرائيليين المسجد الأقصى    مروان عطية: فخورون بالتأهل لكأس العالم ونسعى لتحقيق الإنجاز في إفريقيا    سعد سمير: فتح استاد القاهرة مجانا أفضل احتفال بتأهل مصر للمونديال    محكمة الجنايات: المؤبد لمتهم بجلب 6500 كيلو جرام مخدرات فى الإسكندرية    رمز القلم.. مرشحو مستقبل وطن على المقاعد الفردية بكفر الشيخ يتقدمون أوراقهم لانتخابات النواب 2025    برشلونة يكشف تفاصيل مواجهة فياريال في أمريكا.. وخصم لمن لا يستطيع السفر    «مبني على تجارب».. ضياء رشوان: تخوف الفلسطينيين من عدم التزام إسرائيل في محله    بعد إصابة منى فاروق.. تعرف على أسباب واعراض شلل المعدة    شيرين عبدالوهاب.. أبرز محطات في حياة صاحبة «الوتر الحساس» بعيد ميلادها ال45    نائب رئيس جامعة الإسكندرية يلتقى سفير باكستان بالقاهرة لبحث التعاون الأكاديمي والبحثي المشترك    مواقيت الصلاة فى الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    عضو «الشؤون الإسلامية»: أحمد عمر هاشم حج بيت الله لمدة 42 سنة متصلة وتوقف لهذا السبب    «تعليم المنيا» يكرم معلمي التربية الموسيقية الفائزين بمراكز متقدمة على مستوى الجمهورية    تنظيم قافلة طبية بجامعة السادات ضمن مبادرة حياة كريمة.. ومشروع تنموي جديد ب «كفر العشري»    عضو الجمعية المصرية للحساسية: الوقاية والالتزام بالتطعيم هما الدرع الأقوى لمواجهة فيروسات الشتاء    شهر رجب يتكرر للمرة الثانية فى عام واحد ب 2025    مدرسة النيل بالأقصر تحتفل بانتصارات أكتوبر.. عروض فنية وتكريم أسر الشهداء.. صور    تأجيل محاكمة 21 متهما بخلية "دعاة الفلاح" لجلسة 24 ديسمبر    زاخاروفا: تزويد كييف بصواريخ توماهوك يهدد العلاقات الأمريكية الروسية بشدة    استقرار وانخفاض طفيف في أسعار الحديد بأسواق المنيا الأربعاء 8 أكتوبر 2025    نبيلة مكرم: التحالف الوطني نموذج فريد للحماية الاجتماعية على أرض الجيزة    فوز «العنانى» التاريخى    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    الأمن العام بالقاهرة يضبط مرتكبي جرائم سرقة متعلقات وسيارات وهواتف محمولة    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف الديني يكتب : الهجرة الكبرى... ناقوس الخطر يدق في ليبيا
نشر في الوفد يوم 27 - 02 - 2018

جزء من أزمة قراءة معضلة «الإرهاب» هو النظر إليه كمتغير سياسي، وليس حالة قارّة متنقلة بحسب الظروف والمناخات التي تساعد على ولادتها ونشأتها وصعودها، فضلاً عن تأثرها بالمناخ العام في بلدان غير مجاورة للمناطق الملتهبة؛ ذلك أن المقاتلين المنخرطين في العمل المسلح (الجهاديين) منذ تحولهم إلى كتلة مفارقة ومتمايزة عن أي ظاهرة مشابهة منذ التجنيد الأولي في أفغانستان، لا ينظرون إلى الحدود إلا كعوائق أمنية للانتقال بسلاسة في تحقيق الهدف العام، وهو التجنيد والفعالية القتالية أو الانتظار حتى تحين الفرصة مع الجهوزية الكاملة آيديولوجياً وعسكرياً مما يعرف في أدبيات التنظيمات الإرهابية ب«مرحلة الإعداد».
من هنا أي قراءات تفاؤلية عن أفول أو نهاية الإرهاب أو حتى كمونه، لا تنظر إلى الصورة الكاملة للظاهرة التي تتجاوز الأطر السياسية والأمنية إلى أسلوب حياة مثالي بدوافع كرومونولوجية، لا يمكن فهمها إلا بقراءة عميقة للجريمة المنظمة بأبعاد فكرية تقدم عليها مجموعات من الأشخاص بكامل إرادتها، بل وتتعدى كل الضغوط والتحديات للوصول إلى تلك المجتمعات في مناطق التوتر والانخراط في سلوك جمعي لممارسة «العنف المقدس» من وجهة نظرها.
اليوم تواجه المجموعات الإرهابية «داعش» في مناطق التوتر بالعراق وسوريا و«القاعدة في جزيرة العرب» باليمن، و«القاعدة» التقليدية في أفغانستان، إشكالية «تسليط الضوء» الذي يتخذ شكل الحرب العالمية على الإرهاب، لذلك قررت مجموعات كبيرة منها الانتقال إلى مناطق أقل حضوراً، ليس بسبب عدم وجود الدافع العنفي كليبيا موضوع الحديث أو شمال أفريقيا والصومال، بل لأن الحقيقة المؤلمة والمرّة أن الإرهاب يتم التعامل معه بازدواجية شديدة، فهو لا يعتبر معضلة كونية إلا حين يتماس مع ملف سياسي
أو مصالح اقتصادية للدول الكبرى.
تنظيم داعش اليوم - بحسب تقارير الأمم المتحدة - يعاني من خسارة ما يزيد على 90 في المائة من مداخيله، واضطر إلى تبني عمليات إرهابية لا علاقة له بها، كما توقفت آلته الإعلامية الضخمة عن إصدار عدد من المجلات، وانخفضت الإصدارات المرئية والمشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أدنى حدودها، ليس بسبب نجاح الخطابات المضادة، بقدر أنها مرحلة إحباط كبيرة رغم العمليات الصغيرة التي يقدم عليها «الداعشيون» بالوكالة في مناطق أخرى، كالهجمات على الأقباط في مصر، أو المناوشات في شمال أفريقيا، كما هو الحال، مع تهديد سائر بلدان العالم من قبل الذئاب المنفردة.
ناقوس الخطر اليوم يدق في ليبيا، حيث هي البلد المشرع لتدفق مقاتلي تنظيم داعش بعد انهيار الخلافة المزعومة، وصعود موجة الانقسامات بين التنظيمات المسلحة والتجاذبات في الولاءات بين «القاعدة» و«داعش» والفصائل الصغيرة داخل المشهد السوري الذي يعاني أيضاً من عودة النظام للممارسات الوحشية، وهو سيعطي دافعاً جديداً للتجنيد وخلق مناخات التصعيد عبر استغلال الوضع الإنساني المتردي للشعب السوري.
تترشح ليبيا لأسباب كثيرة لأن تكون بؤرة الهجرة الكبرى للكوادر الإرهابية لعدة أسباب تتصل بطبيعة موقعها وتاريخ مقاتليها في «المسيرة الجهادية» منذ أفغانستان والتجانس بين مكونات الشعب الليبي على مستوى حالة التدين وغياب الطائفية، ومن ثم إمكانية استغلال النزعات المناطقية، إضافة إلى وجود ثلاث ولايات معلنة للتنظيم في الأراضي
الليبية؛ برقة وطرابلس وفزان والأراضي المفتوحة في الصحراء الليبية، وحتى بعد خسارة التنظيم من استرجاع مدينة سرت والسيطرة على الموارد التي كانت بيد التنظيم عاد إلى أسلوبه القديم المحبب، وهو حرب العصابات واتخاذ ليبيا موقعاً ملائماً للتجنيد وشن هجمات على أوروبا واستقبال المقاتلين القادمين منها.
وبحسب ريتشارد بورو، الذي كتب دراسة مهمة عن المقاتلين في ليبيا، فإن تدفق المقاتلين الأجانب إلى ليبيا هو إحدى أكبر الهجرات في «التاريخ الجهادي الحديث» بعد أن كانت البداية بهدف إسقاط نظام القذافي، وتداخل تعاون التنظيمات الإرهابية مع بعض الدول وتيارات الإسلام السياسي التي كانت تستفيد من التأليب على النظام آنذاك، ومن هنا تم الاندماج بين تيارات متباينة في أهدافها السياسية، لكنها متفقة على تدعيم الحضور المسلح للمقاتلين الأجانب في الداخل الليبي ك«أنصار الشريعة» وتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب» و«أنصار الشريعة» في تونس وبعض العائدين من تجربة تنظيم داعش، لتكون المحصلة قرابة 5 آلاف مقاتل يمثلون أكثر من 40 دولة!
هذا التدفق من المقاتلين يدق ناقوس الخطر عن مستقبل الإرهاب في المنطقة، لا سيما مع الضعف الذي أصاب استراتيجية القوى الإقليمية والمجتمع الدولي في مناطق التوتر اليوم في سوريا والعراق، وانتقال الحالة السورية من هدف الحرب على الإرهاب إلى أهداف سياسية أخرى وإرادات دول المنطقة للنفوذ السياسي الخارجي عبر سوريا، وإطلاق اليد لإيران بدعم روسي استغلالاً لشرعية الحرب على الإرهاب من أجل تثبيت النظام وخلق المزيد من الفوضى.
الإشكالية في ليبيا اليوم تستنهض أدواراً جديدة للمجتمع الدولي، وتحديداً الاتحاد الأوروبي الذي يعد أكبر المتضررين من إعادة موضعة مركزية «العنف المسلح» انطلاقاً من ليبيا، رغم الإخفاقات الكبيرة لتجربة فرنسا مع شمال أفريقيا.
الأكيد أنه أمر محبط أن يتأسف الليبيون اليوم على النظام السابق بسبب ما آلت إليه الأوضاع اليوم من انقسام كبير، ليس على المستقبل السياسي لليبيا أو مشاريع إعادة تنميتها وإعمارها؛ بل على مستوى التشدد والعنف وغياب الأمن في بلد نفطي لا يعاني من تضخم سكاني أو انقسامات إثنية أو طائفية.
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.