الإدارية العليا تبدأ نظر 251 طعنا على نتائج المرحلة الأولى من انتخابات النواب    جامعة حلوان تنظم ندوة تخطيط ووضع برامج العمل    انتخابات مجلس النواب 2025.. "القومي للمرأة" يعلن تخصيص غرفة عمليات لمتابعة العملية الانتخابية    وزير الاستثمار: 19% زيادة في الصادرات غير البترولية إلى 40.6 مليار دولار خلال 10 شهور    البيئة: تنفيذ برنامج الصناعات الخضراء المستدامة قبل نهاية العام الجاري    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في فيتنام إلى 90 قتيلا    جيش الاحتلال يزعم اغتيال قيادي بارز في كتائب القسام    نتنياهو يزعم: حماس لا تتوقف عن خرق وقف إطلاق النار في غزة    نصر: قيمة رعاية الزمالك لا تصل للربع بالنسبة للأهلي    «لا سفر لكبار السن فوق 75 عاما بدون مرافق».. «التضامن» يوضح ضوابط حج الجمعيات    أمن القاهرة ينجح في تحرير شخص عقب اختطافه واحتجازه بالقوة    ضبط عاطل قتل جارِه بعد مشاجرة في عزبة عثمان بشبرا    جرس إنذار جديد.. كيف نحمي أطفالنا من التحرش؟‬    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    إقبال من الجمهور الإيطالي والأوروبي على زيارة متحف الأكاديمية المصرية بروما    موعد وحكام مباراة باور ديناموز وبيراميدز في زامبيا    اليوم.. الزمالك يبدأ رحلة استعادة الهيبة الأفريقية أمام زيسكو الزامبى فى الكونفدرالية    تقييم صلاح أمام نوتنجهام من الصحف الإنجليزية    موعد مباراة ريال مدريد أمام إلتشي في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    جامعة بنها تحصد 18 ميدالية في بطولة الجامعات لذوي الإعاقة بالإسكندرية    الزمالك وديربي لندن وقمة إيطالية.. تعرف على أهم مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    المشاط: أدعو القطاع الخاص الياباني للاستثمار في النموذج الجديد للاقتصاد المصري    الكنيسة القبطية تستعيد رفات القديس أثناسيوس الرسولي بعد قرون من الانتقال    يحقق طفرة في إنتاج اللحوم والألبان.. ماذا تعرف عن مشروع إحياء البتلو؟    هيئة الاستثمار: طرح فرص استثمارية عالمية في مدينة الجلالة والترويج لها ضمن الجولات الخارجية    ضبط شخص يدير مصنع بدون ترخيص لإنتاج مشروبات مصنعة بمواد مجهولة المصدر وغير صالحة للاستهلاك الآدمى    تعرف علي التهم الموجهة لقاتل زميله وتقطيع جثته بصاروخ كهربائى فى الإسماعيلية    وزير الخارجية يلتقي وزيرة خارجية كندا على هامش قمة مجموعة العشرين بجوهانسبرج    أسعار الفراخ اليوم "متتفوتش".. اشتري وخزّن    اتحاد الأثريين العرب يهدي درع «الريادة» لحمدي السطوحي    وزيرة التضامن: آية عبد الرحمن ليست مجرد صوت    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    وزارة الصحة: إصابات الأنفلونزا تمثل النسبة الأعلى من الإصابات هذا الموسم بواقع 66%    في اليوم العالمي للسكري.. جامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية    "الداخلية المصرية" فى المركز الثانى عالميا على فيس بوك.. فيديو    قوى عاملة الشيوخ تناقش اليوم تعديل قانون التأمينات والمعاشات    "عيد الميلاد النووي".. حين قدّم الرئيس هديته إلى الوطن    «سويلم» يتابع منظومة الري والصرف بالفيوم.. ويوجه بإعداد خطة صيانة    الوجه الخفى للملكية    الدفاع الروسية: تدمير 75 مسيرة و5 مراكز قيادة تابعة للقوات الأوكرانية    الفن الذى يريده الرئيس والشعب    «هنيدي والفخراني» الأبرز.. نجوم خارج منافسة رمضان 2026    بدء فعاليات التدريب المشترك «ميدوزا- 14» بجمهورية مصر العربية    أولياء أمور مصر: كثافة التقييمات ترفع معدلات القلق بين الطلاب خلال امتحانات الشهر وتؤثر على أدائهم    وزارة الصحة: معظم حالات البرد والأنفلونزا ناتجة عن عدوى فيروسية    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاحد 23112025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    استطلاع رأي: شعبية ماكرون تواصل التراجع بسبب موقفه من أوكرانيا    استشهاد 24 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة    نقيب الموسيقيين يفوض «طارق مرتضى» متحدثاً إعلامياً نيابة ًعنه    وكيل صحة دمياط: إحالة مسئول غرف الملفات والمتغيبين للتحقيق    الصحة: علاج مريضة ب"15 مايو التخصصي" تعاني من متلازمة نادرة تصيب شخصًا واحدًا من بين كل 36 ألفًا    حمزة عبد الكريم: سعيد بالمشاركة مع الأهلي في بطولة إفريقيا    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سميرة المسالمة تكتب : ضحايا الغوطة في ميزان التفاوض لإنعاش «آستانة»
نشر في الوفد يوم 23 - 02 - 2018

تعيد موسكو ترتيب أوراقها ميدانياً، باستخدام القوة المفرطة، لفرض نفوذها في المناطق الضامنة لها في ريف دمشق ومنها الغوطة الشرقية، ونواحي إدلب وصولاً إلى حدود اتفاقيات خفض التصعيد، التي سعت من خلالها إلى تقديم نفسها أمام المجتمع الدولي كحامل لمفتاح الحل، بحكم سيطرتها على سماء سورية، وقدرتها على إسقاط عشرات الضحايا يومياً من السوريين، وهي ترد على خسائرها الميدانية بفعل الضربات الأميركية تارة، واتهامها بتزويد المعارضة ما يمكنها من إسقاط الطائرات الروسية تارة أخرى، وأيضاً هزيمتها الديبلوماسية التي تجلت بفشل مساعيها في توزيع الأدوار سياسياً، من خلال مؤتمر «سوتشي» الذي وضعها آنذاك أمام خيار التعاطي مع نقاط ال12 لمبعوث الأمم المتحدة، منعاً لانهيار تفاهماتها التركية- الإيرانية، وحرصاً على بقاء «شعرة معاوية» مع الأمم المتحدة، بيد أن ذلك أفرز بياناً باهتاً بسبب غياب المعارضة من جهة، وتجاهل متطلبات الانتقال السياسي المطلوب سورياً ودولياً، ما وضع البيان أمام جملة عثرات من بينها رفض النظام تنفيذ مخرجاته أمام الأمم المتحدة.
سعت روسيا منذ نجاحها في إخراج حلب من معادلة الصراع في 2016 إلى الهيمنة على قرار طرفي الصراع السوري، وإبعاد المعارضة عن ما سمي بأصدقاء الشعب السوري، فحيث امتلكت قرار النظام من خلال تدخلها المباشر لحمايته، وفرت لها «القناة» التركية التأثير المباشر في المعارضة، التي روضتها من خلال مسار آستانة، ثم وفرت المناخ اللازم لقبول سوتشي مبدئياً، والتحايل على رفض الشارع لهذا المؤتمر، من خلال ضمان تمثيل تركيا للمعارضة في المؤتمر، وداخل أروقة إعداد مخرجاته، التي جاءت على مقاس تفاهمات آستانة الثلاثية الرعاية.
ويدلل الصمت الدولي عن إدانة المجازر المرتكبة في غوطة دمشق وإدلب، وتحديداً من الشركاء الثلاثة الضامنين لخفض التصعيد، عن حجم التفاهمات التي تتيح للأذرع العسكرية الروسية والإيرانية والتركية استباحة الدم السوري، من أجل إعادة توزيع الحصص من جديد، وفق واقع الهيمنة الميدانية التي تقاسمتها هذه الدول، لقطع الطريق على أي محاولة دولية في تحقيق تسوية، تخرج أي طرف من الأطراف الثلاثة من معادلة الحل في سورية، تحت شعار «تضامنهم يحقق مصالحهم».
وتوضّح الأمر في شكل جلي بعد عودة الولايات المتحدة الأميركية للإعلان عن وجودها عسكرياً وسياسياً، من خلال ضرباتها الموجعة لأرتال عسكرية من الجنود الروس أو المحسوبين عليهم في دير الزور، أو من خلال مبادرتها السياسية عبر «اللاورقة»، التي تحيك دوراً جديداً للأمم المتحدة وللعملية التفاوضية برمتها، وهو ما اعتبرته الدول المعنية «بخفض التصعيد» يأتي على حساب حصتها من الكعكة السورية، ما مهد بداية لتوافقات «التصعيد الشرس» الذي نشهده اليوم من النظام وموسكو وطهران في الغوطة وإدلب، تنفيذاً لما جاء به مسار آستانة، بما يتضمن من تسليم تركيا المعارضة السورية «مكتوفة اليدين» إلى الجانب الروسي، مقابل إطلاق يد تركيا في معركتها التاريخية مع الكرد، تحت ذريعة حماية أمنها القومي والقضاء على إرهاب الكرد، المتمثل بحزب العمال الكردستاني المحظور تركياً.
ويصبح الحديث عن شراكة النظام والمعارضة للضامنين الثلاثة في الاتفاقيات غير مجد، حيث تحول الطرفان إلى ملحق تابع للدول التي تمثلهما، في أي مفاوضات تعقدها هذه الأطراف، ومع هذا فإن ذلك لا ينفي أن النظام السوري مستمر اليوم بخوض معاركه، التي سبق أن تعهد بها أمام حاضنته، والتي توسع مساحته ميدانياً وتفاوضياً، في الوقت الذي تبتعد المعارضة المسلحة (المشاركة في آستانة) عن دورها، لتقع في فخ تنفيذ أجندة اتفاقات خفض التصعيد (من طرف واحد هو المعارضة)، وما هو في سياقها،
كاتفاق الغوطتين، متضمنة المصالح الروسية والإيرانية والتركية، والتي تتقاطع مع رغبة النظام السوري في استعادة السيطرة على مناطق اتفاقات خفض التصعيد، في الغوطة وإدلب ومنها مناطق النفوذ الكردية، وحتى الجنوب السوري المحاذي للحدود مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى نهج معارضة آستانة، يتخذ بعض المعارضة السياسية موقفاً يتساوق مع موقف تركيا من مجريات المعارك في سورية، ويبتعد عن أي مسؤوليات وطنية تجاه المكونات السورية وما يحدث للسوريين من مجازر على يد الدول الضامنة لاتفاقيات آستانة.
وضمن أجواء هذه الحرب المستعرة في سورية، ومع تغيير في قواعد الاشتباك بين المتصارعين على سورية من الدول الثلاث، في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيين، يدفع المدنيون السوريون في الغوطة وإدلب وعفرين ثمن هذه الخلافات الدولية من جهة، وتلك التوافقات الإقليمية الروسية من جهة ثانية، ويصبح دمهم المراق حبراً لرسائل متبادلة بينهم، بهدف تغيير خريطة تقسيم النفوذ، وصياغة تسويات يتم فيها «قصقصة» سورية وفق مصالحهم، كما يمهد هذا العنف المبالغ به لإعادة رسم خريطة التوزيع الديموغرافي لسورية، حيث يراهن النظام من خلال هذه الحملة الشرسة على ترحيل آلاف العائلات من الريف الدمشقي ليحل مكانهم ما يتجانس وفكرة إحاطة العاصمة بحزام بشري من الحاضنة الموالية للنظام وإيران سياسياً ومذهبياً، باعتبار دمشق وريفها من حصة طهران، في خريطة توزيع الحصص وفق خفض التصعيد المتفق عليه.
وترسم تركيا في معركتها ضد الكرد في عفرين حدوداً جديدة، لمساحة حركتها إقليمياً ودولياً، ليس فقط في تمدد قواتها العسكرية داخل الأراضي السورية، ولكن في استعادتها زمام المبادرة بعد أن فقدتها، خلال الفترة التي احتاجتها لترميم علاقتها مع روسيا، والتعافي من واقعة إسقاط القوات التركية الطائرة الروسية عام 2015، ما أتاح الفرصة لروسيا في استثمار الضعف التركي أمام الملف الكردي، الذي تضعه الولايات المتحدة الأميركية ضمن أولوياتها، وتحت حمايتها، وهو ما باعد بين واشنطن وأنقرة، وقرب بين روسيا وتركيا وإيران وضمناً النظام السوري.
ووفقاً لهذه التطورات فإن كلاً من روسيا وإيران يعول على الاستفادة من توسيع مواقع نفوذه، وانحسار سيطرة المعارضة، وإبعادها عن العاصمة ومحيطها، وكذلك عن محيط إدلب إلى شرق السكة، ما يؤهلهما للجلوس من جديد على طاولة تفاهمات دولية تجمعهما مع الولايات المتحدة الأميركية، آخذة في الاعتبار التغييرات العسكرية الميدانية.
ويمكن القول إن مئات الضحايا في سورية الذين يسقطون بنيران ثلاثي آستانة هم من يضع جدول أعمال القادة الثلاثة (بوتين وأردوغان وروحاني) الذين سيجتمعون بعد انتهاء حروبهم الشرسة في سورية، والتي يتوقع استمرارها إلى الشهر المقبل، حيث التحضيرات جارية لقمة ثلاثية تعيد إنعاش اتفاقات آستانة من مواتها الحالي، كما تهيئ لخطاب النصر الذي سيلقيه الرئيس فلاديمير بوتين أمام ناخبيه في روسيا قبل بدء العملية الانتخابية الرئاسية في (18 آذار- مارس المقبل)، ويؤكد من خلاله أيضاً رعايته الحل السياسي في سورية، ما يبرر عقد جولة تفاوض جديدة (جنيف 9)، ولكن وفق شروط الأمر الواقع، الذي تفرضه حال الغوطة الشرقية المدمرة وأهلها المشردين، وكذلك إدلب وعفرين، تحت عين وسمع المجتمع الدولي.
وبينما تحصي الغوطة ضحاياها، يحتسب زعماء دول الصراع في بلادنا غنائمهم، التي من أجلها تغيرت مواقعهم على خريطة الصراع في سورية، وتحولوا من أعداء إلى أصدقاء في ما بينهم، وضد السوريين، في دوران مستمر خلف مصالح دولهم، التي نمت على حساب تدمير سورية وتشريد أهلها، ودعم أطراف الصراع للاستمرار في استثماره حتى حلول موعد التفاهمات الأميركية- الروسية.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.