جراحات التجميل ، البحث عن الجمال ، الله جميل يحب الجمال ، الهوس الدائم بالذات ، بات يشغل الأغنياء ، القادرين على دفع الأرقام الفلكية ، لتجديد الشباب وإعادة عجلة الزمن الى الوراء ، خاصة فى الدول العربية ، التى لم تعد تلك الجراحات حكرا على النساء فحسب ، بل امتدت لتشمل الرجال أيضا ، وثبت أن تلك الجراحات التجميلية على سبيل المثال ، تتجاوز فى انفاقها المئة مليون دولا سنويا فى الكويت ، اللهث وراء تقليد المشاهير ، حتى لو لم يتلاءم مع طبيعة سماتنا العربية ، بعض تلك الجراحات تثير الشفقة ، فلا نكاد نصدق أحيانا أن هذه الصديقة أوهذا الصديق قد تحول الى مسخ ، إغتالته يد القبح ، ليرضى نوازعه المرضية ، فهو لايعترف بتقدم العمر ، ويعتقد أنه قادر على طمس تجاعيد الزمن ،طالما وجد المال فهو قادر على شراء كل شئ بمافيها الشباب والجمال ، ولم لا بعد هذا التطور الهائل فى طب التجميل ؟ لكن على الجانب الآخر من الجمال المصطنع لا أعرف لماذا تففز الى ذهنى ، صورة المرأة فى الصومال العربى ، وطوابير النسوة الحفاة ، والطير يعشش فوق الجباه ، بأجسادهن العليلة تكفن وجه البراءة ، والرضع فى احتضار ، موت بلا بكاء ، قلوبهن معلقة على الأرصفة والطرقات ، هنا بقايا من كانوا بالأحشاء ، كن يدخرن الولد عكازا عند المشيب ، فلا كسرة خبز أو رشفة من حليب ، فى بلاد أنهكتها المجاعة والحروب كانها الى زوال ، مازال التناحر فى الصومال لايفارقه كأنه حق أصيل ، يتضورن جوعا ، لإنقاذ من تبقى من فلذات الأكباد ، بيوت من القش والصفيح ، يصرخن من مستقبل ملغوم لاتلوح نهاياته ، المرأة فى فلسطينالمحتلة ، أولادها ليسوا ملكا لها ، ملك للوطن ، مشروع شهداء ،على مدار ستين عام ، تؤمن بقضيتها وستظل تناضل حتى استعادة كامل تراب فلسطين من يد صهيون تقفز الى ذهنى المرأة المصرية ، خاصة المعيلة التى تقوم بكل الأدوار من أجل إنجاح مشروعها الأسرى ، الملايين منهن تسكن القبور تتحملن شظف العيش ، يتحملن قسوة الفقر والجوع ، ورغم ذلك تكافحن ، تعملن دون تذمر ، فالإيمان بما تقدمه يجعلها قادرة على إكمال رسالتها تجاه اسرتها وغيرهن ممن قامت فى بلادهن ثورات الربيع ، فافترشن ميادين التحرير ، من أجل العدالة والتغيير ، قدمن الشهداء ، قدمن نور العيون ، كم داوت أصابعهن جروح الملح للمصابين ، وكن الى جوار الثوار عونا ، ومازالن فالمشوار طويل ، الى أن تتحقق أهدافهن ،التى لم يكن لتتحقق دون تضحياتهن ، والتاريخ يشرف بالعديد ، حفرن أسماءهن بحروف من نور هؤلاء قمن بأكبر عمليات تجميل للأوطان ستظل باقية ، لن تزول ، تجميل لواقع أليم عاشته بلادهن ، إزالة الفساد والظلم ، وبدء صفحة جديدة ناصعة البياض للقادم من الأجيال ، تسطرها أناملهن على خد التاريخ ، هؤلاء إرتأين أن الجمال الحقيقى ينبع من نظرتهن للحياة ، الأمومة لديهن تأتى فى أولوياتهن ، القيمة الأعلى فى الحب، والعطاء من أجل العطاء ، قيمتهن ليست فى مساحيق التجميل المبالغ فيها ، فتهدر المليارات على المنتجات الذى يبثها الإعلام ، عبر وسائله من خلال الإعلانات البراقة ، فيهرعن لتكبير الشفاة أو تغيير ماخلقه الله فى وجوههن وأجسادهن ، لتشبهن فنانة بعينها ترون فيها القدوة السعادة حين تشعر بآلام الآخرين ، تشاركهم ، تدعمهم ، فلاتدع وجهك وجسدك محور حياتك ، يمنعانك من أن تساهم أوتفكر وتبدع ، لاتضع متع الحياة الزائلة جل همك ، فتعب منها ماتشاء ، لأن الله أنعم عليك بالفيض الوفير ، تمتع ، لكن ساهم فى إضفاء البهجة والفرحة ، على قلوب المعذبين والمشردين ، قفزت الى ذهنى الأم " تريزا " الشخصية الإنسانية الرفيعة التى سيذكرها التاريخ ، " تريزا " التى وهبت حياتها من أجل فعل الخير ، من أجل خدمة الأطفال المهملين ، وخدمة الفقراء وكبار السن المحتاجين للعون ، فى كل أنحاء العالم ، فاستحقت الإحترام والتقدير ، وكان أرفع وسام نالته جائزة نوبل للسلام جمال المرأة فى روحها وعقلها ، فى حنانها واحتوائها ، أنوثتها فى صدقها وبساطتها ، فى ابتسامتها التى تكفى البشرية ،الجمال فيما فطرنا عليه الله الجمال فى العقول ." فماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه "