الإسكندرية - شيرين طاهر عاشت تعطى بلا حدود حتى لحظة موتها، لم تحصل على شىء غير الإهانة والسبب والقهر والذل والغدر، كانت مكافأة نهاية خدمتها لزوجها وأولادها هى التعذيب حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، لتكون آخر كلماتها أولادى ارحلوا اتركوا هذا الأب اللعين، حتى آخر لحظات فراقها وهى تخشى علينا من هذا الرجل، أخجل أن أقول عنه «أبى»، بالفعل فهو لم يستحق أن يكون أباً لأنه مجرد من أى مشاعر للأبوة، منذ أن فتحت عينى وأنا أجد والدتى هى التى تعانى أنا وأشقائى وتبادلنا الحب والحنان ومشاعر الأمومة الجميلة،رغم أن ترتيبى الوسط فى أشقائى ولم أقض معها عمراً طويلاً مثل أشقائى، إلا أننى كنت أشعر أكثر واحد بها وأرى دموعها التى كانت تخفيها عنى حتى لا نشعر بحزنها أنا وأشقائى، لم تعلم أننا رغم صغر سننا نفهم كل شىء ونعلم تماماً أنها تعيش حياة قهر مع والدى، فهو كان رجلاً طويلاً ويتمتع بعضلاته القوية ودائماً كان يستعرض بها علينا نحن وأمنا، ويستمتع بضربه لنا وكأنه يتصارع فى ملاعب الملاكمة، فهو كان يعيش فى المنزل كأنه يمثل شخصية «سى السيد» دائماً سب وإهانة ولم أره يوماً يبتسم لنا ولا يأخذنا فى أحضانه مثل باقى الآباء، فهو كان دائم الشجار معنا والتعدى علينا بالضرب، وعندما تحضر والدتى لإنقاذنا منه كان يقوم بالتعدى عليها بالحزام ولم يسمع إلى توسلاتها ولا صراخنا، ولم يتركها إلا والدماء تسيل بجسدها، عقب ذلك يتوجه لتناول الطعام وارتداء ملابسه للخروج للتنزه مع أصدقائه، تجلس والدتى تبكى ونحن فى أحضانها ولم تجد أمامها غير الدعاء له بالهداية، ولكن للأسف ظلت تدعو له بالهداية ولم تعلم أنه «إبليس» ولم يهتد أبداً حتى الموت. بالفعل هذا الوصف بسيط له هو لم يكن إنساناً فهو مجرد من كل معانى الإنسانية لم يخش الله فهو كان يتمتع بشخصيتين ظالم قاهر لأسرته، وشخصية أخرى مع زملائه يتعامل معهم بكل ذوق ومجاملات نعم كان بوجهين، كنت أسمع منه الكلام المعسول وهو يتحدث مع زملائه فى التليفون، لم أسمعه يتبادل معنا هذه الكلمات الرقيقة والمعايدات الجميلة مثلاً يفعل مع زملائه والأقارب، كان يكرهنا بشدة ودائماً يسب والدتى ويقول لها هؤلاء الأبناء هم سبب تعاستى فى الحياة، أنا أكرههم ولم أفكر فى الإنجاب إنتى السبب، فهو تزوج فقط من والدتى زواجاً تقليدياً، ولكنه للأسف لم يحبها يوماً من الأيام ولم يقدر لها الأيام التى ضحت فيها من أجله ومساعدته فى رحلة كفاحها معه حتى أصبح صاحب شركة، تناسى تماماً أنها كانت تحرم نفسها من ملذات الحياة وما تشتهيه نفسها من الطعام من أجل أن توفر لوالدى متطلباته، كانت دائماً تبخل على نفسها وتحرم نفسها وتمرض ولم تشعر أحداً بمرضها خوفاً عليه وتوفيراً له، عاشت طوال حياتها فى طاعته تحاول أن تلبى له كل متطلباته، كانت على أمل أن يتغير ويشعر بها كإنسان تحبه وتخشى عليه من عقاب الله، كنا أحياناً كثيرة نلومها ونحملها المسئولية لأنها تحملته وظلت تعيش معه بعد أن اكتشفت أحلامه وتنجب منه 5 أطفالا، كانت تبتسم وتقول لنا لأنى كنت أشتاق إليكم وهذه أجمل هدية حصلت عليها من والدكم، وتكتم أنفاسها داخلها وتقول هذه عاداتنا وتقاليدنا وكان لازم أحترم هذه العادات والتقاليد، وهى أن البنت عندما تتزوج لم تخرج من بيت زوجها إلا لقبرها، هذا بالفعل ما فعلته أمى تحملت كثيراً حتى فارقت الحياة، وأملها الوحيد أن يعوضها الله بهذا الصبر بالجنة، لا أحد يصدق أن هذا الرجل إبليس كان عندما يغضب مننا يقوم بمعاقبة والدتى بتجريدها من ملابسها فى الشتاء والبرد ويقوم بالاعتداء عليها بالضرب، كان اعتقاده أن الرجل هو الذى يفرض سيطرته على المنزل، ويرى فى أعيننا الخوف بدلاً من الحب، حول حياتنا إلى مأساة نخاف كلنا وقت حضوره للمنزل وكأنه عشماوى، ونفرح ونلهو ونلعب عندما يغادر المنزل، كنت أشعر أحيانا كثيرة أنه ليس والدى كنت أنتظر لحظة دخول أب حنون عطوف علنيا يأخذنا بين ذراعيه ويبتسم لنا مثلما كنت أر ى زملائى فى المدرسة، عاشت والدتى فى خدمتنا طوال حياتها هدفها الوحيد هو حمايتنا من بطش والدي، وكان طلبها الوحيد لنا هو الحصول على أعلى الشهادات لأنه كان دائماً يهددنا بالطرد من المنزل فى حالة رسوبنا، كنا بالفعل أنا وأشقائى نذاكر ونحصل على أعلى الدرجات ليس خوفاً منه ولكن لإسعاد والدتى التى كانت تستحق أن ترى السعادة التى حرمت منها، بالفعل تحقق حلمها وحصلنا على أعلى الشهادات وتزوجت شقيقاتى واعتقدنا أن والدى سوف تتغير أحواله خاصة بعد أن كبرت سنه ولكن للأسف، السن تكبر والجبروت والكراهية تستمر معه، ولكنه تناسى أننا أيضاً كبرنا ولم نعد نتحمل إهاناته لأمى قمنا بالتصدى له أثناء محاولته التعدى عليها بالضرب كان عقابه لنا محاولة طردنا من الشقة، بالفعل خرج شقيقى بعد أن فاض به الكيل من عذابه، رفضت أن أخرج وبقيت مع والدتى كنت أشتغل ليل نهار حتى أستطيع أن أدبر مقدم شقة وآخذ والدتى ونترك هذا القهر والذل ولكن للأسف القدر كان أسرع منى، حدثت مشاجرة بين والدى وأمى لرفضه الإنفاق على المنزل وطمعه فى أموالنا أنا وشقيقى التى كنا نحتفظ بها مع والدتى، جن جنونه لرفضها إعطاءه ما لديها من أموال تحتفظ بها قام بالتعدى عليها بالضرب وتعذيبها ونظراً لكبر سنها لم تستطع أن تتحمل سقطت مغشياً عليها بحجرة نومها، دق جرس التليفون علىّ وأنا أعمل لأجد والدى يطلب حضورى على الفور ويخبرنى بحالة والدتى، توجهت إليهم على الفور لأجد بجسدها آثار تعذيب، صرخت أطلب منها أن تعيش من أجلى، لفظت أنفاسها الأخيرة وهى تقول لى اترك هذا البيت وخذ أشقاءك ابعدوا عنه، وفارقت أمى الحياة ولكنى لم أرتح أبداً إلا وأنا أرى والدى يعدم أمام عينى فهو لم يستحق العيش أبداً، فهو عشماوى الذى قضى على حياة أمى هو جعلها تحيا ميتة طول حياتها، تحملته طويلاً ولكنها انهارت وخارت قواها وماتت نتيجة ضربه وتعذيبه لها..!!