كتب – أحمد شرباش طار عقل الشاب من الفرحة بعد أن علم بموافقة أهل عروسته عليه، وأنهم يعتزمون إتمام الخطوبة، بعد جلسة تعارف بين أهل الطرفين والاتفاق على تجهيزات العُرس. ظل محمد صاحب ال22 عاماً يحلم باليوم الذى ستكون فيه «ولاء» ملكاً له ويجمعهما جدران بيت واحد، بعد أن أنفق كل تحويشة عمره هو والده فى تجهيزات عش الزوجية لكى يكون مناسباً لعروسته، وكتابة فصل آخر من حياتهما فى ذلك البيت، فصلٌ لا يعرف معنى للحزن والتعاسة ولا شىء فيه سوى الحب والتضحية وأصوات الأطفال. انتهت فترة الخطوبة بسرعة، كانت المشكلات بينهما يمكن تجاوزها فلم تصل فى إحدى المرات إلى الإهانة التى تقف عندها ويستدعى وضع حد فاصل لإنهاء تلك الخطوبة، أعتقد الشاب أن الفتاة متيمة به، وأنه تعمق داخل قلبها إلى الحد الذى جعله يفهمها، وأنه أبحر فى أسرارها منذ نشأتها، ولم تخف عليه شيئاً، ولم يتوقع أن بداخلها جزء مظلم لم يصل إليه. كانت الفتاة تتغير ملامحها كلما رأت وجه خطيبها وتحاول أن تفهمه بشكل غير مباشر بأنها لا تريد أن تكمل حياتها معه، وأنها أكرهت على الارتباط به، وأن هناك شخصاً آخر قد ملك قلبها واستحوذ على كامل تفكيرها، وكيانها لكن الشاب كان له تفسيراته الأخرى التى جعلته لا يفهم خطيبته من نظراتها وتعبيراتها، كان يفسر ذلك فى نفسه بأنها دلال، وأنها ما زالت لم تتعود عليه بعد، وبدلاً من أن يبحث عن الحقيقة استعجل الزواج منها لإنهاء كل ذلك داخل عش لتتغلب عروسه على خجلها. مع كل يوم يقترب فيه موعد الزفاف كانت تشعر بانقباض فى روحها، وكأن شيئاً يخنقها إلى حد يصعب فيه التنفس، كلما نظرت حولها شاهدت عيون بداخلها السعادة، والكل يبارك لها، وأسرتها تنفق كل ما تملك لإتمام زواجها بنجاح فوالدها يريد أن يطمئن عليها فى منزل زوجها، فهو يعمل بالحكمة القائلة «جواز البنت سترة»، خاصة بعد أن رأى فى «محمد» خطيب ابنته بأنه مناسب لها. رغم فترة الخطوبة التى عاشتها لم تنقطع الاتصالات بينها وبين حبيبها الذى ظل يتواصل معها طوال تلك المدة، ورفض الاثنان أن ينفصلا عن بعضهما، كانت كلما تخلو إلى نفسها تعتبر ذلك وقتاً مناسباً لمحادثة حبيبها لتشكو له مرارة الأيام التى فرقت بينهما ويلعن هو الآخر الظروف التى وقفت عائقاً أمامه وجعلت كلاً منهما فى أحضان شخص آخر، كان كلما تحدث الاثنان لا يعرفان بأنه ليس من حقهما تلك المكالمة، وأنهما يأتيان على حق شخص آخر منحها ثقته، لكنها تعودت على الخيانة وعدم تقدير مسئوليتها المرة الأولى كانت بخيانة ثقة أهلها وتعرفها على شاب دون علمهم، والأخرى خطيبها الذى يعيش فى عالم آخر بعيداً عنها. فى حفل عائلى صغير تم زفاف العروسين إلى عش الزوجية، ليبدآ حياة جديدة وإنهاء فصل من حياتهما، وقتها وضعت والدة الفتاة رأسها على وسادتها وغطت فى النوم العميق بعد أن أزاحت عن كاهلها مسئولية فتاة أصبحت فى عصمة رجل، كانت السعادة تغمر قلب الأسرتين، والشفاه تعلوها الابتسامة وترديد المباركات على الزيجة. «محمد وولاء» كانت تكره أن تسمع تلك الجملة فهى لا تطيق حروف اسمه، كان كلما اقترب منها تشعر وكأن شبحاً يهجم عليها، لم تتحمل تلك الحياة كثيراً، وبعد مرور أيام لا تعد على أصابع اليد الواحدة من الزواج تواصلت مع حبيبها السابق لتنهره بشدة على أن تركها مع ذلك الذئب – من وجهة نظرها-، ليقوم الآخر بتهدئتها ويوعدها بإنهاء ذلك الكابوس فى أقرب وقت. 12 يوماً فقط هم عمر زواج «محمد وولاء»، كان وقتها منزل العروسين لم يخل من المهنئين، وما زال يتردد عليهم الأهل والأصدقاء للمباركة لهما، لم يتوقع أحد أن من حضر للتهنئة والمباركة سيزورهم مرة أخرى ولكن لتقديم واجب العزاء فى العريس، لم يعتقدوا أن تكون ولاء اسماً فقط يخلو من صفاته، وأنها ستضحى بزوجها وهو ما زال فى بداية حياته معها من أجل عيون حبيبها. فى اتصال اعتادت عليه أن تجريه مع حبيبها السابق فى الخفاء اتفق الاثنان على التخلص من الزوج الذى يحول بينهما لكى يتزوجا ويعيشا حياتهما على دماء شخص بريء منهما ومن أفعالهما، اختمرت الفكرة فى ذهن شياطين الإنس وفكرا فى حيلة للهروب من رجال الشرطة، فى اليوم ال 12 من زواجهما خرج العروسان للتنزه، كان محمد فى قمة سعادته فمن حلم بها هى الآن ملك له، لكن الأخرى كانت ترى فيه ذئباً يجب التخلص منه. تأخر العروسان فى رحلتهما خارج المنزل، ولكن كان لا يعلم أن ذلك من ضمن خطة عروسته للخلاص منه، فقد كان فى انتظارهما عشيقها وصديقه للتخلص منه، أثناء سيرهما ظهر أمامها شخصان ملثمان تعديا على العريس بالضرب وهشما رأسه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، بينما كان هو يدافع عن نفسه وعن عروسته ولا يعلم أنه يدفع ضريبة مخالفة لم يعلم عنها شيئاً، ليتركوه جثة هامدة، وتذهب الفتاة إلى قسم الشرطة لإنهاء آخر فصل فى الرواية القصيرة. بدموع التماسيح وصرخات الخيانة توجهت إلى قسم الشرطة تبلغ عن جريمة قتل زوجها، «قتلوا جوزى» أخبرت بها ضابط المباحث لتحرير محضر لها وتابعت أنها تعرضت لسطو مسلح من قبل مجهولين واعتدوا على زوجها بقطعة خشبية مات على أثرها. بعد مرور 48 ساعة على الجريمة تم كشف لغزها، وتبين أن الزوجة وعشيقها وصديقه وراء ارتكاب الواقعة، فتم القبض عليها، «كنت بكرهه ومش قادرة أعيش معاه» استهلت بها المتهمة حديثها عن الواقعة أمام ضباط المباحث، وتابعت أنها اختلقت واقعة مقتله على يد مجهولين من أجل الهروب من قبضة العدالة والزواج من عشيقها ولتعاقب هذا الزوج الذى كان غبياً ولم يتفهم مشاعرها ولا رفضها الصامت له.. كان يفسر صمتها الرهيب على أنه دلال نساء..!