مع إشراق صباح أول أيام شهر يناير أصدر السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان المرسوم السلطانى رقم (1) لسنة (2018) ونص على التصديق على الميزانية العامة للسنة المالية الجديدة، وذلك فى التوقيت السنوى المحدد لإعلانها دون تأجيل، ليبدأ العمل بها اعتبارا من اليوم الأول من شهر يناير مما يعد أحد المؤشرات على قوة الوضع الاقتصادى للسلطنة. تشهد السنة الجديدة أيضًا تنفيذ برامج ثالث مراحل الخطة الخمسية التاسعة (2016 – 2020) فى اطار تفعيل التخطيط الاستراتيجى. وتعكس مؤشراتها استمرار تصاعد معدلات النمو الاقتصادى، والتوسع فى تنفيذ أهداف التنمية الشاملة وفقا لبرامج الرؤية المستقبلية للاقتصاد العمانى، التى يتم التخطيط للعمل فى إطارها حتى سنة 2040. أكد خبراء الاقتصاد أن القراءة الأولية للموازنة تشير إلى أنها قادرة على التعامل مع المتغيرات الجيو- اقتصادية العالمية التى تتواصل منذ منتصف عام 2014. كما تعكس استمرار التقدم التدريجى للاقتصاد الوطنى، وتهدف إلى تحقيق ضمان الاستدامة المالية للدولة وحفز النمو واستقرار المستويات المعيشية للمواطنين؛ وقد انتهجت الحكومة فى إعداد الموازنات العامة للدولة فى الفترة المنصرمة، منذ انهيار أسعار النفط فى منتصف عام 2014، سياسات تنويع استخدام آليات مواجهة الانخفاض الحاد فى الإيرادات لتفادى أية تبعات حادة. ونتيجة لذلك تجنبت تماما الدخول فى مرحلة انكماش اقتصادى. وتستهدف الموازنة الجديدة وبرامج الخطة الخمسية مواصلة دعم الاستقرار الاقتصادى، والمحافظة على سلامة المركز المالى للسلطنة، ومتابعة تنفيذ الخطط الحكومية، مع إتاحة الفرصة للقطاع الخاص للقيام بدوره الريادى فى الأنشطة التجارية والاقتصادية. إلى جانب تشجيع الاستثمار المحلى والأجنبى، وتفعيل حزمة الحوافز والتسهيلات الجاذبة، مع تبسيط الإجراءات الإدارية وتحسين بيئة ممارسة الأعمال، بالإضافة الى تعزيز فوائض الموازين الخارجية, وزيادة الاحتياطات من العملات الأجنبية بما يحافظ على قوة وسلامة استقرار الريال العمانى. تمهيدا لإعداد الميزانية العامة للدولة للسنة المالية الجديدة، عقد مجلس الشئون المالية وموارد الطاقة عدة اجتماعات لاستكمال مناقشة الأسس والافتراضات التى تم على أساسها إعداد تقديراتها. واستعرض المجلس الأوضاع الاقتصادية العالمية وتأثيراتها على الاقتصاد الوطنى وأطر الموازنة، بما فى ذلك الأسعار العالمية للنفط واتجاهاتها على المدى المنظور، كما حدد المجلس الإطار العام لبنودها. وتدارس تقديرات الإيرادات والإنفاق ووسائل التمويل المقترحة فى ضوء المستجدات مع اتخاذ إجراءات كفيلة لاستدامة الإنفاق ضمن المستويات الآمنة. على ضوء ذلك استهلت سلطنة عُمان تنفيذ ميزانية طموحة فى ظل مناخ يسوده التفاؤل والأمل. لذلك بدأ الاقتصاد العُمانى العام الجديد فى أجواء ايجابية، مدعوماً بارتفاع أسعار النفط، وسياسات حكومية عديدة أسست لنمو بشّرت به مؤسسات وطنية ودولية. تعكس أرقام الموازنة حرص الحكومة على العناية بكل ما يمكن أن يسهم فى تحقيق حياة أفضل، تنفيذا لتوجيهات السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، مع إعطاء عناية خاصة للشباب وللأسر حديثة التأسيس التى تتكون من زوجين جديدين وأطفال صغار وتمثل أهم الشرائح الاجتماعية الأقل دخلًا. تتحقق هذه الاهداف باستخدام آليات متعددة ومتنوعة، منها تقديم أفضل مستوى من الرعاية فى مجالات الصحة والتعليم والإسكان والمجالات الاجتماعية ذات الصلة المباشرة بحياة كل أسرة، حيث خصص لهذه القطاعات نحو 3 مليارات و880 مليون ريال عُمانى تمثل الحصة الأكبر من الموازنة نظراً لأهميتها للبعد الاجتماعى وملامستها لحياة المواطنين بصورة مباشرة. يؤكد المحللون أن من أهم أهداف استراتيجية التنمية المحافظة على الإنجازات التى حققتها السلطنة فى مختلف المجالات، وخاصة البنية الأساسية. وعلى امتداد السنوات الماضية قررت الحكومة إجراء ترشيد مبرمج للإنفاق العام، معززاً بتنويع لمصادر الدخل الوطنى بعيدا عن النفط كمصدر دخل أساسى، ومعتمدة على تفهم واعٍ لطبيعة الدورة الاقتصادية الوطنية. وشكّل انطلاق العديد من البرامج التنفيذية القرار الأبرز خلال 2017، وأتت أُكلها الاقتصادية الإيجابية سريعاً. تزامناً مع المشروعات الجديدة للنقل والطرق والموانئ، تترقب السلطنة افتتاح واجهتها الرئيسية مطار مسقط الدولى الجديد، الذى يشكل إضافة نوعية وفارقة فى المشهد الاقتصادى. كما تنمو المناطق الصناعية المنتشرة فى محافظات السلطنة، بوتيرة مستقرة، صاعدة سلم الاقتصاد الوطنى بصناعات مختلفة، قادرة على اتخاذ مكانها فى السوق العالمى، وبدعم وعناية الحكومة التى تعمل للترويج للصناعة الوطنية. على سبيل المثال انتقلت منطقة الدقم الاقتصادية الى آفاق العالمية، إذ تشهد نجاحات متواصلة، ليستمر مشروع القرن فى طريقه، ولتغدو الدقم من أبرز المناطق الاقتصادية فى العالم. وتوثق التقارير الدولية قوة الاقتصاد العُمانى وثباته، ولا تتردد فى الإشادة به، مع التأكيد على نموه المستمر، سواء المرتبط بالسياحة أو قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الذى شهد تنامياً منقطع النظير. وعلى عتبة أول العام الجديد، تستعد حاضنة القطاع الخاص، غرفة تجارة وصناعة عُمان، لاستقبال فريق جديد بفقهه ونهجه يجسد مرحلة جديدة من إدارتها للملف الاقتصادى، وبما يناسب احتياجات القطاع الخاص ومتطلباته المرحلية.