قد تصدمين من المفاجأة عندما تجدين علبة سجائر في دولاب طفلك البالغ من العمر 12 عاماً، وربما لن تتخيلي أبداً أنها ملكه .. هكذا اعتقدت أيضا والدة ماركو، إلا أنها نهرته عندما اكتشفت أنها له، وعندما تكرر الأمر آثرت الكتمان خوفاً أن يتهمها زوجها بالتقصير في تربية الطفل، إلى أن ضبطت نصف إصبع حشيش في ملابس طفلها.. لم تدر الأم ماذا تفعل وكيف تواجه المصيبة.. في البداية لم تتمالك نفسها فضربته ضربا مبرحا، وعندما تكرر الأمر واكتشفت شرائط الأدوية التي يتعاطاها ماركو قررت أخيرا أن تخبر زوجها بما وجدته ، فضربه هو الآخر وزاد على ذلك فقرر أن يؤدبه بطرده من الشقة ليعيش مع جدته وحيداً بعيداً عن شقيقه ووالديه ..! وحتى الآن لا يعلم الأب أن ماركو ظل غارقاً في الدخان الأزرق لمدة 5 سنوات منذ بلوغه عامه ال11، أي منذ سفره للعمل بالخارج، معتقداً أن سعيه لجني الأموال هو ما يؤمن مستقبل أطفاله، وكله ثقة أن زوجته تستطيع أن تقوم بدوره الحازم في تربية الصغار إلى جوار دورها الحنون في الوقت ذاته. فتش عن الأسرة يقول ماركو: " أهلي سبب اللي انا فيه، مهتموش برعايتي ولا ادوني الحنان والاهتمام اللي كنت عاوزه منهم .. دايما بيفضلوا أخويا عليَّ .. ودايما بيدوه كل الحنان .. وحتى لما اتعالجت كل ما انزل أجازة أقضيها معاهم أطلب منهم أي حاجة يقولوا لي مفيش والأجازة اللي بعدها ألاقيهم جايبنها لأخويا كأنهم بيغيظوني.. ولما أسألهم يقولوا لي احنا صرفنا عليك كتير في علاجك .. أنا بجد الموضوع ده بيضايقني كل ما افكتره، ومش عاوز أفكر في حبهم الزايد لأخويا عني، أنا عاوز أركز إني أخف واشوف لمستقلبي .. صحيح أنا وقعت بس عاوز أنفض هدومي وأقوم". بدأ ماركو طريق الإدمان بشرب سيجارة بعد أن عايره أصدقاؤه في المدرسة الإعدادية بأنه ابن أبيه وأمه، مؤكدين له أنه لن يستطيع مخالفة أوامر والديه وأنه أجبن من تناول سيجارة.. يقول: بدأت بسيجارة ثم تطرقت للحشيش فالبانجو، حتى وصلت إلى "الكيميا" بأنواعها (عقاقير)، بعدها تبدل حالي من الفتى الطيب المطيع إلى إنسان عصبي شرس " بجر شَكَل" كل من يقابلني.. وعن حالته الصحية يصفها قائلا: جسمي "مكسر" دائماً " ، وبعرق وأريل وأنا نايم" وعندما أستيقظ لا أقوى على استجماع طاقتي . من التفوق للنصب كان ماركو طفلاً متفوقاً ،وبحسب تأكيده، كان ينافس ابن مدير المدرسة في الدراسة، ولكن تبدلت أحواله مع الإدمان .. ويحكي: سافر أبي ليعمل، فلم أجد من يحثني على المذاكرة ولا يفرق لي بين الصح والخطأ، وعندما علم بإدماني طردني من المنزل لأعيش مع جدتي كنوع من العقاب، إلا انني عشت معها حياة أكثر رغداً، حيث كان الأكل يومياً من خارج المنزل، وأغيّر الموبايل وقتما أشاء بالأحدث، وأعيش تقريباً بلا رقيب فأفعل ما يحلو لي . لم يتحول ماركو من الطفل المطيع إلى مدمن فقط، بل تطورت مهاراته ليصبح سارقاً ونصاباً وهو بعد ابن ال 13 عاماً، لتصل غنيمته اليومية من سرقة الموبايلات والنصب حوالي 2000 جنيهاً ، وعندما ارتفع عدد ضحاياه بصورة كبيرة، قرروا إهدار دمه، فلجأت أسرته إلى إيداعه في الدير لأنه المكان الآمن الوحيد، ومن هنا قررت أمه أن يبدأ في رحلة العلاج. للكبار فقط وعن رحلة العلاج والعذاب يقول ماركو: في البداية ذهبت إلى "ديتوكس" وهو مكان يتم فيه تنقية الدم من المخدر، تأهيلاً لذهاب المدمن إلى مكان علاجي، ولكن عندما ذهبت إلى "هاف واي" أحد مراكز العلاج ، رفضوني لصغر سني، بعدها ذهبت إلى مكان اسمه "المنيا" تابع للكنيسة الكاثوليكية، ولكني عانيت فيه الأمرين وفشل علاجي، أولاً كانوا يتركون لنا الموبايل وبالتالي لا تنقطع علاقتنا بأصحابنا المدمنين ولا تتعدل سلوكياتنا، وعن سوء المعاملة فحدث ولا حرج، يشتمون المرضى بألفاظ بذيئة، فضلا عن تعذيبهم بالكهرباء . ويضيف: ما وضعني على حافة العلاج الحقيقي وجعلني أستمر في التوقف عن الإدمان منذ أكثر من ثلاثة شهور، حسن المعاملة التي وجدتها هنا في مركز الحرية لعلاج الإدمان، حيث وجدت من جميع المعالجين حباً غير مشروط وبلا مقابل. نصيحة طفل في النهاية ينصح ماركو الأطفال قائلاً: " بلاش تدخل في طريق الإدمان .. هتخسر أهلك وفلوسك ودنيتك .. أنا في ثانوية عامة وضاعت عليَّ السنة بسبب العلاج، كان نفسي أدخل كلية ألسن أو حقوق .. ويختم: لو كنت مدمن إدي نفسك فرصة تبطل وروح أي مكان علاجي .. وهتلاقي متعة التبطيل أحسن كتير من متعة "الضرب". شاهد الفيديو: