رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يهدف من لقائه مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض في 5 مارس إلى الحصول على ضوء أخضر لشن عمل عسكري ضد إيران, إلا أن التصريحات والتقارير الصادرة من داخل الولاياتالمتحدة ترجح أنه سيفشل في مهمته. ففي 3 مارس, حذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما صراحة من أن أي عمل عسكري ضد إيران سيجعلها تصور نفسها على أنها "ضحية". وفي مقابلة أجراها مع مجلة "ذي اتلانتيك" الأمريكية, قال أوباما:" بينما لا تتمتع إيران بتعاطف كبير الآن، وحليفتها الوحيدة سوريا في حالة غليان، هل نريد تحركا يسمح لإيران بأن تبدو ضحية؟, إسرائيل يجب أن تعلم أنني جاد بخصوص إيران". وفي السياق ذاته, حذرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إسرائيل من أن إيران ليست العراق, قائلة:" في 7 يونيو 1981 أسقطت ثماني مقاتلات إسرائيلية من طراز إف-16، ترافقها ست مقاتلات أخرى طراز إف-15 للحماية، 16 قنبلة بزنة ألفي رطل على مفاعل أوزيراك(تموز) النووي الذي كان مشرفا على الاكتمال بمجمع التويثة في العراق, إلا أن هذا السيناريو لن يكون ناجحا مع إيران". وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 4 مارس"برنامج إيران النووي أكثر تقدما مما كان عليه نظيره العراقي عام 1981، ثم إن أي ضربة إسرائيلية لمنشآت إيران النووية ستكون أكثر خطورة وأقل فعالية من الغارة الجوية التي سبق أن شنتها على مفاعل أوزيراك العراقي". وتابعت " في عام 1981 عبرت طائرات إسرائيلية قليلة العدد نسبيا سماوات الأردن والسعودية والعراق قاطعة 600 ميل لتضرب من الجو هدفا وحيدا وغير حصين, هذا لا يساوي شيئا مقارنة بما تنطوي عليه أي ضربة لمنشآت إيران من تعقيد". واستطردت الصحيفة" ضربة كهذه قد تتطلب عشرات الطائرات التي ينبغي أن تقطع مسافة لا تقل عن ألف ميل فوق المجال الجوي العربي للوصول إلى أهدافها, وستضطر المقاتلات الإسرائيلية إلى تفادي الدفاعات الجوية الإيرانية وإلقاء مئات القنابل والقذائف الموجهة بدقة على منشأة نتانز لتخصيب اليورانيوم المنيعة، وموقع فوردو للتخصيب الواقع في عمق جبل قريب من مدينة قم، ومنشأة أصفهان لتحويل اليورانيوم، ومفاعل لإنتاج الماء الثقيل والبلوتونيوم تحت التشييد بمدينة أراك، ومنشآت لإنتاج أجهزة الطرد المركزي في مناطق مأهولة بالسكان بالقرب من مدينتي طهران ونتانز". واختتمت "واشنطن بوست", قائلة:" لكن تلك الطائرات لن تكون قادرة على توجيه ضربات أخرى لأهداف أخطأتها لأنها ستضطر للانطلاق عائدة إلى إسرائيل كي تدافع عنها ضد أي هجمات انتقامية من جانب إيران ووكلائها في المنطقة كحزب الله اللبناني وربما حركة حماس الفلسطينية". ومن جانبها, ذكرت صحيفة "القدس العربي" اللندنية أيضا أن مهمة نتنياهو الجديدة في واشنطن لن تكون سهلة، لسبب بسيط، وهو أن الخلاف بينه وبين أوباما ليس على مبدأ توجيه ضربات تدميرية للبرنامج النووي الإيراني، وإنما حول توقيت هذا العدوان، فنتنياهو يريده فورا، بينما يرى أوباما ضرورة إعطاء وقت لكي تعطي العقوبات الاقتصادية أكلها في إضعاف النظام الإيراني، سواء لتفجير ثورة داخلية ضده، أو لدفعه إلى تجميد أنشطته النووية، على غرار ما حدث مع كوريا الشمالية، وإذا لم يتم تحقيق أي من الهدفين المذكورين فلا مناص من اللجوء للخيار العسكري. وتابعت الصحيفة" إيران في المقابل تبدي رباطة جأش، وتهدد بأنها سترد على أي هجوم تتعرض له بضرب أهداف أمريكية أينما كانت، بالإضافة إلى إسرائيل نفسها، ولا نعتقد أنها ستعجز عن إيجاد هذه الأهداف، فهناك جنود أمريكيون في كل من العراق وأفغانستان، وهناك قواعد أمريكية في الكويت وقطر والإمارات والبحرين، وفوق كل هذا وذاك هناك آبار النفط ومصافيه، ومضيق هرمز، ولا ننسى في هذه العجالة التلميحات الإيرانية بتفعيل الخلايا الإيرانية التي لا تنام أبدا في منطقة الخليج, أما صواريخ حزب الله التي يقال إنها تزيد عن أربعين ألف صاروخ فحدث ولا حرج، وهي صواريخ مجربة على أي حال في حرب تموز 2006 ". واستطردت" الإسرائيليون ورطوا أمريكا في حرب استنزاف في العراق، وأخرى في أفغانستان تحت عنوان القضاء على الإرهاب، وخسرت فيهما، ويسعون الآن لتوريطها في حرب ثالثة أكثر خطورة في إيران، ولذا فإن واشنطن تلتزم الحذر هذه المرة، رغم عمليات حشد الأساطيل وحاملات الطائرات والغواصات النووية في مياه الخليج, والتي يعتقد أنها مجرد حرب نفسية، وحيل متعارف عليها لإرهاب الإيرانيين ودفعهم إلى التراجع عن طموحاتهم النووية، تماما مثلما فعلت واشنطن مع كوريا الشمالية التي جوعها وأنهكها الحصار الاقتصادي الخانق". وبصفة عامة, يجمع كثيرون أن توجيه ضربة عسكرية ضد إيران ليس بالأمر الصعب من منظور القوة العسكرية الأمريكية والإسرائيلية, إلا أن تكلفتها ستكون فادحة جدا بالنظر إلى الأوراق العديدة التي تمتلكها طهران.