رفض 12 طعنًا بانتخابات الشيوخ.. وتأييد استبعاد 3 مرشحين لحزب النور    بنسبة نجاح لا تقل عن 55%.. شروط المعاهد الصحية العسكرية 2025 للقوات المسلحة    خطوة جديدة فى مشروع عملاق    الرئيس الأمريكى ترامب يطرح حل أزمة سد النهضة مقابل تهجير الفلسطينيين والسيسي يرحب    أحمد هاشم رئيسًا لتحرير مجلة "أخر ساعة"    جامعة الفيوم تجري اختبارات القدرات للراغبين في الالتحاق ب كلية علوم الرياضة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025.. والعطلات الرسمية المتبقية خلال العام في مصر    «رواد تحيا مصر» تواصل التوعية بمخاطر المخلفات الإلكترونية بمركز شباب دمياط    «الصناعة» و«التخطيط» تبحثان جاهزية القطاع للتعامل مع آلية تعديل حدود الكربون (CBAM)    وزير البترول يبحث سبل دعم أنشطة الاستكشاف والإنتاج وتعزيز الشراكة التقنية    استيفاء الاشتراطات البيئية والصحية شرط إصدار تصاريح المشروعات ومحطات المحمول في الشرقية (تفاصيل)    محافظ الجيزة يتفقد أعمال رصف وتطوير الأتوستراد ومشروعات "حياة كريمة"    إزالة 8 حالات تعدي واسترداد أراضي بناء بالشرقية    محافظ قنا يتفقد مصنع الغزل لمتابعة أعمال التشغيل ويوجه بتطويره وزيادة قدرته الإنتاجية    وزير الدفاع الإسرائيلي ينشر فيديو لحظة قصف هيئة الأركان السورية عند ذكر اسمه (فيديو)    21 شهيدًا فلسطينيًا أثناء انتظار المساعدات بخان يونس    رئيس الوزراء يتابع تسليم الوحدات السكنية للموظفين المنتقلين للعاصمة الإدارية    البرلمان العربي يدين التصعيد الإسرائيلي المتكرر على أراضي لبنان وسوريا    بوريل: الاتحاد الأوروبي سمح باستمرار الإبادة الجماعية في غزة    بسبب تهريب 2 مليون لتر وقود.. إيران تحتجز ناقلة نفط أجنبية في خليج عمان (تفاصيل)    «مكنش حد يعرفه».. جمال عبدالحميد يهاجم زيزو ويختار بديله في الزمالك    بيراميدز يبدأ معسكر تركيا غدًا استعدادًا للموسم الجديد    محمد إبراهيم يفوز برئاسة الاتحاد العربي لرياضة الفنون القتالية المختلطة «MMA»    عقب إعلان رحيله.. ريال مدريد يعلن موعد تكريم فاسكيز في حفل رسمي    تقارير: راشفورد يدخل دائرة اهتمامات ليفربول    خالد الغندور ينتقد أساليب تقديم صفقات الأهلي والزمالك: "رسائل تافهة تثير الفتنة"    إصابة 6 أطفال في حريق التهم معرض موبيليا ب الدقهلية    «تموين المنيا»: ضبط 137 مخالفة خلال حملات تفتيشية على الأسواق    «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالعصى بسبب خلافات الجيرة في الشرقية    السيطرة على حريق في مزرعة دواجن بقرية دمشقين بالفيوم دون إصابات    ضبط محطة وقود بتهمة بيع المواد البترولية المدعمة بالسوق السوداء بأبنوب في أسيوط    الداخلية تنقذ طفلين وتضبط المتهمين بتعذيبهما في الإسكندرية    بعد تداول فيديو يوثق الواقعة.. حبس شاب هدّد جيرانه بسلاح أبيض في الفيوم    «الإنقاذ النهرى» بالبحيرة تنجح فى إنتشال جثتين لضحايا انقلاب سيارة    "الصوفية والحداثة".. عنوان إفتتاح مهرجان الأوبرا الصيفى على المكشوف    سوزي الأردنية وكيرو على ريد كاربت «الشاطر».. جدل حول حضور «التيكتوكرز» عروض الأفلام    رسالة واتساب السر.. كواليس أغنية «حفلة تخرج من حياتي» ل تامر حسني    محمد علي رزق: «فات الميعاد» من أمتع الكواليس اللي مريت بيها| خاص    مفاجأة عاطفية.. توقعات برج الثور في النصف الثاني من يوليو 2025    أول تعليق من لميس الحديدي بعد إنهاء تعاقدها مع قناة ON    تواصل مناهضة الفرق البريطانية لدعهما غزة .. إلغاء تأشيرات "بوب فيلان" الأمريكية بعد أغنية "الموت لإسرائيل"    بين الحب والاتباع والبدعة.. ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف 2025؟    نائب وزير الصحة يتابع مستجدات السياحة العلاجية بشراكات دولية    مبادرة الألف يوم الذهبية.. نائب وزير الصحة في ندوة علمية بالمنيا لدعم الولادات الطبيعية    لحماية الذاكرة.. 8 أطعمة تساعد على الوقاية من ألزهايمر    محافظ شمال سيناء: مبادرة 100 يوم صحة نقلة نوعية لتوفير رعاية شاملة للمواطنين    تقديم 1214 خدمة طبية مجانية خلال قافلة بقرية قصر هور في المنيا    أوقاف السويس تنظم ندوة بعنوان نعمة الماء وحرمة التعدي عليها    كوميديا ودراما اجتماعية.. "ريستارت" يحصد 91 مليون جنيه منذ عرضه    «السياحة» تطلق حملة إلكترونية للترويج لمصر بالتعاون مع WEGO    أكاديمية الشرطة تستضيف دورتين تدريبيتين بالتعاون مع الصليب الأحمر    ليفربول يدرس خطوة مفاجئة نحو نجم مانشستر يونايتد المهمّش    بعد 12 عامًا.. خلفان مبارك يغادر الجزيرة الإماراتي    بالتنسيق مع الأزهر.. الأوقاف تعقد 1544 ندوة بشأن الحد من المخالفات المرورية    قتلى ومصابون جراء قصف روسي على عدة مناطق في أوكرانيا    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا لنعمك شاكرين وبقضائك راضين    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أوبرا" .. إختبار حقيقى لتحول الطاقة لمادة
نشر في الوفد يوم 28 - 02 - 2012

منذ العام المنصرم، باتت نظرية النسبية التي أعطت العالِم ألبرت آينشتاين شهرة مدوّية، تسير على حبل مشدود، كأنها في سيرك. تمسك الأرض بأحد طرفي هذا الحبل، عبر تجارب تنصب أساساً على سرعة الضوء (اشتُهِرت باسم «أوبرا») وإمكان تحوّل الطاقة إلى مادة.
ويقبض الفضاء على الطرف الآخر لهذا الحبل، عبر تجربة تنفّذها مركبة الفضاء الأوروبية «ليزا». بين «أوبرا» و «ليزا»، يسير مصير أينشتاين بحذر، كبهلوان السيرك، لكنه يمسك بعصا للتوازن اسمها «جسيم بوزون هيغز».
«أوديسا» الفضاء... 2014
في شريط خيال علمي اسمه «أوديسا الفضاء 2001» (1968)، رسم المخرج الأميركي ستانلي كوبريك صورة قاتمة عن مصير الحضارة البشرية وعلومها. هل تتحضّر نظرية النسبية لمصير مماثل على يد مركبة الفضاء الأوروبية «ليزا باثفايندر» في 2014؟ لا تملك «ليزا» سوى مهمة مفردة: قياس موجات الجاذبية التي تحدّثت عنها نظرية النسبية العامة. إذ تصوّر أينشتاين الكون كقماشة ضخمة، تنتثر عليها المجرات والنجوم، وتربط نسيجها أمواج الجاذبية، التي تحدّد الزمان والمكان وترابطهما. وقد زُوّدت «ليزا» بمجسّات متطوّرة في مجال الاستشعار وقياس الموجات.
ومن المقرّر – حسبما نشرت صحيفة الحياة اللندنية- أن تستخدم «ليزا باثفايندر» LISA Pathfinder أشعة ليزر فائقة الدقّة، لقياس المسافة بين مكعبين من الذهب والبلاتين في منطقة من الفضاء تنعدم فيها جاذبية الأرض، ما يعني أنها تكون على بُعد 1.5 مليون كيلومتر من الكرة الأرضية. وتزامناً مع هذا القياس، يعمل فريق في ألمانيا على قياس المسافة عينها من الأرض. ثم تجرى مقارنة الأرقام للخروج برقم دقيق عن العوامل التي تؤثر في «نسيج الجاذبية» في الكون. وتبلغ دقة هذه التجربة أنها تُشبّه بقياس أثر قدم رائد فضاء في تراب القمر، انطلاقاً من الأرض! إذ ترصد فوارق لا تزيد عن عشرة أجزاء من المليار من الدرجة في الزاوية. ونظراً إلى أهمية التجربة، يشارك «معهد ألبرت أينشتاين» وشركة «أستريوم» البريطانية لبحوث الفضاء، و «وكالة الفضاء الأوربية» في صنع «ليزا» وأدواتها.
خطأ «أوبرا» المحتمل
هل كانت تجربة «أوبرا» خطأً؟ تلك هي الأخبار الأكثر جدّة في شأنها. إذ أعلن موقع «الجمعية الأميركية لتقدم العلوم» أن مجموعة من علماء أميركا في الفيزياء النظرية، تعتقد أن حسابات «أوبرا» تضمّنت خطأً في الربط بين المكانين اللذين شملتهما التجربة. ففي مطلع خريف عام 2011، أعلن «المركز الأوروبي للبحوث النووية» (يعرف باسمه المختصر «سيرن» CERN) في جنيف (سويسرا) أن فريقاً علمياً أجرى تجربة لقياس سرعة تحرّك جزيئات ذرية اسمها «نيوترينو» Neutrino بين مكانين متباعدين. وأثبتت التجربة، التي حملت اسم «أوبرا»، أن حزماً من ال «نيوترينو» سارت بأسرع من الضوء، ما يعتبر نسفاً لنظرية أينشتاين التي ترتكز إلى مقولة أن لا شيء يتحرك في الكون بأسرع مما يفعله الضوء.
تتوّلد مجموعات ال «نيوترينو» من تفاعلات ذرّية، كتلك التي تنجم من انفجار قنبلة ذرية أو تحدث في قلب الشمس. وهناك ثلاثة أنواع معروفة من النيوترينو: «نيوترينو إلكترون»، و «نيوترينو ميون» و «نيوترينو تاو»، إضافة إلى ما هو موجود في المادة المُضادة، ويُسمى «أنتي نيوترينو»Anti Neutrino. ويعتبره العلماء من أصغر مُكوّنات الذرّة. وتبلغ ضآلته إلى حدّ وصفه بأنه الأقرب إلى الصفر، لكنه ليس عدماً! ولا يحمل ال «نيوترينو» شحنة كهربائية. لذا، يعبر المواد والأجسام جميعها من دون أن يترك أثراً. ولربما مرّت بجسمك مئات من ال «نيوترينو» من دون أن تلاحظها، لأنها لا تترك أثراً. وقد استند فيلم الخيال العلمي «2012»، على ال «نيوترينو» في رسم سيناريو كوارثي عن انهيار الأرض وقاراتها، مع التشديد أن لا أساس علمياً لهذا الأمر. واستطراداً، توقّع البعض أن تصدق «نبوءة» آتية من حضارة المايا القديمة، بفناء الأرض في شهر كانون الثاني (يناير) 2012، استناداً إلى هذه الأمور!
إذاً، لا تزيد ال «نيوترينو» عن كونها بعض مكوّنات الذرة، لكنها فائقة الدقة والرهافة، ما يفوق كثيراً أشعة أكس مثلاً. وانطلقت حزم من أشعة «نيوترينو» من مُسرّع الجسيمات «سوبر بروتون سينكوترون» Super Proton Synchrotron، التابع ل «سيرن» في جنيف. وفي دهاليز المُسرّع، جرى تعجيل حركة ال «نيوترينو» على امتداد خط مُشِع بطول كيلومتر، يصل إلى مختبر «غران ساسو» للبحوث الذرّية في إيطاليا. وفي «غران ساسو»، عملت أداة رصد اسمها «أوبرا»، على قياس حركة أشعة ال «نيوترينو». ويبعد «سيرن» عن «غران ساسو» 732 كيلومتراً باحتساب المسافة المباشرة بالعبور بينهما أرضياً. وتتقلص المسافة إلى 11.4 كيلومتر، إذا «عُبِرَت» تحت سطح الأرض. وتبيّن أن هذه الحزمة سارت بسرعة فاقت الضوء بقرابة 60 نانوثانية، مع التذكير بأن النانوثانية هي جزء من الألف من المليون من الثانية. وعلى رغم أن فريق البحث نبّه إلى ضرورة التروي قبل اعتبار هذا الاكتشاف نقضاً لنظرية أينشتاين، إلا أن أوساطاً علمية عدّة اعتبرتها هدماً للركن الأساسي في نظرية النسبية عند أينشتاين. إذا صحّت تجربة «أوبرا»، فليس بعيداً القول بتحطيم نظرية أينشتاين. لكن أصواتاً كثيرة طالبت بإعادة التجربة مراراً، قبل الوصول إلى هذه النتيجة الضخمة. وتذكيراً، ففور صدور نتائج تجربة «أوبرا»، بادرت مجموعة علمية للتشكيك بنتائجها. وتعمل هذه المجموعة في تجربة مماثلة أخرى اسمها «إيكاروس»، يتولاها مركز «غران ساسو» أيضاً، وهو يقع في منطقة جبلية ويديره «المعهد الإيطالي القومي للفيزياء النووية». وأعلنت المجموعة أنها لاحظت وجود تناقضات في قياسات تجربة «أوبرا»، بل قالت إن نتائج «إيكاروس» تفند نتائج «أوبرا» كليّاً.
وذهب موقع «الجمعية الأميركية لتقدم العلوم»، في الاتّجاه عينه. إذ قال إن تجربة «أوبرا» ربما تضمّنت أخطاء كثيرة في قياس المسافات والسرعة، ما يعني أن ال «نيوترينو» لا تتحرك بأسرع من الضوء.
«غباء» أينشتاين
«إنها الغلطة الأشد غباءً في حياتي». بهذه الكلمات وصف أينشتاين نفسه، الغلطة التي تتضمنها نظريته في النسبية، عندما بيّن له العالِم الأميركي إدوين هابل، أن الكون يتباعد بعضه عن بعض، وأنه ليس ثابتاً في حدوده، كما نظّر أينشتاين. المفارقة أن أينشتاين مال أصلاً إلى القول بوجود قوة تعمل عكس الجاذبية، ما يعني أن الكون محكوم بالتوسّع المستمر. لكنه تراجع عن هذا الظن، الذي ثبت لاحقاً أنه صحيح. وأدخل عنصراً إلى معادلات النسبية، سمّاه «الثابت الكوني»، يبقي على حدود الكون ثابتة. ثم برهن العلماء، بداية من هابل، أن الكون يتوسّع، ما سدّد ضربة موجعة لنظرية أينشتاين، من دون أن يطيح بها.
لكن لا شيء أوجع المتحمسين لنظرية النسبية أكثر من تجربة أجريت في «مُصادم هادرون الكبير» التابع ل «سيرن» أيضاً، في 27 آب (أغسطس) 2011. (انظر «الحياة» في 6 تشرين الثاني - نوفمبر 2011). وحينها، نقلت هيئة «بي بي سي» الخبر تحت عنوان مثير يربط بين نتائج هذه التجربة، بالأحرى فشلها، وبين انهيار نظرية ظهور الكون عبر «الانفجار الكبير» أو «بيغ بانغ»، التي تعتمد على نظرية أينشتاين أيضاً. ومن دون الدخول في متاهة تفاصيل هذه التجربة المهمة، يمكن القول إنها بحثت في مسألة تحوّل الطاقة إلى مادة، أي أنها «تبرد» فتظهر الذرّات التي هي مكوّن أساسي للمادة في الكون كله.
وإذ تتألف أجزاء الذرّة نفسها من مُكوّنات فائقة الصغر، يفترض أنها ظهرت ثم تجمّعت لتصنع الذرّات. واستطراداً، فإن الجسيم الأكثر صغراً بين هذه المكوّنات هو «جسيم بوزون هيغز» (على اسم عالِم بريطاني)، يفترض أنه أول ما يظهر عند ابتراد الطاقة كي تُشكّل مُكوّنات المادة. لم يعثر على أدلة كافية للقول بوجود «جسيم بوزون هيغز»، ما وضع نظرية أينشتاين ومتفرّعاتها، في محكّ صعب. ثم أُجريت تجربة أخرى مطلع العام الحالي، لم تحسم الأمر، لكنها أشارت إلى إمكان أن يكون «جسيم بوزون هيغز» موجوداً فعلاً! وما زال النقاش دائراً.
ولا يزال مصير أينشتاين ونظرياته على المحك. ولكن، هذا بالضبط ما يكونه العلم ونظرياته. إنه على المحك دوماً، بأنتظار أن يُثبت أو يدحض، قبل أن يستمر العلماء في الأخذ به أو البحث عن بديل. وتحتاج هذه الأمور إلى نقاش آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.