تحل اليوم الذكرى ال44 على وفاة عميد الأدب العربي طه حسين، الذي يعد من أبرز رموز حركة النهضة والحداثة المصرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولد طه بن حسين بن علي بن سلامة بعزبة الكيلو التابعة لمركز مغاغا محافظة المنيا في 15 نوفمبر 1889، وكان الابن السابع ضمن ثلاثة عشر طفلًا، وأصيب بمرض في عينيه في بكورة عمره أدى إلى فقد بصره مدى الحياة مما أدى إلى معاناته طيلة حياته. ذهب "حسين" إلى كتاب القرية وحفظ القرآن على يد شيخه محمد جاد الرب وأعتاد والده على أصطحابه معه لحضور حلقات الذكر والاستماع إلى سير عنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي. والتحق بالأزهر الشريف عام 1902 ليتناول مزيد من العلم وتتلمذ على يد الإمام محمد عبده ونظرًا لتمرده انتهى به الأمر إلى طرده من الأزهر، وفي عام 1908 التحق بالجامعة المصرية وتلقى دروسا في الحضارة الإسلامية والحضارة المصرية القديمة ودروس الجغرافيا والتاريخ واللغات السامية والفلك والأدب والفلسفة على أيدي أساتذة مصريين وأجانب، ولكنه لم يمتنع عن حضور دروس الأزهر وندواته. وفي 15 مايو 1914 ناقش "حسين" رسالة الدكتوراه التي أعدها عن أديبه الأثير أبي العلاء المعري وفي العام نفسه التحق بجامعة بجامعة مونپلييه في فرنسا حيث أوفدته الجامعة المصرية لتلقي مزيد من العلم في تخصصه ودرس التاريخ والاجتماع وحصل على دكتوراه في الاجتماع عن ابن خلدون عام 1919، وإثناء دراسته في باريس التقى بسوزان بريسو وتزوج منها وكان دائمًا يصفها بصاحبة الصوت العذب نظرًا لقدرتها الفائقة على القراءة له لتحسين اللغة الفرنسية لديه، وأنجب منها طفلان أمينة وشقيقها الأصغر مؤنس. وعاد "حسين" إلى القاهرة في 1919 وعين أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني إلى ان حولت الجامعة المصرية إلى جامعة حكومية عين عميدًا لكلية الآداب، وفى عام 1942 اصبح مستشاراً لوزير المعارف ثم مديرا لجامعة الإسكندرية حتى أحيل للتقاعد في 16 أكتوبر 1944 واستمر كذلك حتى 13 يناير 1950 عندما عين لأول مرة وزيراً للمعارف، كما أنه عمل بالصحافة فتسلم رئاسة تحرير الجمهورية. ورفض "حسين" المجتمع المصري المحافظ خاصةً بعد أن عرف الحياة في مجتمع غربي متطور ويتضح ذلك جليًا في كتابه "الأيام" الذي يعبر عن سخطه على واقعه الاجتماعي، كما أتسم أسلوبه بالسهولة والوضوح مع المحافظة على مفردات اللغة وقواعدها. ومن أهم مؤلفاته الفكرية (فلسفة ابن خلدون الاجتماعية، من آثار مصطفى عبد الرزاق، حديث المساء، الشيخان)، والنقدية ( في الشعر الجاهلي، صوت ابي العلاء، مع المتنبي، فصول في الأدب والنقد)، والأثرائية (الأيام، دعاء الكروان، جنة الشوك، مذكرات طه حسين). وحاز عميد الأدب العربي جائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ورشحته الحكومة المصرية لنيل جائزة نوبل، وفي سنة 1964 منحته جامعة الجزائر الدكتوراه الفخرية، ومثلها فعلت جامعة بالرمو بصقلية الإيطالية، سنة 1965، وفي السنة نفسها ظفر طه حسين بقلادة النيل، إضافة إلى رئاسة مجمع اللغة العربية، وفي عام 1968 منحته جامعة مدريد شهادة الدكتوراه الفخرية، وفي سنة 1971 رأس مجلس اتحاد المجامع اللغوية في العالم العربي، ورشح من جديد لنيل جائزة نوبل، وأقامت منظمة اليونسكو الدولية في اورغواي حفلاً تكريميًا أدبيًا قل نظيره علاوة على أنه كان وزيرًا للتربية والتعليم في مصر. وفارق "حسين" الحياة في 28 أكتوبر 1973 وأنتهت رحلته الأدبية والفكرية ولكن ظلت أعماله خالدة تتحدث عن هذا الأديب العظيم وستظل هكذا أبد الدهر.