هى أطول ملوك بلدها عمراً، وأيضًا فى سنوات جلوسها على العرش، والتى تجاوزت ستة عقود، عندما تسلمت العرش فى 6 فبراير 1952، أصبحت رئيسة الكومنولث وملكة سبع دول مستقلة أعضاء فى الكومنولث، هى: المملكة المتحدة، كندا، أستراليا، نيوزيلندا، جنوب أفريقيا، الباكستان وسيلان، ولكنها عقب توليها السلطة على هذه الدول، وحتى عام 1992م، تقلصت الممالك والدول التابعة لها، بحصول بعض الدول على استقلالها، والبعض الآخر من الممالك تحول إلى جمهوريات، اتسمت شخصيتها بالقوة والصمود كأقوى محارب، كما اتسمت بالإنسانية الشديدة فى مواقفها إنسانية المرأة والأم، إنها الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا. وُلدت إليزابيث الثانية فى لندن، وهى الابنة الأولى للأمير ألبرت دوق يورك (لاحقا الملك جورج السادس)، ووالدتها إليزابيث «دوقة يورك» والتى صارت لاحقا الملكة إليزابيث، ارتقى والدها جورج السادس إلى عرش بريطانيا بعدما تنازل له شقيقه إدوارد الثامن عنه عام 1936م، بعد رغبة إدوارد فى الزواج من واليس سمبسون دوقة وندسور، وهى امرأة مطلقة، مما تسبب فى خلق أزمة دستورية فى المملكة المتحدةوبريطانيا العظمى، وبذلك يسر لها حظها سرعة الوصول إلى العرش، حيث أصبحت الوريث المفترض للعرش، أخذت الواجبات العامة على عاتقها أثناء الحرب العالمية الثانية؛ حيث انضمت هناك للعمل فى الخدمة الإقليمية الاحتياطية، فى عام 1939م دخلت بريطانيا الحرب العالمية الثانية، أثناء الحرب، تعرضت لندن إلى عمليات قصف جوى متكررة، وتم إجلاء العديد من الأطفال فى لندن، ورأى أحد كبار الساسة ضرورة ترحيل الأميرة إليزابيث وشقيقتها مارجريت إلى كندا، ولكن والدتهما رفضت بشدة قائلة: «الأميرتان لن تغادرا دونى، وأنا لن أغادر دون زوجى، وزوجى لن يترك بريطانيا العظمى، بقيت الأميرتان فى قلعة بالمورال باسكتلندا، ثم انتقلوا إلى قلعة وندسور، حيث مكثوا فيها حوالى خمس سنوات، وشاركت الأميرتان فى التمثيليات الصامتة، فى الكريسماس لجمع التبرعات ومساعدة البلاد فى حينه لشراء الغزل لنسج ملابس الجيش، وفى عام 1940، قدمت إليزابيث أول بث إذاعى لها وهى فى الرابعة عشرة من عمرها وخاطبت الأطفال الآخرين الذين تم إجلاؤهم من المدن، وقالت: إننا نحاول فعل كل ما بوسعنا من أجل مساندة جنودنا والبحارة والطيارين البواسل، كما نحاول أيضا تحمل نصيبنا من أسى وخطر الحرب، ونعلم جميعا أن فى النهاية كل شيء سيكون على ما يرام. وبعد انتهاء الحرب وفى يوم الاحتفال بانتصار أوروبا، تنكر الأميريتان إليزابيث ومارجريت واختلطتا مع الحشود التى كانت تحتفل فى شوارع لندن، وفى عام 1947م، تزوَّجت الملكة إليزابيث من الأمير فيليب، دوق إدنبره بعد قصة حب واعتراض شعبى وأيضا من الأسرة المالكة لأن فليب تربى بالخارج رغم أنه بريطانى، لكنها تمسكت به لأنها أحبته وفقا لاعترافها منذ كان عمرها 13 عاما، وأنجبت منه أطفالها الأربعة: الأمير تشارلز، أمير ويلز؛ والأميرة آن؛ والأمير أندرو دوق يورك؛ وأخيرا الأمير إدوارد، إيرل وسكس. شهدت العقود الماضية من وجودها على العرش تغيرات دستورية كبرى؛ كانتقال السلطة فى المملكة المتحدة، والتوطين الكندي، وإنهاء الاستعمار فى إفريقيا «الدول التى كانت خاضعة لبريطانيا»، وتميزت اليزابيث فى إدارة أمور بلادها بقوة وحكمة، حيث عاصرت العديد من مختلف الحروب والصراعات الداخلية فى العديد من ممالكها. ومن أسعد الأوقات فى حياة الملكة إليزابيث وفقا لتصريحاتها الإعلامية كانت أيام ميلاد وزواج أولادها وأحفادها، وتنصيب الأمير تشارلز على ولاية ويلز، والاحتفال بأهم الإنجازات والأحداث التاريخية، أما لحظات الحزن والأسى فكانت، لحظة موت أبيها وانهيار زواج أبنائها فى عام 1992م، ذلك العام الذى يُطلق عليه العام المشئوم، ووفاة الأميرة ديانا، أميرة ويلز والزوجة الأولى للأمير تشارلز، وكثيرا ما كانت الملكة تواجه ردود أفعال الجمهور وآرائهم، بالإضافة إلى انتقادات صحفية لاذعة للعائلة المالكة، ولكن الدعم للنظام الملكى ولشعبيتها القوى كان يهزم هذه الانتقادات ويدعمها فى مواقفها وردود أفعالها، وكتب عنها الصحفى الأمريكى المعروف هارولد ماكميلان: «إنها ملكة دائما قوية الإرادة فى كل شيء فى حياتها... كانت تضجر كثيرا من أسلوب معاملتها... كنجمة سينمائية... وكان لها من القوة والشجاعة ما يكفى لتمثل دولتها وتكتسب ثقة شعبها... تحب الملكة واجبها وتقدره كثيرا؛ فهى خُلقت لتكون ملكة. وقد أسهبت وسائل الإعلام دوما فى الحديث عن أناقتها وعن كلابها الويلزية القصيرة وعن عشقها للخيول، وعن انحناءة الاحترام التى يجب أن يلتزم بها من يقابلها، ولكن الحديث دار أكثر عن حقيبة يدها التى تلازمها دائمًا، والتى غالبًا ما تكون من ماركة معروفة، والملكة تستخدم حقيبتها فى إرسال شفرات خاصة لحراسها. فإذا كانت تتحدث مع شخصٍ ما، ثم نقلت حقيبتها من يدٍ إلى أخرى فهذا يعنى أنها لا تريد مواصلة الحديث، وهى إشارة لفريق العمل كى يأتى أحدهم وينقذ الموقف بطريقة ودية ولطيفة، ويخبرها أن (شخصًا ما) يريد التحدث معها لأمر مهم، وبذا تنتهى المحادثة. وإذا وضعت الملكة حقيبتها على الأرض، فهذا يعنى أنها تريد أن تغادر المكان فورًا لسبب معين، وأن على الطاقم الذى يعمل معها أن يتصرف، وأحيانًا تستبدل شفرة الحقيبة بتدوير خاتم الزواج فى إصبعها كى تأتى الوصيفة وتسعفها فى الوقت المناسب، وإذا وضعت الملكة حقيبتها على الطاولة فهذا يعنى أنها جاهزة للمغادرة خلال خمس دقائق، وعلى الطاقم المرافق لها أن يرتب أمور المغادرة.