زيلينسكي يصرح بأن الرئيس الأمريكي لم يتخذ بعد قرارا نهائيا بشأن صواريخ توماهوك    ترامب: الحرب في غزة انتهت والإدارة الجديدة ستبدأ عملها بسرعة كبيرة    صلاح وزوجته يحتفلان بالتأهل في أرضية ستاد القاهرة    البطاقة 21.. غانا تتأهل لكأس العالم 2026    سعفان الصغير: باب المنتخب مفتوح للجميع    مصرع شخصين في انقلاب سيارة بطريق مصر – الفيوم    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. مقتل صالح الجعفراوي خلال اشتباكات بين حماس وعائلة فلسطينية في غزة.. ترامب يغادر البيت الأبيض بعد قليل متجها إلى الشرق الأوسط.. والرئاسة الفرنسية تعلن تشكيل حكومة جديدة    مياه الشرب بدمياط تعلن فصل خدمات المياه عن قرية السنانية 8 ساعات    بدء تحرك الحافلات مع الصليب الأحمر لاستلام الأسرى الفلسطينيين (فيديو)    منتخب المغرب للشباب يفوز على أمريكا ويتأهل لنصف نهائى كأس العالم    عبد الظاهر السقا: تنظيم أكثر من رائع لاحتفال المنتخب بالتأهل لكأس العالم    نادر السيد يكشف تفاصيل مسيرته فى الملاعب حتى الاعتزال: لم انتقل من الزمالك للأهلي مباشرة.. قررت أكون حارس مرمى وأنا عمري 7 سنين.. بطولة أفريقيا 93 مع الزمالك كانت ملحمة.. واعتزلت كرة القدم عندما فقدت شغفي    رئيس الوزراء البريطانى يصل إلى شرم الشيخ للمشاركة فى قمة السلام    حصيلة ممتلكات سوزي الأردنية.. 3 وحدات سكنية ومحافظ وحسابات بنكية.. إنفوجراف    محمود حميدة وشيرين يشاركان فى مهرجان القاهرة بفيلم شكوى رقم 713317    غريب في بيتك.. خد بالك لو ولادك بعتوا الصور والرسايل دي ليك    محمد الشرقاوي لليوم السابع: عروض فرقة المواجهة والتجوال في رفح 18 أكتوبر    أنواع الأنيميا عند الأطفال وأسبابها وطرق العلاج    حسام حسن: أتشرف بالتأهل لكأس العالم لاعبا ومدربا.. وصلاح شقيقي الأصغر    إبراهيم حسن: لماذا لا نحقق نتائج المغرب في كأس العالم    زيزو: الوصول لكأس العالم كان أحد أحلامي.. والتصفيات كانت صعبة    فرنسا تُعلن تشكيل حكومة جديدة برئاسة لوكورنو لتجاوز الأزمة السياسية    ترامب: الصراع في غزة انتهى والإدارة الجديدة ستباشر عملها قريبًا    الأولى على القسم الجامعي "تمريض": التحاقي بالقوات المسلحة حلم الطفولة وهدية لوالدي    بعد تجاوزات إثيوبيا غير القانونية.. مصر تكشر عن أنيابها في أزمة سد النهضة.. متخصصون: ندافع عن حقوقنا التاريخية في نهر النيل والأمن المائي خط أحمر    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    حبس رجل أعمال متهم بغسل 50 مليون جنيه في تجارة غير مشروعة    خبير تربوي يضع خطة لمعالجة ظاهرة العنف داخل المدارس    القائمة الكاملة لأسعار برامج حج الطبقات البسيطة ومحدودي الدخل    البنك المركزي يقبل سيولة بقيمة 125.6 مليار جنيه في عطاء أذون الخزانة اليوم    الغرف السياحية تكشف تأثير قمة شرم الشيخ على مدينة السلام    وزير الصحة يلتقي الرئيس التنفيذي لمعهد WifOR الألماني لبحث اقتصاديات الصحة    هل التدخين يبطل الوضوء؟ أمين الفتوى: يقاس على البصل والثوم (فيديو)    أسامة الجندي: القنوط أشد من اليأس.. والمؤمن لا يعرف الإثنين أبدًا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أول الحذر..ظلمة الهوى000؟!    نوفمر المقبل.. أولى جلسات استئناف "سفاح المعمورة" على حكم إعدامه    ابن النادي" يتصدر تريند "إكس" بعد تصاعد الأحداث المثيرة في الحلقات الثالثة والرابعة (صور)    بيحبوا يصحوا بدري.. 5 أبراج نشيطة وتبدأ يومها بطاقة عالية    بعد مصرع الطفل " رشدي".. مديرة الامراض المشتركة تكشف اساليب مقاومة الكلاب الحرة في قنا    تأجيل إستئناف المتهم الرئيسي ب " تظاهرات الألف مسكن "    الخريف.. موسم الانتقال والحنين بين دفء الشمس وبرودة النسيم    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    مي فاروق: أغنية «باركوا» علامة في كل الأفراح.. ومشاركة زوجي في ألبوم «تاريخي» صدفة    أوسكار عودة الماموث.. فيلم يخطو نحو الإبهار البصري بقصة إنسانية مؤثرة    دمياط: فصل المياه في بعض المناطق منتصف الليل حتى الثامنة صباحا    الخريف موسم الانتقال... وصراع المناعة مع الفيروسات الموسمية    بالأسماء.. الرئيس السيسي يُصدر قرارا بتعيينات في مجلس الشيوخ    "سلامة الغذاء" تنفذ 51 مأمورية رقابية على السلاسل التجارية في أسبوع    الضرائب: الفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني شرط أساسي لإثبات التكاليف ورد ضريبة القيمة المضافة    وزارة الصحة: 70% من المصابين بالتهاب المفاصل عالميا يتجاوز عمرهم ال55 عاما    تنفيذ ورش تدريبية مجانية لدعم الحرف اليدوية للمرأة في الأقصر    "الوطنية للانتخابات" تواصل تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 لليوم الخامس    مراكز خدمات «التضامن» تدعم ذوى الهمم    مدارس التكنولوجيا تعيد رسم خريطة التعليم الفنى    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    استبعاد معلمي الحصة من حافز ال 1000 جنيه يثير الجدل.. خبير تربوي يحذر من تداعيات القرار    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تطوير المناهج الدينية ضرورة لمواجهة الإرهاب
الدكتور حسين حمودة فى حوار ل«الوفد»:
نشر في الوفد يوم 18 - 10 - 2017


يوجد نقد أكاديمى معزول داخل أسوار الجامعات
معدل القراء يتزايد.. وأتوقع اختفاء الأمية فى مرحلة قادمة
الرواية مزدهرة فى مصر.. والمشهد الروائى العربى لم يعد حكراً على «مركز واحد»
ثقيلة هى مهمة النقد، فى بلد تدور عجلات الطباعة فيه؛ لتطبع عشرات الكتب كل ساعة، ومع هذا يرى البعض أن مصر تواجه تحديات كبيرة، خاصة بعد ظهور جيل من الكتاب فى العالم العربى، بدأت أسماؤهم تتصدر الفاعليات والقوائم الطويلة والقصيرة فى الجوائز العربية والعالمية، مما يشير إلى أن تصبح حقيقة تصدّر القاهرة للمشهد الثقافى العربى معرضة للتراجع، أو تصبح مسألة خلافية تتعدد فيها الأقاويل، بعدما كانت حتمية وأصيلة. للوقوف على حال الثقافة المصرية، وإشكاليات كثيرة تخص النقد والإبداع، لم يكن بوسعنا إلا أن نضعها على طاولة ناقد بحجم الدكتور حسين حمودة كى يجيبنا عنها.
الناقد الأدبى الدكتور حسين حمودة أحد أبرز نقاد السبعينيات، تخرج فى كلية الآداب، قسم اللغة العربية، بجامعة القاهرة، وحصل على الماجستير من القسم نفسه، عن أطروحته «دور يحيى الطاهر عبدالله فى القصة القصيرة المصرية»، ثم حصل على الدكتوراه عن رسالته «الرواية والمدينة - نماذج من كتّاب الستينيات فى مصر»، تحت إشراف الدكتور جابر عصفور.
يعمل «حمودة» أستاذاً للأدب والنقد الحديث فى جامعة القاهرة، والجامعة الأمريكية بالقاهرة أيضاً، وهو عضو فى العديد من اللجان والمجالس والهيئات الأدبية والنقدية، كما شارك فى العديد من المؤتمرات العلمية داخل مصر وخارجها، وشارك كعضو فى العديد من لجان التحكيم فى المسابقات الروائية والقصصية، كما يترأس تحرير سلسلة «كتابات نقدية» التى تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.. وهو صاحب مشروع نقدى واسع الثراء، راوح فى كتاباته بين أغلب الكتاب المصريين، بداية من نجيب محفوظ وصبرى موسى ويحيى الطاهر عبدالله وجمال الغيطانى وبهاء طاهر ومحمد البساطى ومحمد المخزنجى ونعمات البحيرى وغيرهم كثيرون، وصولا إلى متابعة الأصوات الإبداعية الجديدة وتقييم إنتاجها.
الآن، وعلى الساحة فى مصر، كاتب لكل قارئ، وكتاب كل ساعة، وعدد نقاد لا يزيد على أصابع اليد.. كيف؟
نعم.. هناك وفرة فى النتاج الإبداعى الأدبى، وفى المقابل هناك نقد لا يستطيع أن يواكب هذا الإبداع.. وهناك توصيفات متكررة وشائعة لهذا المشهد، وهى توصيفات قديمة أيضاً، ترى فى هذا المشهد ما يشبه الأزمة، أو على الأقل ترى فيه فجوة كبيرة بين الإبداع والنقد.. أسباب هذا كثيرة، منها ما يتصل بغياب الروح النقدية بوجه عام عن مجتمعاتنا، ومنها ما يرتبط بغياب «الناقد الوسيط» الذى يقيم جسراً بين الأعمال الأدبية وبين القراء، ومنها ما يتعلق بمشكلات النقد الأكاديمى الذى بات، فى أغلبه، محصورا داخل أسوار الجامعة، سجين لغته وأدواته التى لا تصل به إلى أحد.. ومنها عدم وجود نقاد متفرغين.. إلخ...
ما ملامح المشهد الروائى المصرى والعربى فى رأيك الآن، وأيهما أقوى؟
المشهد الروائى المصرى مشهد مزدهر جداً، وهو جزء من المشهد الروائى العربى المزدهر جداً أيضاً.. وليس هناك مجال للحكم حول أيهما أكثر ازدهاراً.. هناك تجارب متنوعة، ومغامرات روائية متعددة، وإسهامات كبيرة لأسماء كثيرة جداً من الكتاب الروائيين والكاتبات الروائيات فى عدد من البلدان العربية.. والتجارب الروائية فى بلدان عربية كثيرة تجارب مهمة، وبعضها بات راسخاً رغم التاريخ الروائى القصير الذى قطعه هذا البلد أو ذاك.. وهذا واضح جداً فى بلدان مثل المغرب العربى والعراق والسعودية واليمن.. بجانب طبعاً البلدان التى لها تاريخ روائى ممتد، مثل سوريا ومصر.. المؤكد أن المشهد الروائى العربى لم يعد قائماً على «مركز» واحد، فى بلد واحد، كما كان الحال فى تاريخ سابق.. ولعل هذا يمثل ظاهرة إيجابية.. لأنها تتصل بنوع من التعدد والغنى والتبارى الخلاق.
وما رأيك فى تجربة المغرب العربى الروائية تحديداً؟
فى المغرب تجارب روائية مهمة جداً، رغم أنها لا تستند إلى تاريخ طويل كما أشرت. وهناك أسماء كثيرة قدمت أعمالاً روائية رفيعة المستوى: محمد الأشعرى، الميلودى شغموم، محمد برادة، محمد زفزاف، محمد شكرى، ربيعة ريحان، شعيب حليفى، موليم العروسى، سالم بن حميش.. إلخ.. وقد أفادوا من التجارب الروائية العربية السابقة فى بلدان أخرى، خصوصاً مصر، ومن قراءاتهم فى الرواية العالمية، خصوصا الفرنسية والمترجمة للفرنسية، كما أفادوا مما يقدمه لهم الواقع المغربى، وهو واقع مميز الملامح، من تناولات خاصة.. والمؤكد أنهم، بوجه عام، ساروا فى وجهات جمالية متنوعة، وخاضوا مغامرات إبداعية متعددة، خلال تاريخ قصير ولكنه تاريخ حافل.
أنت تقرأ كثيراً من أجل العمل، فلمن تقرأ من أجل المتعة؟
أقرأ للمتعة وللعمل معاً، لعدد كبير جداً من الكتاب والكاتبات.. ومنهم من قدم ويقدم أعمالاً تمثل قراءتها متعة خالصة لى، حتى مع إعادة القراءة.. وذكر الأسماء صعب بالنسبة لى، لأن عدد من يجب أن أذكر أسماءهم وأسماءهن كبير جداً.
كيف نستطيع أن نرسم الخريطة النقدية فى مصر حالياً؟
هناك كتابات نقدية نظرية وتطبيقية مهمة، وهناك نقاد وناقدات ينتمون إلى فترات متعددة، وهناك نقد أكاديمى معزول داخل أسوار الجامعات، وهناك نقاد شبان جادون لا يجدون منابر كافية، وهناك صحافة أدبية تحتاج لمزيد من المساحات والاهتمام... وهناك، مع هذا كله، تقصير نقدى واضح.
ما المعايير التى يختار بها الدكتور حسين حمودة العمل الذى ينتوى الاشتغال عليه؟
أشتغل على العمل الذى يدفعنى للاشتغال عليه.. لا أبدأ من اسم صاحبه أو صاحبته، لكنى أبدأ من العمل نفسه.. أو من قدرتى على التفاعل معه.. وطبعاً هناك أعمال جميلة تستحق الاشتغال عليها، ولكن هناك جزءاً من هذا الأعمال يجعلنى أقف لفترة مشدوها بها، وقد أجد صعوبة فى البداية للكتابة عنها.. لجمالها البازخ.. لكنى بعد ذلك أجد طريقاً ما للحوار معها خلال الكتابة.. باختصار أنا أتبع ما يقوله العمل وما يبثّه من جمال.
وما ملامح المنهج النقدى الذى يخصك؟
ليس هناك منهج محدد.. أنا عرفت بعض المناهج، وأقوم بتدريس المناهج، ولكنى أتصور أن النقد لا يجب أن يكون تابعاً لمنهج بعينه، يتحرك داخل دائرته ولا يخرج من حدودها أبداً.. المناهج والتصورات والمفاهيم النقدية مفيدة طبعاً، ولكن يجب تطويعها لما يقترحه، وأحياناً لما يمليه، العمل الأدبى من أولويات لقراءته.. وفى كثير من الحالات يمكن أن تتحول المفاهيم المنهجية والنقدية إلى مجرد أدوات إجرائية للتعامل مع العمل الأدبى، خلال حضور رؤية من يستخدمها ويعيد تكييفها وأحيانا يعيد النظر فيها.. باختصار، العمل الأدبى قد يكون أكبر من أى تصورات منهجية ونقدية لمقاربته، وقد يستدعى أو يصوغ منهجاً خاصاً لتناوله.
هل ترى أن «السوشيال ميديا» يمكن أن تكون عاملاً فى نجاح عمل أدبى أو فشله؟
نعم.. إلى حد ما... وفى الوقت نفسه يكون هذا «النجاح» موقوتاً وعابراً.. أى يكون من قبيل الانتشار السريع أو الرواج السريع الذى لا يستطيع أن يصمد طويلاً لاختبارات الزمن.. وهناك أعمال أدبية، وغير أدبية، كثيرة لم تلق نجاحاً وقت ظهورها، لكن أعيد اكتشافها بعد ذلك، وهناك طبعا أعمال انتشرت وبدا أنها «ناجحة» فى وقت ما، ولم تعد كذلك فى وقت آخر..
كيف ترى ظاهرة «البيست سيلر»؟
هى ظاهرة معقدة، ولكنها «صحية» بمعنى من المعانى فى نهاية الأمر، وذلك لأنها تجتذب قراءً جدداً، من غير قراء الأدب، وبالتالى تعمل على توسيع دوائر تلقى الأدب.. وهؤلاء القراء الجدد هم قراء محتملون لأن يقرأوا أعمالاً أدبية أخرى لم تلق رواجاً.. كذلك يمكن أن تكون هناك أعمال كبيرة القيمة من بين تلك التى ترتبط بظاهرة «البيست سيلر»، وهى الأعمال التى تقيم موازنة بين متطلبات الجمهور الواسع، غير المهتم اهتماماً كبيراً بالقراءة، من ناحية، ومتطلبات الفن أو الأدب، من ناحية أخرى.. والأمثلة على هذا متعددة..
هل القارئ الكسول هو الذى يذهب للناقد الأدبى أولاً قبل أن يذهب للعمل؟
لا.. القارئ، سواء كان كسولاً أو غير كسول، هو الناقد الأول لما يقرأ، ولما يختار أن يقرأ.. النقد عندنا بوجه خاص ليست له هذه القدرة على التوجيه.. ربما تكون الكتابة الجادة النزيهة التى يكتبها ناقد ما عن عمل ما دافعاً لذهاب القارئ إلى هذا العمل، ولكنه بعد ذلك يكون هذا القارئ هو الناقد الحقيقى لهذا العمل أيضاً.. الناقد لا يقدم للقارئ كل شيء.. هو يقدم له بعض الخبرات فى كيفية تلقى العمل، ولكن هذا لا يغنى عن خبرات القارئ نفسه.. وعموماً لا أتصور أن هناك قارئاً كسولاً.. القارئ ما دام يقرأ فهو ليس كسولاً.
هل هناك نظريات نقدية معلبة وجاهزة؟ ومتى يلجأ إليها الناقد؟
نعم هناك.. وهناك بعض النظريات النقدية المغلقة ضيقة الأفق أيضاً.. أقصد تلك التى حاولت أن تحيط بالإبداع كله، ما سبق منه وما سوف يأتى.. وانطلقت من «مصادرة» ما على المغامرات الإبداعية التى لا تتوقف أبداً.. أو وضعت شروطاً وقوانين لما تتصوره قواعد نهائية للإبداع.. الناقد الحقيقى، وطبعاً قبله المبدع الحقيقى، لا يلجأ أبداً لمثل هذه النظريات، يلجأ إليها فقط الدارسون والباحثون الذين يسعون إلى ملاذ نقدى آمن.. أو يريدون مجرد قواعد يطبقونها على بعض الأعمال الأدبية دون استكشاف لأعماق هذه الأعمال ولا لخصوصيتها.. عموماً ليست هناك نظرية نقدية جاهزة يمكن أن تكون كاملة ونهائية ومطلقة.. والعمل الأدبى الحقيقى يستطيع أن يختبر وأن يجترح وأن يتجاوز كل نظرية نقدية جاهزة.
كتابك «ميادين الغضب» تجربة نقدية مميزة، ما ملامحها؟
حاولت فى هذا الكتاب، كما أشرت فيه، أن أقدم محاولة للإصغاء إلى نبرات فى نصوص مجموعة من الروايات المصرية كتبها روائيون وروائيات ينتمون إلى فترات زمنية متباينة، وإلى اتجاهات متعددة، وإلى طرائق متنوعة فى الكتابة.
وهذه القراءات قد «ترضى» قارئاً أو قارئة ولا تعجب آخرين وأخريات ممن قرأوا الروايات التى تطالعها هذه القراءات بمنظور آخر، أو من وجهة أخرى، فاكتشفوا واكتشفن فيها أبعاداً مغايرة لما حاولت استكشافه. الحقيقة المؤكدة، التى أستطيع أن أسوقها هنا، خارج كل زعم، ودون أى تساؤل، هى أننى اخترت للقراءة روايات رأيت أنها «مهمة» بمعنى ما، وأنها «جميلة» على نحو أو آخر، لكتّاب وكاتبات لا تخلو أعمالهم وأعمالهن أبداً من قيمة: هم وهن «واسمحوا لى أن ألوذ بمعيار الألفبائية فى الترتيب»: إبراهيم أصلان إدوار الخراط أمينة زيدان بهاء طاهر جمال الغيطانى سهى زكى سيد البحراوى صبرى موسى صنع الله إبراهيم ضياء الشرقاوى عبدالحكيم قاسم عبدالفتاح رزق علاء الأسوانى محمد البساطى مكاوى سعيد مى التلمسانى ميرال الطحاوى نجيب محفوظ نعمات البحيرى نعيم صبرى يوسف أبورية يوسف إدريس.
تمتلك لغة رشيقة فى كتاباتك النقدية، فهل يمكن أن يغريك هذا فى وقت ما بالدخول إلى عالم الرواية؟
فكرت منذ زمن بعيد فى كتابة رواية، وأعددت مادتها، لكنى انشغلت انشغالات أخرى لا تزال قائمة ومستمرة..
الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أعلن أن فى مصر14.3 مليون نسمة لا يقرأون ولا يكتبون، هل ما زال لديك أمل؟
نعم.. لا يزال عندى أمل.. فالمؤكد أن هذا الرقم أقل بكثير مما كان عليه فى تاريخ سابق.. وهذا معناه أنه سيكون أقل فى فترة تالية.. ثم سوف يختفى وتختفى الأمية تماماً فى فترة تالية أخرى..
لك رؤية خاصة فى مكافحة الإرهاب، ما هى؟
أتصور أن جزءاً كبيراً من مقاومة الإرهاب يتمثل فى نشر المزيد من الوعى، وتوصيل القيم الدينية الحقيقية التى تتناقض معها العمليات الإرهابية، وفى الوقت نفسه تتمسح بها، وهذا كله يجب أن تشارك فيه أطراف متعددة، منها وزارة التعليم التى يجب عليها إعادة النظر فى كل المقررات الدينية، وتعديلها بحيث تهتم بهذه القيم وبهذا الوعى، ومنها وزارة الثقافة التى يجب أن تتوسع فى أنشطتها، وفيما تنشره، بحيث تقدم إسهامها فى هذه الوجهة، ومنها الإعلام الذى يجب أن يهتم فى برامجه الإذاعية والتلفزيونية بمناقشة الكثير من القضايا الدينية، بشكل بسيط وقادر على الوصول للجماهير الواسعة، ويقدم للناس أبعاد الدين الصحيح، ومنها طبعاً وزارة الأوقاف التى يجب عليها التدقيق فى اختيار الدعاة والخطباء بالمساجد، والتأكيد على أن يهتم هؤلاء بقيم التسامح الدينى والعمل على ربط أصول الدين الصحيح بالحياة المعاصرة.
وأتصور أيضاً أن هناك أطرافاً متعددة يجب عليها الالتفاف والتنسيق معاً من أجل نفى كل أرضية يتحرك الإرهاب فوقها، وبجانب ذلك كله ينبغى على الدولة المصرية أن تهتم بالخدمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى أطراف مصر كلها، فى الريف وفى البادية بحيث لا تترك مساحة يتحرك خلالها الذين يدعون إلى التطرف.
متى عرفت أن هوايتك هى القراءة؟ وما الكتاب الذى أوقع بك فى شباكها؟
عرفت ذلك فى مرحلة مبكرة، منذ بداية الدراسة فى المرحلة الإعدادية.. بدأت أقرأ بعض الروايات المتنوعة، الرومانتيكية والبوليسية بوجه خاص، كان أغلبها مترجماً.. ثم بدأت أقرأ روايات وقصصاً عربية لعدد كبير من الأسماء: يوسف إدريس ونجيب محفوظ وسعد مكاوى.. وقد شدنى من بين هذه الكتابات بعض روايات ديستويفسكى ونجيب محفوظ وقصص يوسف إدريس.
درست فى كلية الآداب جامعة القاهرة، هل كان هذا اختيارياً؟
كان هذا اختياراً.. وكانت الدراسة بقسم اللغة العربية اختياراً أيضاً.. رأيت، منذ بداية الدراسة الثانوية، أن الدراسة بهذه الكلية وبهذا القسم هى الأقرب لاهتماماتى.
فترة الشباب كانت تبشر بشاعر واعد، فما الذى قادك إلى طريق النقد؟
كتبت الشعر العامى والفصيح ونشرت بعض القصائد، وفزت لثلاث دورات سنوية بالمركز الأول فى جائزة كانت تنظمها كلية الآداب.. لكنى اكتشفت، فيما بعد، أن طريقى هو التعامل مع السرد.. ربما نظرت فى فكرة ليست جديدة، هى أن هذا العصر يحتاج إلى ما هو أكثر رحابة من الشعر للتعبير عنه.. وفى هذه الوجهة كان هناك تعبير قاله وردده الشاعر الراحل الكبير فؤاد حداد، بالفرنسية، معناه: «نحن فى عصر ضد الشعر».. على أية حال وجدت نفسى، بدرجة أكبر، فى الاستمتاع بقراءة الكتابات القصصية والروائية وبالكتابة عنها.
ما أعمالك القادمة؟
عندى أوراق كثيرة جداً تمثل مئات المقالات، بعضها نشر من قبل، وبعضها لم ينشر.. وهى كلها تحتاج إلى «جمعها» وترتيبها وكتابة مقدمات لها بحيث تصبح كتبا.. بعضها عن قضايا نقدية وثقافية، وبعضها عن فن الرواية، وعن فن القصة القصيرة، وبعضها قراءات لعدد كبير جداً من الأعمال القصصية والروائية والشعرية.. آمل أن أجد وقتاً ومتسعاً من العمر لذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.