تعد المنيا من أكثر المحافظات المليئة بالعشوائيات فيصل عدد القري الأكثر فقرًا بها نحو 55 قرية.. تعاني نقصاً في الخدمات، وتدخل أغلبها ضمن المناطق العشوائية وأكثرها خطورة علي المجتمع، نظرًا للظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطنون والتي لا تمكنهم من إدخال مرافق حيوية لمنازلهم كالمياه والكهرباء. تعرضت المنيا للإهمال فى ظل النظام السابق، ولم يشفع للمحافظة لدى النظام كونها بلد (الهانم) سوزان مبارك فتتمثل مظاهر تدنى الخدمات فى تكدس التلاميذ، وتعدد الفترات الدراسية بالمدارس وانتشار البلطجة، وغياب الأمن، وتدنى مستوى الخدمات الصحية، وانتشار الأمراض الخطيرة كالفشل الكلوى والكبدى والسرطان. وسوء حالة مياه الشرب فى أغلب المناطق, وسوء حالة رغيف الخبز، وضيق الطرق، وازدحامها، مما يؤدي إلى كثرة الحوادث عليها. تصنف المنيا على أنها محافظة ريفية باعتبار أن 82% من مواطنيها يسكنون بالقري، كما يوجد بالمحافظة 142 منطقة عشوائية تضم مليون وحدة سكنية بينها 2500 وحدة سكنية تم تصنيفها بالمناطق شديدة الخطورة أو غير الآمنة علي حياة المواطنين، أما باقي المناطق فبها عيوب في المنشآت، وخطوط التنظيم، أو أنها غير مطابقة للمواصفات، وأخري مقامة تحت الضغط العالى أو تعاني مشاكل في التربة وتم البناء عليها.. وتتركز المناطق العشوائية بصورة واضحة في مركز سمالوط، تليها مغاغة والمنيا وبني مزار ثم مركز أبو قرقاص. بالمنيا ثلاثة أنماط من العشوائيات: الأول: مناطق الإسكان الشعبي وهو نمط تم بناؤه في الخمسينيات والستينيات إلا أنه بغياب الصيانة والامتداد العشوائى للمبانى لتلبية الاحتياجات من المسطحات الإضافية للسكان مثل منطقة أبو هلال والسلخانة بالمنطقة الجنوبية ويمثل ذلك النمط نحو 35% من الإسكان بالمدينة. النمط الثاني مناطق الايواء العاجل وهى وحدات سكنية فى حدود 20 متراً مربعاً مجمعة فى 24 مبنى، كل مبنى 6 طوابق، وذات دورات مياه مشتركة. بينما تسكن بالوحدة ذات الغرفة الواحدة عدة أسر ممتدة ويضم ذلك النمط نحو 21% من سكان المدينة. النمط الثالث إسكان العشش ويمثل سكانه نحو 8.5% وأشهرها منطقة عشش محفوظ بمنطقة أبو هلال. عدد سكان العشوائيات بمنطقة أبو هلال يبلغ نحو 67 ألف شخص يقطنون على مساحة كيلو متر ونصف الكيلو متر بها أربع مدارس ابتدائى ومدرسة ثانوى. وتعتبر «أبو هلال» من أشد المناطق فقرا فيما ترتفع معدلات البطالة بها إلى 80% كما إنها تعانى من ضعف ضغط المياه، وعدم صعودها للأدوار العليا وانعدام الخدمات الصحية. بينما تعد بعض المناطق مثل (عشش محفوظ) بؤراً للجريمة فى ظل انتشار الفقر، والبطالة، وغياب الوجود الأمنى، فضلا عن ضعف ضغط المياه بالشبكات وعدم وجود وثائق رسمية للزواج، أو الميلاد، والوفيات، وارتفاع معدلات وفيات الأمهات، والأطفال أقل من خمس سنوات، وتدهور الظروف الاجتماعية والصحية. كان تقرير التنمية البشرية لعام 2008 قد كشف أن دخل 55٪ من سكان المناطق العشوائية بقري مركز سمالوط وأهمها «سمسون - الحلمية - العبور - الكوم الأحمر - عزبة غزالي - السرارية - وجبل الطير» أقل من دولار يوميا فى حين أن 70% من الأفراد بها خارج نطاق التأمينات الاجتماعية وتعد تلك المناطق الأكثر خطورة علي حياة المواطنين، لأنها تقع علي سفوح الجبال أما مبانيها فتهالكت بما يجعل حياة المواطنين في خطر دائم. الكثير من مواطنى المحافظة يتساءلون عن نصيب المنيا من صندوق تطوير المناطق العشوائية الذي خصص مليارًا و500 مليون جنيه لتطوير المناطق العشوائية علي مستوي الجمهورية، فيقول أحمد سالم أحد أبناء قرية «السرارية» بسمالوط: رغم أننا قرية تابعة لمركز المنيا إلا اننا نعانى إهمالاً شديداً من المسئولين يتمثل في ارتفاع فواتير الكهرباء ورداءة الخبز ونقص الخدمات التعليمية والصحة.. فيما أوضح حسن خلف من قرية «السرو» أقدم قري أبو قرقاص أن القرية لا يوجد بها حياة آدمية، ولا تصلح للمعيشة لعدم توافر الخدمات والاحتياجات الأساسية بها، فنحن نعيش فى قرية معدمة لا يوجد بها صرف صحى، مما اضطرنا إلى حفر بيارات كجزء من حل الأزمة كما أن ربع سكان القرية يعانون من أمراض الكبد والفشل الكلوى. من جانبه أكد المهندس «نيازي مصطفي» - مدير التخطيط العمراني بالمحافظة - أن أكثر المناطق خطورة علي أرواح المواطنين تتركز في 9 أماكن أهمها مناطق بسمالوط يليها «الكيلو شرق وغرب والحي الشرقي بمدينة مغاغة، بينما تتركز المناطق الأقل خطورة في منشأة الفكرية بأبو قرقاص و«عشش محفوظ بالمنيا» ومنطقة الأشراف والشيخ ناصر وخط الكهرباء بمدينة ملوي. العجيب أن الناس في العشوائيات تآلفوا مع الخطر واطمأنوا لما هو أهم من خطر هدم مبانيهم السكنية وهي لقمة العيش التي يوفرونها من مصادر الدخل لديهم.. «مخدرات» و«بلطجة» و«دعارة» و«السلاح»، وما خفي كان أعظم ففى ظل الفقر والإنفلات الأمنى كل شىء مباح.