لماذا هذا البيان الذى أصدره حزب الحرية والعدالة يهاجم فيه حكومة الدكتور الجنزوري، ويواصل انتقاداته للرجل وحكومته.. وهل يعبر هذا البيان عن رأى «الإخوان المسلمين». أم هو لجس نبض الشارع المصري.. أم هو يا ترى دعوة للشارع المصرى وتحريك لرجال ونساء والإخوان فى هذا الشارع؟ أعلم أن الالتزام الحزبى هو أهم مقومات تنظيم جماعة الإخوان المسلمين.. فالولاء والطاعة هما أساس التعامل داخل كل تنظيمات الجماعة وبالتالى فلا يمكن للجماعة أن تتنصل من هذا البيان. وتوقيت البيان لا ينفصل عن مضمونه.. لأنه صدر فى وقت ارتفعت فيه أصوات «داخل الجماعة» تطالب بحكومة جديدة تحل محل حكومة الإنقاذ الحالية.. أما مضمون البيان فيحمل الكثير من المعاني.. بينما نرى أن الإخوان المسلمين يتحملون كثيرًا مما يلقونه على حكومة الدكتور الجنزورى فالرجل لا يحمل عصا سحرية تقول: كن فتكون.. ومن أنفسكم نولى عليكم. ** والبيان يحمل حكومة الجنزورى فشلها فى معالجة كل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.. ففى المجال الأمنى هل ينكر أحد أن الرجل بدأ بداية واضحة عندما أكد أن المهمتين الأساسيتين أمام الحكومة هما: الرغيف.. والأمن.. وبدأ الرجل يعمل بجدية.. والغريب أنه عندما بدأ بمواجهة الانفلات الأمنى صفقنا له كثيرًا. ولكن الرجل بدأ يواجه المؤامرات.. مؤامرة وراء أخرى وبات واضحًا أن هناك من يضع العراقيل أمام الحكومة وأمام محاولة استعادة الأمن ووجدنا «اللهو الخفي» الذى يحاول استغلال الانفلات الأمنى ويحاول أن يستفيد منه.. ووجدنا الاعتصامات تزيد حتى أن رئيس الوزراء المكلف وقتها عجز عن دخول مقر مكتبه الرسمى كرئيس للحكومة أيام عديدة. ** هنا كان يجب على الإخوان المسلمين أن يتحركوا بكل تنظيماتهم لدعم الرجل وحمايته إلى أن تقف الحكومة على قديمها.. وأن ينصحوا الناس بوقف هذه الاعتصامات الفئوية.. إلى حين ولكنهم لم يتحركوا - رغم أنهم أصبحوا شركاء أساسيين فى الحكم.. فهل يسعى الإخوان إلى الاستحواذ على الحكومة.. بعد أن نجحوا فى الاستحواذ على أغلبية مقاعد البرلمان ليتحقق لهم - ولأول مرة - أن يحكموا مصر من خلال السلطتين التشريعية والتنفيذية.. وربما يسعون أيضا إلى الاستحواذ على كرسى رئيس الجمهورية. وجاءت مأساة ستاد بورسعيد التى لم نعرف حتى الآن من أشعلها ومن قتل كل هؤلاء الشباب.. فهل ما حدث هناك جزء من المؤامرة على حكومة الجنزوري، بل هى كذلك بكل المقاييس فقد كنا نصفق لجهود الرجل الأمنية قبلها بساعات.. ولما وقعت الواقعة انقلبنا من الضد إلى الضد.. وهكذا نحن كل المصريين نتحرك عفويًا وعاطفيًا ولا نفكر بعقولنا. ** وإذا كانت جريمة بورسعيد موجهة ضد مصر فى المقام الأول فإنها موجهة أيضا ضد حكومة الدكتور الجنزوري، الذى فى نظرنا أفضل رجل للمرحلة الحالية.. وكفى أننا فقدنا رجلاً مثل الدكتور أحمد شفيق فى بدايات الثورة.. وتمت الإطاحة به وبحكومته رغم حنكته الإدارية.. فهل نحن هكذا نخسر دائمًا من يصلح ومن يقدر على خدمة البلد. ** أما عن مسئولية حكومة الجنزورى عن مواجهة الأوضاع الاقتصادية فأن الرجل لا ينام.. وأنا متابع له ولاحظوا كم فقد من حجمه ومن وزنه وهو يعمل 18 ساعة فى المتوسط.. فماذا يفعل والإيد قصيرة والعين بصيرة.. فها هو الاحتياطى ينهار والعجز يزداد.. بينما المطالب تتعالى بشكل رهيب وكأن الناس يدركون أنهم إذا لم يحصلوا على ما يرونه حقوقًا الآن، فلن يحصلوا على أى شيء.. بعد الآن. ** هنا تأتى مسئولية الشعب - مسئوليتنا كلنا - فى أن نقف بجوار حكومة الانقاذ لننقذ ما يمكن انقاذه. بالدعوة إلى ايقاف كل هذه الوقفات والاعتصامات والمظاهرات والمطالبات.. فمن أين ستنفق الحكومة والخزانة شبه خاوية.. فماذا لو أجلنا هذه المطالبات لحين عودة عجلة العمل والانتاج إلى طبيعتها.. وأن تعود آلاف المصانع إلى العمل من جديد رحمة بمن يعمل فيها من المصريين.. ورحمة بمصر وبالاقتصاد المصري. وبالدعوة أن نتكاتف جميعا للتصدى للانفلات الأمني.. فالأمن مسئوليتنا جميعًا.. وليست مسئولية رجل الأمن وحده.. وأن نفرز ونفرق بين الثوار.. وبين البلطجية. ثم هذا الانهيار - أو الانفلات الأخلاقى - الذى شاب كل تصرفاتنا حتى أصبحنا لا نعى ما نقول. ويكفى أن نجد نائبًا يقف ويقول على السيد المشير الذى هو قائم بعمل رئيس الجمهورية ويتحدث حديثا غير لائق عن الحمار والبردعة.. ونسى النائب أن هذا يوقعه للمساءلة وأن الحصانة مقصود بها حماية النائب عما يقول لمصلحة الشعب تحت القبة لا أن يهين رئيس الجمهورية بالوكالة. ورحم الله زمنا كان فيه لا أحد يجرؤ على الحديث مع الوزير فما بالك بالرئيس.. وحتى لو لم يكن رئيسًا فالسيد المشير فى سن والده.. فهل يستطيع هذا النائب المحترم أن يتكلم مع والده عن «الحمار.. والبردعة»؟. ** نحن مسئولون كلنا عن انقاذ مصر.. وعلينا أن ندعم حكومة الإنقاذ إلى أن تعبر بنا هذا الخندق الخطير. وإلا.. على البلد السلام