الطلبة يهربون من زحام المدرجات ويشكون من عدم النظافة نوعان من الحياة داخل الجامعة، أحدهما ضحك ولعب والتقاط الصور الفوتوغرافية، والأخرى تتسم بالجدية مخلوطة بحالة من الملل داخل المدرجات، نظراً لطول فترة المحاضرات، والتى قد تصل إلى ساعتين أو أكثر، وهو ما يصيب بعض الطلبة فى كثير من الأحيان بالصداع والتعب الشديد، لدرجة أن بعضهم يفضل مغادرة المحاضرة بعد منتصفها. وعندما تشاهد أعدادا كبيرة من الطلبة فى الحرم، وليس بالمدرجات قد يخطر بذهنك عدة فروق بين المدرسة والجامعة، أهمها ما يسمى «جرس الحصة»، فعندما كان يدق الجرس ثلاث مرات، يهرول التلاميذ لحضور الحصة خوفاً من معاقبتهم، بينما الوضع مختلف تماماً فى الجامعة، فلا أزمة فى عدم الحضور الطلاب للمحاضرات، فمن الطبيعى أن تجد حشدا هائلا من الطلبة فى الحرم الجامعى طيلة اليوم، لدرجة أنك تعتقد.. أن المدرجات خالية وأنك بحديقة عامة وليس جامعة. تفضيل بعض الطلبة، الجلوس فى الحرم وترك المحاضرات، قد يكون له العديد من الدلالات، أهمها شكل المدرجات ببعض الكليات، فحقوق وتجارة وآداب تعانى من تكدس أعداد الطلبة وعدم الاهتمام بالمظهر الجمالى، ولا نظافة المكان. وفى هذا الشأن، قال أحمد خالد، طالب بالفرقة الرابعة حقوق القاهرة: «أدرس بالجامعة منذ ثلاث سنوات فى مدرج واحد لم يتم طلاؤه أو تنظيفه فضلاً عن تعطل التكييف بصفة مستمرة، مشيراً إلى أن معظم الطلبة يظلون واقفين طيلة المحاضرة، ما يصيبهم بالإرهاق وعدم التركيز. وتضيف مى أحمد، طالبة بكلية الحقوق: الزحام صديقنا فى كل مكان، ففى المدرجات زحام وحتى فى شباك شئون الطلاب وفى ساحة الكلية، لدرجة أننا فى بعض الأحيان نكره الذهاب إلى الجامعة. ورغم معاناة الطلاب الدراسية من شدة الازدحام داخل المدرجات، إلا أن أحاديثهم مع بعضهم البعض تخفف من حدة هذه المعاناة، فهناك مصطلحات يستخدمها شباب كل كلية لا يعرفها ولا يفهمها غيرهم. فمثلاً: يطلقون اسم «شارع الحب» على الشارع الخلفى لكلية تجارة شعبة إنجليزى، نظراً لأنه المكان الأنسب للقاءات الغرامية، ومن مميزاته وجود مقعد تحت كل شجرة، ما يعطى جوا رومانسيا للمكان. أما المكان المخصص للاحتفالات وتنظيم أعياد الميلاد، فيطلق على «البرجولات»، ويقع بالقرب من مسجد الجامعة، أما الكليات فلها أسماء حركية مختلفة عند الطلبة، فحقوق يطلق عليها «حديقة الحيوان»، وتجارة إنجليزى «كلية الفرافير»، والآداب «كلية الكعب العالى». وهناك شارع الوحدة الوطنية (مكان التقاء الطلاب المسيحيين والمسلمين، حسب ما يطلق عليه الطلبة، بين كليتى التجارة والعلوم). فى بعض الكليات، لابد من وجود «قصة حب»، تبدأ بالنظرة الأولى عندما يجتمع الطلبة بالمدرجات فى أول سنة دراسية، وقد تنقطع خطوطها فى السنة الثانية أو الثالثة، أو قد تستمر، ويتفقان على الزواج بعد التخرج، ليبدآن حياة جديدة مع بعضهم البعض. قصص الحب، قد تتطور فى بعض الأحيان، من مجرد نظرة وابتسامة ولقاء فى الكافتيريات، إلى تهور الشاب فى بعض الأحيان، ناسياً أنها جامعة وليست حديقة عامة، ويقوم بعمل حفلة فى الحرم الجامعى ويكتب على الأرض (I love you baby)، ثم بمجموعة من البالونات الحمراء تطير فى الهواء، فى مشهد رومانسى، يزيد من حرارته وجود «الشلة»، الذين يشجعون «العاشقين» على مواصلة قصة حبهما. وهذا المشهد تجسد بتفاصيله السابقة فى عدة جامعات وقد يحدث فى أى وقت بجامعة القاهرة، ففى جامعة طنطا، فاجأ طالب صديقته أو حبيبته بحفلة كبيرة بالحرم الجامعى ليعلن لها عن حبه كما أقدم على حضنها وسط تجمع من الطلاب الذين كانوا يحملون لافتات مكتوبا عليها «marry me»، كما تكرر نفس المشهد فى عدة جامعات منها الزقازيق، حيث قدم أحد الطلاب «بوكيه ورد» لزميلته بكلية الصيدلية، كما قام زملاؤه بتزيين السيارة الخاصة به، وفى جامعة مصر، أقدم شاب بكلية الإعلام على الاعتراف بحبه لزميلته ورفع لافتة وكتب عليها «أحمد بيحب سلمى». وفى عام 2015 بجامعة حلوان، قام شاب بتجهيز مكان بالجامعة وجعله يشبه قاعات الأفراح، وقدم وروداً لزميلته واعترف لها بحبه. تطور مشاهد الحب السابقة من مجرد حديث رومانسى تحت شجرة بالكلية، إلى الجهر بالحب أمام الجميع، تجعلنا نتساءل: هل من الممكن أن تتكرر هذه المشاهد بجامعة القاهرة، خصوصا أنها تعج بالعديد من الحالات الرومانسية، فقد يتهور أحدهم فى أى وقت ويخرجها إلى النور؟