وزير التعليم العالي: الجامعات والمعاهد تدعم خطط التنمية وتحقيق رؤية مصر    رئيس الوزراء يستعرض مقترحاً للاستغلال الأمثل سياحياً ل«مسار العائلة المقدسة»    إزالة 88 حالة تعد ضمن المرحلة الأولى للموجه ال 26 بأسوان    الإسكان: تفاصيل طرح سكن لكل المصريين 7 غدا ومميزات المبادرة    رئيس الوزراء يستقبل ولي عهد إمارة الفجيرة لاستعرض الفرص الاستثمارية    الرمادي يمنح لاعبي الزمالك راحة غداً من التدريبات    جنايات الإسكندرية تقضي بإعدام عامل قام بقتل أحد الأشخاص وشرع في قتل آخر    محمد رمضان يروج لأحدث أغانية |فيديو    ياسمين صبري تشارك متابعيها كواليس «فوتوسيشن» جديد    في جراحة دقيقة وعاجلة.. فريق طبي ينقذ يد مريض من البتر ب مستشفى السنبلاوين العام    بروتوكول تعاون بين جامعة جنوب الوادي وهيئة تنمية الصعيد    اتحاد الكرة يستقر على تغيير ملعب نهائي كأس مصر للسيدات    المحاولة الخامسة منذ 2008.. توتنهام يبحث عن منصات التتويج أمام مانشستر يونايتد    أول رد من بيراميدز على تصريحات سويلم بشأن التلويح بخصم 6 نقاط    إقبال منخفض على شواطئ الإسكندرية بالتزامن مع بداية امتحانات نهاية العام    باكستان والهند توافقان على سحب قواتهما إلى مواقع وقت السلم    بث مباشر.. الأهلي 13-11 الزمالك.. دوري السوبر للسلة    وزير السياحة: إنقاذ "أبو مينا" الأثرية يحظى بإشادة اليونسكو بفضل توجيهات السيسي- صور    غدا.. طرح الجزء الجديد من فيلم "مهمة مستحيلة" في دور العرض المصرية    الجيش السوداني يعلن تطهير الخرطوم من المتمردين    شروع في قتل عامل بسلاح أبيض بحدائق الأهرام    المشرف على "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" تستقبل وفدًا من منظمة هيئة إنقاذ الطفولة    خالد عبدالغفار يبحث تعزيز التعاون مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    وفاة عجوز بآلة حادة على يد ابنها في قنا    رئيس الوزراء: نتطلع لتفعيل المجلس الأعلى التنسيقي المصري السعودي    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة التعبوي للمنطقة الغربية العسكرية    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    عبد المنعم عمارة: عندما كنت وزيرًا للرياضة كانت جميع أندية الدوري جماهيرية    جدل لغز ابن نجم شهير.. هل موجود أم لا ؟ | فيديو    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    بعد 9 سنوات.. تطوير ملاعب الناشئين في نادي الزمالك    «زهور نسجية».. معرض فني بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط    وزير الصحة: مصر تقود مبادرة تاريخية لدعم أصحاب الأمراض النادرة    طريقة عمل البصارة أرخص وجبة وقيمتها الغذائية عالية    بالصور.. يسرا وهدى المفتي من كواليس تصوير فيلم الست لما    مصرع شخص سقط من سطح عقار في الدقهلية    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    جامعة القاهرة تستقبل وفدا صينيا بمستشفى قصر العيني الفرنساوي    5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات «الهيكل» المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى    سالم: نجهز ملف كامل حول أزمة القمة قبل الذهاب للمحكمة الرياضية.. ومتمسكون بعدالله السعيد    بعد دخول قائد الطائرة الحمام وإغماء مساعده.. رحلة جوية تحلق بدون طيار ل10 دقائق    مهرجان كان يمنح دينزل واشنطن السعفة الذهبية بشكل مفاجئ |صور    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    الإفتاء توضح فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. وغرة الشهر فلكيًا    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    السفير المصري ببرلين يوجه الدعوة للشركات الألمانية للاستثمار في مصر    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    مكتب الإعلام الحكومي بغزة: تصريحات يائير جولان إقرار واضح بجريمة الإبادة الجماعية ضد شعبنا    "أمين عام مجمع اللغة العربية" يطلب من النواب تشريع لحماية لغة الضاد    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    الحبس 3 سنوات لعاطلين في سرقة مشغولات ذهبية من شقة بمصر الجديدة    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    مصر كانت وستظل في مقدمة المدافعين عن فلسطين.. ورفض التهجير موقف لا يقبل المساومة    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوفد» ترصد الإجابة من أول نقطة للعبور
نشر في الوفد يوم 09 - 10 - 2017


روح النصر.. مرّت من هنا
مصر حققت معجزة حربية وسياسية بعد 6 سنوات من النكسة
مقاتل من حرب أكتوبر: كنا ندافع عن شرف الوطن.. والآن نعيش تراجعًا أخلاقيًا
خبراء: نعيش مؤامرة منذ منتصف السبعينيات
كيف حول شاويش نوبى شفرة الجيش؟ ولماذا طلبه السادات مقيدًا بالكلابشات؟
لم يحدث على مدار التاريخ البشرى كله، أن انهزم جيش هزيمة ثقيلة دمرت معداته، ثم عاد ذات الجيش خلال 6 سنوات فقط، ليخوض حربًا جديدة وينتصر فيها.
فخلال نكسة 1967 فقدت مصر 80% من معداتها العسكرية، وفقدت عشرات الآلاف من الجنود، وخسرت ما يوازى 25 مليار دولار بسبب ما فعلته بها النكسة.
وقطع الصهاينة من جسدها جزءًا كبيرًا (سيناء)، واستولوا عليه، وكان طبيعيًا أن تظل مصر منكسرة تنزف دمًا ودموعًا لسنين طويلة..
لكن مصر التى تخيل أعداؤها أنها على وشك الموت، انتفضت بعد 6 سنوات فقط من الهزيمة، وحققت النصر، ومن هنا كان انتصارها فى أكتوبر أسطوريًا.. انتصارًا تسكن المعجزة كل تفاصيله.. من أول نقطة حبر خطت أول حرف فى خطة الحرب، وحتى آخر طلقة رصاص أطلقها الجنود فى تلك المعركة..
والمصريون الذين حققوا هذا النصر الأسطورى، يحاولون الآن تكرار إنجاز مماثل انتفضوا من أجله مرتين في عامى 2011 و2013 وأسقطوا نظامين فاسدين فى عامين.
والسؤال: «هل ينجح المصريون فى تكرار إنجاز يضاهى نصر أكتوبر»؟
إجابة السؤال تتضح بمقارنة ما كان عليه المصريون يوم النصر وما هم عليه حاليًا.. ومن أجل مقارنة أكثر دقة، اخترنا أول منطقة عبر منها المصريون خط بارليف ورفعوا العلم المصرى فوق سيناء، وهى منطقة المعدية نمرة 6 بمحافظة الإسماعيلية.
الصور والفيديوهات التى ترصد عملية العبور، سجلت التفاصيل الكاملة لمنطقة «المعدية نمرة 6»، وقت الحرب، ولم يكن بالمنطقة سوى رمال ممتدة «على مدد الشوف»، ومدافع تصوب نيرانها باتجاه العدو فى سيناء، وجنود تتدفق على القناة حاملة سلاحها ومراكب العبور المطاطية، ومهندسون عسكريون يشيدون كبارى العبور التى ستزحف منها الدبابات المصرية، إلى أرض سيناء لتطهرها من دنس الصهاينة.
هكذا كان حال جبهة القتال.. أما الأهالى القريبون من منطقة العبور، عند «المعدية نمرة 6»، وكانوا يقيمون عند الأطراف البعيدة لمنطقة البلاح على بعد أكثر من كيلو متر من الشاطئ فشكلوا- بحسب المهندس نادر محمد عبيد (55 سنة) صاحب شركة خاصة - مقاومة شعبية استعدت للتعامل مع أى جندى إسرائيلى تسول له نفسه التسلل إلى داخل الإسماعيلية، ولكن إسرائيل لم تفكر فى بداية المعركة سوى فى رد الهجوم المصرى الكاسح، وحاولت أن تقصف المنطقة القريبة من القناة بالطيران.. ويقول «عبيد» كان الطيران الإسرائيلى يحاول قصف الإسماعيلية، وعندها كان الأهالى يحملون أطفال المنطقة إلى داخل مخبأ تحت الأرض خوفًا عليهم من غارات الإسرائيليين، وظل هذا المخبأ لسنوات طويلة بعد الحرب، حتى تم بناء مسجد العباسى فوقه.
منى رشاد أحمد - ربة منزل ( 66 سنة) كانت تقيم مع أسرتها فى منطقة سرابيوم بالسويس.. وتقول: «قبل الحرب بساعة أو أقل فوجئنا بعدد كبير من الجنود يتدفقون إلى طلمبة مياه أمام بيتنا، وأخذوا يملأون جراكن مياه من الطلمبة، ولما سألتهم والدتى: فيه حاجة يا ولاد؟.. فرد عليها أحدهم: ادعيلنا يا حاجة.. وبعد دقائق فوجئنا بالطائرات المصرية تعبر القناة وبعدها بدأت المدافع تطلق نيرانها.. وعلمنا أن الحرب بدأت».
وتضيف: «كانت إسرائيل تطلق علينا بطائراتها بودرة سوداء تجعلنا نتنفس بصعوبة ولهذا طلبوا منا أن نغادر المنطقة حفاظًا على حياتنا، فتركنا كل شىء وتوجهنا إلى الشرقية وأقمنا فى التل الكبير لمدة 6 شهور ثم عدنا بعدما انتهت الحرب».
إبراهيم محمد على -تاجر فاكهة- (62 سنة) رفض أن يغادر الإسماعيلية واشترك هو والده مع المقاومة الشعبية، ويقول: «كنا نقضى الليل حاملين سلاحنا ومستعدين لقتل أى إسرائيلى يتسلل إلى الإسماعيلية، وفى أحد الأيام اكتشفنا أن 4 دبابات إسرائيلية تسللت إلى الإسماعيلية.
ورغم أنها كانت تحمل العلم المصرى، والجنود الذين عليها يتكلمون باللهجة المصرية، إلا أن المقاومة اكتشفتهم وتعاملت معهم وأسرنا من فيها عندما وصلت إلى عزبة أبو عطوة، ومنعتهم من الوصول إلى معسكر الجلاء الذى كان نقطة تمركز الجنود المصريين».
ولا تزال الدبابات الإسرائيلية فى منطقة أبو عطوة حتى الآن تحكى واحدة من بطولات المصريين خلال حرب أكتوبر.
هكذا كانت الأحوال فى الإسماعيلية وتحديدًا فى المنطقة القريبة من «المعدية نمرة 6» التى شهدت رفع أول علم مصرى فوق سيناء فى حرب أكتوبر.. قبل 44 عامًا، أما الآن فتغيرت الأحوال بشكل كبير.
فالمنطقة التى كانت صحراوية، يكسوها لون الرمال الأصفر، اكتست حاليًا باللون الأخضر، وغطتها المساحات الخضراء والأشجار المعمرة، وتحول المكان كله إلى حيين سكنيين كبيرين هما حى الجامعة وحى الإسراء.
يضم الحيان مئات العمارات، و جامعة قناة السويس، وعيادات هيئة الشرطة، ومرفق علاج الأمراض الفيروسية، وحتى الشوارع نفسها، احتضنت داخلها ميدانين.. فى وسط أحدهما تمثال للفريق عبدالمنعم رياض الذى استشهد فى مارس 1969، وفى الميدان الثانى صورة كبيرة لعندليب الشعر الراحل عبدالرحمن الأبنودى.
والحقيقة أن التغيير لم يتوقف عند تغير طبوغرافية أول منطقة عبر منها المصريون فى حرب أكتوبر، فهناك تغييرات كبيرة طرأت على البشر أنفسهم.
هذه التغيرات يرصدها محمد فوزى (72 سنة) أقدم مصرى يعيش فى منطقة البلاح الملاصقة للمعدية «نمرة 6» فيقول: « فى زمن الحرب كنت أعمل بهيئة قناة السويس وكنت أنقل للجنود المعدات والأدوية وعندما كنا ندخل منطقة العمليات وقت الحرب كنا نجد الجنود، يعيشون حالة تحدٍ لكل الظروف المحيطة بهم وكان لديهم إصرار كامل على النصر، مهما كانت التضحيات.. ولما انتهت الحرب، عرضت هيئة قناة السويس مساحات شاسعة من الأراضى حول القناة للبيع، فكونت جمعية أطلقت عليها اسم البلاح واشترت الجمعية مليونًا و270 ألف متر مربع من الهيئة مقابل 82 ألفًا و200 جنيه، وتم تشييد مئات العمارات فى المنطقة فتحولت المنطقة الملاصقة للمعدية نمرة 6 من منطقة صحراوية إلى منطقة سكنية».
سألت محمد فوزى رئيس مجلس إدارة جمعية الجامعة القديمة للتنمية: «ما الذى تغير فى المصريين منذ زمن الحرب حتى الآن»؟
فأجاب بأسى: «حدث تغير كبير، وأكثر التغيرات خطورة هو استحلال البعض أخذ ما ليس من حقه، «مدللًا على ذلك بما يجرى فى مجمع الزهراء للأعمال الخيرية الكائن بمنطقة البلاح، وأشار إلى أن مجلس إدارة المجمع يهدر مال الجمعية، وينفقها فى غير أوجهها وأغلق مصنع تريكو تابعًا للمجمع، كان سيدر أموالًا وفيرة للغلابة، ولكن مجلس إدارة الجمعية أغلق المصنع.
المقاتل محمد عواد الذى شارك فى حرب أكتوبر بمنطقة جنيفة، يرى أن التغير الكبير الذى طرأ على المصريين منذ حرب أكتوبر وحتى الآن هو التراجع الأخلاقى والميل للكسل والسلبية.. ويقول: «فى حرب أكتوبر كنت ضمن سرية مدفعية بمنطقة جنيفة، ولما بدأت الحرب كدنا نطير من الفرح وقال لنا قائد السرية «قاتلوا عن شرف مصر».
وهذه الجملة أشعلت حماسنا، وظللنا نطلق دانات مدفعيتنا لمدة 13 يومًا متصلة، دون أن نتوقف لحظة، ولما حدثت الثغرة، وفوجئنا بالاسرائيليين يطلقون علينا نيرانهم من الخلف، هتف فينا القائد: كل واحد يحمى رقبته.. ثم طلب منا أن نتقهقر إلى داخل السويس، ووقتها أصبت بشظية فى ساقى، وتورمت قدماى، ورغم ذلك ظللت أسير حاملًا سلاحى لمسافة 35 كيلو مترًا، ولما وصلت للمكان المخصص لسريتنا، تم تحويلى للمستشفى لاستخراج الشظية، وعلاج ساقى المتورمة، واستمر العلاج لمدة ساعتين، وبعدها عدت للقتال مرة أخرى، ولمدة 5 أيام شاركت فى دفن ضحايا الغارات الإسرائيلية على السويس، ولما توقف القتال تم تكليفى بحماية العلم المصرى فى منطقة المثلث بالسويس، وظللت على هذه الحال حتى تم وقف إطلاق النار».
شفرة الحرب التى اتبعت إسرائيل كانت من بنات أفكار البطل النوبى «أحمد إدريس» الذى التحق بالجيش مجندًا بقوات حرس الحدود، وقبيل حرب 1967 كان على الحدود مع إسرائيل، ولما صدرت الأوامر للجيش المصرى بالانسحاب من سيناء تمكن هو ووحدته من قوات حرس الحدود من الانسحاب والعودة عبر الطرق الجانبية فيما كان الطيران الإسرائيلى يقصف بعنف جميع القوات المنسحبة عبر الطرق الرئيسية فى سيناء، ولهذا كانت خسائر تلك القوات 80% بينما خسائر حرس الحدود 12.5% فقط.
وبعد النكسة صدرت قرارات بتوزيع قوات حرس الحدود على الأسلحة المختلفة، فالتحق «أحمد إدريس» باللواء 15 مدرعات وكان متمركزًا فى أبو صوير.. ويروى «إدريس» ما حدث معه قبيل الحرب فيقول: «فى أحد الأيام سمعت قائد اللواء يشكو من أن إسرائيل تخترق جميع الشفرات المصرية، وساعتها قلت: يا افندم فيه حل، فقال لى وما هو قلت نستخدم اللغة النوبية فى الشفرات، فقال: وإيه هى اللغة النوبية دى، فقلت دى لغة بيتكلم بها أهل النوبة وهى لغة تنطق ولا تكتب فقال: طيب اسكت ومتقولش لحد دلوقتى».
وأضاف: «عرض قائد اللواء الفكرة على قائد الجيش وبدوره عرضها على الرئيس السادات فقال: «مين صاحب الفكرة دى، فرد قائد الجيش: صاحب الفكرة شاويش فى الفرقة 15 مدرعات، فقال السادات هاتولى الشاويش ده مقيدًا بالكلابشات فى إيديه».
ويواصل: «وبالفعل جاء إلى وحدتى ضابط برتبة نقيب ووضع الكلابشات فى يدى، وقال لى إنت مطلوب بالكلابشات فى قيادة الجيش فى القاهرة. وعندها كنت سأسقط من طولى، ومش عارف أنا عملت إيه علشان يعملوا معايا كده، وجابونى على رئاسة الجمهورية، ثم نقلونى إلى منزل الرئيس السادات، وفكوا الكلابشات من يدى، وتركونى جالسًا، وعندها ازدادت دهشتى، وبعد ساعة من الانتظار جاءنى الرئيس السادات، وسألنى: إيه حكاية الشفرة النوبية.. وعندها فقط بدأت أسترد روحى، وشرحت الفكرة للرئيس السادات فقال: أنت قلت الكلام ده لحد؟ فقلت: لقائد اللواء بتاعى: فصمت الرئيس لمدة 10 دقائق، لم يفعل خلالها شيئًا سوى تدخين البايب والنظر إلىّ، وبعدها قال: شوف أنا هأنفذ فكرتك، ولكن لو قلتها لحد، عقابى هيكون عسيرًا. فقلت: مستحيل أقولها لحد يا سيادة الرئيس، فرد الرئيس السادات متقلش حتى لمراتك فقلت حاضر».
ويواصل المقاتل أحمد إدريس قائلًا: «ظللت محتفظًا بالسر ولم أحدث به أحدًا حتى عام 2010، ووقتها فقط قلته لأولادى».
وأشار إدريس إلى أنه تم تدريب 245 نوبيًا على أجهزة الشفرة لمدة 10 أيام، حتى أجادوا استخدامها إذا ما أصابها عطل. وتم توزيعهم على مناطق متفرقة.. ويقول: «كنت ممن انتقلوا إلى عمق سيناء وكنت أنقل بالشفرة عدد وأنواع القوات والأسلحة الإسرائيلية فى سيناء وكنت أقضى النهار متخفيًا فى بئر مياه، وكان السيناويون يمدوننى بالطعام كل يوم، وظللت على هذه الحال حتى تم النصر».
استخدام المياه فى قهر خط بارليف المنيع كانت له حكاية مماثلة لما حدث فى شفرة الحرب.. ولكن البطل هذه المرة هو اللواء باقى زكى يوسف الذى التحق بالقوات المسلحة فور حصوله على بكالوريوس الهندسة من جامعة عين شمس عام 1954، وبعدها تم إلحاقه بالعمل فى السد العالى، حتى وقعت نكسة 1967 فعاد إلى القاهرة وتم إلحاقه بالمجموعة 19 على خط القناة.
وميلاد فكرة المياه كانت قبل الحرب ب 4 سنوات كاملة، ففى 19 أكتوبر 1969.. صدرت للمجموعة 19 قتال، أوامر بعبور قناة السويس، فاجتمع قائد المجموعة اللواء سعد زغلول عبدالكريم بقادة الأسلحة المختلفة لوضع خطة العبور.. ويقول اللواء باقى ذكى يوسف: «كنت واحدًا ممن حضروا الاجتماع بصفتى مسئولًا عن مركبات المجموعة، وكانت الخطة فى مجملها تعتمد على اقتحام الساتر الترابى باستخدام المفرقعات والمتفجرات ثم قذائف المدفعية الثقيلة، وتم تقدير الوقت اللازم لعمل ثغرة فى الساتر الترابى بما يتراوح بين 12 و15 ساعة وقدرت الخسائر المتوقعة بما يتراوح بين 20% و25 % من القوات المشاركة فى العبور، وبعد طرح الخطة والخسائر التقديرية، فتح قائد المجموعة باب المناقشة، وتحدث كل قادة الأسلحة فى المجموعة وكنت آخر المتحدثين. فبدأت أسرد ما تضمنته خطة العبور من مهام، وبينما أنا أتحدث جاءتنى فكرة استخدام المياه فى المعركة، فقلت إن هناك قوة خطيرة يجب أن نستغلها فى العبور واجتياح الساتر الترابى وهى مياه قناة السويس، وبمجرد أن قلت هذا الكلام ساد صمت لعدة دقائق، فتابعت كلامى؛ وقلت: إننا فى السد نقلنا باستخدام المياه جبالًا تزيد عشرات المرات عن الساتر الترابى.. وقلت موجهًا كلامى لقائد المجموعة يا أفندم الإسرائيليين أقاموا مانعًا ضخمًا أمامنا وهو الساتر الترابى، ولكن الله جعل لنا الحل بجوار ذات المانع وهى مياه قناة السويس.. وكل ما نحتاجه هو استخدام مضخات مياه وضرب الساتر الترابى من أسفل بهذه المياه وسيتسبب ارتفاعه الذى يصل إلى 20 مترًا وميله بزاوية 80 درجة إلى سرعة تجريف رمال الساتر انهياره بما فيه فى مياه قناة السويس».
ويواصل اللواء باقى زكى يوسف فيقول: «لاقت الفكرة استحسان الجميع خصوصًا وأن بدائلها كانت شديدة الخطورة وكبيرة الخسائر، وبسرعة تم عرض الفكرة على قائد الجيش الثالث الذى طلب أن أناقشها مع مدير سلاح المهندسين العسكريين بالجيش الثالث، فاقتنع هو الآخر بالفكرة، فتم عرضها على الرئيس جمال عبدالناصر الذى أبدى اهتمامًا كبيرًا بها وطلب دراستها بشكل أكبر وتجربتها، وهو ما تم بالفعل، وأظهرت التجارب أن المياه قادرة على إحداث ثغرة فى الساتر الترابى خلال 4 ساعات فقط، وهنا اعتمد الرئيس عبدالناصر فكرة استخدام المياه فى الحرب، وتم تدريب الجنود عليها، وأجريت 300 تجربة، كان آخرها فى منطقة الملاحات داخل قناة السويس نفسها وكان الساتر الترابى المستخدم فى تلك التجربة مشابهة تمامًا للساتر الترابى الذى أقامته إسرائيل على شاطئ القناة، وفى يوم العبور تمكنا من عمل 85 ثغرة فى الساتر الترابى خلال 6 ساعات فقط وأزاحت المياه المستخدمة 90 ألف متر مكعب من الرمال لتعبر باقى تشكيلات القوات المسلحة إلى سيناء فى زمن قياسى وبخسائر لا تكاد تذكر».
وبمثل هذه الروح حقق المصريون انتصارًا أسطوريًا فى حرب أكتوبر، ويحاولون الآن السير بروح أكتوبر رغم كيد الأعداء وحقد قوى الشر، ويجب علينا جميعًا حمايتها من الأفول الذى حذر منه أحمد زايد مؤسس مجموعة 73 مؤرخين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.