نسخة سيد درويش، جامعة الفيوم تعلن نتيجة مهرجان الأغنية الأول"نغم 1"    شيخ الأزهر: القضاة ركيزة أساسية في إرساء العدالة وبسط الأمن والاستقرار في المجتمعات    وزير الإسكان يبحث مع سفير الجزائر فرص التعاون في البنية التحتية والمدن الذكية    تأهّل طلاب جامعة مطروح لجائزة مصر للتميز الحكومي 2026    أهم أخبار الكويت الأربعاء 19 نوفمبر 2025    أشرف سنجر: قرار تكساس ضد الإخوان مؤشر على فهم عالمى لخطر الجماعة    منتخب مصر يتراجع في تصنيف فيفا ويحتل المركز 34    من يعود إلى المنزل بهذه الجوائز.. كاف يبرز كؤوس الأفضل في حفل الرباط    قراءة لحفل جوائز كاف 2025| حكيمي أفضل لاعب أفريقي    الأمن يوافق على حضور 46200 مشجع للقاء الزمالك وزيسكو بالكونفدرالية    زعلان عشان معاكسة بنته، الأمن يكشف تفاصيل فيديو التعدي على عامل بالبحيرة    محمد صبحي يعلن عن بث مباشر لجمهوره مساء غد الخميس    تعزيز الانتماء والولاء عبر أدب اليافعين في مناقشات المؤتمر السنوي العاشر    أيام قرطاج ال26 تعرض 15 عرضا بقسم مسرح العالم خارج المنافسة    جنازة المخرج خالد شبانة عقب صلاة العشاء بالمريوطية والدفن بمقابر العائلة بطريق الواحات    خالد الجندى: هذا التصرف يفعله البعض من أخطر أنواع الشرك بالله    خالد الجندى: علاج أى خلل أخلاقى أو سلوكى يبدأ من استحضار عظمة الله فى القلب    جامعة أسيوط تطلق قافلة طبية مجانية لعلاج أسنان الأطفال بكلية طب الأسنان    وجبات ذهبية للأطفال بعد التمرين حفاظا على صحتهم ونشاطهم    منتخب شباب الهوكي يتوجه للهند 23 نوفمبر للمشاركة في كأس العالم    إبراهيم صلاح: تعجبت من قرار إقالتي من تدريب جي.. وسأرد في الوقت المناسب    إزالة 296 حالة مخالفة ضمن «المشروع القومي لضبط النيل» بالمنوفية    النيابة الإدارية تبدأ التحقيق في واقعة تنمر واعتداء على تلميذة بالدقهلية    الأرصاد تكشف تفاصيل الطقس..ارتفاع درجات الحرارة مع فرص أمطار متفرقة    انهيار والدة وخطيبة صاحب ملجأ حيوانات ضحية صديقه أثناء جنازته.. صور    سكك حديد مصر توضح حقيقة فيديو «مسامير القضبان» وتؤكد معالجة الواقعة بالكامل    سارة خليفة متورطة في شبكة عائلية لتصنيع وترويج المخدرات    بعد اكتمال المشروع| ماذا تعرف عن الكابل البحري العملاق 2Africa ؟    استعدادا لاستضافة cop24.. البيئة تكثف أنشطة التوعوية بالمحافظات    رئيس جامعة المنيا يفتتح الملتقى التوظيفي الخامس لكلية السياحة والفنادق    المسلماني: برنامج دولة التلاوة يعزز القوة الناعمة المصرية    حمزة نمرة يساند تامر حسني في محنته الصحية    بيان مشترك بين وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج ووزارة التربية والتعليم والتعليم الفني    د.سراج العرايشي مرشح «حماة الوطن» يشيد بموقف الرئيس السيسي لحماية الانتخابات البرلمانية ويؤكد أعمل في الميدان تحت شعار «الناس أولاً»    وزارة الأوقاف تنفى إصدار صكوك لتمويل تطوير العقارات بقيمة 30 مليار جنيه    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    وزير الري يلتقي نائب مدير الوكالة الفرنسية للتنمية    مدرب تونس: تفاصيل صغيرة حرمتنا من الفوز على البرازيل    وزير الصحة يلتقى مدير عام الصحة بتركيا لبحث تعزيز التعاون الثنائي    في يومه العالمى.. تجمع علمى تحت شعار "كل نفًس مهم" لمرض الانسداد الرئوي المزمن    محامى سارة خليفة يطالب بضم التقارير الطبية للمتهمين بقضية المخدرات الكبرى    وفاة المخرج خالد شبانة رئيس قطاع قنوات النيل المتخصصة وشقيق الإعلامي الرياضي محمد شبانة    محمد حفظي: العالمية تبدأ من الجمهور المحلي.. والمهرجانات وسيلة وليست هدفا    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    خبر في الجول - ناد أوروبي يطلب قضاء نور عبد الواحد السيد فترة معايشة تمهيدا للتعاقد معها    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    معرض رمسيس وذهب الفراعنة في طوكيو.. الأعلى للثقافة: دليل على تقدير اليابان لحضارتنا    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    الإحصاء: معدل الزيادة الطبيعية في قارة إفريقيا بلغ 2.3% عام 2024    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث استعدادت التعامل مع الأمطار    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حول الإسعافات الأولية لتعزيز التوعية المجتمعية    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"في‮ الثورة‮" دروس من كتاب قديم
نشر في الوفد يوم 15 - 02 - 2011

يكتسب هذا الكتاب أهميته الحيوية من اللحظة‮ التي‮ نعيشها‮ .. حيث تتفاعل أحداث الثورة المصرية في‮ الشارع ما قد‮ يكون معه من المفيد استرجاع نماذج من الكتابات الرصينة حول الثورة ومفهومها‮. ومؤلفة الكتاب هي‮ حنة أرندت فيلسوفة أمريكية من أصل ألماني‮ لها العديد من الكتب المتميزة مثل‮ "‬أصل التوتاليتارية‮" و"أزمات الجمهورية‮". ورغم أن الكتاب بالغ‮ الأكاديمية علي نحو قد‮ يشعر القارئ بصعوبة التعاطي‮ معه بسلاسة،‮ إلا أنه‮ يقدم رؤي متميزة بدقتها ونفاذها قائمةعلي معرفة عميقة بالماضي‮ علي نحو‮ يشكل كما‮ يقول الناشر إسهاما مهما في‮ الفلسفة السياسية وفي‮ فهم العالم الحديث واستشراف القرن الحادي‮ والعشرين‮. وعلي مستوانا استيعاب بعض ما‮ يجري من حولنا في‮ اللحظة التي‮ نحياها الآن‮.‬
ويحاول الكتاب الذي‮ نشر لأول مرة عام‮ 1963‮ تشريح ظاهرة الثورة تشريحا علميا دقيقا واستعراضها باعتبارها إحدي الظواهر التي‮ حددت ملامح القرن العشرين‮. وفيه تنظر أرندت في‮ المبادئ التي‮ تقع في‮ اساس الثورات جميعها بدءا من الأمثلة الكبري الأولي في‮ أمريكا وفرنسا،‮ مرورا بكيفية تطور نظرية الثورة وممارستها ووصولا في‮ نهاية الأمر إلي توقعات التغيير في‮ العلاقة بين الحرب والثورة وما‮ ينتج عن هذا التغير علي صعيد العلاقات الدولية‮.
في‮ تعريفها لمفهوم الثورة تشير المؤلفة إلي أنها مصطلح قديم نسبيا ولم‮ يكتسب معناه الجديد إلا ببطء وتؤدة،‮ وهنا فإنه من المفارقة أن كلمة الثورة إنما كانت تعني‮ في‮ الأصل إعادة السلطة،‮ فثورات القرنين السابع عشر والثامن عشر والتي‮ تبدو لنا ذات روح جديدة،‮ روح العصر الحديث،‮ إنما كانت ترمي‮ إلي إعادة السلطة إلي أصحابها‮.
وتذكر المؤلفة أن الاستخدام ذاته لهذه الكلمة‮ يشير بوضوح تام إلي الإفتقار لتوقع ما لاسابق له من جانب الفاعلين الذين لم‮ يكونوا اكثر استعدادا من مشاهدي‮ الفعل المعاصرين لهم‮. وفي‮ تأكيد علي جذرية التحول الذي‮ تحدثه الثورة تقول أرندت إن الثورات ليست مجرد تغييرات،‮ وهنا فإنها تنفي‮ إمكانية تشبيه الثورات بتعبير أفلاطون لها بأنها تحول شبه طبيعي‮ في‮ شكل من أشكال الحكومة إلي شكل آخر‮. وتذهب أرندت إلي أن العنف لا‮ يكفي‮ لوصف ظاهرة الثورة وإنما مستوي التغيير هو الوصف الأجدر بها،‮ ولا‮ يمكننا الحديث عن الثورة إلا حين‮ يحدث التغيير ويكون بمعني بداية جديدة وإلا حين‮ يستخدم العنف لتكوين شكل مختلف للحكومة لتأليف كيان سياسي‮ جديد وإلا حين‮ يهدف التحرر من الاضطهاد إلي تكوين الحرية‮.
وتميز المؤلفة بين الثورة والعصيان والتمرد فتذكر أن هاتين الكلمتين الأخيرتين لم تشيرا قط إلي التحرير كما تفهمه الثورات كما لا تشيران أبدا إلي تأسيس حرية جديدة،‮ وهو الفهم الذي‮ يبدو أنه تجري محاولة التعامل علي أساسه مع ما‮ يجري‮ في‮ الوقت الراهن في‮ مصر لحرف مجري الثورة‮. وما‮ يجب أن‮ يعيه القائمون بالثورة حسب المؤلفة هو حقيقة أن الثورات أكثر من تمردات ناجحة،‮ فليس لدينا ما‮ يبرر تسمية كل انقلاب‮ يجري بأنه ثورة ولا أن نلتمس ثورة في‮ كل حرب أهلية تحدث‮. كما تميز المؤلفة بين الثورة الحقيقية والانقلابات وثورات القصور حيث تنتقل السلطة في‮ هذه الأخيرة من رجل إلي آخر من زمرة إلي أخري لم تكن تثير الكثير من المخاوف لأن التغيير الذي‮ تجريه‮ يكون محدودا في‮ نطاق الحكومة وليس فيه الا الحد الأدني‮ من الاضطراب للناس‮. وهو تمييز‮ يبدو بالغ‮ الحيوية‮ يجب أن‮ يضعه الثوار في‮ اعتبارهم،‮ حيث إنه سيناريو‮ يجري‮ محاولة تطبيقه مع كل ثورة‮.
ومما تذكره المؤلفة في‮ هذا الخصوص أن التحرير بالمعني الثوري‮ أضحي‮ يفيد أن اولئك الأفراد‮.. سواء في‮ الحال الحاضر أو علي مدي التاريخ لا بصفتهم أشخاصا فرادي فقط بل كونهم أعضاء في‮ الغالبية الساحقة من البشرية الفقراء والحقراء وكل الذين عاشوا دائما في‮ الظل والخضوع لأي‮ كان من السلطات التي‮ كانت قائمة‮.. عليهم جميعا أن‮ ينهضوا ويصبحوا المسيطرين من المرتبة الأولي علي البلاد‮.. فالثورات توفر الأمل بتحرير البشرية جمعاء وهي‮ تستهدف بشكل عام قضية الحرية إزاء الاستبداد‮.. تلك القضية التي‮ تشكل في‮ حقيقة الأمر وجود السياسة ذاته منذ بداية تاريخنا،‮ فمن الأمور بالغة الجوهرية في‮ أي‮ فهم للثورات في‮ العصر الحديث أن تتزامن فكرة الحرية مع التجربة الجديدة لبداية جديدة‮.
ومن بين الدروس التي‮ تشير إليها المؤلفة بشأن الثورة المسألة الاجتماعية وهنا تذكر أن هذه المسألة بدأت تؤدي‮ دورا ثوريا في‮ العصر الحديث وليس قبله وذلك حينما بدأ الناس‮ يشككون بأن الفقر هو شئ كامن في‮ الظرف الإنساني‮ ويشككون بأن التمييز بين القلة التي‮ نجحت بحكم الظروف أو القوة أو الغش بتحرير نفسها من أصفاد الفقر وبين الكثرة الكاثرة العاملة والمصابة بالفقر هو تمييز محتم وأزلي‮.
وتحذرنا أرندت من المبالغة في‮ التفاؤل بشأن الثورة إذا لم تسر في‮ طريقها المرسوم مشيرة إلي أن ثمة حقيقة مؤسفة مفادها أن معظم الثورات المعروفة كانت أبعد ما تكون عن إنجاز تكوين الحرية بل إنها لم تتمكن من الإتيان بضمانات دستورية للحقوق والحريات المدنية‮. وإذا كانت المؤلفة تركز في‮ تناولها علي الثورتين الفرنسية والأمريكية فإن من الملاحظات الأساسية التي‮ تشير إليها أن الثورة الفرنسية وليست الأمريكية كانت هي‮ التي‮ أشعلت العالم وبالنتيجة فإن مسار الثورة الفرنسية وليس شكل مسار الأحداث في‮ أمريكا ولا ما قام به الآباء المؤسسون هناك هو الذي‮ جعل استعمالنا الحالي‮ لكلمة ثورة‮ يستمد فحواه وألوان معانيه من كل مكان في‮ الدنيا ومن ضمن ذلك الولايات المتحدة‮.‬
ومن بين الدروس الأساسية التي‮ تلفت أرندت نظرنا إليها في‮ مجال الثورة دور من تصفهم بالثوريين المحترفين الذين قد نلمح نماذج لهم في‮ ثورتنا المصرية الحالية وهو دور‮ لا‮ يكمن في‮ العادة في‮ إحداث ثورة ما بل في‮ القفز إلي السلطة بعد اندلاعها‮. كما أن ميزتهم الكبري حسب المؤلفة في‮ صراع السلطة هذا لا تكمن في‮ نظرياتهم وفي‮ التهيئة العقلية أو التنظيمية وإنما تكمن في‮ حقيقة بسيطة مفادها أن أسماء اولئك الثوريين المحترفين كانت الأسماء الوحيدة المعروفة لدي الجمهور‮. وفي‮ حين أن الدور الذي‮ قام به الثوريون المحترفون في‮ اندلاع الثورة كان في‮ العادة دورا لا أثر له إلي حد اعتباره دورا‮ غير موجود ولكن تأثيره علي المسار الذي‮ ستتخذه الثورة‮ يكون تأثيرا كبيرا جدا‮.
ونختتم بالإشارة إلي ما تؤكد عليه أرندت من أن روح الثورة في‮ القرون الأخيرة،‮ أي‮ التوق إلي التحرر وإلي بناء بيت جديد حيث‮ يمكن أن تستوطنه الحرية هي‮ روح لا مثيل لها في‮ التاريخ السابق بأسره‮. قد نكون تأخرنا في‮ اللحاق بروح الثورة علي النحو الذي‮ تشير إليه المؤلفة باعتباره أحد ملامح القرن العشرين،‮ ولكن المهم أننا بدأنا ثورتنا نحو عالم جديد سمته الأساسية‮.. الحرية‮.. التي‮ طالما افتقدناها علي مدي عصور‮.
الكتاب‮: في‮ الثورة‮
تأليف‮: حنة أرندت‮
ترجمة‮: الباحث والمترجم عطا عبد الوهاب‮
الناشر‮: المنظمة العربية للترجمة بيروت ‮ 2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.