حفلات «المثليين» التى أثارت الرأى العام، وخلقت حلقات نقاش فى كل مكان حول الخطر الذى بات يهدد مجتمعنا ليست إلا حلقة فى مسلسل استهداف مجتمع سمته الأساسية الاعتزاز بالأخلاق والقيم، وعلى مدى السنوات الأخيرة، يصحو المصريون كل فترة على كارثة أخلاقية ليس أقلها حفلات عامة لفرق غنائية أبطالها من الشواذ وتدعو للإباحية، فمنذ شهور هز المجتمع اكتشاف شبكات تبادل الزوجات والتى ضربت عمق كل الأعراف بل والطبيعة البشرية.، فضلاً عن وسائل «فضح الحياة الشخصية» بأدق تفاصيلها «لايف» أى بثاً مباشراً حتى لحوادث الانتحار و«هرتلات» بعض المشاهير دون حياء أو خوف من المجتمع. ولا تخلو المحاكم الآن من قضايا اغتصاب واعتداء ابطالها من كل الأعمار والمستويات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، فالصدمات التى يتلقاها المجتمع المصرى الآن تتوالى بلا هوادة. ولم نكد نفيق من متابعة فضائح أستاذة جامعية تحترف نشر فيديوهاتها الراقصة على الملأ وتتفاخر وتتحدى الجميع، حتى نفاجأ بآلاف الأولاد والبنات يشجعون فرقة غناء «شاذة» ويرفعون شعارها فوق الرؤوس، ونقل الشهود عن الحفل «الصدمة» أفعالاً فاضحة بين المراهقين والمراهقات، فيما كان أولياء أمورهم فى الانتظار خارج الحفل. القضية التى تثيرها هذه «الحوادث» لا تتوقف عند حد النقاش والتحقيقات واتخاذ الإجراءات، بل تتعداها إلى مراجعة قضايا أكثر خطورة، أهمها التنشئة الاجتماعية بمؤسساتها المختلفة بدءاً من الأسرة، مروراً بالمدارس، ووصولاً لدور العبادة وجماعات الضغط ووسائل الإعلام. أما وسيلة التنشئة الأكثر سطوة الآن، فهى وسائل التواصل الاجتماعى التى هى بعيدة تماماً عن معناها، حيث أصبحت وسائل «تفسخ» وتفتيت اجتماعى، التى ساهمت فى جزء كبير من عملها فى نشر الأفكار الصادمة والمعادية للقيم المجتمعية، بل وأصبحت مثل هذه الوسائل فى كثير من الأحيان «مصائد وفخاخ» للأبرياء والجهلاء أيضاً. القضية تحتاج إلى وقفة شديدة ومراجعة لما آل إليه حال الأخلاق فى بلدنا والتى باتت هدفاً لتكنولوجيا الفضائح.. مصر كانت معروفة ببلد «الذوق» حتى إن الأمثال الشعبية قالت إن الذوق لم يخرج من مصر والذوق بمعنى الأخلاق والقيم الكريمة المحفوفة الآن بكل أنواع المخاطر.