حذر المستشار الدكتور يحيي البنا وكيل إدارة التشريع الاسبق بوزارة العدل ورئيس دائرة التعويضات بمحكمة استئناف القاهرة، من عدم حصول اسر الشهداء والمصابين في احداث ثورة 25 يناير وتوابعها، وضحايا النزاعات الطائفية، والاشتباكات العائلية، والتدمير المتعمد لممتلكات الاطراف المتنازعة، علي غرار احداث «العامرية» و«قنا» علي التعويض المدني بسبب قيود القانون المصري، وعدم تطبيق الدية الشرعية للشهداء والمصابين والمضارين بوجه عام حتي الان في مصر! أكد أن تطبيق الدية الشرعية يسهم في كبح جماح التناحر الطائفي والعائلي الدموي الممقوت، ونزيف الاسفلت الناتج عن السرعة الجنونية، والحد من أحداث الشغب علي مستوي الجمهورية، لأن مصر في حاجة لهذا النظام الشرعي حالياً أكثر من أي وقت مضي. أوضح أن تعويض شهداء الثورة ليس منحة مالية من الحكومة المصرية لكل من قتل أو اصيب في احداث ثورة 25 يناير، انما هو حق من الحقوق المسلم بها وليس محل جدل أو خلاف من أحد. وقال المستشار «البنا» ان الشعب المصري بطبعه، لا يميل إلي تقبل التعويض بقرار من السلطة التنفيذية، ولو كان تعويضاً مالياً كبيراً، لذا لابد أن يكون هذا الحق الشرعي مقرراً بقوة القانون، وليس بقوة السلطة الحاكمة، فالقانون فوق الحاكم والمحكوم. واشار إلي أن القواعد العامة للمسئولية في القانون المدني، تنبئ بأن تعويض اسر الشهداء، والمصابين، والمضارين بوجه عام، إن لم يكن أمراً عسيراً فهو مستحيل. وأوضح ان القاعدة القانونية تنص علي أن الخطأ الذي ينتج عنه ضرر للغير يلزم المسئول عنه بالتعويض، والخطأ هنا واجب الإثبات، بمعني أن المصابين وأهالي الشهداء هم المكلفون قانوناً بإثبات خطأ الضابط أو الجندي أو المجرم، الذي اطلق النار أو اعتدي عليهم بالضرب، أو أتلف متاعهم، وإلا فشلوا في دعواهم. وأضاف أن ورثة الشهيد عليهم عبء إثبات انه كان ينفق عليهم حال حياته، ودخله، وما انفقوه علي علاجه قبل وفاته، وعلي المصابين ان يثبتوا الضرر المادي المتمثل فيما تحقق لهم من خسارة وما فاتهم من كسب، وتلك هي القواعد العامة في المسئولية القانونية عن العمل غير المشروع. واوضح ان استحالة التعويض، تتمثل في ان القاعدة القانونية تقضي بأنه اذا شكل الفعل غير المشروع جريمة جنائية قدمت للمحاكمة الجنائية، وتوقفت المحكمة المدنية الفصل في دعوي التعويض عن ذلك الفعل غير المشروع، حتي يفصل في الدعوي الجنائية بحكم نهائي وبات، فإذا قضت المحكمة الجنائية بالبراءة تقيدت المحكمة المدنية بهذا الحكم، ومن ثم لا تستطيع أن تحكم بالتعويض وتنتهي الدعوة بالرفض. طالب المستشار «البنا» مجلس الشعب المنتخب بصفته اول برلمان تشريعي بعد الثورة، بالإسراع في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بسن تشريعات تنظم أحكام التعويض لأسر الشهداء واهالي المصابين طبقاً لأحكام الدية الشرعية في الشريعة الإسلامية، تحقيقاً للعدالة في هذا الوطن قبل العدل. ويتعين علي هذا التشريع أن يتضمن اربعة مبادئ رئيسية هي: المبدأ الأول أن يكون اساس المسئولية هو الضرر وليس الخطأ، فلا يكلف المصاب أو اهل الشهيد إلا بإثبات ان الاصابة حدثت في زمن الثورة وناتجة عما وقع فيها من احداث، دون ان يكلف بإثبات خطأ ما. المبدأ الثاني يحدد القانون مبلغاً من المال كتعويض جزافي يقدر سلفاً لشهداء الثورة وهو ما يتمثل في «الدية الشرعية للقتيل» وفق أحكام الشريعة الاسلامية، ويرفق بالقانون جدول للديات لمصابي الثورة يسمي في الشريعة الاسلامية «الارش المقدر» وهو تعويض الاصابة يصدره وزير العدل، وتدفع هذه الدية الشرعية للمتضررين من غير تمييز بين شخص وآخر وتقسم بين الورثة وفقاً لأنصبتهم الشرعية، وإذا لم يوجد بالجدول تعويض مقدر للإصابة بانفجار الطحال مثلاً، فإن التعويض يكون وفق ما تقدره هيئة المحكمة، وهو ما يسمي في الشريعة الإسلامية «بحكومة عدل» دون إخلال بالتعويض عن العناصر الاخري للضرر وفقاً لأحكام القانون المدني. المبدأ الثالث ان هذه الدعوي لا تسقط بالتقادم ما دامت ناشئة عن اصابة او فقدان للحياة حدث في زمن الثورة وبسببها، أو في أحداث اشتباكات طائفية وعائلية وشغب وحوادث طرق. المبدأ الرابع: تضمن الدولة أداء التعويض المقضي به، فإذا قامت الدولة بالتعويض، حلت محل المضرور في حقه قبل المسئول قانوناً.