أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أن عدم إحراز أي تقدم في مسار عملية السلام من شأنه أن يؤجج مشاعر الإحباط والغضب لدى شعوب المنطقة ويخدم أجندة المتطرفين، الذين يستغلون الظلم الواقع على الفلسطينيين، والاعتداءات المتكررة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف. وقال الملك عبدالله الثاني -في حوار مع وكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا"- إنه لمس خلال تواصله مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأركان إدارته التزاما بدعم جهود الوصول إلى حل يضمن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو أمر إيجابي ومشجع، متوقعا أن رؤية ترجمة حقيقية لهذا الالتزام في المستقبل القريب، مؤكدا أنه من الضروري أن يكون وفقا لحل الدولتين، باعتباره الحل الوحيد لإنهاء الصراع. وأضاف أنه لا بد من التأكيد أيضا على أن القضايا الإقليمية مترابطة؛ لأن التوصل إلى سلام عادل وشامل يضمن قيام دولة مستقلة للأشقاء الفلسطينيين على ترابهم الوطني وعاصمتها القدسالشرقية، من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة وشعوبها. وجدد الملك عبدالله الثاني تأكيده على مواصلة الأردن حماية الأماكن المقدسة في مدينة القدس، وتسخير جميع إمكاناته للتصدي لأي محاولة للتقسيم الزماني والمكاني في المدينة. وأضاف "كما أننا على تواصل دائم وتنسيق مستمر مع قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية وعلى مختلف الصعد لاستئناف عملية السلام". وحول أبرز الملفات على أجندة العاهل الأردني والتي سيتناولها خلال مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قريبا، قال الملك عبدالله الثاني :"سأشارك وولي العهد "الأمير الحسين" في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستعقد الأسبوع المقبل، حيث سيلقي الأمير الحسين كلمة الأردن أمام الجمعية العامة، وسيكون لي العديد من اللقاءات مع زعماء وقادة الدول، حيث ستركز على عملية السلام، وبحث جهود محاربة الإرهاب، وكذلك القضايا الإقليمية وقضايا ثنائية اقتصادية". وفيما يخص عودة افتتاح معبر طريبيل الحدودي الاردنوالعراق، والعودة للسوق العراقية، قال الملك عبدالله الثاني، إن إعادة فتح معبر طريبيل، الشريان الحيوي بين الأردنوالعراق، خطوة مهمة نحو تعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين، وهو فرصة لنهوض القطاع الصناعي والتجاري والمالي الأردني وزيادة الصادرات بشكل عام. وأعرب العاهل الأردني عن أمله في زيادة وتيرة وحجم تدفق البضائع والصادرات وأن تسترد التجارة البينية مستوياتها السابقة بل أكثر من ذلك، حيث نسير قدما نحو بدء تنفيذ خط النفط بين البلدين، مما سيعزز التعاون والعلاقة الاقتصادية بينهما بشكل استراتيجي. وأضاف أنه وبالتوازي مع جهود استعادة الأسواق التقليدية، نعمل بكل طاقتنا على فتح أسواق تصديرية جديدة وغير تقليدية أمام منتجاتنا الوطنية، خاصة في شرق القارة الإفريقية وتعزيز فرص الاستثمار مع الهند والصين، فالفرص هناك كبيرة ونتطلع إلى الاستفادة منها بشكل فعال..مشيرا إلى أن الأردن يمتلك علاقات إقليمية ودولية متميزة وأقام اتفاقيات تجارة حرة مع أغلب الدول العربية والولايات المتحدةالأمريكية، وترتيبات تجارية خاصة مع الاتحاد الأوروبي، ما يعطي الأردن ميزات نسبية جاذبة للاستثمار. وحول توقعاته بإعادة فتح المعابر مع سوريا، خاصة في ظل نجاح الأردن بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار مع روسيا والولايات المتحدة، الذي أنتج منطقة لتخفيف التصعيد في الجنوب السوري، قال العاهل الأردني "نحن معنيون جدا بالتطورات في جنوبسوريا، وأولويتنا القصوى حماية حدودنا الشمالية من الجماعات الإرهابية والمليشيات الأجنبية، والأردن مستمر بفاعلية في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب". وأضاف أن هناك تقدما جيدا في الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، ما قد يدفع داعش جنوبا نحو الأردن، ونحن مستعدون وقادرون تماما على التعامل معهم بكل حزم، ومع أي تصعيد قد يشكل خطرًا علينا، سواء أكان من داعش، أو أي مجموعات أجنبية تقاتل في سوريا، أو عمليات تستهدف المدنيين قريبا من حدودنا وتسبب موجات لجوء جديدة. وأشار إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا، الذي تم التوصل إليه مؤخرًا بين الأردنوروسيا والولايات المتحدةالأمريكية، يحقق مصالح مشتركة، ويمكن تطبيقه كنموذج في مناطق أخرى من سوريا، ومن شأنه أن يسهم في إيجاد البيئة المناسبة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، عبر مسار جنيف. وأكد الملك عبدالله الثاني أنه لا بد بعد سبعة أعوام من الدمار والقتل والتشريد من الوصول إلى حل سياسي تقبله جميع الأطراف في سوريا، ومن شأنه إنهاء الأزمة، وضمان وحدة الأراضي السورية، وسلامة مواطنيها، وضمان مستقبل من السلام والعيش الكريم لكل السوريين..مشددا على أن "هذا هو موقفنا منذ بداية الأزمة ولم يتغير، وإذا ما سمحت التطورات والظروف الأمنية على الأرض بذلك، فمن الممكن العمل على فتح المعابر". وردا على سؤال حول اقتراب مرحلة القضاء على المجموعات الإرهابية والدخول إلى مرحلة ما بعد داعش في ظل هذه التطورات الإيجابية في الحرب على الإرهاب، قال العاهل الأردني "أكدت أكثر من مرة أن الحرب ضد التطرف والإرهاب هي حرب دولية وطويلة الأمد، ونحن نراقب تحركات الإرهابيين والخوارج وتنقلهم في المنطقة وخارجها، والتطورات الإيجابية الأخيرة في الحرب على الإرهاب جاءت نتيجة تحسن التنسيق بين الجميع". وأضاف أن الإرهاب عابر للحدود، وقد ضرب في أكثر من بلد وقارة، وبات خطره يستهدف الأمن والاستقرار في العالم أجمع، خاصة مع تضييق الخناق عليه في العراقوسوريا، داعيًا إلى الاستمرار بالعمل ضمن إستراتيجية شمولية، لأن تهديد الإرهاب لا يقتصر على الشرق الأوسط، بل يهدد المجتمع الإنساني بأسره. ولفت إلى أن المناطق التي تم تحريرها من عصابة داعش الإرهابية في العراقوسوريا ليست نهاية المطاف؛ فداعش قد تظهر من جديد إذا لم نوفر حلولًا جذرية لمختلف الأزمات التي تمر بها بعض الدول العربية، قائلًا: "يجب أن نمنح الأمل لشعوب المنطقة، التي أرهقتها دوامة العنف والحروب، كما آن الأوان أن نوفر نوافذ الأمل أمام أجيال الحاضر والمستقبل". وشدد على أنه يجب أن لا ندع الأحداث في الشرق الأوسط تطغى على أشكال أخرى من القتل والعنف والترحيل الجماعي ضد المسلمين مثل ما يحدث في ميانمار، إذ لا بد من التأكيد هنا على إدانتنا الشديدة للجرائم والاعتداءات والمجازر الوحشية التي ترتكب ضد أقلية الروهينجا المسلمة في إقليم راخين في ميانمار، والتي أدت إلى قتل وتشريد عشرات الآلاف من الأبرياء المسلمين في الإقليم..داعيا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية والضغط على حكومة ميانمار لإنهاء هذه الأعمال الوحشية البشعة وحفظ حقوق الأقليات وحرية الأديان والمعتقدات للجميع. وردًا على سؤال حول دور الأردن في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء العراقيين، وإعادة العراق إلى محيطه العربي، خاصة في ظل علاقات الأردن المتميزة مع الحكومة العراقية، وما يحظى به من احترام لدى مكونات الشعب العراقي، قال الملك عبدالله الثاني، إن موقف الأردن الداعم لجهود الحكومة العراقية في الحرب ضد داعش ثابت، وننظر بإيجابية للتقدم الذي يحرزه الجيش العراقي بالتعاون مع التحالف الدولي. وأضاف "ولقد عانينا في الأردن كثيرًا، خلال العقود الماضية، من انعكاسات الأزمات في العراق الشقيق، وبقينا الأقرب للشعب العراقي لأن موقفنا كان على الدوام واحدًا وثابتا من جميع أطياف الشعب العراقي، الذي تجمعنا معه روابط تاريخية واجتماعية، نحن في الأردن لا يوجد لدينا أجندات في العراق سوى مصلحة شعبه وأمنه واستقراره". وأكد الملك عبدالله الثاني أن الأردن يرى في عراق قوي مستقر مزدهر موحد بفئاته كافة، سندًا أساسيًا لمحيطه العربي وضرورة للمنطقة، فوحدة واستقرار وازدهار وأمن العراق، مصلحة أردنية عليا، لافتًا إلى أنه من الطبيعي أن يتوجه الأشقاء العراقيون بكل مكوناتهم للعمل معا لتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية، فالإنجازات الأمنية يجب أن يقابلها تقدم سياسي يشمل جميع مكونات الشعب العراقي لقطع الطريق أمام الإرهاب والطائفية. وأضاف "بدورنا في الأردن، وكرئيس للقمة العربية كذلك، سنستمر بتقديم كل الدعم الممكن والمطلوب لمساعدة العراق في تحقيق أهدافه في الأمن والاستقرار والازدهار".