بلغت نسبة الاكتئاب حدًا كبيرًا جعلت بعض علماء الطب النفسى يقولون إن القرن الحالى هو عصر الاكتئاب فى إشارة إلى ازدياد انتشاره ومرض الاكتئاب هو أكثر من الشعور بوعكة أو حزن شديد. الاكتئاب هو مرض منتشر وخطير ومعقد ويصاب به 25% من النساء و10% - 15% من الرجال. ويقول الدكتور أحمد جمال ماضى أبوالعزايم، استشارى الطب النفسى وعلاج الإدمان، مدير مستشفى دار أبوالعزايم للطب النفسى بالمقطم، عادة ما يراود الإنسان فى اليوم الواحد أكثر من إحساس، منها ما هو إيجابى، ومنها ما هو سلبى ولكن فى حالات معينة قد يدوم الشعور بإحساس معين، فإذا ما كان هذا الإحساس إحساسًا سلبيًا فقد يكون مرض الاكتئاب أن التعرض للحالة النفسية السيئة له تأثير سلبى على صحة الجسم، ويتسبب فى حدوث الآلام بالظهر، لأن هناك موصلات عصبية ما بين المخ والعمود الفقرى تتحكم بها مادة السيروتونين والنورادرينالين والإحساس بالألم يتغير حسب نسبة هذه المواد ومع وجود التوتر والاكتئاب تقل هذه المواد، فيبدأ الشخص فى الشعور بالآلام بالجسم منها الظهر. إن 70% من مرضى الاكتئاب يعانون من الآلام الجسدية، منها آلام الظهر، وبالنسبة للأعراض الناتجة عن الحالة النفسية السيئة وجود ألم لكنه متغير يزداد مع الحالة النفسية السيئة ويقل عند انخفاضها كما يتواجد الألم فى حالة عدم وجود الإرهاق. لقد ثبت تعدد الأعراض الجسمية لدى مرضى الاكتئاب والتى يمكن ملاحظتها بسهولة منها الآلام الجسدية وانقباض الصدر والشعور بالضيق وفقدان الشهية ورفض الطعام لاعتقاده بأنه لا يستحق الحياة مع الرغبة فى الموت وهذا نوع من أنواع الانتحار فيظهر نقص الوزن والإمساك. وهناك أعراض جسدية أخرى، مثل قصور الأداء العضلى والتعب (لأقل مجهود) وخمود الهمة والآلام الحادة خاصة ألم الظهر وضعف النشاط العام والتأخر النفسى الحركى والضعف الحركى والبطء وتأخر زمن الفعل العكسى الرجعى والرتابة الحركية واللازمات الحركية ونقص الشهوة الجنسية والضعف الجنسى للرجال والبرود الجنسى واضطراب العادة الشهرية عند النساء وتوهم المرض والانشغال على الصحة الجسمية والصداع وأعراض أخرى مثل الشراهة فى الأكل أو فقد الشهية للأكل إذا ما صاحبه قلة الانتباه وتوهم الأمراض وكثرة التردد على أطباء التخصصات المختلفة وفقدان الشهية والميل للقىء فقد تخدع الطبيب الممارس أو الإخصائيين فى التخصصات العامة، فيجهدون المريض بتحاليل وأشعات وعلاجات تسبب المزيد من المضاعفات بدون فائدة وتتعقد الحالة فيشعر المريض بفشل الطب ويلجأ إلى تعاطى المواد القاتلة للألم، ما قد يؤدى إلى إدمانها أو اللجوء للشعوذة والدجل مما يسىء إلى نفسية المريض ويعقد الحالة فيتأخر العلاج النفسى. ويؤكد الدكتور أحمد أبوالعزايم أن السعادة والتوتر والرضا والاكتئاب خليط من المشاعر الأساسية المسئول عنها السيروتونين والمعروف بهرمون السعادة قد يكون لدى المصابين بالاكئتاب كميات ضئيلة من الناقل العصبى «السيروتونين» متوفرة لتنشيط خلايا المخ وتقوم نهاية إحدى الخلايا العصبية بإطلاق السيروتونين ويعبر بعض السيروتونين الوصلة العصبية وينشط الخلية الثانية وتعيد الخلية المرسلة للرسالة أيضًا امتصاص بعض السيروتونين من جديد، فتحرم منه الخلية المستقبلة. فلا تحصل تلك الأخيرة على كفايتها منه ويقوم عقار مانع الأكسيديز المثبط بإعادة السيروتونين الاختيارى بإبطاء عملية إعاقة امتصاص الخلية المرسلة للسيروتونين فتزيد كمية السيروتونين المتوفرة للخلية فيعود الاتزان. ومن أشهر تلك المثبطات استعمالاً موانع الأكسيديز الأحادى مثل سالسيتالو واللوسترال والبرستيك والاسيتا وهى تعطى قرصاً واحداً يومياً لمدة ثلاثة أشهر مع بعض الفيتامينات الضرورية ليتجاوز هذه الحالة التى يمر بها ومعروف أن نقص نشاط الدوبامين يرتبط بالاكتئاب وزيادته ترتبط بالهوس. إذ لوحظ أن العقاقير التى تقلل تركيز الدوبامين، مثل عقار الرزربين وكذلك الأمراض التى يقل فيها تركيز الدوبامين، مثل مرض باركنسون ترتبط بأعراض اكتئابية وينقل الدوبامين معلومات تتعلق بالشعور بحالات الانتشاء والألم فمثلًا الشعور بالبهجة نتيجة لتناول وجبة طعام لذيذة أو نتيجة للحصول على ترقية فى العمل أو الفوز فى مباراة -أى شىء يجلب السعادة- يتم حمله ولو جزئيًا عن طريق الدوبامين ويقوم عقار البوبروبيون على عدد من أنظمة الناقلات العصبية بمثابة مثبطات امتصاص الأدرينالين هرمون الخطر كما يعرف الجميع، يعطيك هرمون الأدرينالين شعورًا بالحياة ويتغلب على الملل والرتابة إنه دواء الملل، والشعور بالضيق والركود ويمكن الحصول على دفقة من الأدرينالين من خلال بعض الألعاب الخطرة، بدءًا من ركوب قطار أفعوانى فى الملاهى وحتى القفز الحر من الطائرات أو القفز بمظلة من حافة جرف والحمام البارد أيضًا يساعدك على إطلاق حصة من الأدرينالين وسيجعلك بدوره تصبح أكثر انتباهًا ويقظة، كما يحارب الاكتئاب ويضبط ضغط الدم المنخفض. ويضيف الدكتور أحمد أبوالعزايم: يخضع المريض إلى العلاج النفسى عن طريق العلاج السلوكى المعرفى ودراسة تاريخ المريض منه ومن المحيطين به، وهناك أنواع وطرق أخرى للعلاج منها العلاج بالصدمات الكهربائية والتحفيز المغناطيسى للدماغ وغيرها العديد من الأساليب التى تستخدم فى علاج هذا المرض المزمن، وفهم الإنسان لمرض الاكتئاب والتدخل العلاجى المبكر وتعديل أنماط الشخصية لتنمية المهارات الاجتماعية عناصر مهمة للوقاية من الانتكاس والاكتئاب.