لم تضيع عصابات السطو المسلح الوقت واستمرت في مهاجمة البنوك وعربات نقل الأموال ومحلات الذهب وطوال الأسبوع الماضي، مستغلة انشغال الشرطة والرأي العام بالأحداث الدائرة في محيط وزارة الداخلية، وانطلقت هذه العصابات - التي فتحت «الوفد الأسبوعي» ملفها العدد الماضي – في طول البلاد وعرضها تسرق كل ما يمكنها الوصول إليه دون أدني مضايقة من الشرطة. والخبر الأكثر إدهاشا هذا الأسبوع إقدام الملثمين على سرقة بنك «إتش. إس. بى. سى» فرع أكتوبر مرة أخرى بعد أقل من أسبوع من مهاجمة ذات البنك بفرع التجمع الخامس, حيث وقف مجموعة من الملثمين في انتظار أحد العملاء الذي كان يصرف مبلغا كبيرا بهدف السطو عليه بمجرد الخروج من البنك، لكن أحد العاملين لفت نظره السيارة الواقفة أمام البنك فقام باستدعاء الشرطة، لكن السيارة هربت من المكان فور شعورها باقتراب عربات الأمن. وخلال الأسبوع الماضي فقط وقع نحو 15 حالة سطو مسلح بطرق مختلفة وبمناطق متباعدة بمعدل حادثتين يوميا الواحد، إذ قام 4 ملثمين بالسطو المسلح على عدد من المحال التجارية بمنطقة مبارك 8 والكوثر على بعد أمتار قليلة من قسم أول الغردقة، حيث استولوا على مبالغ مالية من سوبر ماركت النجمة الذهبية وصيدلية العزبى تحت تهديد الأسلحة الآلية وسرقوا 20 ألف جنيه من خزينة الصيدلية. كما قام مسلحون بعملية سطو مسلح على أحد محلات الفضة بالمعادى، كان يعتقد اللصوص أنه محل للمصوغات الذهبية، بجانب اقتحام فرع البنك التجارى الدولى بالسويس الجمعة الماضية عقب معركة مسلحة بين الجانبين أسفرت عن مصرع أحد الجناة، والأبشع قيام مجموعة من المسلحين بالسطو على أحد معارض السيارات بكوم حمادة بمحافظة البحيرة مما أسفر عن مقتل صاحب المعرض كامل محمد سالم، 45 سنة، بعد إصابته بطلق نارى بالصدر وجرح تهتكى بالذقن. كما تجرأ مجرمو السطو المسلح على مكاتب البريد ودور المسنين، إذ تعرض مكتب بريد حدائق حلوان لحادث سطو مسلح، قام به من 4 إلى 5 أفراد، بحسب شهود عيان، اقتحموا المكتب وقاموا بإغلاقه من الداخل على موظفيه وتهديدهم بأسلحة نارية، وتمكنوا من سرقة 150 ألف جنيه والهروب بها بسيارة ملاكي ولم تعلن الداخلية عن القبض عليهم حتي الآن. ولم يصب أي من الموظفين أو المواطنين المتواجدين داخل المكتب سوى محمود عباس، مدير إدارة البريد بمنطقة حلوان و15 مايو، في وجهه بجروح طفيفة نتيجة تطاير زجاج الباب بعد تحطيمه بواسطة المهاجمين، وكان هذا الحادث هو الثالث فى نفس اليوم بعد قيام مجهولين بمهاجمة شركة «سوبر سيرفس» المصرية في حي مدينة نصر بشرق القاهرة والاستيلاء على 800 ألف جنيه. تبع ذلك وقوع سطو مسلح في منطقة التبين بحي حلوان، قام بها ثلاثة مسلحين بالسطو على سيارة تابعة لشركة أمانكو المتخصصة في نقل الأموال أثناء قيامها بتحميل أموال من أحد مقرات بنك مصر وأطلقوا الرصاص بغزارة ونجحوا في الاستيلاء على 3 ملايين و250 ألف جنيه وهربوا، إضافة إلى ذلك قام 3 ملثمين بالقليوبية باستيقاف سيارة تابعة لشركة أدوية يستقلها أمين خزنة ودكتور بالشركة، واستولوا منهما على 687 ألف جنيه كانوا فى طريقهما لإيداعها أحد البنوك. ويحلل اللواء فاروق حمدان مساعد وزير الداخلية الأسبق ظاهرة السطو المسلح وتكرار نفس الأساليب فى نهج الجريمة بأنها تعود إلى نفس الظروف التى يتم السرقة فيها، فهو يعتمد على ترويع الآمنين واستهداف أماكن بعينها كشركات توظيف الأموال ومكاتب الصرافة والبنوك ومكاتب البريد، لأنها مكان بتجمع الأموال بخلاف دراستهم بعناية للتوقيت الذى يتم الهجوم فيه، فمكاتب البريد مثلا يتم استهدافها مع أوقات صرف المعاشات، وجرائم السطو غالبا ما تنتهى بسهولة ويسر نظرا لضعف الحراسة الأمنية علي البنوك وغياب التقنيات الحديثة عنها من أدوات تساعد على كشف المجرمين ومحاولة السيطرة على الأمر بشكل سريع. ويضيف حمدان أنه يجب في الفترة القادمة أن يكون هناك استعانة بالتقنيات الحديثة من خلال البواب الالكترونية وكاميرات مراقبة عالية الجودة وأفراد امن على كفاءة عالية من التدريب واليقظة وعلى شركات الأموال والبنوك دراسة موظفيها بشكل جيد، حتي لا يتم تحميل الأمر على عاتق الداخلية وحدها. أما الدكتورة عزة كريم الخبيرة بمركز البحوث الجنائية والاجتماعية فتلخص هذه الظاهرة في أنها مدبرة، وأن كل ما يحدث فى المجتمع هدفه إجهاض الثورة، خاصة أن نوع الجريمة المسلحة على البنوك لم يكن موجودا مسبقا، لأنه نوع من الجريمة يحتاج مجرمين ذات ثقل معين، فضلا عن شعورهم بالحماية للذهاب إلى مكان ما وترويعه، وهو ما يحدث بالفعل والدليل أنه لا يتم القبض على هؤلاء. وأضافت «كريم» أن وزارة الداخلية لم تسقط كما تردد، لكنها تتعمد السقوط بتدبير من جهاز أمن الدولة المنحل لإجهاض الثورة، فهو جهاز جريح ويعمل لحسابه من البلطجية ما يكفى لمساعدته فى مؤامراته على الوطن والتكاسل ايضا فى عدم تسليم السلطة لقوى مدنية منتخبة. وتوقعت «كريم» ازدياد هذه الجرائم فى الفترة المقبلة وخلال الشهرين القادمين فهو أمر طبيعى مع كل قرار يمن به الحاكم الحالى على الشعب تبدأ المؤامرات والتخطيط ضد المواطن, خاصة أن هناك صراعا بين الثورة ووزارة الداخلية والمجلس العسكرى، مشددة علي أن كل جريمة تتم يتضح أنها لا تخرج عن تفكير أمن الدولة والنظام السابق، لذلك هناك تراخٍ فى القبض عليهم وجريمة بورسعيد خير دليل، لذا يجب أن يستمر الضغط الثورى حتى نستطيع تطهير وزارة الداخلية من أى عناصر فاسدة. وقالت «كريم» إن جهاز أمن الدولة «الأمن الوطني حاليا» دموى بطبيعته ويحاول الانتقام من الشعب الثائر، موضحة أن النظام الحالى عقيم حتى فى تفكيره الإجرامي ولا يطور من أسلوبه، فكل ما يحدث من محاولات تدعم للانفلات الآمني خرج بها على الشعب النظام السابق, وأضافت أن الشرعية الوحيدة التى تستطيع حماية المجتمع من كل هذه المهاترات هو مجلس الشعب إلا أنه يشوبه عيوب الانقسام على ذاته لأنه لا يدافع عن الثورة ولو كان كذلك لوقف أمام تشويه الداخلية لها ولكن صراعاته أضاعت هويته. وأكدت كريم ثقتها في وعى الشعب المصرى وأنه على دراية كاملة بكافة المخططات ويعلم أن هناك متواطئين ضد الثورة, وما يرتكبه النظام ووزارة الداخلية مع زيادة العنف وعدم الاستقرار يؤدى إلى الإصرار على استكمال الثورة وكل نقطة دم تسقط من شهيد تجعل المواطن كارها للفوضى ويجعل السلبيين متمردين على سلبيتهم ويعلو صوتهم ضد الفساد والجرائم لا الخوف منها كما يعتقد النظام، وهنا يكون النظام قد انقلب على نفسه.