35 ألف عالم مصرى فى الخارج.. و130 ألفاً يعانون فى الداخل الرئيس يفتتح قريباً أكبر مجمعات صناعة الأدوية فى الشرق الأوسط قدمت تقريراً عن فساد شحنة قمح.. فسحبوا منى جائزة الدولة التقديرية! الدروس الخصوصية تلتهم 18 مليار جنيه من ميزانية أولياء الأمور سوء الإدارة وجمود اللوائح وضعف الموارد تعوق الأبحاث العلمية قال الدكتور هانى الناظر، رئيس المجلس القومى للبحوث السابق: مصر تمتلك مقومات بناء منظومة علمية جيدة لكن تنقصها إدارة رشيدة، ولهذا لم تهتم بالبحث العلمى طوال تاريخها إلا وقت الشدائد. وأكد «الناظر» أن منظومة البحث العلمى تحتاج إلى تغيير لأنها تعمل فى جزر منعزلة رغم وجود 35 ألف عالم مصرى فى الخارج و130 ألفاً فى الداخل. مضيفاً أن مصر أكبر سوق لتجارة الدواء فى العالم لأننا شعب يصف لبعضه الداء والدواء. وأشار إلى أن سوء الإدارة والتطرف وجمود اللوائح وقلة الإنفاق تعيق البحث العلمى، وأنه ليس رفاهية ورغم هذا ليس له صوت فى البرلمان. وأضاف أنه قدم تقريراً عن فساد شحنة قمح عام 2009 أحرج الحكومة ووزير التعليم العالى والبحث العلمى فتم سحب جائزة الدولة التقديرية منه. ما توصيفك لمنظومة البحث العلمى؟ - لدينا أكاديمية البحث العلمى و10 مراكز بحثية أكبرها المركز القومى للبحوث، وتوجد مراكز بحثية أخرى تتبع الوزارات المختلفة، لأن جميع وزارات مصر لديها مراكز بحثية، وهذا يمثل منظومة البحث العلمى فى مصر. إلى أى مدى تحتاج هذه المنظومة إلى التطوير؟ - بلا شك تحتاج إلى تطوير، لأن دور البحث العلمى تقديم أبحاث لخدمة المجتمع وحل مشاكله، وخدمة المواطن. وما آليات التطوير؟ - حالياً تحتاج إلى تغيير المنظومة بالكامل، لأن مراكز الأبحاث تعمل فى جزر منعزلة، مما ينتج عنه استهلاك للوقت والمال والجهد، طالما لا يوجد تنسيق بينهم. والوزارة مسئولة عن البحث العلمى، والمفترض أن يكون لديها استراتيجية تقول: إنها بعد 10 سنوات مثلاً ستصل إلى مستوى معين مثل الدول التى لديها إنفاق عالى وقوانين مرنة ووسائل لربط الأبحاث بالإنتاج والاستهلاك. ما أثر تبعية البحث العلمى إلى وزارة التعليم العالى؟ - وزير التعليم العالى لديه مسئوليات جسام بإدارة 20 جامعة و20 جامعة خاصة ومعاهد ثم يتم تحميله بأعباء البحث العلمى، من هو السوبر مان الذى يستطيع إدارة كل هذا؟! والبحث العلمى لابد أن تكون وزارة سيادية ولها وزير متفرغ. ولهذا طالبت بوزارة ل«العلوم والتكنولوجيا»؟ - نعم.. هذا صحيح وتكون وزارة مستقلة تماماً ولا ترتبط بالتعليم العالى، وتمثل كيان البحث العلمى والمراكز البحثية فى الوزارات المختلفة تصبح تحت مباشرة وزارة العلوم والتكنولوجيا. ما عوائق البحث العلمى فى مصر؟ - الإدارة واللوائح وعدم وجود إبداع لأن النجاحات الحالية فردية، والإنفاق على البحث العلمى ضعيف جداً لأنه من ميزانية الدولة، والمفترض أن الاعتماد يكون على تسويق الأبحاث ولا يعتمد على الدولة. وما صعوبة البحث العلمى فى ظل أفكار دينية متشددة؟ - التطرف هو أحد عوائق البحث العلمى لأن البحث إبداع وانطلاق للأفكار وليس له حدود ولا يصح أثناء العمل بالمبادئ العلمية أن يقال هذا حرام، لأن الدين ليس ضد العلم الذى سخره الله للإنسانية. مصر لديها علماء يشار لهم بالبنان، لكن أين إنتاجهم لتذليل الأزمات على أرض الواقع؟ - نعم لدينا كل المقومات التى تجعل لدينا منظومة بحثية على أعلى مستوى طالما لدينا العلماء ومراكز الأبحاث، لكن تنقصنا إدارة هذه المنظومة. كم نسبة الإنفاق على ميزانية البحث العلمى؟ - شاركت فى صياغة المادة 23 من الدستور والتى تنص على أن الحكومة تلتزم بالإنفاق على البحث العلمى بما لا يقل عن 1٪ من الناتج القومى، ولكننا لم نصل إلى نصف٪ من هذا الإنفاق. وما دور رجال الأعمال ومسئوليتهم المجتمعية فى دعم البحث العلمى؟ - دور رجال الأعمال رئيسى وأساسى ودونهم لن يوجد بحث علمى فى أى دولة، لكن حتى نجعل رجال الأعمال يمولون الأبحاث لابد أن نقنعهم بأن الدولة مهتم بالبحث العلمى، ثم تقدم لهم مميزات نسبية فى حصولهم على الأراضى والإعفاءات الجمركية والضريبية وهذا لا يحدث فى مصر. متى اهتمت الدولة بالبحث العلمى؟ - الدولة لم تهتم بالبحث العلمى طوال تاريخها، رغم أنها أسست المركز القومى للبحوث فى 1956، ولجأت للبحث العلمى وقت الشدة قبل حرب أكتوبر، كان توجد مشكلة مع الاتحاد السوفيتى الذى منع وقود صواريخ الدفاع الجوى، وكنا نعتمد على حائط الصواريخ، ولهذا «السادات» عندما قال إنه سيحارب ثم قال هذا عام الضباب كان بسبب نقص الوقود للصواريخ ولجأوا إلى مركز البحوث وكان الدكتور «محمود سعادة» باحث فى المركز، وقالوا نريد وقوداً للصواريخ، ومشكلة الوقود أن له شفرة وكود ولابد من فك الشفرة، وظل دكتور «سعادة» يعمل شهوراً على حل الشفرة إلى أن نجح واستطاع استخراج وقود الصواريخ من البنزين العادى وأنتجت مصر أطناناً من هذا الوقود وحاربت وعبرت بلجوئها للبحث العلمى. هل علماء مصر يحصلون على تقدير معنوى؟ - الدكتور «محمود سعادة» قبل وفاته كان يقود سيارته فى شارع الأوتوستراد وصدمه الكابتن عصام الحضرى بسيارته وتجمع المارة وقالوا معلهش هذا «الحضرى» ولابد أن نتحمله ونسامحه، ولم يعرفوا دكتور «سعادة» الذى انصرف وهو حزين لأن الرجل كان له دور فى حرب أكتوبر ولم يعرفه أحد، ولهذا أتمنى أن تدرس تجربة الدكتور «سعادة» فى الكتب المدرسية. ماذا ينقص مصر لبناء قاعدة علمية واسعة يرتفع فوقها هرم البحث العلمى؟ - أولاً: لابد من الاقتناع التام بأن البحث العلمى سلاح الفقراء، لأن الحاجة أم الاختراع، والبحث العلمى هو الذى سينهض بمصر صناعياً واقتصادياً، ثم لابد من إعادة هيكلة البحث العلمى فى مصر وحينها سننطلق خلال سنوات. هل البحث العلمى له صوت فى البرلمان؟ - البحث العلمى ليس رفاهية، وهذا رداً على الذين يقولون هذا ليس وقت البحث العلمى ولهذا سأجيب كرجل دبلوماسى وسياسى قديم أتمنى أن يكون للبحث العلمى صوت فى البرلمان. وما دور البحث العلمى فى النقلة النوعية التى تشهدها مصر بعد 30 يونية؟ - إن شاء الله أتمنى فى القريب العاجل أن يشارك البحث العلمى بقوة فى جميع المشاريع التنموية التى تشهدها مصر. تتمنى.. هل هذا لا يحدث حالياً؟ - أتمنى!! وما تقييمك للمجلس العلمى الاستشارى حول الرئيس؟ - هو مجلس علمى والرئيس يستشيرهم فى جميع القرارات الاستراتيجية التى يصدرها ويستفيد من خبراتهم، والدليل أن مشاريع الطاقة التى تشهدها مصر، هى أفكار علمية للدكتور «هانى النقراشى» ومشاريع النقل والأنفاق والطرق من أفكار دكتور «هانى عازر». كيفية وقف نزيف العقول العلمية المهاجرة؟ - لابد من خلق المناخ الجاذب، وكتجربة لقد قمنا فى المركز القومى للبحوث بإنشاء سنتر باسم الطريق إلى نوبل تيمناً بكتاب «أحمد زويل» الذى يحمل نفس الاسم، والمشروع يتبنى الباحثين فى الخارج بعدما يعودون إلى مصر حتى لا يسافروا مرة أخرى ونجحنا فى ذلك وظهر منهم قيادات بحثية على أعلى مستوى، لأنه نظام يشجع على العمل والابتكار، لأن الباحث يجد الإمكانيات فى الخارج فيعمل ويبتكر. وماذا يعيق الباحث فى الداخل؟ - هنا الباحث يشترى الأجهزة على نفقته الخاصة أو يقف فى طابور ليستخرج شيئاً من المخازن بسبب البيروقراطية، وبعدما ينتهى من بحثه يتم وضعه فى الأدراج، ولهذا لابد من إقناع الباحث أن مشروعه فور الانتهاء منه سيذهب إلى المصانع فوراً ومباشرة، وهذا يحتاج إلى إدارة جيدة ورشيدة. كيف يمكن ارتباط علمائنا فى الخارج بالمنظومة المصرية للبحث العلمى؟ - هؤلاء لا نريد عودتهم، لكننا نريد من يسافر للحصول على الدكتوراه أن يعود إلى مصر وهنا توقف نزيف الهجرة، لأن فى الخارج يوجد حوالى 35 ألف باحث وعالم مصرى ولكن فى الداخل يوجد 130 ألف باحث. كيف ترى التعليم المصرى الذى يعتبر ركيزة أساسية لكوادر البحث العلمى؟ - منظومة التعليم تحتاج إلى تطوير كبير جداً لأنها لا ترضينى ولا تليق بمصر. ولهذا لك رؤية لإصلاح التعليم.. ما هى؟ - نعم ووزير التربية والتعليم تبنى الدراسة التى أعددتها ولدينا 3 مراحل تعليم والمفترض أن المرحلتين الابتدائية والإعدادية تصبحان مرحلة واحدة لتعليم أساسى لمدة 8 سنوات ويحصل على شهادة يمكن أن يعمل بها، ثم المرحلة الثانوية 3 سنوات وتنتهى بشهادة يمكن العمل بها أو الالتحاق بالجامعة والسنة التاسعة تصبح سنة تفرغ للالتحاق بالجامعة دون الاعتبار لشرط المجموع، ويلتحق الطالب بالكلية التى يريد بها شرط إعداده خلال سنة التفرغ بواسطة المراجع والإنترنت والدراسات التى تؤهله، وفى نهاية السنة يتقدم للاختبار فى الكلية التى اختارها، وهذا الامتحان عن طريق الكمبيوتر والسؤال ليس إنشاء بل سؤال محدد ومباشر يحتاج فهماً وليس حفظاً ومن هنا ننهى على أسلوب الحفظ، والتصحيح بواسطة الكمبيوتر بعيداً عن الواسطة، وهذا سيقضى على الدروس الخصوصية التى ننفق فيها 18 مليار جنيه سنوياً. هذا النظام هل يمكن أن يكدس الطلاب فى كليات معينة؟ - لا.. لأن الطالب سيكون له اختبارات أخرى لو فشل فى الالتحاق بكلية ما لأن الطالب سيكون فاهماً وليس حافظاً. هذا على المدى البعيد ماذا عن المدى القريب؟ - العام الدراسى فى مصر يبدأ آخر سبتمبر وينتهى آخر مايو، والطالب يظل 4 شهور متفرغاً فى المنازل.. ولهذا المفترض أن يبدأ العام الدراسى أول سبتمبر وينتهى آخر يونيه، ويمد العام الدراسى شهرين ويحصل الطالب على إجازة أسبوع أول نوفمبر، وفى يناير إجازة نصف العام، وفى أبريل أسبوع إجازة، وهنا وزعت إجازة الصيف على العام الدراسى حتى لا يمل الطالب من الدراسة، ونستطيع أن نعيد الأنشطة الترفيهية والثقافية والرياضية، حتى لا يتعرض الطالب للأفكار المتطرفة فى الإجازة الطويلة، سيتعلم الموسيقى والثقافة فى المدرسة، والحصص ستكون مناسبة وغير مضغوطة. ماذا عن دور البحث العلمى فى مشكلة نقص المياه؟ - لابد أن تكون مشاريع تحلية مياه البحر هدفاً أساسياً، لكن تحلية المياه تكلفتها عالية جداً لأن الأغشية التى تستخدم فى الفلاتر تستورد من الخارج بأسعار مرتفعة، ودور البحث العلمى صناعة هذه الأغشية بتكنولوجيا مصرية حتى تصبح تحلية المياه فى المتناول. ماذا عن معالجة أزمات اللحوم المستعصية؟ - أزمة اللحوم بسبب الزيادة غير العادية فى عدد السكان، وهذا لابد أن يوجد له استراتيجية مهمة للتصدى لمشكلة زيادة السكان، ثم إن مصر تستورد الأعلاف، وعلى البحث العلمى الاستفادة مما هو موجود فى صناعة الأعلاف وتشجيع تربية الماشية وتحسين السلالة وتطويرها فى زيادة الأوزان. وما دور البحث العلمى للمشاكل الصحية؟ - مصر فى احتياج إلى حملات قومية للتصدى للمشاكل الصحية العضال للأمراض الكبيرة، لأن الإنفاق كبير جداً فى وزارة الصحة على العديد من الأمراض، فى حين أن الوقاية خير من العلاج، والحملات تقلل من نسب هذه الأمراض مثل مرض السكر الذى تعالجه الدولة وتعالج مضاعفاته، لأن تكاليف الحملات القومية للتوعية أقل بكثير مما ينفق على علاج الأمراض التى تتكلف مليارات من ميزانية وزارة الصحة، وتثبت علمياً أن كثيراً من الأمراض المزمنة فى مصر سببه زواج الأقارب، ولابد من حملة قومية للتوعية بعدم زواج الأقارب، وأيضاً التوعية بأخطار السمنة، لأن هذا هو الذكاء فى الإدارة. أين تقف مصر من صناعة الدواء ودور البحث العلمى؟ - مصر واحد من أكبر الأسواق لشراء الدواء فى العالم، لأننا نستخدم الدواء بعشوائية، ونصفه لبعض، الدواء والعلاج يباع فى مصر دون روشتة من طبيب، وجميع شركات الدواء تضع عينها على سوق الدواء المصرى لأن شعبها يستهلك الأدوية بشكل غير عادى.. لكن المفترض أن تصبح مصر واحدة من أكبر الدول فى العالم المنتجة والمصدرة للدواء، لأن لديها العلماء والباحثين والموارد الطبيعية المستخدمة فى الدواء، سواء كانت أعشاباً طبية أو طحالب.. واعلم أن قبل نهاية هذا العام سيفتتح الرئيس السيسى واحداً من أكبر مجمعات صناعة الدواء فى الشرق الأوسط، بما سيعود على مصر من عوائد اقتصادية مؤثرة. هل تبنيت تجربة دكتور مصطفى السيد فى اكتشافه لعلاج السرطان؟ - نعم.. عندما كنت رئيس المركز القومى للبحوث استضفته، وتناقشت معه فى مشروعه البحثى، واقترحت عليه أن يقوم بتجاربه فى المركز، وكان له شروط لأنه تخوف من قلة الموارد فى الميزانية، حيث كان المشروع يحتاج إلى مليون ونصف المليون جنيه كل عام. ووفرنا له الشروط، وأعددت معملاً خاصاً باسمه، وطلب منى توفير فريق بحثى معاون له فى الأبحاث، فوفرت له 40 باحثاً من الشباب ليتعلموا منه، وأصبح منهم 3 يعملون معه فى أمريكا واتصلت بالدكتور «على جمعة» مفتى الديار المصرية حينها وكان رئيس جمعية مصر الخير، وطلبت منه الإنفاق على المشروع ووافق وبدأ فى 2007 والمشروع ناجح حتى الآن بنسبة 100٪. لماذا سحبت منك جائزة الدولة التقديرية عام 2009؟ - فى هذا التوقيت كان توجد شحنة قمح فاسد فى الميناء، وتم تحليلها وقيل إنها شحنة جيدة وجاء لى تكليف رسمى من رئاسة الجمهورية بتحليل هذه العينات بالمركز القومى، وشكلت لجنتين لتحليل العينات، والرقابة الإدارية أشرفت معى على تحليل العينات وفحصها وكنت مرشحاً لجائزة الدولة التقديرية، وبالفعل تم تحليل العينات، وثبت أنها لا تصلح للاستخدام الآدمى، وكتبت هذه النتيجة فى تقريرى، وبناء عليه تم رفض الشحنة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية مع المسئول عنها، وهذا أغضب الحكومة وأغضب وزير التعليم العالى، وكانت النتيجة سحب جائزة الدولة التقديرية منى بسبب تقريرى عن فساد القمح، وهذا مسجل فى محاضر رسمية، مع أن سحب الجائزة لا يتم إلا بقضية مخلة للشرف أو لخيانة الأمانة، وأنا لم يكن لدى مثل هذه النوعية من القضايا، ولكن مشكلتى كانت التقرير الذى أحرج الحكومة ووزير التعليم العالى والبحث العلمى.