387 منشأة تكتفى بصرف الرواتب.. والحكومة تعتبرها اكمالة عددب 7528 باحثاً فى االأكاديميةب يقدمون 100 مشروع فقط سنوياً ميزانية المركز القومى 75 مليون جنيه منها 10 ملايين للمياه والكهرباء والمعامل مبانٍ مكتظة بآلاف الكتب والمراجع والدراسات، دورها الأساسى يكمن فى مناقشة القضايا المجتمعية ومحاولة الوصول للحلول المناسبة طبقًا للأبحاث التى يجريها المئات من الباحثين المتخصصين، إلا أنها فى الفترة الأخيرة باتت تعانى من الشيخوخة المبكرة وفقر شديد فى المعلومات. هكذا حال المراكز البحثية فى مصر، التى يصل عددها ل387 مركزًا ووحدة بحث. ورغم تشديد الدستور على زيادة ميزانية البحث العلمى سنويًا وربطه بالدخل القومى، إلا أن الحكومة ضربت بذلك عرض الحائط.. الأمر الذى انعكس على المراكز البحثية بالسلب، فى ظل احتياجاتها لتطوير البحث العلمى للخروج من الأزمات. وفى الوقت الذى تسعى فيه الدول لزيادة ميزانية الأبحاث العلمية، خفضت الحكومة الميزانية بنسب شديدة. فقد تم خفض ميزانية مركز البحوث الزراعية، من 70 مليون جنيه إلى 3 ملايين فقط، وميزانية مشروع تطوير الرى الحقلى والثروة السمكية من 160 مليون جنيه إلى 38 مليون جنيه، ومركز بحوث الصحراء من 32 مليون جنيه العام الماضى إلى 4 ملايين هذا العام. وفى تصريحات للدكتور جمال صيام، مدير مركز الدراسات الاقتصادية بجامعة القاهرة، قال إن خفض ميزانية المراكز البحثية يعنى إغلاقها عمليًا. وعدد كبير من المراكز البحثية الحالية مفتوحة شكليًا، ويتقاضى العاملون بها رواتبهم دون عمل، مشيراً إلى أن ميزانية المراكز البحثية تكفى لرواتب الباحثين فقط، ولن يكون للأبحاث والتجارب نصيب منها، وهو ما يمثل خطراً على هذه المراكز. وكانت الحكومة برئاسة المهندس شريف إسماعيل قد أعلنت أنها ستخصص 1% من الناتج المحلى للبحث العلمى، أى حوالى 3 مليارات و200 ألف جنيه، على أن تسير الحكومة على نفس سيناريو الحكومات السابقة، ولن يتجاوز ما تخصصه بالفعل للبحث العلمى، ملياراً و500 مليون جنيه على أحسن تقدير. ووفقًا لما تعهدت به الحكومات السابقة بشأن البحث العلمى، فإن هذه الأرقام تشير إلى أن الدولة تعتبر المراكز البحثية مجرد «كمالة عدد». وعن مخصصات البحث العلمى فهى تتوزع بين 3 بنود، الأول للأجور ويلتهم وحده حوالى 75% من تلك المخصصات، والبند الثانى هو المصروفات الإدارية يخصص لها فى الغالب 15% من إجمالى المخصصات، وهكذا لا يبقى للبحث العلمى سوى حوالى 10% من المخصصات للأبحاث. ومعنى ذلك أن ما تم إنفاقه على البحث العلمى عام 2015 بلغ حوالى 130 مليون جنيه.. وإذا علمنا أن مصر بها حوالى 125 ألف عالم، فإن ذلك يشير إلى أن متوسط مخصصات البحث لكل منهم يبلغ 1040 جنيهًا فى العام أى حوالى 285 قرشًا كل يوم، وهو مبلغ يوازى ثمن نصف كيلو باذنجان. ومن ضمن مراكز البحث أكاديمية البحث العلمى، المقر الرسمى للبحوث فى مصر، ويبلغ عدد المراكز التابعة لها 14 مركزاً، وتضم 7528 باحثاً، منهم 3711 باحثة، فى المقابل تجد حصيلة عمل كل هؤلاء فى العام 1055 عملاً، موزعة بين 250 نشراً علمياً بنسبة 23٪ و300 إشراف على الرسائل العلمية، بنسبة 28٪، و300 مشاركة فى المجلات العلمية بنسبة 28٪ و25 تحكيماً بنسبة 2٪، و25 عضوية لجان بنسبة 2٪، و20 مشاركة فى الجمعيات العلمية بنسبة 1.8٪، فى حين أن المشروعات البحثية كان عددها 100 مشروع بحثى فقط بنسبة 9.4٪. ومن أكاديمية البحث العلمى ننتقل إلى المركز القومى للبحوث، الذى يعد أكبر المؤسسات العلمية متعددة التخصصات فى أفريقيا والشرق الأوسط، ويضم جيشًا من العلماء والباحثين، يقترب عددهم من 5500 عالم وباحث، يساعدهم حوالى 2900 موظف وعامل. كما يحتوى على معامل بحثية متطورة بدرجة مقبولة ويتكون من 14 شعبة بحثية تشمل 111 قسمًا بحثياً متخصصاً، تغطى مجالات الصناعة والصحة والبيئة والزراعة والعلوم الأساسية والهندسة. وطبقًا لآخر الأرقام فإن ميزانية المركز تبلغ 75 مليون جنيه، منها حوالى 45 مليون جنيه رواتب، وحوالى 10 ملايين جنيه مصروفات إدارية، منها استهلاكات كهرباء ومياه، وتجهيزات معملية وإدارية، ولا يتبقى للبحث العلمى سوى حوالى 10 ملايين جنيه. وبحسبة بسيطة سنكتشف أن متوسط مخصصات البحث العلمى لكل باحث فى أكبر المراكز البحثية فى مصر يبلغ حوالى 1800 جنيه سنويًا، أى حوالى 5 جنيهات يوميًا. وعن إنتاج هذا المركز، نجد أنه يصدر سنويًا ما بين 1500 إلى 2000 بحث علمى، والمفاجأة أن ما يتم تنفيذه منها لا يتجاوز 30 بحثًا علميًا فقط بنسبة تقل عن 0.2%، فى المقابل لا تتجاوز عائدات المركز من بيع أبحاثه 10 ملايين جنيه فى العام الأخير. وكشفت دراسة بعنوان «مؤسسات وأجهزة البحث الاجتماعى فى مصر» أعدها الدكتور عزت حجازى، قضية خطيرة وهى أن حوالى 12% من مراكز البحث فى مصر تتبع دولاً أجنبية بعضها أمريكى وفرنسى وألمانى وإسرائيلى. وواصلت الدراسة: «حين لا تستطيع أجهزة البحث التابعة لدول أجنبية أن تعمل بصورة طبيعية، فإنها تحاول أن تحقق أغراضها عن طريق بعض أجهزة البحث المصرية والعربية». كما أكدت أن 36٫8% من أجهزة البحث العاملة فى مصر تتلقى تمويلات من أفراد ومنظمات ومؤسسات خارجية غير حكومية. وكان محرر «الوفد» قد حاول الاستعانة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية للبحث عن معلومات حول اختفاء الأطفال، وحاول جاهدًا البحث فى دليل المركز للتوصل لدراسة أو بحث يذكر أى أرقام عن القضية. وكانت المفاجأة حديث العاملين عندما أكدوا عدم وجود أى معلومات متوفرة حول هذه القضية، كما أشاروا إلى أن هناك العديد من القضايا لا يتوافر لها أى معلومات بالمركز أو غيره بالمراكز الأخرى. والتقت «الوفد» عددًا من الباحثين فى رسائل الماجستير، منهم «م. ا» باحثة ماجستير فى كلية الإعلام بجامعة القاهرة، وقالت إن هناك العشرات من القضايا المجتمعية لا يتوافر لها أى معلومات بالمراكز البحثية.. الأمر الذى يشبه عملية التعتيم المعلوماتى، خصوصاً مع القضايا السياسية. وأضافت: «أى معلومات وأبحاث عن الأوضاع السياسية صعب إنك تلاقى ليها شغل فى المراكز البحثية معتبرينها معلومات أمن قومى، برغم أننى كنت أحاول جاهدة البحث عن معلومات حول تظاهرات الطلاب وبحثت عبر شبكة الإنترنت وعلمت بتوافر أبحاث معينة بشأن ذلك فى أحد المراكز البحثية، وحين لجأت له وبحثت عن هذه المعلومات فلم أجدها، وسألت العاملين فأكدوا لى عدم توافر أى أبحاث عن ذلك، بالرغم أننى على علم بتوافره ولكن هناك أوامر بعدم استخراج هذه المعلومات». وكشفت الباحثة عن مفاجأة مدوية خاصة بالأبحاث المتوافرة بالمراكز البحثية، وقالت: «المهازل فى المراكز البحثية لا تتوقف على هذا الحد ولكن هناك أبحاثاً لطلبة ماجستير ودكتوراه تباع من داخل المراكز البحثية للباحثين العرب وقيمة البحث الواحد تتراوح ما بين 25 و50 ألف جنيه». وقالت «ز. ط» باحثة ماجستير، بكلية إعلام جامعة القاهرة، إن ساعات البحث فى المراكز البحثية قليلة جدًا مقارنة بالأعوام الماضية، فكثيرًا ما يقال إن إمكانية الدخول للباحثين فى المراكز البحثية يومان فى الأسبوع فقط رغم الواجب أن تعمل طوال الأسبوع، فضلاً عن رفع قيمة تصوير الورق داخل المراكز وغيرها من تحديد رقم محدد للتصوير.