واصل الشعب المصري احتفالاته بإسقاط النظام لليوم الثاني علي التوالي، توافد المواطنون إلي ميدان التحرير للاحتفال بانتصار ثورة الشباب علي الطغيان والفساد باتوا ليلتهم يجوبون الشوارع حاملين الأعلام ورايات النصر وأطلقوا الألعاب النارية وهتفوا للجيش المصري ولنزاهة موقفه تجاه المظاهرات التي شهدها ميدان التحرير، وحولوا ليل القاهرة إلي نهار وأصبحت ساحة الميدان مزاراً للمواطنين الذين توافدوا إليه من كل صوب وحدب للمشاركة في انتصارات الثورة حمل المواطنون رجال القوات المسلحة علي الاعناق وهتفوا »الشعب والجيش ايد واحدة«. شباب وفتيات رجال ونساء كبار وصغار خرجوا من منازلهم بعد ان حققت الثورة مطالبهم لحظات حاسمة في تاريخ مصر سيطرها التاريخ بحروف من نور وعاد المصريون يعشقون تراب وطنهم لم يكن يوم الجمعة 11 فبراير يوما عاديا في تاريخ مصر بل كان يوما حاسما فمع دقات الساعة السادسة مساء أمس الأول خضع فيه النظام المصري لإرادة الشعب بعد 18 يوما من المظاهرات والاعتصامات والبيانات التي أصدرتها المؤسسة الرئاسية لم تؤثر في عقيدة الثوار والمواطنين الذين صمدوا أمام الفساد والطغيان علي مدار الأيام الماضية حتي أجبروه علي التنحي عن السلطة فقد سجل التاريخ تلك اللحظات الحاسمة التي غيرت مسار مصر السياسي في الفترة القادمة. ميدان التحرير الذي كان شاهدا علي ثورة الشباب 25 ابريل سجل علي كل ذرة تراب به وقطرة دماء أريقت بحروف من نور عظمة الشعب المصري الذي أصبح محط أنظار العالم أجمع عقب تنحي الرئيس عن مهام منصبه وتسليمها للجيش. الآن تنفست مصر هواء الحرية بعد 30 عاما من الفساد والطغيان وغادر عدد من المتظاهرين ميدان التحرير متوجهين إلي منازلهم بينما رفض عدد كبير مغادرة الميدان حتي يتم تعديل الدستور. تحول ميدان التحرير إلي يوم عيد احتفالاً بنجاح الثورة الشعبية التي انطلقت يوم 25 يناير الماضي وانتهت بسقوط الرئيس حسني مبارك، بعد حكم دام 30 عاماً. وشهدت سماء الميدان موجة عارمة من إطلاق الأعيرة النارية والألعاب الضوئية الملونة والصواريخ يدوية الصنع احتفالاً بالنصر. وتوافد إلي الميدان مئات الآلاف للانضمام إلي صفوف المتظاهرين للاحتفال معهم بالنصر. ولم تختلف الشوارع الجانبية للميدان والمقاهي المجاورة عن الساحة بعد أن تحولت إلي صورة مماثلة من ميدان التحرير خاصة ميدان طلعت حرب. وسخر المصريون من الذين وجهوا لهم الاتهام بالعمالة وتناول وجبات كنتاكي داخل الميدان حيث ظهر العديد من اللافتات فور تنحي الرئيس مكتوب عليها »كل ريس.. وإنت طيب« و»مع كنتاكي.. الثورة ألذ«. وامتلأت ساحة الميدان والشوارع المحيطة بأعلام مصر ودعا المصريون ميدان التحرير إلي تنظيف الميدان قائلين: »الشعب يريد إخلاء الميدان« و»هنضف الميدان«. وخرج أغلب المواطنين من منازلهم بصحبة أولادهم مع المتظاهرين بالميادين، فمنهم من توجه إلي قصر العروبة وآخرون إلي ميدان التحرير فشهد شارع كورنيش النيل آلاف الأسر المصرية الذين كانوا يحتفلون بإسقاط مبارك ويقيمون الهتافات والأغاني الوطنية الجميلة وقامت مجموعة من الشباب بالوقوف أمام كل سيارة تمر بطريقة مُنظمة وينشدون كما كانت إحدي السيارات الملاكي تسير ببطء بطريق الكورنيش وهي مُزينة بالبالونات والأنوار ومفتحة الأبواب وكأنها تزف عروس. ومنهم من كان يحمل صوراً لمبارك مكتوباً عليها »باي باي«. وشارك الجيش المواطنين في الاحتفال فكان منهم من يقوم بالتصوير معهم وصعد العديد من المواطنين أعلي المدرعات للتصوير عليها، كما وقفوا أمام ماسبيرو وأقاموا احتفالات هائلة. وكان الملفت للنظر هو تحويل ساحة الميدان والمداخل إلي ما يشبه بانوراما حرب أكتوبر بعد أن حرص أولياء الأمور علي أخذ صور تذكارية لأبنائهم وهم واقفون علي الدبابات ومدرعات الجيش ووسط الجنود. وارتدي الشباب الكمامات تفادياً للأتربة وواصلوا عمليات التنظيف حتي المداخل الخارجية في صورة رائعة. وأعلن المحتفلون استمرارهم في مهرجان الثورة مطالبين بالملاحقة المالية والجنائية للرئيس المخلوع ورجال نظامه.