تشهد مكاتب المتظلمين «28 مكتبًا» من الثانوية العامة، حضورًا غير مسبوق للراسبين فى ثانوية البوكليت أو المتضررين من تدنى درجاتهم فى بعض المواد. ومع أن عدد المتظلمين العام الماضى تجاوز حاجز الأربعين ألفًا إلا أنه فى يوم واحد وصل عدد المتظلمين من ثانوية هذا العام 14 ألف متقدم، وهو رقم ضخم يحمل تساؤلات كثيرة عن نظام الثانوية العامة، ويؤكد عدم ثقة الطلاب وأولياء أمورهم فى الذين يقومون بتصحيح كراسات الإجابة ورصد الدرجات. «الوفد» قامت بجولة على مكاتب التظلمات فى القاهرة والجيزة، وشهدت بأم عينها إحساس الطلاب وأولياء أمورهم بالمرارة والمعاناة وعدم الثقة بالنظام والحكومة، وبكل ما يتعلق بالعملية التعليمية بشكل عام. من أمام المدرسة الخديوية الثانوية العسكرية بمحافظة القاهرة وقفت «الوفد» على أكثر من قصة وحكاية لطلاب تعذبوا وسهروا الليالى، وإذا بهم راسبون فى مواد لا يتوقعون رسوبهم فيها، أو حصلوا فيها على درجات متدنية، أبعدتهم عن كليات القمة وتحقيق الأمل المنشود. «مينا شوقى» الحاصل على 79٪ علمى رياضة قال هذه النتيجة غير مطابقة لمواصفات اجابتى، مشيرًا إلى أنه نقص فى مادة الفيزياء 6 درجات دون وجه حق، كذلك فى مادة الرياضيات نقص 13 درجة على حد قوله.. ويضيف مينا: كان نفسى أكون مهندسا وأحلامى كلها تحطمت، وبحزن شديد يتابع الطالب حديثه، قائلًا: كنت أذاكر ما لا يقل عن ال6 ساعات يوميًا فى ظل رعاية كاملة من والدته ووالده.. ولم أكن أتخيل أبدًا أن يكون مصيرى هكذا.. أكيد فيه حاجة غلط..! وعن الدروس الخصوصية، قال إنه كان يأخذ دروسًا فى جميع المواد، ويكلف والده 5 آلاف جنيه شهريًا، على أمل تحقيق حلمه وحلم والده ووالدته بأن يكون مهندسًا مدنيًا. «كان نفسى أبقى زى بابا وألتحق بكلية العلوم بس القدر كان غلاب».. بهذه الكلمات بدأ عمر أحمد سلامة، حديثه، وقال إنه جاء ليتظلم من النتيجة التى خالفت توقعاته، مشيرا إلى أنه حاصل على 88% علمى علوم، وجاء للمدرسة ليقدم تظلمًا فى مادتى الفرنساوى واللغة العربية، حيث قل 6 درجات دون وجه حق. وعن مصدر ثقته بأنه يستحق هذه الدرجات، رد قائلًا: «أنا راجعت إجابتى مع نموذج الإجابة المعتمدة من الوزارة ولقيت نفسى ناقص درجات كتير». كما قالت هاجر قدرى، طالبة ثانوى عام شعبة أدبى، إنها جاءت لتتظلم فى جميع المواد، مشيرة إلى أنها نقصت فى جميع المواد ما لا يقل عن 10 درجات، طبقًا لما راجعته فى نموذج إجابة الوزارة. «حلمى كان أدخل آداب علم نفس بس الحمد لله».. تكمل «هاجر» حديثها وتشير إلى أنها كانت من ضمن أوائل الطلاب فى المرحلة الأولى والثانية، وكانت تستذكر دروسها جيدًا فى 7 ساعات يوميًا. وأكدت بسنت نشأت، «علمى علوم»، أنها رأت نموذج الإجابة وراجعت ما قامت بكتابته فى الامتحان وقد وجدت ظلمًا شديدًا فى درجاتها المعلن عنها رسميًا، وقررت أن تأتى للمدرسة الخديوية لتقديم تظلم لمراجعة 3 مواد هى الفيزياء والكيمياء والأحياء. وأشارت «بسنت» إلى أنها كانت تحلم بأن تصبح طبيبة أسنان، ولكن شاء القدر أن تجد نفسها من الطلاب الذين لحق بهم ظلم الثانوية العامة. قالت والدتها سناء، إنها مدرسة ثانوية عامة، وما تشهده المنظومة التعليمية فاشلة، مشيرة إلى أن ما يتعرض له الطلاب لا أحد يعلم مصدره، هل هو خطأ منظومة، أم خطأ تصحيح، أم خطأ فى نموذج الإجابة؟! وفى عام 2011 منح 150 طالبا درجات تزيد على التى حصلوا عليها فى نتيجة نهاية العام، بعد اكتشاف اللجان الفنية المسئولة عن التظلمات عدم صحة النتائج، أحقيتهم فى الحصول على مزيد من الدرجات، من إجمالى 85 ألف طالب. وفى عام 2012 منحت إعادة التصحيح لإجابات 1150 طالبًا الحق فى الحصول على درجات إضافية، حصل من بينهم 500 طالب من المرحلة الأولى والثانية على نصف درجة ودرجة واحدة. وفى عام 2013، بلغ إجمالى عدد الطلاب المتظلمين 37688 طالبا، بينما بلغ عدد الأوراق التى تم الاطلاع عليها 63817 ورقة، وبلغ عدد الأوراق التى تمت زيادتها 8191 ورقة. وجاءت نتيجة 2014 لتوضح أن عدد الحالات المستحقة للزيادة بالنسبة للطلاب المتظلمين من نتائجهم بلغت (2216) حالة وفقًا للإحصاءات الواردة من الإدارة العامة للامتحانات. وأنصفت نتيجة التظلمات نحو 5393 طالبًا وطالبة فى ثانوية 2015 من اجمالى 32732 طالبا وطالبة تقدموا بالتظلم. وجاءت زيادة الدرجات على النحو التالى عدد الحالات التى تمت زيادة درجاتها إلى نصف درجة (1897) حالة، فيما زادت 2691 حالة درجاتها إلى درجة، فيما أثبتت إعادة التصحيح حق 313 حالة فى زيادة درجاتها درجة ونصف الدرجة، و(309) حالات درجتين، (78) حالة درجتين ونصف الدرجة، و(60) حالة 3 درجات، و(45) حالة أكثر من 3 درجات. وفى عام 2016 وصل إجمالى عدد الطلاب المستحقين درجات نتيجة للتظلم من نتائج امتحانات الثانوية العامة 1029 طالبًا وطالبة، من إجمالى عدد الطلاب المتقدمين 52560 طالبا وطالبة، بواقع 152420 ورقة إجابة. وطبقًا للإحصاءات الصادرة من وزارة التربية والتعليم لعام 2016، فقد بلغ عدد الطلاب الحاصلين على نصف درجة نتيجة التظلم 361 حالة، والحاصلين على درجة 464 حالة، والحاصلين على درجة ونصف 63 حالة، فضلا عن 84 حالة حصلوا على درجتين، و21 حالة حصلوا على درجتين ونصف الدرجة، فيما وصل عدد الحاصلين على ثلاث درجات نتيجة للتظلم 18 حالة. يذكر أن أكثر من 52560 طالبًا وطالبة تظلموا العام الماضى من الثانوية، بواقع 152420 ورقة إجابة، وهو الرقم الأعلى فى تاريخ التظلمات منذ بدء العمل بهذه الخطوة التى قررتها الوزارة لإنصاف المتضررين.. وكانت التظلمات قد انطلقت كإجراء عام 2010 وتمت إعادة الدرجات لنحو 188 طالبًا فقط من بين 10 آلاف طالب تقدموا بالتظلم ودفعوا أكثر من مليون جنيه حصلت عليها الوزارة طيلة مدة التظلم التى استمرت 18 يومًا. يشار إلى أن الخطوات المتبعة للتظلم تبدأ من سداد رسوم تقديم التظلم فى الوزارة، وقيمتها 100 جنيه عن المادة الواحدة، ثم يتم تحديد موعد للكشف عن النتيجة ومراجعتها فى الكنترول»، ثم يذهب الطالب فى الموعد للكنترول التابع له لفحص أوراق إجابته، ويسمح للطالب باصطحاب ولى الأمر، ولا يسمح بدخول مدرس المادة، ثم يحصل المتظلم على كود سرى لا يعرفه مستشار المادة لضمان السرية التامة، ويمنح الطالب نسخة ضوئية من ورقة الإجابة ليبدأ بمراجعتها جيدًا، ثم يدون ملاحظاته فى ورقة خارجية تسلم لمستشار المادة، الذى يقوم بإعادة مطابقتها مع ورقة الإجابة الأصلية، وفى حال ثبوت حق الطالب فى درجات اضافية يتم استرداد رسوم التظلم المسددة من قبل، ومن ثم إخطار مكتب التنسيق بالنتيجة المعدلة.