فى تأكيد جديد على العنصرية المتصاعدة ضد الإسلام والمسلمين في الولاياتالمتحدة, كشفت وكالة "أسوشيتد برس" في 3 فبراير عن وثائق سرية أمريكية حول مراقبة مساجد الشيعة بصفة خاصة والمجتمعات المسلمة بصفة عامة في مدينة نيويورك. وجاء في الوثائق أنه في عام 2006 , أعد مدير شرطة نيويورك راي كيلي تقريرا بعنوان "الصراع الأمريكي الإيراني الخطر على مدينة نيويورك" نشر من خلاله سلسلة من التوصيات بينها توسيع وتركيز المتابعة الاستخباراتية على مساجد المسلمين الشيعة، التي تقدر الشرطة عددهم بحوالي 35 ألفا بينهم 8 آلاف إيراني. كما أوصى كيلي - بحسب الوثائق - بمتابعة مؤسسة "ألافي" الخيرية الإيرانية في نيويورك، ولذا قامت شرطة نيويورك بمراقبة المسجد الذي يصلي فيه أعضاء هذه المؤسسة الذين زعم كيلي أنهم مرتبطون بجهات حاولت شراء معلومات تكنولوجية لمساعدة صناعة الصواريخ الإيرانية. وبالإضافة إلى ما سبق, أوصى كيلي الوحدة الخارجية في شرطة نيويورك بضرورة مراقبة المنظمات الإسلامية كحماس وحزب الله في الشرق الأوسط وأوروبا، كما دعا إلى متابعة التجمعات الفلسطينية التي قد تضم عناصر من حركة حماس أو متعاطفين معها، خصوصا في ظل العلاقة التي تربط الحركة بطهران. بل ونشرت "أسوشيتد برس" أيضا تقريرا يؤكد تسلل عناصر من شرطة نيويورك بالملابس المدنية للمساجد ومراقبتهم لجميع المقاهي القريبة من المجتمعات المسلمة. واللافت إلى الانتباه أن عنصرية كيلي ضد الجالية المسلمة في نيويورك لم تقف عند ما سبق, حيث تعرض قائد شرطة نيويورك في يناير الماضي أيضا لانتقادات من قبل جماعات حقوقية أمريكية معنية بالدفاع عن الحقوق المدنية بسبب تعاونه مع منتجي فيلم تسجيلي مسيء للإسلام يعرض لقطات لهجمات "انتحارية" ويزعم أن الأجندة الحقيقية لمعظم قيادات المسلمين في الولاياتالمتحدة هي اختراق أمريكا والسيطرة عليها. وبالنظر إلى أن الوثائق السابقة تتناقض جذريا مع ما ذكره عمدة ولاية نيويورك مايكل بلومبيرغ في وقت سابق حول أن شرطة مدينته لا تأخذ بعين الاعتبار الدين في ملاحقاتها, فقد سارعت 33 مجموعة حقوقية في الولاياتالمتحدة بتقديم شكوى للنائب العام في نيويورك إريك سكنديمان للتحقيق فيما نشرته وكالة "أسوشيتد برس" بشأن مراقبة مساجد الشيعة والمجتمعات المسلمة في نيويورك. بل وذكرت قناة "الجزيرة" أن المسئول عن مسجد "بيت القائم" الشيعي في فيلادلفيا هاجم الإجراءات السابقة, قائلا :" حكم شرطة نيويورك على الشيعة غير عادل، هل إذا هوجمت كوبا, فإن الكاثوليك سيهاجمون الولاياتالمتحدة, هذا اتهام غير منطقي, ليس لأننا من نفس المذهب, فهذا يعني أننا سنقف مع إيران ضد الولاياتالمتحدة، إنه أمر سخيف". ورغم أن واشنطن قد تبرر الإجراءات العنصرية السابقة بأن قلقها من طهران ليس نابعا فقط من برنامجها النووي، وإنما من جهل طبيعة رد فعل الإيرانيين داخل الولاياتالمتحدة في حال نشبت مواجهة عسكرية بين البلدين, إلا أن خبراء أمريكيون في مكافحة "الإرهاب" أكدوا أنه أمر خاطئ أن تقفز من احتمال حصول صراع دولي للقول إنه تجب مراقبة مساجد الشيعة. وبدورها، نقلت وكالة "رويترز" عن مسئول استخباراتي أمريكي قوله إنه منذ صدور توصيات قائد شرطة نيويورك تبين أن حزب الله حزب سياسي أكثر مما هو ديني، وأن مراقبة الشيعة في الولاياتالمتحدة ليست مفيدة. ورغم تصاعد الحملات العنصرية ضد مسلمي أمريكا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، إلا أن هناك تحذيرات واسعة من ازدياد وتيرتها مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية, خاصة أن اندلاع ثورات الربيع العربي أربك كافة حسابات إسرائيل, ولذا يتوقع على نطاق واسع أن يضاعف اللوبي الصهيوني مخططاته الشيطانية لتحريض الأمريكيين ضد الإسلام والمسلمين وإثارة الرعب من مخاطر وصول الإسلاميين للسلطة في بلدان الربيع العربي على مصالح تل أبيب وواشنطن. ففي 29 يوليو الماضي, كشفت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن كبريات المدن بالولاياتالمتحدة تشهد حملة دعائية معادية للإسلام تتخذ من حافلات المواصلات العامة وسيلة للترويج لأفكارها وإذكاء جدل حول مكانة الإسلام في المجتمع الأمريكي. وأضافت الصحيفة أن جماعة تطلق على نفسها اسم "أوقفوا أسلمة أمريكا" بدأت بإلصاق إعلانات دعائية في حافلات نقل الركاب العامة في المدن الكبرى تحث فيها المسلمين على الردة عن دينهم . ومن الشعارات التي تحملها الملصقات الدعائية في الحافلات وتدعو المسلمين للارتداد عن دينهم، "هل أنت مستعد لتحمل فتوى ضدك؟" و"هل أسرتك أو جماعتك تهددك؟" و"هل تركت الإسلام؟" . والخلاصة أن اليمين المسيحي المتطرف المتحالف مع اللوبي الصهيوني لن يتوانى عن استغلال فرصة الانتخابات الرئاسية الأمريكية للترويج أكثر وأكثر لظاهرة الخوف من الإسلام أو "الإسلاموفوبيا".