فيلم الجهاد الثالث لتحذير الأمريكيين "الجهاد الثالث" الفيلم الذي أثار غضب مسلمي الولاياتالمتحدة خلال الأيام الماضية عقب الكشف عن وثائق تشير إلي قيام شرطة ولاية نيويورك بعرض هذا الفيلم الذي يسئ للمسلمين ويحذر الأمريكيين من خطر التطرف والإرهاب خاصة من الإسلام الراديكالي. ففي تحد جديد لمشاعر المسلمين قامت شرطة نيويورك بعرضه لمدة عام رغم مطالبات المنظمات الإسلامية للسلطات بالكف عن اضطهاد المسلمين وتشويه صورتهم ووقف أي أعمال مسيئة، خاصة بعد عرض فيلم "هاجس" عام 2008 لشحن الأمريكيين ضد الإسلام والمسلمين في حملة الانتخابات الرئاسية لدعم المرشح الجمهوري وقتها جون ماكين ضد الديمقراطي باراك أوباما، مما دفع البعض للتساؤل عما إذا تحول التخويف من التطرف الإسلامي إلي سلاح في ماراثون الانتخابات الأمريكية 2012. يفتتح فيلم "الجهاد الثالث: رؤية الإسلام المتطرف لأمريكا" بعبارة نصها "هذا ليس فيلماً عن الإسلام بل هو حول التهديد الذي يمثله الإسلام الراديكالي"، ويعكس عنوان الفيلم مضمونه الذي يتلخص في إيهام الرأي العام بأن غالبية المسلمين في الولاياتالمتحدة والغرب عموماً، يسعون إلي تدمير المجتمع الغربي، عبر ما أسماه "الجهاد الثالث"، باعتبار أن الجهاد الأول كان في أيام سيدنا محمد "صلي الله وعليه وسلم" والجهاد الثاني وقع في العصور الوسطي. ويروي أحداث "الجهاد الثالث" زهدي جاسر، رئيس المنتدي الإسلامي الأمريكي للديمقراطية، والذي يقول إن المقاومة المسلحة إرهاب ويري مخاوف الأمريكيين من الإرهاب الإسلامي لها أسبابها، حيث ضم الفيلم مجموعة مشاهد لأكثر الهجمات الإرهابية دموية خلال السنوات الماضية. وتظهر فيها لقطات لإرهابيين مسلمين، بحسب وصف الفيلم، يطلقون النار علي الأمريكيين غير المسلمين، وتفجير سيارات وجثث لأطفال، بجانب صور لمتظاهرين يحرقون الأعلام الأمريكية وصورة مفبركة تظهر العلم الإسلامي يرفرف فوق البيت الأبيض، ورجل دين أمريكي يعظم من قاموا بالعمليات الانتحارية ويصفهم بالأبطال. ثم يقول راوي الفيلم إن الأجندة الحقيقية للإسلام في أمريكا تنطوي علي وجود مؤامرة يخطط لها مسلمون يعيشون بالولاياتالمتحدة بهدف التسلل والهيمنة عليها وإسقاطها من الداخل، مضيفاً أن "هذه هي الحرب التي لا تريد واشنطن أن تعرف عنها شيئاً." وأوضح جاسر ما يقال للأمريكيين هو أن التيار الرئيسي في الجماعات الإسلامية ظاهرياً معتدل، في حين أن الحقيقة عكس ذلك فكلما اقتربت أكثر منهم، ستجد أساليبهم الرئيسية الخداع، ويضيف إن القادة الإسلاميين الذين يمكن الوثوق بهم قليلون. وبجانب الراوي، يتضمن الفيلم مقابلات مع 19 شخصية من أبرز رموز تيار المحافظين الجدد والشخصيات المعادية للإسلام في الولاياتالمتحدة مثل آيان حرسي علي صاحبة فيلم "خضوع" الذي تري فيه الظلم الذي تتعرض له النساء في الثقافات الإسلامية والكاتب اللبناني الأصل وليد فارس محلل بشبكة فوكس نيوز وتوم ريدج رئيس دائرة الأمن الداخلي السابق وراشيل إهرنفلد مديرة المركز الأمريكي للديمقراطية وكلير لوبيز أحد رموز الاستخبارات الأمريكية والمؤرخ برنارد لويس الذي يواجه في البلدان العربية والإسلامية انتقادات حادة بسبب موقفه المعادي للإسلام والثقافة الإسلامية ورودي جولياني عمدة نيويورك السابق والمعروف بمواقفه المتطرفة ضد العرب والمسلمين. ويتزامن الكشف عن عرض الفيلم في وقت يشهد علاقة توتر بين الجالية المسلمة والشرطة، خاصة بعد قيام الأخيرة بالتجسس علي مسلمي الولاياتالمتحدة حتي من هم من أصل أمريكي، ورفضهم الاعتذار عن هذا الإجراء معللة أنها أحبطت عدة مؤامرات إرهابية. وكانت تقارير صحافية قالت إن الاستخبارات الأمريكية وشرطة نيويورك يجمعون معلومات عن الحياة اليومية للمسلمين في المساجد، والمطاعم، والمكتبات العامة، وفتح ملفات رجال الدين المسلمين في نيويورك. وتسجل الخطب التي يلقونها في المساجد. ولم تكن هذه المرة الأولي التي تتعرض فيها شرطة نيويورك للانتقاد، فالعلاقة بين الشرطة والمجتمع المسلم في الولاية متوترة بعد أن نشرت وكالة "اسوشيتد برس" عام 2006 تحقيقاً مطولاً عن قيام شرطة الولاية بالتنصت علي المسلمين دون وجود أي مبرر فقط لأنهم مسلمون ولم تعتذر الشرطة علي انتهاكها حقوق مواطنيها، مما دفع منتقدي شرطة نيويورك إلي مقاطعة الفطور الذي دعا إليه مايكل بلومبرج "للترويج لحوار الأديان"، معتبراً تصرفات الشرطة تجاههم عداء مباشراً وواضحاً للمسلمين. ومنذ أحداث 11 سبتمبر 2001 استطاعت الإدارة الأمريكية وصناع السياسة في الولاياتالمتحدة زرع الخوف لدي الشعب الأمريكي والعالم لمكافحة التطرف الإسلامي الوهمي وتحول الخوف منه إلي سلاح لمحاربة كل ما هو مسلم وينتمي للدين الإسلامي. وهذا ما أدركه سريعاً رافائيل شور، مخرج فيلم "الجهاد الثالث" أكبر المتشددين والمناصرين لإسرائيل، بمدي أهمية الأفلام الوثائقية الداعمة لاتجاهه المتطرف المعادي للإسلام فأسس شركة "كلاريون فند" عام 2006 وانتج أفلاماً مثل "الكفاح من أجل السلام في الشرق الأوسط"، "هوس: حرب الإسلام الراديكالي ضد الغرب"، الذي لعب من خلاله شور دوراً كبيراً في شحن المواطنين الأمريكيين ضد الإسلام والمسلمين في الحملة الانتخابية الأمريكية عام 2008وزع 28 مليون نسخة مجانية علي الناخبين من فيلم "هوس" لتحذيرهم من خطر الإرهاب الإسلامي علي أمن البلاد، ولمساندة المرشح الجمهوري جون ماكين ضد الديمقراطي باراك أوباما الذي قيل أن له جذور إسلامية. وأعلنت شركة "كلاريون فند" المنتجة للفيلم وقتها علي موقعها الإلكتروني إنها تهدف إلي التحذير من خطر التطرف والإرهاب الإسلامي الذي صار أخطر من النازية علي البلاد والأمريكيين. فيما حظي الفيلم الوثائقي الأخير بتمويل المنظمة نفسها، بدعم شيلدون أديلسون، أكبر المؤيدين لإسرائيل، ومن المساهمين في صياغة الرئاسة الجمهورية التمهيدية عبر ضخه لملايين الدولارات لدعم المرشح الجمهوري نيوت جينجريتش. وكانت هناك محاولات لعرض هذا الفيلم منذ عام 2009 أثناء المهرجان الأمريكي السنوي التاسع للفيلم تبوهامشير حيث كان هناك نية لعرض "الجهاد الثالث" وأكد شور أن الأمريكيين يدركون أن أيديولوجيا الإسلام الراديكالي تمثل تهديداً صريحاً وحاضراً ووشيكاً للأمن القومي ولنمط الحياة الأمريكي وأن العالم الإسلامي مفعم بالكراهية تجاه الغرب بشكل عام والولاياتالمتحدة خاصة. إلا أنه عرض سراً لرجال الشرطة منذ عام مضي وكان أول من كشف عن تلك الأنباء مجموعة من الضباط الذين شاهدوا الفيلم منهم توم روبنز، وحصل مركز برينان للعدالة في جامعة نيويورك علي الوثائق التي كشفت أن الفيلم يتضمن مقابلة مع قائد شرطة نيويورك راي كيلي عرض بشكل مستمر لفترة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعام. فيما أنكر كيلي تورطه في الفيلم ونفي ما تردد عن عرضه أمام عناصر الشرطة، وقال حينها إن الفيلم عرض بالخطأ لبعض الضباط. مما دفع نائبه بول براون لتبرير هذا الموقف قائلاً إن المخرج استعان في فيلمه بمقتطفات من مقابلات قديمة لكيلي، من دون مراجعته. إلا أن شور أرسل رداً لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية به تفاصيل عن المقابلة التي أجراها مع كيلي، في مارس 2007 والتي استغرقت 90 دقيقة، وعندها اضطر كيلي، للاعتراف بأنه أخطأ عندما تعاون شخصياً مع منتجي الفيلم، وأعلن أسفه للتعاون معه. وبرغم ذلك الاعتذار إلا أن المنظمات الإسلامية وعلي رأسها مجلس العلاقات الإسلامية "كير" طالب بعزل كيلي من منصبه.