أوضحت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز للمرأة أن تسافر لحضور منحة علمية من دون زوج أو محرم، وسفرها مع الرفقة المأمونة، ولكن بشروط أولها الأمان، وأن يوافق الزوج، أو الولي على ذلك. جاء ذلك خلال رد دار الإفتاء، على سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي، يقول فيه صاحبه "امرأة متزوجة تعمل في مركز بحثي كبير، تيسر لها الحصول على منحة علمية خارج البلاد، تستمر مدة ثلاثة أشهر، فهل يجوز لها السفر من غير زوج، أو محرم لحضور هذه المنحة؟" ودللت الإفتاء، على ذلك بما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عدي بن حاتم، رضي الله عنه، قال: بينما أنا عند النبي "صلى الله عليه وسلم" إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل، فقال صلى الله عليه وسلم: "يَا عَدِيُّ، هَلْ رَأَيْتَ الحِيرَةَ؟" قلت: لم أرها وقد أنبئت عليها، قال: "فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لَا تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللهَ"، قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله، فدلَّ ذلك على الجواز، لأنه لو لم يجز ذلك لما مدح به الإسلام. وتابعت الإفتاء، أن بعض المالكية ذهبوا إلى القول بجواز ذلك، وهو رواية عن الإمام مالك، ففي "مواهب الجليل في شرح مختصر خليل"، إذا كانت في رفقة مأمونة ذات عدد وعُدد أو جيش مأمون من الغلبة والمحلة العظيمة، فلا خلاف في جواز سفرها من غير ذي محرم في جميع الأسفار الواجب منها والمندوب والمباح من قول مالك وغيره، إذ لا فرق بين ما تقدم ذكره وبين البلد. وأشارت الإفتاء إلى أنه فى مجموع شرح المهذب للإمام النووي أجابوا عن سؤال هل يجوز للمرأة أن تسافر لحج التطوع، أو لسفر زيارة وتجارة ونحوهما مع نسوة ثقات أو امرأة ثقة؟ موضحة أن ذلك فيه وجهان: وحكاهما الشيخ أبو حامد والماوردي والمحاملي وآخرون من الأصحاب في باب الإحصار، وأحدهما يجوز كالحج، والثاني وهو الصحيح باتفاقهم وهو المنصوص. أكدت الإفتاء أن الجمهور ذهبوا إلى عدم جواز سفر المرأة في مثل هذه الحالة بغير زوج أو محرم، وفي ذلك تفصيل: فذهب الحنفية إلى اشتراط ذلك في السفر الطويل من دون القصير، بينما ذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إلى اشتراط الزوجِ أو المَحْرَمِ في السفر مطلقًا من دون تفرقة بين طويل وقصير. وحجة الحنفية: أن المنع المقيد بالثلاث مُتَحَقِّق، وما عداه مشكوك فيه، فيؤخذ بالمُتَيَقَّن، مدللة على ذلك بما قاله العلامة ابن بطال في "شرحه على صحيح البخاري"، "واحتج الكوفيون بحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: "لاَ تُسَافِرِ المَرْأَةُ ثَلاَثًا إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ"، وقالوا: لما اختلفت الآثار والعلماء في المسافة التي تقصر فيها الصلاة، وكان الأصل الإتمام، لم يجب أن ننتقل عنه إلا بيقين، واليقين ما لا تنازع فيه، وذلك ثلاثة أيام". واحتج الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على ما ذهبوا إليه بعموم الأحاديث التي دلت على حرمة سفر المرأة بلا مَحْرم، ومنها: ما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، إِلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا، أَوِ ابْنُهَا، أَوْ زَوْجُهَا، أَوْ أَخُوهَا، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا"، وما رواه الشيخان في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا تُسَافِرِ المَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ".