تنوعت المدارس الفكرية المرتبطة بمقاومة الصهيونية أو ما يمكن تعريفه بالمقاومة الفكرية للعدو الإسرائيلى فهناك من يرى أن العزلة وعدم ترجمة ما يكتبه هذا العدو هو أفضل درجات المقاومة لأنها ترتبط بشكل أو بآخر بالتجاهل والاحتقار لهذا العدو وهناك فريق يقف على الجانب الآخر من هذه النظرية ويرى أن كل ما يقوله ويفكر فيه العقل الإسرائيلى علينا نحن الباحثين العرب ترجمته ودراسته وأخذه بعين الاعتبار ومحاولة فك شفرته والأهداف التى يرمى إليها، ومعرض الكتاب هذا العام يضعنا أمام هذه المدرسة الأخيرة التى تهتم بكل ما يكتبه هذا العدو. وجولة سريعة فى أجنحة المعرض ودور النشر المشاركة سنكتشف عدداً كبيراً جداً من الدراسات العربية والترجمات حول الأدبيات الإسرائيلية ومنها كتاب مهم قام بتأليفه الدكتور أحمد الموجى، المدرس بكلية طب المنصورة استشارى الأعصاب والطب النفسى، الكتاب بعنوان «التحليل النفسى لشخصية اليهود» الكتاب يحاول الكشف عن من هم اليهود وكيف نشأوا وعلاقة سيدنا موسى بهم واليهود وآل عمران قبل بعثة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وكذلك يتناول المؤلف السمات الرئيسية للشخصية اليهودية والتى يلخصها مؤلف الكتاب فى: «النرجسية والسيكوباتية أى العدائية وترتبط بالعنف والقسوة وتبلد المشاعر والأحاسيس، وعدم التعلم من خبرة الماضى والنصب والغش والتدليس والهروب من التبعات والمسئولية إلى جانب الوقاحة». من الكتب المهمة الموجودة أيضاً فى معرض الكتاب هذا العام وتتناول الدور الإسرائيلى فى اغتيال العلماء العرب النابغين بعنوان «الموساد واغتيال علماء العرب» من تأليف الدكتور يوسف حسن المصرى الذى يبدأ بوصف الاغتيال مصطلح يستعمل لوصف عملية قتل منظمة ومتعمدة وتستهدف شخصية مهمة ذات تأثير فكرى أو قيادى ويكون مرتكز عملية الاغتيال عادة أسباب عقائدية أو سياسية أو اقتصادية أو انتقامية، والكتاب يضم 16 عالماً تم اغتيالهم على يد الموساد الإسرائيلى وهم: الدكتور مصطفى مشرفة، سميرة موسى، الرجل الذى أخاف إسرائيل، يحيى المشد، أديسون الشرق، حسن كامل، سامية عبدالرحيم، جمال حمدان، ويذكر المؤلف واقعة اغتيال مكتشفة مخططات القادة الإسرائيليين الدكتورة سلوى حبيب، وحنظلة الصهاينة ناجى العلى رسام الكاريكاتير الفلسطينى، والعالم الذى كاد يحكم فرنسا: الدكتور رمال حسن رمال، والعالمة مكتشفة علاج السرطان الرئوى عبير عياش، وعالم الذرة المصرى الدكتور سمير نجيب والعالم النووى المصرى عبده شكر، وهناك من يذكرهم المؤلف كحالات اختفاء لم يظهر بعدها هذا العالم أو ذاك ومنهم الدكتور نبيل القلينى وجثة الدكتور نبيل فليفل بعد اختفائه فترة، أما نابغة العلوم الدكتور سعيد السيد بدير، والذى تم دفعه من شرفة منزله بالإسكندرية، وهناك استثناء من أجل الجيل الجديد الشهيد مصطفى حافظ، كما يضم الكتاب ملفاً خاصاً بأسماء الشهداء العلماء العراقيين. من الكتب المترجمة المهمة أيضاً، والتى أثارت جدلاً واسعاً حين صدرت بلغتها الأصلية كتاب «الهولوكوست المعكوس.. كيف قتل 80 ألف ألمانى وعذبوا ثلاثة ملايين آخرين»، قام بترجمته أيمن شرف الذى يقول فى مقدمة الكتاب: «رغم صدور العديد من الكتب فى العالم تشكك فى حدوث المحرقة أو ما يسمى بالهولوكوست وأرقام ضحاياه من اليهود على يد النازيين الألمان، إلا أن الكتاب الأكثر إثارة للجدل من وجهة نظرى على الأقل كتاب الصحفى اليهودى الأمريكى المخضرم جون ساك العين بالعين لأنه قام على مدار ثمانية أعوام بتوثيق شهادات عن وقائع انتقام بعض اليهود من الألمان قرب نهاية الحرب العالمية الثانية فخرج بنتائج مدهشة تكشف عن قتل ما بين 60 و80 ألف ألمانى وتعذيب نحو ثلاثة ملايين آخرين فى معسكرات اعتقال بولندا على يد يهود كانوا يعملون فى جهاز الأمن البولندى، الدافع الإنسانى والأخلاقى لجون ساك هو تخليص اليهود من عقدة الضحية ولكن خطورة الكتاب تكمن فى أنه يحرم دولة إسرائيل من المبرر الأخلاقى لنشأتها لأن الوطن القومى لليهود فى فلسطين فى نظر الكثيرين فى أوروبا وأمريكا تعويض عما رى لهم فى ألمانيا النازية لكن اليهود حسب «ساك» الموثق قد انتقموا بالفعل فى نفس زمن الحرب العالمية الثانية وبصورة تكاد تفوق فى بشاعتها ووحشيتها ما حدث لليهود فى الهولوكوست». لهذا السبب تعرض كتاب «العين بالعين» للمنع والتجاهل فى كثير من دور النشر والصحف الأمريكية والأوروبية وحوصر كاتبه وتعرض حتى للتهديد بالقتل دون أن يدرى القارئ العربى عن تلك القصة التاريخية المؤلفة شيئاً وها نحن نضعها أمامه كاملة تقريباً. فى مارس عام 1995 أصدر الكاتب الصحفى «محمد مصطفى» كتاب «هكذا رأيت إسرائيل» وهذا العنوان غريب لأن التطبيع الفكرى كان غير موجود مطلقاً مع إسرائيل على الرغم من توقيع اتفاقية كامب ديفيد ولكن الكاتب يبرر هذه الرؤية لإسرائيل بقوله: لابد أن ياسر عرفات السبب فعندما رأيته يصافح رابين أدركت أننا نعيش لحظة مختلفة، وهكذا اتخذت قرارى بالسفر إلى إسرائيل، كان فى الواقع أصعب قرار اتخذته فى حياتى، ورغم سفرى عشرات المرات إلى إسرائيل على الورق ومن خلال كتب كثيرة قرأتها إلا أن هذه المرة تختلف فالتقيت برئيس الوزراء الإسرائيلى وأعضاء الكنيست والمؤيدين للسلام والمعارضين له بالحمائم والصقور، كما التقيت بالشخصيات العربية البارزة بالأراضى المحتلة، زرت القدس والضفة الغربية، رأيت وسمعت الكثير وحاولت من خلال هذا الكتاب أن أنقل للقارئ العربى صورة أمينة ودقيقة عما يجرى داخل إسرائيل. «هل يحدث انقلاب عسكرى فى إسرائيل» كتاب للدكتور أحمد هيبى، الأستاذ بجامعة حيفا، صدر فى التسعينيات وهو محاولة لدخول الفناء الخلفى للمجتمع الإسرائيلى وعلى النسيج الداخلى لهذا المجتمع والقوى المؤثرة فيه، ويعتقد المؤلف أنها جزء أصيل فى فنائه.