انتصف اليل والجميع نائمون.. السكون يسود المنطقة.. لا يقطعه سوى همسات وخطوات «ناصر»، الذى عقد عزمه فى تلك الليلة على سرقة شقة جدته العجوز..وتسلل اللص متخفياً حتى وصل إلى باب شقتها.. وسريعاً ما فتح الباب، دون أن يشعر به أحد.. كانت جدته فى ذات التوقيت غارقة فى نومها.. وأسرع فى سرقة محتويات الشقة.. وإذا بها تستيقظ على أصوات همسات خافقة، وعندما ذهبت لتفقد الأمر فوجئت به يسرقها، فلم يجد «ناصر» أمامه سبيلاً سوى التخلص منها وكمم أنفاسها بوسادة حتى فارقت الحياة. وقعت الجريمة البشعة بمنطقة عين شمس.. كانت «أمينة» السيدة العجوز صاحبة ال 85 عاماً، تعيش بمفردها فى شقتها ويتردد على زيارتها أقاربها، من بينهم حفيدها «محمد»، كانت تحبه ووهبته كل حياتها، تنفق عليه الأموال، وتعطف عليه.. لم تتخيل يوماً أن تكون نهاية حياتها على يده، وأن الدم المشترك فيما بينهما الذى يجرى فى عروقيهما سيبقى مية وقد كان. حفيدها محمد (عاطل)، يعتمد على نفقاتها وإحسانها عليه، وهى لم ترفض له طلباً، وبمرور الأيام علمت أنه يأخذ منها الأموال وينفقها على إدمان المخدرات، وكثيراً ما نصحته بالعمل حتى يستطيع الاعتماد على نفسه، وحتى يستطيع الإنفاق على نفسه بعد وفاتها. وضاقت بها سبل النصح والإرشاد لحفيدها، لكى ينصلح حاله، وهو يُلقى بنصائحها عرض الحائط، ويسير مسرعاً فى طريق الضياع ومع أقرانه من أصدقاء السوء، فغيرت معاملتها معه.. كان الشاب على دراية بأن جدته ميسورة الحال، لديها مصوغات ذهبية وأموال، ففكر فى حيلة شيطانية لسرقتها، ونسى العطف والإحسان، تناسى أنها هى الإنسانة التى ربته منذ كان صغيراً.. وتجرد من معانى الآدمية وتغلب عليه شيطانه وقاده إلى القتل.. ليصبح عنده جزاء الإحسان القتل. وفى الليلة الموعودة تسلل القاتل فى جنح الليل قاصداً سرقة «جدته»، وصعد السلم بخطوات هادئة حتى لا يراه أحد من السكان.. وضع مفتاح الشقة الذى كان أعطته له جدتها.. وهرول لإتمام مبتغاه فى سرقة مشغولاتها الذهبية.. وإذا بجدته تستيقظ.. ووجدته يقوم بسرقتها، فوبخته: «دى أخرتها.. بتسرقنى يا حرامى».. فتناسى الجانى فى تلك اللحظة الإحسان، فقام بضربها وكمم فهما.. وحاولت المجنى عليها الإفلات منه، ولكن جسدها الهزيل لم يسعفها لمقاومة بطش حفيدها الشاب.. وسقطت من بين يديه جثة هامدة على الأرض، واستكمل بشاعة جريمته ونهش قرطها الذهبى من أذنها وهى ملقاة على الأرض، وتركها وفر هارباً. تكشفت تلك الواقعة، بعدما توجه أحد أقارب المجنى عليها لزيارتها، وطرق الباب فلم يجد منها الإجابة، الأمر الذى أثار قلقه، فاستدعى آخرين من أقاربها، وعندما دخلوا الشقة وجدوها جثة هامدة ومن حولها دماؤها، وأخطروا الشرطة التى حررت محضراً بالواقعة. ألقى القبض عليه.. هو غير نادم مبرراً جريمته بأنها تمتلك أموالاً لا حاجة لها بها، وأنها تبخل عليه.. كان لابد أن تموت نعم جدتى.. ربتنى ولكن لا تريد لي الحياة وتحرمنى من متعها فى سبيل المال.