كثيرة هى العادات التى ورثها المصريون، من أجدادهم الفراعنة، ومن بين أبرز تلك العادات، كحك العيد وزيارة قبور الموتى، وهى عادة فرعونية، عرفها الفراعنة، ضمن طقوس ما يسمى بأعياد الموتى، حيث كانت النساء تصنع الكحك، وتحمله إلى المقابر، لتقديمه إلى الفقراء، ترحما على الموتى من أبناء العائلة. واستمر توارث المصريين لتلك العادة من جيل إلى جيل، إلى يومنا هذا حيث كانت النساء تصنع الكحك بأشكال مختلفة، داخل أفران منزلية، بنيت بالطين، وتوقد بالحطب والقش، للتصدق به، وتوزيعه على الفتية الذين يمتهنون ترتيل القرآن فوق مقابر الموتى صبيحة يوم العيد. لكن وعلى الرغم من توفر الافران الحديثة التى تعمل إما بالكهرباء ، وإما بالغاز الطبيعى، إلا أن عادة خبيز كحك العيد فى قرى الأقصر وقنا وسوهاج وغيرها من محافظات الصعيد ، بدأت فى الاندثار، وصارت النساء تستعين بالخبازين فى مخابز الحلوى والخبز الإفرنجى، لعمل كحك العيد بدلا منهن، حيث تهب النساء بمقدرات ما تريد صنعه من كحك « شريك – بسكويت – غريبة – إلخ، وتذهب به لتلك الأفران التى انتشرت بالقرى والنجوع، مؤخرا، وتمنحهم اجر الخبيز بدلا منها، فيما أعدت اليوم أدوات بلاستيكية خاصة لنقل وتخزين خبير العيد من الأفران للمنازل، لكن بعض القبائل، تأبى أن تغير عاداتها، ومازالت تقوم بصنع كحك العيد فى أفران المنازل حتى اليوم. عجلة التطور، الذى يراه البعض ضياعًا لعادات وتقاليد وموروثات شعبية قديمة، وغالية، باتت تطال كل شىء، وامتدت ولتصل إلى الكحك الذى اعتاد المصريون على صنعه بمنازلهم منذ عصور أحدادهم الفراعنة. وفى الماضى القريب، كانت النساء تستعد لاستقبال عيدى الفطر والأضحى، بالتجمع فى منزل تلو الآخر، للمشاركة فى خبيز وكحك العيد، وحتى تلك العائلات المسيحية، التى تجاور المسلمين، أن تشاركهم فى القيام بعجن وتقطيع وخبز كحك العيد، بمختلف أشكاله. وكانت أيام ما قبل العيد، مناسبة لتجمع العائلات، والجيران، لتبادل الحكايات، والتشارك فى عمل الكحك، وتنظيف المنازل، وفرشها بالجديد. لكن عجلة الزمن دارت دورتها، وأطاحت بالكثير من الموروثات الشعبية، التى ظلت باقية على مر آلاف السنين. وقال عالم المصريات، الدكتور محمد يحيى عويضة، ل«الوفد» بأن كحك العيد عادة عرفها الفراعنة، وقدموه فى الأعياد، وعند زيارة مقابر الموتى، وكان ينتج ويقدم بكثرة فى مختلف الأعياد والمناسبات السعيدة، وكان يتم خبزه على شكل زهور والحيوانات والطيور المعروفة، وكان يخبز باستخدام العسل والفاكهة، نظرا لأن الفراعنة لم يعرفوا السكر، الذى نعرفه الآن، وقد عرف الفراعنة صناعة مخبوزات العيد التى يتم حشوها بالمربى وبالفاكهة قبيل آلاف السنين، وكان يعرض فى المنازل باشكال هرمية مدهشة، وكان يجرى تقديمه على صوانٍ خشبية تحملها الفتيات فى رقة ودلال، وكان يقدم الكحك محاطا بعقود من الفل والياسمين. وكان الكحك من أدوات إدخال البهجة والسرور على الكبار والصغار فى كل الأعياد، وأن النساء المصريات، توارثن صنع كحك العيد، من نساء الفراعنة، وأن كثيرًا من مقابر نبلاء وأميرات الفراعنة، فى غرب مدينة الأقصر، تصور نقوشها مشاهد لصناعة وتقديم كحك العيد فى الأعياد والمناسبات الفرعونية.