أكد سماحة السيد على الهاشمى مستشار رئيس دولة الإمارات ومستشار الشيخ زايد، رحمه الله، للشئون الإسلامية والقضائية، أن الأزهر الشريف طوال عمره وهو يرفع راية التسامح والمحبة ويبرز فى الأمة كصرح عظيم ومن يهاجمون مغرضون، ولا يقدرون مكانته، فهو مصدر المنهج الوسطى المعتدل وقلعة الوسطية فى العالم الإسلامى، وأضاف «الهاشمى» أن الأمة الإسلامية أمة ناهضة تمرض لكنها لا تموت، كتب الله لها الخلود، ما دامت حافظت على كتاب الله وسنة رسوله، كما أشار إلى أنه إذا أردنا محاربة الإرهاب فعلينا بتقوية أجهزة التعليم والبحث العلمى فى العالم، ومحاربة الفقر والجهل، حتى نضع أيدينا على موطن الداء نحو الذى يحدث فى البلاد الإسلامية الآن، وقال «الهاشمى» إنه لابد من تكثيف الجهود فى نشر الوسطية والسماحة التى دعا إليها الإسلام والعمل على تقريب وجهات النظر مع الآخر بهدف بناء المجتمعات الإسلامية وإظهار الإسلام بوجهه الصحيح الذى يحافظ على الهوية الإسلامية من الحروب المفتعلة التى يستخدمها أعداء الدين للهجوم على الإسلام.. فى هذا الحوار مع سماحة السيد على الهاشمى مستشار رئيس دولة الإمارات آراء كثيرة، فإلى نصه: ■ بداية.. ما تقويمكم لواقع الأمة الإسلامية فى ظل الظروف الراهنة؟ - الأمة الإسلامية كتب الله لها الخلود، والرسول صلوات الله عليه وسلم يقول: «الخير فى وفى أمتى إلى يوم القيامة» والأمم الناهضة تمرض ولكنها لا تموت، وهذه أمة -كما أسلفت القول- كتب الله لها الخلود، طالما حافظت على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتزمت بالثوابت التى لا يكون الدين إلا بها، ودين الإسلام دين خالد مؤصل لأنه جمع ما سبقه من أديان، يقول الله سبحانه وتعالى «ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك». ■ كيف ترى دور الأزهر الشريف باعتباره المؤسسة التى تبنت بقوة محاربة الإرهاب؟ - الأزهر طوال زمنه وهو يرفع راية التسامح والمحبة ويبرز فى الأمة كصرح عظيم، وكسند قوى لمفاهيم الإسلام وتعاليم القرآن، فهو يقوم على علوم القرآن الكريم والسنة النبوبة، ومنذ أنشئ وخرج فى أروقته علماء أجلاء وهذا مشاهد وملموس، ولذلك لا نقول الأزهر منذ الآن، بل منذ زمن وهو لايزال يحاربه من يحاربه، لكن من يحارب الأزهر كناطح صخرة يوماً ليوهنها، فلم يضرها وأوهى قرنه الوعلُ. ■ بماذا تفسر تنامى ظاهرة الإسلاموفوبيا بأمريكا وأوروبا؟ - الإسلام فى أوروبا يجب أن ننظر إلى الجانب الإيجابى له، وهو دخول الناس فى هذا الدين أفواجاً، وكون أن هناك عداءً من بعض الجهلة والمارقين سواء كان هذا المروق شخصياً أو مروقاً دولياً يحارب هذا الصرح العظيم فكلها محاولات ستبوء بالفشل. ■ هناك جهد دولى واستراتيجية عربية لمكافحة الإرهاب، لكن على النقيض نرى تزايداً للتطرف والإرهاب.. ما الاستراتيجية التى تراها مناسبة لتجاوز هذه الأزمة؟ - هناك خلط دولى ما بين محاربة الإرهاب ومحاربة القوى التى تقاوم الاحتلال وما نراه اليوم من الذين يرتكبون هذه الجرائم الفظيعة للتعدى على الآمنين والمسالمين مرفوض، فلا الإسلام ولا أى دين ولا أى عاقل يرضى بأن يقوم بعض المارقين بالتعدى على الآمنين من الأطفال والنساء والرجال والأموال والأعراض، وهذا نوع من الإفساد فى الأرض، لكن ينبغى مواجهة ذلك بأمور عدة من بينها أولاً منع إفشاء الرذيلة ومحاربة النفاق السياسى ومحاربة الفقر والجهل، وبالتالى نصل إلى موطن الداء من هذا الذى يحدث فى البلاد ويروع الآمنين والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من آذى ذمياً فأنا خصيمه يوم القيامة» وهذا عن الناس الآمنين من غير المسلمين فكيف بالمسلمين، وظواهر القتل والإرهاب وراءها أيدٍ خفية لا إسلامية ولا إنسانية، وينبغى أن نحارب الإرهاب أيضاً عن طريق أن نقوى أجهزة التعليم والبحث العلمى فى العالم، وبالتالى وقتها سنحيى المجتمع المتكامل المتكافل. ■ وكيف ترى الدعوات المستمرة إلى ضرورة تجديد الخطاب الدينى لمحاصرة الإرهاب؟ - هناك خلط فى مسألة الخطاب الدينى، فمن يقول بها لا يفهم معنى الدين، فليس هناك ما يسمى بتجديد الخطاب الدينى، بل هناك تفعيل للخطاب الدينى وهو الأمر الذى من المفترض أن يحدث. ■ ما تقييمك للمؤسسات الإسلامية فى العالم وهل تقوم بدورها الفعال؟ - كل يؤدى دوره حسب إمكاناته وما هو مكلف به. ■ هناك دعوات لتنقية التراث.. فما رأيك فى هذا الطرح؟ - هناك أساسيات فى التراث لا يمكن التخلى عنها، وهناك فروع فقهية متجددة تبعاً للزمان والمكان، مثل الفتوى المتغيرة فى ظل الظروف المحيطة بها، وليس هناك تعارض بين الحديث والقديم، فالقديم نأخذ منه ما يتواكب مع العصر، فهناك أصول تستمد من التراث، وإذا كان القديم يصلح لنا فلا مانع من الأخذ منه، أما الجديد المتغير فننتقى ما يصلح لنا، فكتب التراث لا يمكن الاستغناء عنها. ■ شن بعض المغرضين هجوماً حاداً على الأزهر مؤخراً.. فماذا تقول؟ - هجوم البعض على الأزهر بأنه مصدر للأفكار المتطرفة أمر غريب للغاية وعار من الصحة، لأن الأزهر قلعة الوسطية فى العالم ومصدر المنهج الوسطى المعتدل، فليس هناك أزهرى واحد ينتمى للتنظيمات المتطرفة، وأن هؤلاء المغرضين لا يعلمون قيمة وقامة الأزهر ولا يقدرون مكانة الأزهر، وهناك من يحاولون أن يقللوا من شأنه، وحتى إن احتاج الأزهر الإصلاح فهو قادر على إصلاح نفسه، وإذا احتاج تجديداً فقد بشر النبى الكريم بأن الله يبعث على كل رأس مائة عام مجدداً، فالأزهر قادر على تطوير نفسه، فكيان الأزهر الشريف يصدر العلوم إلى الدنيا ويكسب الآخرين السماحة بما يكفل التعايش مع الآخر ودفع المجتمع إلى الأمام. ■ كيف نعيد منظومة الأخلاق التى ضاعت وسط بين كثير من الشباب؟ - أرى أن السبب الرئيسى فى ذلك هو عدم العمل بالسنة النبوية المشرفة فى الأحاديث النبوية، التى أمرتنا بمكارم الأخلاق، ومنها قول رسول الله: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، وقوله: «إن أقربكم منى مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً وإن أبغضكم إلى وأبعدكم عنى مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون قالوا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيقهون، قال: «المتكبرون» فعندما أهملنا التربية الدينية فى المدارس ضاعت الأخلاق، وتقلص حفظ القرآن من قبل الأجيال السابقة، فعندما يتربى الطفل فى البيت أو المدرسة على الأخلاقيات سيصلح حال المجتمع. ■ وما دور علماء المسلمين نحو الأمة الإسلامية فى ظل الظروف الراهنة؟ - لابد من تكثيف الجهود فى نشر الوسطية والسماحة التى دعا إليها الإسلام والعمل على تقريب وجهات النظر مع الآخر بهدف التعايش السلمى وبناء المجتمعات الإسلامية بشكل سليم وإظهار الإسلام بوجهه الصحيح الذى يجمع ولا يفرق ويحافظ على الهوية الإسلامية من الحروب المفتعلة التى يستخدمها أعداء الدين لتفكيك المجتمعات العربية وبيان أساليب المتطرفين وجذب الشباب بوسائل خادعة لتبنى الإرهاب بحجة عدم وجود العدالة الاجتماعية ولدحر الإرهاب من جذوره بالوسائل العقلية والعلمية.