غرفة دامسة الظلام، وممر ضيق لايتسع إلا لشخص واحد فقط، وأسقف مهدمة مليئة بالأحجار والأنقاض وجميع أنواع القمامة والكلاب الضالة وفي الواجهة أربعة صناديق للقمامة كمقلب رئيسي لجميع أهالي المنطقة. في غرفة الموت تلك، تعيش أسرة الحاجة حكمت حسنين أحمد، 75 عامًا، المكونة من 6 أفراد، في منطقة «القلل» على كورنيش النيل، بمنطقة الوراق بالجيزة حيث تقيم أسرة كاملة منذ أكثر من 40 عامًا على نفس الوضع ينتظرون سقوط البيت فوق رؤوسهم في أي وقت. عندما تصير البيوت أنقاضًا يفزع الأهالي ويبتعدون عن المنطقة تمامًا خوفًا من الموت، ولكن عندما يكون أحدهم عاجزًا وليس لديه مكان آخر يعيش فيه، فإنه يضطر إلى الاستمرار بين أطلال المكان الذي ترعرع فيه منذ 40 عامًا، هكذا كان حال أسرة الحاجة حكمت. تقضي الأسرة طيلة النهار أمام المنزل في الشارع، ويأخذ الشباب بعد الانتهاء من عملهم قيلولة العصر على رصيف المنزل، أمام الباب، وعندما يحل الظلام يدخلون ممر الموت ليناموا داخل الغرفة يترقبون السقوط، وهم لايعرفون هل سيعيشون يومًا جديدًا عندما يستيقظون أم لا. بدهشة تمتزج بالحزن، وقالت الحاجة حكمت إنها تجلس في هذا المنزل بالإيجار منذ ما يزيد عن 40 عامًا، وبعد نشوب خلافات بين ورثة المنزل وبعضهم البعض، لجأوا الى إزالة المنزل بالكامل، منذ ما يقرب من عام كامل، واضافت: «واحنا معندناش مكان تاني نقعد فيه، ولا فلوس نأجر بيها مكان تاني، وهنا حتى مفيش كهربا ولا نور، مفيش غير لمبة واحدة في البيت كله». وأوضحت أنها ناشدت رئيس الحي توفير سكن مناسب لهم، ولكنه أبلغهم بأن ينتظروا حتى يتم حل المشكلة بين الورثة، وإذا لم يتم فسيقوم بتوفير غرفة بحمام، إلا أنه لم يتحرك أحد لفعل شيء لهم حتي الآن، وظلوا طيلة هذا العام تحت الأنقاض. وبلهجة غاضبة، قالت: «في الشتاء ببقى هموت من البرد، والزبالة دي كلها بتلم كل الحشرات والحيوانات علينا، بنام في الأوضة وأنا مفتحة عيني خايفة السقف يقع عليا، وفعلًا هناك عامود خشب كان هيقع عليا امبارح».